على مدى عقدين لم يكن من السهل الفصل بين الإخوان المسلمين وقطر، فالعلاقة بين الطرفين لم تكن تحتاج إلى أدلة أو براهين، ودعم الدوحة الجماعة لم يتوقف عند احتضان قادتها أو الإنفاق عليهم، أو حتى توجيه الآلة الإعلامية القطرية الضخمة للدفاع عن الإخوان أو تبرير تصرفاتهم. وصل الأمر إلى حد اتخاذ مواقف حادة ضد كل من ينتقد مواقف الإخوان حتى لو كانت تلك المواقف تضر بالشعب القطرى!!
المهم فى الأمر أن جماعة الإخوان ودولة قطر صارا فى مركب واحد، وأن الربيع العربى الذى صعد بالتنظيم والدوحة إلى واجهة الأحداث فى العالم يكاد ينتهى بخريف يطيح الجماعة ويؤزم قطر ويضر بشدة بشعبها. بعدما أدركت الشعوب حجم خطر الإخوان، وانكشفت الأدوار التى ظلت وسائل الإعلام القطرية تؤديها لتخريب وعى الشعوب وغسل عقولها.
وكأن الإخوان اختاروا الصعود إلى الهاوية حين قفزوا على السلطة فى مصر وسعوا إلى تحقيق الأمر ذاته فى دول أخرى، فرسموا بأنفسهم نهايتهم!! والغريب أن قطر تكرر خطأ الإخوان، فالدوحة رأت أن الربيع العربى جاء محصلة لجهود بذلتها وأموال أنفقتها، وظنت أنها ستحقق الدور الذى ظلت تحلم به، لكن ثورة الشعب المصرى ضد حكم الإخوان جعلت الحلم القطرى يتحول إلى سراب، فمضت قطر تحارب طواحين هواء وتخوض معركة مع جيرانها ومصر، يدرك الجميع أنها ستنتهى كما انتهت معارك الإخوان فى مصر!!. أسأل عن مصير الإخوان بعد هزيمتهم فى مصر الآن تعرف مصير الدور القطرى فى مواجهة المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين ومصر!!
الحقيقة التى لا يمكن إنكارها أو إخفاؤها أنه لولا الربيع العربى لظل المتأسلمون يحظون بدعم شعبى من فئات لم تكن تصدق أن الجماعات التى ترفع راية الدين والتنظيمات التى تعلن ليل نهار الجهاد لتحرير فلسطين هدفها السلطة فقط، وأنها على استعداد لتبيع مبادئها لمن يدفع أكثر. نعم، عصف الربيع العربى بدول ونشر الفوضى، لكن المؤكد أن التنظيمات المتأسلمة والدول الداعمة لها والجهات المبررة لتصرفاتها كانت فى أوضاع أفضل من التى آلت إليها الآن، فالإخوان المسلمون فى مصر مثلاً قبل 25 يناير 2011 كانوا يتحالفون مع قطر، ويسربون الأخبار إلى وسائل الإعلام التى تنفق عليها الدوحة، وفى الوقت ذاته يتعاملون مع نظام مبارك وينسقون مع أجهزة الأمن، ويخوضون الانتخابات ويفوزون بمقاعد برلمانية، ويجمعون التبرعات ويوزعون السكر والزيت على الناس فى رمضان، ويقيمون ولائم الإفطار التى يحتشد فيها رجال المعارضة والحكومة. كان للإخوان حضور وكان للدوحة ووسائل إعلامها أدوار وتأثير، وبعدما انقلب الناس على الربيع العربى وخسر الإخوان التعاطف الشعبى وأطاح الشعب المصرى حكم محمد مرسي، ظهر للعالم أن لا فرق بين الإخوان وبين « داعش »، وأن المسألة فقط مجرد مسميات، أو قل تقسيم أدوار، وأن لعبة المتأسلمين تبدأ بالسياسة والإعلام وتنتهى بالعنف والإرهاب، وخسرت الدوحة نفوذها وما أنفقته على مدى سنوات، وبدأ الدور الذى ظلت تلعبه يتهاوى، فالعالم لن يقبل بأن يستمر الخداع إلى الأبد، فخطر الإرهاب صار يهدد الجميع و « داعش » تسرطن فى النسيج الغربى بعدما مزق النسيج العربى .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة