أكرم القصاص - علا الشافعي

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 13 نوفمبر 1967.. أم كلثوم فى حفلها الأول على مسرح الأولمبيا بباريس.. وطائرات تنقل الجمهور من أوروبا والخليج

الثلاثاء، 13 نوفمبر 2018 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 13 نوفمبر 1967..  أم كلثوم فى حفلها الأول على مسرح الأولمبيا بباريس.. وطائرات تنقل الجمهور من أوروبا والخليج أم كلثوم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
«كانت الساعة الواحدة صباحا وربما الثانية، ولكن الجمهور لا يبالى.. فى وقت كهذا باريس كلها تعتبر فى حالة سبات، لكن داخل المسرح ذى الكراسى الحمراء وفى مثل تلك الليلة الأمر كان مختلفا تماما.. فالحضور مسحور، وعلى استعداد للبقاء طوال الليل للاستماع إلى السيدة «أم كلثوم»، القادمة من القاهرة التى كانت تغنى أغنية لا نهاية لها، ليتم تمديد وقت نزول الستار وسط هتافات الحشد الموجود».
 
هكذا تصف «مجلة لوموند الفرنسية» حفل سيدة الغناء العربى فى باريس يوم 13 نوفمبر «مثل هذا اليوم» 1967، وذلك في ملفها "أهم" العروض الفنية التى شاهدتها فرنسا عبر تاريخها، والمنشور في "الأهرام 12 أغسطس 2016 - إعداد رانيا حنفى"، مؤكدة: «حفل أم كلثوم على مسرح الأولمبيا يومى 13 و15 نوفمبر 1967 هو أهم هذه العروض على الإطلاق».
 
كان للسحر الذى أضفته أم كلثوم على باريس قصة تتشابك فيها، السياسية، الفن، الثقافة، الفكر، الشرق، الغرب، الزعيمان ديجول وعبدالناصر، العاهل الأردنى الملك حسين، أمراء من السعودية والكويت والمغرب، فلسطين، إسرائيل، الجاليات العربية فى أوروبا، اليهود العرب المهاجرون إليها.. تفاصيل أخرى، تبدأ من اليوم الذى زار فيه «كوكاتريكس» مالك ومدير «الأولمبيا» القاهرة فى أوائل عام 1966، والتقى بوزير الثقافة الدكتور ثروت عكاشة.. تنقل «لوموند» عن «كوكاتريكس»، أنه من أواسط الستينيات، القرن الماضى، انتهج سياسة الانفتاح على موسيقى العالم تحقيقا للتنوع، وفى لقائه بعكاشة تحدثا عن صالة «الأولمبيا» والأبعاد التى أصبحت تحتلها فى الترويج للفن الراقى فى العالم، فبادر عكاشة: لماذا لا تدرجون أم كلثوم ذات المجد الوطنى فى برنامجكم فى الأولمبيا؟..فوجئ «كوكاتريكس» بالطلب وأخذ يستعلم عن أم كلثوم من عكاشة..سأل: هل هى فنانة استعراضية؟، رد عكاشة: «أم كلثوم مطربة عظيمة وسوف تعلم مكانتها عندما تغنى على مسرح الأولمبيا».
 
تؤكد «لوموند»، أن «كوكاتريكس» عرف أن أم كلثوم هى أكبر صوت عربى على قيد الحياة، وأيقونة للشرق، والعرب من الرباط إلى دمشق منعقدون على حب وتقدير فنها، والكل ينتظر حفلها الشهرى ويرابط ليلة الخميس الأول من كل شهر بجوار الراديو فى البيوت والمقاهى والأسواق للاستماع إليها.. تضيف «لوموند»، أن «كوكاتريكس» أراد أن تكون فرنسا أول دولة غربية تستضيف كوكب الشرق، فذهب إلى فيلتها فى الزمالك ليقترح إقامة حفلين يومى 13 و15 نوفمبر 1967، ومعه الشاب محمد سلماوى الذى يتحدث الفرنسية لترجمة ما تقوله أم كلثوم، طلبت أم كلثوم أجرا بـ14 ألفا إسترلينيا، وهو أعلى من أجر «اديث بياف» مطربة فرنسا الأولى، وطلبت الإقامة فى فندق خمس نجوم، يتذكر سلماوى فى «الأهرام - 7 مارس 1997»: «درس «كوكاتريكس» شروطها، ورجانى أن أخبرها بأنه وافق على طلباتها، اتصلت بها، وقلت: «كنت سيادتك طلبت من مسيو كوكاتريكس.. قاطعتنى بسرعة: بل هو الذى طلب منى؟.. قلت: أقصد أنه كان لك طلبات محددة، وطلب منى إبلاغك أنه موافق عليها جميعا».
 
تم التوقيع على العقود وكان ذلك قبل نكسة 5 يونيو 1967، وعاد «كوكاتريكس» إلى باريس للتجهيز للحفل، وتنقل «لوموند» عنه أنه توقع أن تتراجع بعد وقوع النكسة، لكنه فوجئ بإصرارها، يكشف: «عدت إلى فرنسا، اضطررت لرفع ثمن التذكرة، إلا أن غالبية العرب فى فرنسا كانوا من العمال المهاجرين خاصة من شمال أفريقيا مثل عمال البناء وغيرهم، ممن لا يستطيعون شراء التذكرة بـ300 فرنك لمستواهم المادى المحدود»..توقع أنه مقدم على خسارة هائلة، لكنه ووفقا لقوله: «عندما وصلت أم كلثوم قبل الحفل بأربعة أيام، طلبت من التليفزيون الفرنسى إجراء حوار معها، وأذيع فى نشرة الأخبار مساء، وفى اليوم التالى تزاحم المواطنون بالمئات أمام شباك التذاكر، وخلال يومين نفدت التذاكر، وجاءت طائرات من ألمانيا وإنجلترا، وطائرات على متنها أمراء من الخليج».
 
يؤكد «كوكاتريكس»: «لم أكن على دراية بأنها ستتبرع بأجرها للمجهود الحربى»، وقصتها فى هذه المسألة صفحة ناصعة فى تاريخنا الوطنى وتاريخها.. فى شهادات لشخصيات قريبة منها جمعتها فى كتابى «أم كلثوم وحكام مصر»، يكشفون عن هذا الجانب، يقول سعد الدين وهبة: «كان لها طقوسها الخاصة حين تمر بكارثة.. تنزل إلى بدروم المنزل.لا تتحدث مع أحد، لا تقابل أحدا، تعيش مع نفسها وتفكيرها، فعلت ذلك مع نكسة 5 يونيو، لكنها انتفضت حين سمعت خبر تنحى جمال عبد الناصر يوم 9 يونيو 1967»، يكشف محمد الدسوقى ابن شقيقتها: «غرقت فى الحزن، حبست نفسها فى حجرة بدروم الفيلا، أطفأت الأنوار، ربطت رأسها بمنديل لعله يخفف الآلام، لا تتحدث مع أحد، لا تأكل، لكنها بعد فترة خرجت، سمعتها تقول: «لازم نلم البلاد العربية حوالين مصر»، يشهد الشاعر الغنائى أحمد شفيق كامل: «شخصية مخيفة فى امتيازها.. عملاق بلا حدود.. أيام النكسة كان كل واحد عنده شعورا هائل بالعجز، أما هى فكانت «حاجة مش معقولة».. تتصل لتسأل: «إيه اللى ممكن يتعمل؟ يا فلان، يا علان، نعمل إيه؟، أنا مش عايزة الاقتراحات اللى أنا أعرفها.. عايزة اقتراحات تانية.. هكذا قالت لى»، وهكذا جعلت حفلاتها بعد النكسة لصالح المجهود الحربى فذهبت للغناء فى، تونس، الكويت، ليبيا، لبنان، أبوظبى، ومحافظات مصرية.
 
جاءت رحلتها إلى باريس فى هذا السياق، وغنت فى حفلتها الأولى «أنت عمرى» و«الأطلال» و«بعيد عنك حياتى عذاب»، واستمرت حتى صباح يوم 14 نوفمبر، فماذا حدث؟









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة