فى رحلة عبر الزمن نحاول رصد التطور الطبيعى للمشجع المصرى بداية من عصر ما قبل ظهور التلفزيون فى مصر وانتشاره فى البيوت، ونستطيع البدء من عام 1921 حين تم إطلاق أول نسخة من كأس مصر وتوّج بها فاروق الأول _ الزمالك حالياً_ على حساب الاتحاد بخماسية نظيفة وتسلم وقتها حسين حجازى أول كأس للمسابقة.. وأنت تستمع لتلك الوقائع التاريخية هل سألت نفسك كيف تابعت الجماهير المباراة ومن الفئات التى حضرته؟.. أسئلة حائرة مع ندرة المعلومات عن هذه الفترة من تاريخ الكرة المصرية وغياب مفهوم التأريخ عن العاملين بهذا المجال فى هذه الفترة.
مرحلة الاستماع للنتائج عبر الإذاعة
عموماً قبل قيام شيخ الإذاعيين فهمى عمر بإدخال البرامج الرياضية للإذاعة المصرية بشكل واضح فى عام 1954 مثلما أشار مسبقًا فى عدة مناسبات، لم يكن هناك وسيلة لتناقل الأخبار الرياضية سوى الصحف أو القيام بالتوجه للملاعب لمشاهدة اللقاءات وقد يكون هذا الأمر غير متاح لفئات عريضة من المصريين آنذاك مع الإشارة إلى أن المنافسات الرياضية كانت قليلة خاصة أن أول نسخة للدورى المصرى انطلقت عام 1948 وتوج بها الأهلى، ويمكن اطلاق مصطلح "الاستكشاف" على هذه المرحلة فى تاريخ المشجع المصرى، والتى كان فيها يتعرف فيها على اللعبة ويرتبط بها رويدًا رويدًا فى ظل عدم انتظام المسابقات بسبب الحروب القائمة فى العالم.
استاد القاهرة علامة فارقة
ومع مرور السنوات زاد تعلق المصريون بالكرة وانقسموا إلى معسكرين أساسين هما الأبيض والأحمر، ولعب الراديو دور كبير فى نقل نتائج المباريات التى تقام فى المحافظات والتى لا يستطيع المتواجدين فى القاهرة مشاهدتها، وفى عام 1958 كان المشجع المصرى على موعد مع تاريخ فارق فى حياته بعدما تم افتتاح استاد القاهرة الدولى فى عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والتى طالما استمتع داخله آلاف المصريين بمتابعة الكثير من المواجهات الهامة على مر تاريخه حتى صار جزأ لا يتجزأ من حياة الكرويين، لدرجة أن البعض كان يحكى كيف كانوا يدخرون مصروفهم الشخصى من أجل حضور المباريات المختلفة داخله.
بث التلفزيون وطفرة تشجيع الكرة
شغف المصريون بالساحرة المستديرة، بدأ الوصول إلى قمته مع بدايات بث التلفزيون فى 21 يوليو سنة 1960، والذى غطى فى بدايته مدينة القاهرة والمناطق المحيطة بها حتى مسافة مائة كيلو متر فى جميع الاتجاهات، وهنا بدأت تظهر تجمعات الأهالى فى بيوت من يملكون تلفزيون لمتابعة المباريات خاصة أنها كانت تقام فى أيام الأجازة، ومع زيادة انتشار أجهزة التلفزيون وتحديدًا فى المقاهى بدأت التجمعات يزيد حجمها مع مرور الوقت.
الحريف.. حكاية مصرية
ومع زيادة الشغف بدأت الشوارع لا تخلو من أطفال صغار يمارسون كرة القدم خاصة أن عدد الأندية ومراكز الشباب لم يكن بنفس العدد الحالى، واقتصر من يدخلوها على الطبقات الغنية، ومن هذا المنطلق ظهرت فكرة الكرة الشراب ودوريات الحوارى التى تخرج منها أبرز نجوم الكرة المصرية مثل أسطورة النادى الأهلى محمود خطيب، ولتقريب الصورة إليك يمكنك مشاهدة فيلم الحريف من إخراج محمد خان وبطولة عادل إمام، والذى عُرض لأول مرة فى 6 أغسطس عام 1984 وتدور قصته حول شاب يعمل بمصنع أحذية يقابله العديد من المشاكل فى حياته سواء بالانفصال عن زوجته والفصل من عمله بسبب شغفه بممارسة كرة القدم "الشراب" فى الشوارع والساحات الشعبية مقابل المراهنة.
ويُعتبر فيلم الحريف تجسيد حرفى لأسلوب حياة قطاع عريض من المصريين العاشقين لكرة القدم والذى لم يتوانى فى التضحية بأى شيء مقابل ممارستها أو مشاهدتها على أقل تقدير، واستمر على هذا النحو السابق حتى بلغ التعلق بكرة القدم ذروته فى مصر بدءً من عام 2006 والفوز بكأس الأمم الأفريقية بالقاهرة ثم التتويج بالبطولة فى النسختين التاليتين وهما 2008 فى غانا و2010 فى أنجولا، وضياع حلم التأهل لمونديال 2010 أمام الجزائر فى اللقاء الفاصل الأخير.
سقوط الكرة من فوق سلم المجد
وبعد وصول كرة القدم إلى قمة مجدها كانت على موعد مع سقوط مدوى عقب قيام ثورة 25 يناير وإيقاف النشاط الكروى بالبلاد أكثر من مرة ولفترات طويلة، ثم غياب الجماهير عن الملاعب عقب استئناف المسابقات المحلية وعودتها للمباريات الأفريقية للأندية والمنتخب الوطنى فقط ووفقاً لأعداد محدد مما أثر كثيرًا على شغف المصريين بالكرة المحلية.
ظهور نوع جديد من المشجعين
ولعل تلك السنوات السبعة كانت كفيلة بإنتاج نوع جديد من المشجعين الشباب الذين باتوا يتابعون الدوريات الأوروبية والبطولات الأوروبية أكثر من الكرة المحلية لدرجة ظهور روابط لمشجعى الأندية العالمية فى مصر، وساهم فى الترويج لهذه الفكرة مواقع التواصل الاجتماعى وإنشاء عمالقة الساحرة المستديرة صفحات تحمل أسمائهم باللغة العربية والتواصل مع المشجعين العرب والاستفادة من تواجدهم الكبير على السوشيال ميديا، كما لا يُمكن إغفال زيادة عدد المحترفين المصريين بالخارج ونجاحهم فى اللعب لأكبر الأندية العالمية مثل محمد صلاح ومحمد الننى فى ناديى ليفربول وآرسنال الإنجليزيين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة