عاد الملك عبدالله الأول «مؤسس المملكة الأردنية» إلى العاصمة عمان من مشتاه فى «الشونة»، فكان استقباله عظيما دون أن يعرف مستقبلوه أنه عقد لقاء سريا مع الصهيونى «موشى شرتوك»، رئيس الوكالة اليهودية وأول وزير خارجية لإسرائيل «عام 1949» ثم رئيس الوزراء لفترة قصيرة تقاعد فيها بن جوريون عام 1954.
كان اللقاء فى يوم 12 إبريل «مثل هذا اليوم» عام 1948، وتم فى أجواء الغضب العربى من قرار الأمم المتحدة عام 1947 بشأن تقسيم فلسطين، وفى أجواء الثقة التى تحدث بها القادة العرب بقدرتهم على هزيمة العصابات الصهيونية فى حال قيام الحرب بينهما، وقاد ذلك إلى إرسال الجيوش العربية إلى فلسطين فى 15 مايو 1948، ويؤكد محمد حسنين هيكل فى الجزء الأول من كتابه «المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل» عن «دار الشروق- القاهرة»: «كانت الوكالة اليهودية مبكرا تحسب حساب لبلدين: الأردن بحكم أن الفيلق العربى قريب بأكثر من اللازم من فلسطين، بل إن أحد ألويته كان يعمل بالفعل فيها على مواقع من جسر اللنبى إلى القدس بما فى ذلك أريحا، وكان البلد الثانى هو مصر، باعتبار ما تمثله من وزن سياسى وتأثير أدبى ومعنوى على بقية العالم العربى، وكان حجم مصر قوة من نوع تختلف عن كل ما يحيط بفلسطين فى المشرق، وكان ذلك فى حد ذاته طاقة لا تريد إسرائيل أن تشتبك معها».
وفيما يتعلق بالأردن والملك عبدالله، كانت الوكالة اليهودية باستمرار على علاقة به، كما أنه كان على علاقة بها، وفقًا لقول هيكل، ويؤكده «عبدالله التل» الضابط بالجيش الأردنى المشارك فى حرب 1948، وقائد الكتيبة التى أنقذت القدس من الدمار أثناء هذه الحرب، ولم يكن بلغ الثلاثين عاما، وبعد الحرب جاء لاجئا إلى القاهرة وظل بها لسنوات حتى عاد إلى الأردن عام 1956، وفى مذكراته «كارثة فلسطين» عن «دار الهدى- القاهرة» يقول: «كانت اتصالات الملك عبدالله باليهود مستمرة، وسلم بها أهل عمان، خاصة الذين يترددون على قصره، وكان جلالته يحضر اليهود إلى القصر عن طريق مطار عمان حيث تنزل بهم الطائرة وكأنها طائرة بريطانية فلا يجرؤ أحد على التعرض لها، ثم ينقل ركابها لسيارة من سيارات الخاصة الملكية إلى القصر الملكى، وفى كثير من الحالات كان جلالة الملك يسافر بنفسه خفية إلى الحدود».
يذكر «التل» قصة اللقاء الذى تم يوم 12 إبريل 1948 بين «عبدالله» و«شرتوك» قائلاً: «فى أوائل إبريل، اتصل «أبويوسف» مدير مشروع «روتنبرج» بصديقه «الضباطى» الذى كان يزور المشروع كثيرا، نظرا لقربه من مزرعته ولصداقته مع يهود المشروع، وأخبره برغبة «شرتوك» فى الاجتماع مع جلالة الملك فى المشروع، فنقل الضابطى الرسالة لجلالته، فسر كثيرا وحدد موعد الاجتماع فى يوم 12 إبريل، وهو اليوم الذى انتقل فيه من الشونة إلى عمان».
يوضح «التل» الطريقة التى انتقل بها الملك، وكيف تم الاجتماع، قائلا: «فى اليوم المحدد ادعى جلالة الملك أنه يرغب فى زيارة مقام الصحابى الجليل أبى عبيدة عامر بن الجراح، وهو قريب من جسر المجامع، وتوجه جلالته وبرفقته قاضى القضاة محمد الشنقيطى ومحمد الضباطى وسيارة واحدة من الحرس الملكى، وحينما وصلوا إلى الغور مروا بالفعل على مقام «أبى عبيدة»، وتفقد جلالته الإصلاحات التى قامت بها دائرة الأوقاف، ثم نزل بعدها إلى مزرعة الضباطى لتناول طعام الغداء، ومن المزرعة ضاع أثر جلالته وأخفى حرس المزرعة النبأ، إذ إنه انتقل من بين الأشجار إلى المستعمرة التى بنيت للمشروع فى أراضٍ أردنية».
يواصل «التل»: «هناك كان شرنوك وأبويوسف فى استقبال جلالة الملك، وكان وصوله وقت الغداء فجلسوا إلى المائدة، وبعد تناول الغداء اختلى جلالته بـ«شرتوك» وأبى يوسف، كما حضر الشنقيطى الخلوة»، ويؤكد «التل» أن الاجتماع، أو كما يسميه هو «الخلوة»، لم يدم أكثر من ساعة و«ظلت الأبحاث التى دارت فيها سرا، إلا ما كان يتفوه به جلالته بعد ذلك، بما عرف عنه من صراحة، وكان أهم ما اتفق عليه هو قبول الطرفين لمشروع التقسيم والعمل على تنفيذه، وعاد الملك إلى عمان بعد ظهر ذلك اليوم واستقبل استقبالا عظيما بمناسبة عودته».
عدد الردود 0
بواسطة:
Ashraf
خطأ فى العنوان والرابط
يوجد خطأ فى العنوان حيث مكتوب السنة 19480... وطبعاً هى 1948 بدون صفر.. ونفس الخطأ فى رابط المقال. نرجوا التصحيح.. وطبعاً مش مهم نشر التعليق.