أكرم القصاص - علا الشافعي

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 23 ديسمبر 1854.. ديليسبس يسافر إلى السويس لمعاينة أرض شق القناة ويعد ببعث الحياة فى المدينة

السبت، 23 ديسمبر 2017 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 23 ديسمبر 1854.. ديليسبس يسافر إلى السويس لمعاينة أرض شق القناة ويعد ببعث الحياة فى المدينة ديليسبس

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سافر الفرنسى «ديليسبس» إلى السويس من القاهرة، وفى صحبته اثنان من المهندسين الفرنسيين من موظفى الحكومة المصرية يوم 23 ديسمبر «مثل هذا اليوم» 1854، حسب تأكيد الدكتور مصطفى الحفناوى فى الجزء الأول من كتابه «قناة السويس ومشكلاتها المعاصرة» عن «الهيئة المصرية العامة للكتاب- القاهرة»، وكان هدف الزيارة، القيام بأعمال الكشف اللازمة فى برزخ السويس، ليضع يده على الأرض التى سينفذ فيها مشروع شق القناة.
 
جاءت الزيارة بعد أسابيع من منح سعيد باشا والى مصر موافقته إلى ديليسبس على المشروع، ويكشف «عبدالرحمن الرافعى» ملابسات هذه الموافقة فى الجزء الأول من كتابه «عصر إسماعيل» عن «دار المعارف-القاهرة»، مشيرا إلى أن فردينان ديليسبس جاء إلى مصر لأول مرة سنة 1831 فى عهد محمد على باشا، ليشغل منصب مساعد القنصل الفرنسى، فعهد «الباشا» إليه تربية ابنه سعيد رياضيا، وأضاف: «تعلم الأمير على يده أنواع الرياضة والمهارة فى ركوب الخيل، ومن هنا نشأت صلات الود بينهما، واستمرت صداقتهما»، ويؤكد الرافعى، أنه لما تولى «سعيد» الحكم خلفا لعباس باشا «استدعى صديقه ديليسبس، ثم اصطحبه فى رحلة حربية على رأس جيش مؤلف من عشرة آلاف مقاتل، وسار معه من الإسكندرية إلى القاهرة عن طريق الصحراء الغربية، وخلال الرحلة فاتحه ديليسبس فى المشروع، وزين له أنه إذا وافق خلد ذكره واكتسب ثناء العالم بأسره»، فوافق «سعيد».
 
ويذكر «إلياس الأيوبى» فى مجلده الأول «تاريخ مصر فى عهد الخديو إسماعيل» عن «دار المعارف- القاهرة»: «وصل ركب الرحلة إلى العاصمة يوم 25 نوفمبر 1854، وأمر الوالى أن ينزل ضيفه فى قصر المسافرين، ثم استدعاه فيما بعد إلى القلعة، وفى مجتمع من القناصل والوجهاء، أعلن على رؤوس الأشهاد الوعد الذى صدر منه لديليسبس صديقه، وأكد عزمه على منح امتياز له بتأسيس شركة مساهمة، لإبراز المشروع إلى حيز الوجود»، ويؤكد الرافعى: «فى 30 نوفمبر 1954 وقع سعيد باشا عقد الامتياز الأول، وبعد أيام معدودات وبمقتضى هذا العقد منح ديليسبس امتياز تأسيس شركة عامة لحفر القناة، واستثمارها 99 سنة من تاريخ فتح القناة للملاحة»، وبتقدير الحفناوى: «أدى ذلك إلى حدوث أكبر انقلاب عرفه التاريخ فى القرن التاسع عشر».
 
يذكر «الرافعى» أن سعيد باشا عهد إلى مهندسيه «لينان بك» و«موجيل بك» أن يرافقا ديليسبس إلى برزخ السويس لدرس المشروع وتطبيقه على الأرض، ورفع تقرير إليه، ويؤكد «الحفناوى»: «بدأت الرحلة يوم 23 ديسمبر 1854 حتى منتصف يناير 1855، وكان الغرض منها فحص الطبيعة وعمل المجسات اللازمة، ولم يقم ديليسبس بأكثر من تحرير الرسائل لأنه لم يكن مهندسا، وإنما قام المهندسان المرافقان له بوضع مشروع تمهيدى ليعرض على رجال المال والأعمال، وهو مشروع يرمى لشق قناة تخترق البرزخ مباشرة، على أن تبدأ أعمال الحفر من الجنوب إلى الشمال»، ويشير الحفناوى إلى أن هذه الرحلة جاءت فى اليوم التالى لخطاب كتبه سعيد باشا إلى إمبراطور فرنسا «نابليون الثالث»، بمناسبة منح الامبراطور له نيشان «الليجون دونير».
 
وقال «سعيد» فى خطابه: «يسعدنى، يا سيدى، أن أرى أن جلالتكم تقدرون الجهود التى أبذلها، سيرا على سنة المغفور له والدى، وقد ترسمت خطاه فى سياستى، وإيمانا منى بالحقيقة الراسخة، وأن الناس أخوة، وحبا فى خير الشعوب كافة، وضعت مشروع توصيل البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأحمر بقناة ملاحية، وأسندت تنفيذ هذا المشروع لشركة عالمية، والذى أرجوه منكم، وأنتم ترعون جميع المشروعات التى تعود بالخير والرفاهية على الإنسانية، أن ينال المشروع موافقتكم، فإن تحقيقه سيفتح الباب لتجارة وصناعة سائر بلاد أوروبا».
 
وأثناء الرحلة، كتب ديليسبس خطابات إلى أصدقائه فى فرنسا، ويذكر الحفناوى أنه كشف فى أحد خطاباته أن «الوالى» لا يوافق على أن تمر القناة من الإسكندرية إلى السويس، ويرى حفر قناة فسيحة وعميقة فى برزخ السويس، ويستنتج الحفناوى: «الرأى الفرنسى كان متجها لشق القناة من الإسكندرية إلى السويس»، ويعلق: «نجانا ربنا من هذه الكارثة التى كانت لتؤدى إلى احتلال البلاد طولا وعرضا»، كما كتب خطابا إلى حماته مدام «دى لامال» بتاريخ 25 ديسمبر 1854 أى بعد وصوله إلى السويس بيومين، ووفقا للحفناوى، فإنه وصف السويس أقبح وصف، وقال عنها: «قحلاء جرداء، تصحو مرة فى كل خمسة عشر يوما، حينما تأتيها سفينة من الهند، ثم تنام باقى الأيام» ويقول «الحفناوى»: «ادعى فى ذلك الخطاب أنه سيبعث الحياة فى هذه المدينة»، ويضيف: «كانت رحلة ممتعة استطاع فيها أن يصول ويجول فى الصحراء، وترك لخياله العنان، يتأمل نفسه سيدا لهذه الصحراء».









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة