أى رئيس مصرى بحكم قوة جيشه ومكانة دولته سيكون دائما عليه مسؤوليات، أحيانا يحتاج الحكم فيها إلى ميزان حساس جدا، فمصر قطعت على نفسها عهدا أن تدافع عن أشقائها فى كل ما يمس أمنهم واستقرارهم، لكن أيضا هذا الدفاع له حدود، ولابد أن يتطابق وثوابت الحكم فى مصر، نحن لا نعتدى ولا نبادر بالاعتداء، ونعرف كلمة الحرب وتبعاتها، وفى نفس الوقت لا نتأخر فى رد أى عدوان على أى دولة عربية شقيقة.
إن الوضع فى المنطقة العربية الآن به الكثير من الحرج، لأن الشعوب والحكومات تنتظر تطابقا كاملا فى المواقف، ومشاركة فى كل المواقف، وهو أمر صعب للغاية، ويتنافى مع مبدأ استقلال الدولة، وهو أمر لا يتعارض إطلاقا مع قناعتنا بأن هذه الدول قدمت الكثير لمصر فى مواقف عصيبة، لكن حل القضايا يختلف من دولة إلى أخرى، وبحسب ثوابت كل دولة.
نحن نعرف جيشنا وعقيدته، وهذه العقيدة مستندة من الشعب المصرى، فنحن لا نعتدى ولا تسمح لغيرنا بالاعتداء علينا، وكل ما يحدث فى الدول الأخرى هو أمر يخصها ولا شأن لنا به، قد لا تعجبنا بعض الأمور، لكن حتى رأينا هذا ليس من حقنا، فهذه أمورهم الداخلية، وإن جاز لنا أن ننصح من بعيد ولمرة واحدة سنفعل، وبعدها لا شأن لنا، حتى وإن تألمنا لأى فرقة أو اختلاف داخل بعض الدول، إن التاريخ لن يسامح أى قيادة كان بمقدورها أن تجنح للسلم فى قضية معينة ولم تفعل.
سامح شكرى
المنطقة الآن بها الكثير من الصراعات التى إن بدأت بها خطوات عسكرية فجميعنا سيدفع الثمن، العراق وسوريا واليمن وليبيا دول أمامها الكثير من الزمن كى تعود، والدول العربية تعانى جميعها من تفكك هذه الدول، وكم من نفوس عربية قتلت بلا ذنب، وأعداؤنا يشاهدوننا ونحن نقتل بعضنا البعض، والأمريكان لا يعرفون الصداقة، لكنهم يعرفون المصالح.
الأسبوع الماضى شاهدنا عدة تحذيرات من دول عربية لمواطنيها بمغادرة لبنان فورا، وتوقع البعض عملا عسكريا فى لبنان، لكن السؤال: عمل ضد من؟ وأين؟ ومن سيقوم بهذا العمل؟
تصريحات الرئيس السيسى لإحدى القنوات الأجنبية كانت واضحة ومحددة، نحن لن نعادى أحدا ولن نستخدم جيشنا فى الهجوم على أحد.
الرئيس السيسى
والشعب المصرى بأكمله متعاطف مع الشعب اللبنانى فى محنة، ونحن ننظر إلى لبنان باعتباره بلدا جميلا، شعبه يحب الحياة والعمل، وكل منا له ذكرى فى شوراع بيروت، ولا نتمنى يوما أن نحرم من زيارتها لأسباب أمنية.
ونحن أيضا نعرف التركيبة السياسية للبنان، ولكن يبدو أن اللبنانيين الساسة انتماءاتهم المتعددة ستجعل كل واحد منهم له مرجعية من خارج لبنان، وهذه المرجعية هى التى دعمت ومولت، ومن هنا حان وقت طاعة الأوامر.
ولا يحق لأى منا الآن الحديث عن أى من الفرق على صواب وأيهم على خطأ، فكل له معطياته وكل له مبرراته، لكن يمكننا أن نقول إن الحوار هو السبيل الأمثل لأى قضية عربية، لأنه مع انطلاق الرصاصة الأولى فلن يكون زمام الأمور بيد أى أحد فينا.
حسناً فعل الرئيس السيسى فى مقابلته التليفزيونية الأخيرة، كان واضحا، ومن البداية ودون مواربة، وأثق تماما فى أن هذا الرجل يتجنب المشاكل بقدر المستطاع، فلديه تحديات داخل بلده تتمثل فى مهمة أقسم اليمين عليها، وهى الحفاظ على أرواح أبنائه.
لقد كان قرارا حكيما أن تشارك مصر فى حرب اليمن بقطع بحرية وبعض من قواتنا الجوية، فلن نستطيع أن نشاهد جثثا لأبنائنا تأتى من اليمن، وتماشى هذا القرار مع قناعات الشعب المصرى التى يعرفها الرئيس تماما التى لا يستطيع تخطيها.
إننا الآن نحمّل كل الأطراف مسؤولياتهم التاريخية، ونثق أن مصر تعرف تماما أين تضع قدمها، ولن يضيرنا النقد أو الاتهامات، فنحن بجوارك إن احتجت ولسنا بجوارك إن شئت، ولا ننكر لأحد مواقفه، لكننا أيضا نعتز بمواقفنا.
رفيق الحريرى
أتوقع قمة مصرية سعودية إماراتية قريبا، وعلى الجميع أن يستمع فيها إلى صوت العقل.
لن نسأل فيها أحدا عن شؤونه الداخلية، حتى وإن لم تعجبنا، لكننا سنشرح فيها ثوابتنا، وسنحاول إيجاد طريق لحل قضايا وصراعات داخل دول قسمت فيها مراكز القوى على مدى عقود.
والحقيقة تقتضى أن نقول للسياسيين فى الشعب اللبنانى: ولاؤكم الأول يجب أن يكون للبنان وشعبه، كفاكم احتماء بقوى خارجية، بعض منكم فى المشهد منذ أن كنا أطفالا، تريدون الحفاظ على مصالحكم الضيقة دون نظر إلى مصلحة لبنان، ماذا أنتم فاعلون الآن مع من ستقفون؟ وأى دماء هذه التى ستراق حال احتدام الخلاف؟
وهذا درس لكل شعوب المنطقة الوطنية أهم من التحالفات، ولن ينفع وطن إلا أبناءه ولا يدفع أحد إلا لمصالحه.
نحن نتطلع إلى صوت العقل والبعد عن التهور..
لست متفائلا بالعلاقات المصرية العربية، لكننى مقتنع تماما بسياسة مصر الخارجية حتى لو لم تعجب غيرنا، لكن تعجبنا ونحن راضون عنها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة