بين أشجار محافظة الشرقية، وعلى شريان الحياة الممتد من النيل حتى صعيد مصر، أزهرت روح طفلة مفعمة بالأمل وفطرة نقية تطربها أصوات الطيور والفرح من حولها.
فى شارع المنشية بمنيا القمح شرقية، وتحديدًا داخل غرفة "أسيل" الطفلة ذات الـ10عامًا، تجلس وسط ألعاب البراءة وكتب الدراسة، محاطة بعناية والدين من بسطاء مصر لا يأملان من الدنيا سوى الستر وتعليم بناتهما الثلاث، اللائى مازلن بعمر الطفولة.
صرخة "أسيل" من الآلم تقلب الأمر رأسًا على عقب.. لم يتحمل الأبوان وجع طفلتهما الصغيرة ليتوجهان على الفور إلى المستشفى.. لتبدأ رحلة الركض بين مراكز التحاليل والأشعة والفحوصات، لتكَشف عن مفاجأة مؤسفة.. الأحلام البسيطة تتناثر أمام وحش الورم.
المرض الخبيث يهاجم عقل تتفتح خلاياه على إدراك الواقع من حوله.. "سرطان فى المخ" هكذا شخص الطبيب حالة الطفلة صاحبة الـ10 أعوام.. صدمة وذهول يسودان المشهد، ولا حول ولا قوة إلا بالله.. كل ما تمتلكه الأسرة البسيطة.
الطفلة أسيل
الآن تضيق الأرض بما رحبت على "أحمد عبدالحكيم"، والد أسيل، العامل المسافر إلى شرم الشيخ لتوفير حياة كريمة لأسرته، حين أخبره الأطباء بحالة ابنته وأنها تحتاج لإجراء جراحة عاجلة فى المخ.
فى غرفة العمليات وداخل مستشفى الزقازيق الجامعى ترقد "أسيل" لتركيب "جهاز شنط" دماغى، تحيطها دعوات الشفاء، بعد أن دبر الوالد مصاريف العملية رغم إمكانياته المحدودة.
المعاناة تتجدد وتتطلب إجراء عملية ثانية لإزالة الورم، ليزيد العبء النفسى والمادى، بعد رفض المستشفى الجامعى إجراءها إلا بعد دفع كافة المصاريف، التى أثقلت كاهل الأب الراجى فى شفاء فرحته الأولى "طفلته الكبرى"، إلا أنه بدلاً من تحسن حالة "أسيل" وعودتها لمدرسة الشهداء لتكمل عامها الأخير فى التعليم الابتدائى وتنتقل مع زميلاتها إلى مرحلة جديدة، ربما حدث تحالف ما بين المرض اللعين وتدنى الخدمة الصحية، ليصير الوضع أكثر سوءًا.
عمليتان فى مخ "طفلة الورم"، أُجريتا على عَجل أو ربما بإهمال، لتبوءان بالفشل، ما يُسفر عن تدهور حالتها وتصاب بتجمع دموع وضغط على عصب العين أدى لدمور، لتفقد "أسيل" نُور عينها.. وتظلم الرؤية.
"لازم تدخل عمليات فورًا".. صوت طبيب بين أروقه المستشفى ليباغت مسامع الأم الملكومة، التى تواصل معاها "اليوم السابع"، لتحكى لنا عن تصاعد أزمة طفلتها أسيل، بين رحى المرض وسندان انعدام الرحمة: "رحنا بيها مستشفى الزقازيق الجامعى للمرة الثالثة، ورفضوا دخول الحالة لأن فريق التمريض أمرونا بالعودة بها فى وقت آخر لتنظيمهم إضرابًا عن العمل".
الدقائق تمر كالسيف، والانتظار كل ثانية يعرض "أسيل" للخطر وربما للموت.. خيوط الأمل تجذب الأسرة الراجية حياة الطفلة الصغيرة لـ"مستشفى 57357" لعلاج سرطان الأطفال، لعلها تجد بها أيادى رحيمة تنقذها من المرض، ولكن الأبواب توصد مجددًا.. والسبب هذه المرة أنها قد أجرت عملية فى مستشفى آخر!
"داليا" 3 سنوات، الأخت الصغرى، فى أحضان والدتها تسمع دعاء يتخلله نحيب "أم أسيل" فى كل وقت بالشفاء وامتداد يد العون والقلوب الرحيمة لإنقاذ طفلتها مما هى فيه من ألم وثبات قاتل تُظلله ستائر حزن طاغ تخيم على المنزل لتنسدل مطفئة روح البهجة من الجميع.. حتى أيسل، تجلس صامته تتأمل فى حزن هول منظر أختها بين الخراطيم الرفيعة تتسلل إلى جسدها الذى صار هزيلاً، متذكرة لحظات اللعب والفرح بعينين يملأهما البكاء، ورغم عدم اكتمال إدراكها إلا أن قسوة المشهد تكاد تطفئ مصابيح الطرق وتذبل زهور الحياة على نافذة غرفة "أسيل"، حتى تعود وترويها بأناملها الصغيرة.
التقارير الطبية الخاصة بأسيل
التقارير الطبية الخاصة بأسيل
التقارير الطبية الخاصة بأسيل
التقارير الطبية الخاصة بأسيل
عدد الردود 0
بواسطة:
مدحت محمد
وزير الصحه
فين وزير الصحه