جيش أتاتورك.. من حماية المبادئ العلمانية لتدشين النهضة الحقيقية لتركيا.. كيف قادت المؤسسة العسكرية أنقرة إلى رخاء اقتصادى سرقه أردوغان؟.. والجيش ينقذ الشركات الوطنية من الخصخصة خلال برنامج الإصلاح الاقتصادى

الأربعاء، 28 يونيو 2017 07:00 م
جيش أتاتورك.. من حماية المبادئ العلمانية لتدشين النهضة الحقيقية لتركيا.. كيف قادت المؤسسة العسكرية أنقرة إلى رخاء اقتصادى سرقه أردوغان؟.. والجيش ينقذ الشركات الوطنية من الخصخصة خلال برنامج الإصلاح الاقتصادى الجيش التركى
كتبت آمال رسلان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

حين لفظهم الشعب المصرى فى 2013 بعد فضح مخططهم فروا هاربين بحثا عن ملجأ لهم، فلم يجد قيادات الإخوان سوى عواصم الارهاب المتمثلة فى أنقرة والدوحة ملاذا أمنا، وفى الوقت الذى وقف فيه الجيش المصرى حائط صد على الحدود وسندا للشعب فى أزمته اتخذوا هم من تلك العواصم منصات للهجوم على المؤسسة العسكرية.

 

وفتح الرئيس التركى رجب طيب أردوغان الأراضى التركية ليصوب منها قيادات الإخوان سهامهم للجيش المصرى واقتصاده الذى كان عونا للشعب فى محنته متناسين أن الجيش التركى كان قائدا النهضة الحقيقة التى سرقها أردوغان.

 

فلم يكن كمال أتاتورك وهو يضع اللبنة الأولى للمؤسسة العسكرية الحديثة منذ مئة عام- حيث كانت الإمبراطورية العثمانية تلفظ أنفاسها الأخيرة - يتخيل أنها ستصبح الكيان الأول فى تركيا والحامى لنهضتها الاقتصادية، فرغم أن الجنرال الشاب جاهد لبناء مؤسسة عسكرية وطنية على بقايا الجيش العثمانى وحباها بمكانة مميزة بعد اعتلائه للسلطة فى 1923، إلا أن الجيش التركى يحظى اليوم أكثر من الطموحات التى جالت ببال أتاتورك حينذاك، وأصبحت أذرعه تساند الدولة التركية فى كافة المجالات السياسية والاقتصادية قبل العسكرية.

 

فقبل حماية الحدود الجغرافية عمل الجيش التركى على حماية الحدود الفكرية للدولة العلمانية على مدار عقود، ومن هذا المنطلق حصلت المؤسسة العسكرية على صلاحية واسعة بالتدخل فى الحياة السياسية أينما استشعرت الخطر على مبادئ أتاتورك، وكان هذا هو التحدى الأكبر أمام المؤسسة العسكرية فى أنقرة والتى قامت من أجل ذلك بخمسة انقلابات أطاحت خلالها بالقابع على رأس السلطة حماية لدولة أتاتورك.

 

وبعد أن لعب الجيش التركى دورا فى حماية الحدود الجغرافية ومبادئ الحياة السياسية اتجه للعب دورا آخر لا يقل أهمية عما سبق، حيث ساهم فى بناء النهضة الاقتصادية الحديثة خاصة فى الفترة من 1960 وحتى منتصف الثمانينيات، وهى النهضة التى قدمها الجيش من أجل الشعب التركى وسرق ثمارها الرئيس الحالى رجب طيب أردوغان، الذى نسب الطفرة الإقتصادية التى تحققت بفضل اقتصاد الجيش لحزبه "العدالة والتنمية"، ليس هذا فحسب بل جر البلاد إلى خلافات إقليمية استنفدت العديد من تلك الإنجازات التى تحاول المؤسسة العسكرية الحفاظ عليها.

 

وفى الوقت الذى لم يكن فيه حزب أردوغان قد شهد النور بعد كانت المؤسسة العسكرية الوطنية تخوض معارك فاصلة لإنقاذ الاقتصاد التركى، وكان أهمها خلال اتجاه تركيا لليبرالية الاقتصادية وقيامها بتنفيذ روشتة الإصلاح الاقتصادى المُقدمة من صندوق النقد الدولى، والتى فرضت خصخصة الكثير من الشركات العامة، حيث تدخل الجيش لشراء الكثير من تلك الشركات كالسيارات والحديد والصلب، فى وقت كان هناك خوفا من وقوع تلك الشركات ذات الأهمية الاستراتيجية فى براثن رأس المال الأجنبى.

 

وتعود بداية نفاذ المؤسسة العسكرية للاقتصاد التركى لستينيات القرن الماضى حيث تم انشاء صندوق القوات المسلحة للضباط المتقاعدين "أوياك"، وكان هدفه وقتئذ توفير منافع اقتصادية ومساعدات اجتماعية لأفراد الجيش التركى، إلا أنه، أصبح يمثل تكتلا اقتصاديا كبيرا امتد ليشمل أغلب الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية، وتغلغل فى الصناعات البترولية، والسيارات، والحديد والصلب، والأسمنت، والصناعات الغذائية، والسياحة، والبنوك وغيرها من الصناعات.

 

ويحظى هذا الصندوق على امتيازات خاصة لمعاملته كشركة مملوكة للدولة، سواء فى صورة إعفاءات ضريبية أو دعم مالى، وهو ما جعل منه وحدا من أكبر ثلاثة تكتلات اقتصادية فى تركيا على مدى العقد الماضى، ففى عام 2008، أصبح هذا الصندوق يمتلك أسهما فى 50 شركة، ويمتلك نصيب الأسد من أسهم 46 شركة منها، ما يعنى نجاحه فى احتكار أهم الصناعات وسيطرة المؤسسة العسكرية على كثير من مفاصل الحياة الاقتصادية فى تركيا.

 

ويضم الصندوق فى عضويته نحو 290 ألف عضو ويعمل فيه نحو 28 ألف موظف، ويعتبر "أوياك" أكبر منتج للفولاذ من حيث الطاقة الإنتاجية فى تركيا والثالث فى أوروبا، كما أنه أحد أكبر اللاعبين فى قطاع مواد البناء فى تركيا ويقود قطاع الأسمنت والخرسانة.

 

وعبر شراكته مع "رينو" منذ سبعينات القرن العشرين، يقوم "أوياك" بإنتاج وتصدير وتوزيع سيارات رينو فى تركيا، وحققت شركة “أوياك رينو” 22.77 % من إجمالى الإنتاج، و22.31 %من الصادرات، لتتصدر السوق التركى خلال الربع الأول من العام الجارى، وقد صدّرت "أوياك رينو" إجمالى 79 ألف و277 سيارة خلال الفترة من يناير إلى مارس.

 

ومن خلال شراكة أوياك مع مجموعة "ستيج" الألمانية العاملة فى قطاع الطاقة، يُنتج "أوياك" 5% من احتياجات الكهرباء فى تركيا، وبالإضافة إلى ذلك، هناك عدة شركات تابعة للصندوق فى قطاعات رئيسية متنوعة تشمل الخدمات اللوجستية، والتعدين، والمواد الكيميائية الزراعية، وتصنيع الأغذية، والتكنولوجيا.

 

وفى 2015 أعلنت "دبى إنترناشيونال كابيتال"، ذراع الاستثمارات الخاصة لمجموعة "دبى القابضة"، أنها أكملت صفقة بيع "ألماتيس" أكبر مزّود فى العالم لأكاسيد الألمنيوم عالية الجودة المستخدمة فى صناعة المواد المقاومة للحرارة والسيراميك ومواد التلميع والصقل إلى "أوياك"، وتُستخدم منتجات "ألماتيس" فى مجموعة واسعة من الصناعات تشمل الحديد والفولاذ والإسمنت والمواد غير الحديدية والسيراميك والسيارات، ومواد الصقل والتلميع، والإلكترونيات. وقد اتسعت مصالح "أوياك" وتشعبت فى العقدين الماضيين لتشمل قطاعات السياحة والفنادق.

 

على مدار مئة عام قام الجيش التركى الذى يحتل المرتبة الثانية فى "حلف الناتو" بحماية الحدود من أى انتهاكات فى وقت تشهد فيه المنطقة حروب مشتعلة، كما ظل العين الساهرة لحماية النظام السياسى الداخلى والذى بناه أتاتورك على الرغم من محاولات أردوغان لجر الدولة العلمانية لدولة الخلافة، وفى الوقت ذاته أصبح القوة الاقتصادية العظمى فى تركيا التى تسيطر على كافة الصناعات من الحديد والصلب وحتى المواد الغذائية.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة