حفلت زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي، الثالثة إلى فرنسا، بالعديد من النتائج الإيجابية التى شملت جميع الأصعدة، وأثمرت عن حصاد كبير فى مجالات الاقتصاد والتسليح والاستثمارات والتعاون الأمنى والعسكرى بين مصر وفرنسا، فضلا عما حققه أول لقاء قمة مع الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون من تفاهم سينعكس بالتأكيد على مسار العلاقات المصرية الفرنسية بشكل إيجابى.
وفى هذا الصدد رصدت الهيئة العامة للاستعلامات حصاد تلك الزيارة المهمة، حيث قالت إن زيارة الرئيس السيسى للعاصمة الفرنسية باريس تميزت بعدة خصائص رصدها تقرير أعدته الهيئة العامة للاستعلامات، أولها أن الرئيس عقد لقاءات منفردة مع أبرز قيادات ورموز الدولة الفرنسية وفى مقدمتهم الرئيس الفرنسى ايمانويل ماكرون، ثم رئيس الوزراء إدوارد فيليب، ورئيس الجمعية الوطنية الفرنسية (مجلس النواب) فرانسوا دوروجى، ورئيس مجلس الشيوخ الفرنسى جيرار لارشيه، ووزير الداخلية جيرارد كولوم، ووزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلى، ووزير الشئون الخارجية جان أيف لودريان، ووزير الاقتصاد والمالية برونو لومير، وسكرتير عام منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية أنجل جوريا.
زيارة المؤسسات السياسية الفرنسية عنوان برنامج الرئيس
وثانى هذه الخصائص هى أن الرئيس حرص على زيارة مقار المؤسسات السياسية الفرنسية التى التقى قادتها، فزار قصر الإليزيه حيث التقى الرئيس ماكرون، وقام بزيارة قصر ماتينيون مقر رئاسة الوزراء، ومقر الجمعية الوطنية، ومقر وزارة الجيوش الفرنسية، ووزارة أوروبا والشئون الخارجية، ولا شك أن قيام الرئيس بزيارة هذه المؤسسات أتاح فرصا أكبر للتواصل بين الجانبين وأكثر تأثيرا من مجرد لقاء هذه القيادات على هامش زيارته لرئاسة الحكومة أو فى مقر إقامته، وهى لفتة بروتوكولية قابلها الفرنسيون بكثير من التقدير والتجاوب والتعاون.
لقاءات مع رؤساء 25 شركة فرنسية
أما ثالث الخصائص التى تميزت بها الزيارة هى أن الجوانب الاقتصادية كان لها نصيبا كبيرا من اهتمامات الرئيس السيسي، خاصة وأن فرنسا شريك اقتصادى واستثمارى وتنموى كبير لمصر فى مجالات عديدة، فالتقى الرئيس رؤساء 25 شركة فرنسية بعضها يعمل فى مصر والبقية تسعى لدخول السوق المصرى للاستثمار وتنفيذ المشروعات، كما التقى قبل ذلك مع كل من رئيس مجلس إدارة الشركة الوطنية للسكك الحديدية الفرنسية، ورئيس شركة "داسو" المنتجة لطائرات الرافال المقاتلة، ورئيس شركة "نافال" للصناعات العسكرية البحرية، كما تم خلال الزيارة توقيع 16 اتفاقية ومذكرة تفاهم فى مجالات عديدة تبلغ قيمتها نحو 400 مليون يورو.
رسائل إعلامية مهمة من الزيارة
ورابع خصائص الزيارة هى أن الرئيس السيسى وجه رسائل إعلامية عميقة الأثر إلى الشعب الفرنسى ومن خلاله إلى أوروبا والعالم من خلال حديثين مطولين مع اثنتين من أكبر وسائل الإعلام الفرنسية وأكثرها انتشاراً فى فرنسا وأوروبا، وهما صحيفة "لوفيجارو" وقناة "فرنسا 24" التليفزيونية، ثم من خلال المؤتمر الصحفى المشترك مع الرئيس ماكرون والذى شهد حديث الرئيس السيسى بقوة وثقة وإقناع عن كل ما يثار من تساؤلات تتعلق بالأوضاع فى مصر وخاصة حقوق الإنسان ومواقف مصر السياسية تجاه العديد من القضايا.
أما خامس الخصائص فإلى جانب الأبعاد الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية لزيارة الرئيس لباريس، فقد برز خلالها على نحو لافت الطابع الودى والدبلوماسى الرفيع الذى تمثل فى الاستقبال الحافل الذى قوبل به الرئيس السيسى فى باريس حيث رافقت مقاتلات فرنسية ومصرية من طراز "رافال" الطائرة الرئاسية المصرية، بعد دخولها المجال الجوى الفرنسى ترحيباً بزيارة الرئيس السيسى لفرنسا، وحلقت 3 طائرات مصرية على الجانب الأيمن من الطائرة الرئاسية المصرية، فيما حلقت على جانبها الأيسر 3 طائرات فرنسية، فى ترحيب ملحوظ يتناسب مع مكانة الزائر والمكانة التاريخية والثقافية لمصر فى نفوس الشعب الفرنسى.
نشاط مكثف... وتعاون عسكرى
وطبقا لتقرير هيئة الاستعلامات، بدأ الرئيس السيسى نشاطه بالعاصمة الفرنسية باستقبال ايريك ترابييه، الرئيس التنفيذى لشركة "داسو" للصناعات الجوية المُصنعة لطائرات الرافال الحربية، حيث أشاد الرئيس خلال اللقاء بالتعاون الوثيق القائم مع الشركة الفرنسية، معرباً عن "تطلع مصر لمواصلة هذا التعاون والعمل على تطويره خلال الفترة القادمة"، مؤكداً على "كفاءة مقاتلة الرافال فى ضوء ما تتميز به من قدرة على المناورة وتنفيذ المهام الحربية بدقة عالية، بما يساهم فى تعزيز قدرات مصر الدفاعية ويُمكّنها من الحفاظ على أمنها القومى".
وفى مساء أول أيام الزيارة توجه الرئيس السيسى إلى مقر وزارة الجيوش الفرنسية (وزارة الدفاع)، حيث كانت فى استقباله فلورانس بارلى، وزيرة الجيوش الفرنسية، وشهد اللقاء تباحثاً حول سبل تعزيز التعاون العسكرى بين البلدين، وخاصةً فى ضوء التحديات التى تمر بها منطقة الشرق الأوسط، والجهود التى تبذلها مصر لمكافحة الإرهاب، كما تم بحث الجهود التى تُبذل فى مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية، حيث أكد الرئيس على "ضرورة مواجهة هذه الظاهرة باستراتيجية متكاملة تعالج أسبابها الجذرية ومن بينها إنهاء الصراعات السياسية فى الشرق الأوسط وأفريقيا، فضلاً عن إيجاد حلول للمشكلات الاقتصادية والاجتماعية"، وعلى صعيد القضايا الإقليمية، تم تبادل وجهات النظر إزاء آخر المستجدات على صعيد الأوضاع الميدانية فى ليبيا وسوريا والعراق.
رسائل إعلامية للصحافة والتليفزيون
وفى اليوم الأول للزيارة أيضاً أذيعت مقابلة الرئيس السيسى مع قناة "فرنسا 24" الإخبارية الفرنسية والتى أكد فيها الرئيس "أن الإرهاب لا يضرب ويهدد مصر ودولًا عربية فقط، بل يهدد المنطقة بأجمعها والشرق الأوسط وأوروبا، ولابد من أن نتكاتف جميعا، وليس على قدر فرنسا ومصر فقط"، مشيرا إلى أنه "على كل دول العالم أن تنتبه، لأنه التحدى الحقيقى للإنسانية والاستقرار وللأمن فى العالم كله".
وقال الرئيس السيسى إن "هناك دول تقوم بتمويل الإرهاب بالمال والسلاح وتدريب المقاتلين، وبالدعم المعنوى والاعلامى والسياسى، ويجب على هذه الدول أن تتوقف، ليس من أجل استقرار مصر فقط، ولكن من أجل استقرار العالم".
وبشأن حقوق الإنسان، أكد الرئيس السيسى حرصه الكامل على مصر وشعبها، وقال "إن مصر حريصة على احترام مواطنيها، والحفاظ عليهم، وعلى حقوقهم ومساعدتهم، وقد انتخبونى لذلك"، وتساءل الرئيس السيسى عن حقوق الإنسان للشهداء، وأسرهم، والأطفال، والأرامل، والأمهات، الذين فقدوا أبناءهم فى كل حوادث الإرهاب خلال السنوات الثلاث الماضية، قائلا "أين حقوق الإنسان الخاصة بهؤلاء الشهداء".
وحول ادعاءات منظمات حقوقية عن وجود آلاف المعتقلين السياسيين فى السجون المصرية، أكد الرئيس عدم وجود أى معتقل سياسى، موضحا أن هناك إجراءات تقاضى عادلة، يتم من خلالها مراعاة كافة الإجراءات القانونية طبقا للقانون المصرى، وأضاف "هذا أمر مهم، ونحن مستعدون لزيارة أصدقائنا لكى يشاهدوا السجون المصرية، ويقابلوا النائب العام، ويسمعوا منه كل الإجراءات التى يتم اتخاذها".
كما نشر فى اليوم الأول للزيارة الحوار الذى أجراه الرئيس مع صحيفة (لوفيجارو) الفرنسية، والذى أكد فيه على "أن العلاقات بين مصر وفرنسا قديمة وعميقة وازدادت قوة خلال السنوات الثلاثة الأخيرة على كافة الأصعدة السياسية والعسكرية والاقتصادية"، ووصف الرئيس فرنسا بـ"الشريك الأساسى والمميز لمصر"، وتوقع أن "تشهد السنوات القادمة مزيدا من آفاق التعاون والتشاور غير المسبوق بين البلدين".
قطع بحرية جديدة لمصر
استهل الرئيس السيسى نشاطه فى اليوم الثانى لزيارته لباريس باستقبال هيرفى جيلو، الرئيس التنفيذى لشركة "نافال" للصناعات العسكرية البحرية، وأعرب الرئيس خلال اللقاء عن اعتزاز مصر بالتعاون القائم مع الشركة الفرنسية، مشيراً إلى أن البحرية المصرية باتت ثانى أكبر مستخدم للقطع العسكرية التى تنتجها شركة "نافال" بعد البحرية الفرنسية، وذلك عقب التعاقد على عدد من القطع البحرية من انتاج الشركة، وأشار الرئيس إلى ما تمثله هذه الوحدات المتميزة من إضافة محورية لمسيرة تطوير وتحديث أسطول القوات البحرية المصرية.
وفى نفس اليوم استقبل الرئيس السيسى أيضا جييوم بيبى، رئيس مجلس إدارة الشركة الوطنية للسكك الحديدية الفرنسية، حيث تم استعراض الجهود التى تبذلها مصر من أجل تطوير منظومة السكك الحديدية، والخطط التى وضعتها وزارة النقل المصرية من أجل الارتقاء بنظم الإشارات والتشغيل، وتحسين القدرات البشرية والإلكترونية للهيئة القومية للسكك الحديدية، وقد أعرب الرئيس عن التطلع للاستفادة من خبرات الشركة، لاسيما فى مجال التدريب وتقييم المخاطر، وتحديث شبكات ومنظومة السكك الحديدية، وبصفة خاصة فى مجال ربط المشروعات التنموية الكبرى بالمدن المصرية والموانئ الرئيسية بما يمكن من الإسهام فى تطويرها اقتصادياً وتنميتها بشرياً.
القمة الأولى بين السيسى وماكرون
حسب ما رصده تقرير هيئة الاستعلامات، توج اليوم الثانى من الزيارة بانطلاق أعمال القمة المصرية الفرنسية بقصر الإليزيه بين الرئيس عبد الفتاح السيسى ونظيره الفرنسى إيمانويل ماكرون، بعد مراسم استقبال الرسمية والعسكرية للرئيس السيسى فى قصر "الإنفاليد" الرمز التاريخى للعسكرية الفرنسية.
وتطرقت المباحثات لعدد من الموضوعات الثنائية بين البلدين، حيث استعرض الرئيس السيسى الخطوات المتخذة على صعيد الإصلاح الاقتصادى، وما توفره المشروعات القومية الكبرى الجارى تنفيذها من فرص استثمارية فى العديد من المجالات، وقد أعرب الرئيس الفرنسى عن حرصه على تعزيز التعاون والشراكة بين مصر وفرنسا على الأصعدة كافة، مؤكداً على دعم فرنسا لمصر للمضى قدماً فى تنفيذ برنامج النمو الاقتصادى المستدام، والتطلع للمزيد من الارتقاء بمستوى التعاون الاقتصادى والاستثمارى بين البلدين، ولاسيما فى منطقة قناة السويس وفى مجال المشروعات التنموية فى مختلف القطاعات.
كما تناولت المباحثات عدداً من مجالات التعاون المشترك، حيث اتفق الرئيسان على إعلان عام 2019 عاما للثقافة والسياحة المصرية الفرنسية ليعكس عمق الروابط الثقافية والحضارية المشتركة بين البلدين، كما تم استعراض آخر المستجدات على صعيد عدد من الأزمات الاقليمية فى منطقة الشرق الأوسط، ولاسيما فى ليبيا وسوريا، حيث اتفق الرئيسان على تكثيف التشاور والتنسيق المشترك للتوصل إلى تسويات سياسية لهذه الأزمات، مؤكدين على ضرورة تكثيف جهود المجتمع الدولى للتصدى بحزم للإرهاب وتمويله.
وعقب انتهاء اللقاء، شهد الرئيسان السيسى وماكرون مراسم التوقيع على إعلان مشترك لتعزيز التعاون الثقافى والتعليمى والفرانكفونى والجامعى والعلمى والفنى. كما وقع الجانبان على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم وإعلانات النوايا، بقيمة تبلغ حوالى 400 مليون يورو، فى مجالات الطاقة التقليدية والمتجددة والبنية الأساسية والحماية الاجتماعية والنقل بمختلف فروعه، البحرية والبرية ومترو الأنفاق، فضلاً عن التدريب وبناء القدرات.
وعقب مباحثات القمة المصرية الفرنسية عقد مؤتمر صحفى مشترك بين الرئيسين أشاد فيه الرئيس الفرنسى بالرئيس السيسى على المثابرة فى التعامل مع الأزمات التى تشهدها المنطقة، معلناً قد تم تبادل الآراء لتعزيز الشراكة بين البلدين وأنه يجب أن يكون هناك التزام معنوى وليس عسكريا فقط لمكافحة الإرهاب.
وأكد ماكرون أن فرنسا عازمة على مساندة مصر لمواجهة تحديات فى مجال الطاقة والمساندة الاجتماعية، وأن القوات المسلحة المصرية قامت بالتصدى للإرهاب بالمنطقة وان فرنسا ومصر بحاجة لمشروعات مشتركة فى مواجهته.
فيما أكد الرئيس السيسى خلال كلمته فى المؤتمر الصحفى على حالة الزخم التى تشهدها علاقات البلدين الثنائية، والمستوى الرفيع من التنسيق إزاء مختلف القضايا الإقليمية والدولية، مشيرا إلى أن مباحثاته مع الرئيس ماكرون تضمنت سبل تعزيز أوجه التعاون بين البلدين على مختلف الأصعدة السياسية والاستراتيجية والاقتصادية والثقافية، حيث اتفقا على تكثيف التشاور والتنسيق إزاء القضايا ذات الأولوية للبلدين.
وقال الرئيس "لقد حظيت العلاقات الثنائية فى شقها الاقتصادى بأولوية كبرى خلال مباحثاتنا، حيث استعرضت مع الرئيس ماكرون ما تم تنفيذه من خطوات فى برنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى، وما حققه من نتائج إيجابية فى استعادة معدلات النمو المرتفعة والزيادة فى الاستثمارات الأجنبية المباشرة وإجراءات تدعيم شبكة الحماية الاجتماعية للطبقات الأكثر احتياجاً، فضلاً عن توفير العديد من الفرص الاستثمارية، خاصة فى إطار المشروعات القومية الكبرى التى تنفذها مصر وتحظى باهتمام من دوائر الأعمال الفرنسية".
وأشار الرئيس أيضاً إلى أن الملف الثقافى والتعاون فى المجالات السياحية والتعليمية كان حاضراً فى المحادثات المشتركة حيث تم الاتفاق على إعلان عام 2019 عاما للثقافة والسياحة المصرية الفرنسية، ليعكس عمق الروابط الثقافية والحضارية المشتركة بين البلدين، خاصة فى ضوء الاهتمام الفرنسى الكبير بالحضارة المصرية بمختلف مراحلها التاريخية،، فضلاً عن تزامن هذا العام مع الذكرى 150 لافتتاح قناة السويس، والتى تحظى تنمية محورها بأهمية كبرى فى خطط الحكومة المصرية منذ ازدواج الممر الملاحى للقناة عام 2015 ليكون هذا المحور أكبر منطقة للخدمات اللوجستية المتكاملة فى الشرق الأوسط.
الإرهاب وحقوق الإنسان
وكشف الرئيس السيسى فى المؤتمر الصحفى المشترك أنه ناقش مع ماكرون سبل مكافحة الإرهاب الآثم الذى عانت مصر وفرنسا من شروره، كما تناولا تطورات الأوضاع فى ليبيا والتى يمثل تحقيق الاستقرار والأمن بها أهمية خاصة لكلتا الدولتين، فى ظل تأثيره المباشر على الأمن القومى المصرى والفرنسى ومنطقة البحر المتوسط. وأضاف الرئيس: "تناولنا الجهود المصرية الناجحة فى تحقيق المصالحة الفلسطينية، وأهمية استعادة الزخم لاستئناف عملية السلام، وكذا تطورات الأوضاع فى سوريا والعراق ومنطقة الساحل والصحراء بالقارة الأفريقية، وتبادلنا الرؤى حول سبل المعالجة الشاملة لظاهرة الهجرة غير الشرعية، فضلا عن العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبى عقب توقيع وثيقة أولويات المشاركة لتعزيز التعاون بين الجانبين فى يوليو الماضى".
وردا على سؤال عما إذا كانت محادثاته مع الرئيس السيسى تطرقت إلى حقوق الإنسان، قال الرئيس الفرنسى ماكرون: "أنا مدرك للظروف الأمنية التى يتحرك فيها الرئيس السيسى، لديه تحدٍ بشأن استقرار بلاده ومكافحة تطرف دينى عنيف، ولا يمكن أن نتجاهل هذا"، مضيفا "أنا أؤمن بسيادة الدول ولا أعطى دروسا للآخرين كما لا أحب أن يعطى أحد دروسا لبلادى"، وشدد ماكرون على أن فرنسا تدافع عن حقوق الإنسان ومن مصلحة الرئيس السيسى أن يسهر على الدفاع عن حقوق الإنسان، فى إطار تقرره الدولة المصرية وحدها.
وقد تدخل الرئيس السيسى بدوره، قائلا للصحفيين "أنا معنى بالإجابة عن مسألة حقوق الإنسان فى مصر"، مضيفا: "نحن حريصون على حقوق الإنسان، لكن يجب أن تأخذوا بالاعتبار أننا فى منطقة مضطربة جدا، وهذا الاضطراب كاد يحول المنطقة إلى بؤرة تصدر الإرهاب إلى العالم كله"، وأكد الرئيس أنه حريص على إقامة دولة مدنية ديمقراطية حديثة، قائلا: "إن الشعب المصرى لا يقبل بأى شكل من أشكال الممارسة العنيفة والديكتاتورية وعدم احترام حقوق الإنسان، لكننى مسؤول عن مئة مليون مواطن يجب تأمين الحماية لهم".
لقاءات على أعلى مستوى وقضايا جوهرية
كما قام الرئيس عبد الفتاح السيسى بزيارة مقر وزارة أوروبا والشئون الخارجية الفرنسية، حيث كان فى استقباله الوزير/ جان أيف لودريان، وشهد اللقاء تباحثاً حول عدد من الملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، خاصة مكافحة الإرهاب، حيث أعرب الرئيس عن تقديره للبيان الذى أصدرته وزارة الخارجية الفرنسية فى أعقاب حادثة الواحات الأخيرة، وأكد الرئيس على "ضرورة تكثيف جهود المجتمع الدولى من أجل التصدى بفعالية للأطراف الداعمة للإرهاب".
وقام الرئيس السيسى أيضا بزيارة مقر رئاسة الحكومة الفرنسية، للقاء رئيس الوزراء إدوارد فيليب، وشهدت مباحثات الجانبين استعراضاً لمجمل العلاقات الثنائية المشتركة، حيث أكد رئيس الوزراء الفرنسى حرص بلاده على دعم الجهود المصرية فى سعيها لتحقيق التنمية الاقتصادية، فضلاً عن اهتمام الشركات الفرنسية بتوسيع نشاطاتها خاصة فى المشروعات القومية الكبرى الجارى تنفيذها فى مصر وعلى رأسها مشروع تنمية محور قناة السويس.
وذكر رئيس الوزراء الفرنسى أن بعثة من مجتمع الأعمال الفرنسى ستقوم بزيارة مصر قريباً لبحث سبل البدء فى تنفيذ عدد من المشروعات المشتركة فى مجالات مختلفة.
وفى اليوم الثالث للزيارة التقى الرئيس عبد الفتاح السيسى بباريس برونو لومير وزير الاقتصاد والمالية الفرنسى لبحث تعزيز التعاون الاقتصادى وإقامة مشروعات جديدة بحضور رؤساء 25 شركة فرنسية متواجدة فى مصر أو راغبة فى فتح فروع لها هناك أو فى دعم صادراتها لها. تناول اللقاء بحث اقامة مشروعات استثمارية فى مجالات الطاقة والاتصالات والمواصلات والمدن المستدامة، وتوقيع أربعة خطابات نوايا. الأول فى مجال عربات الطعام المتنقلة لدعم ريادة الشباب المصرى، والثانى لتمويل دراسة حول النقل الحضرى فى مدينة المنصورة، والثالث بين الشركة الوطنية للسكك الحديدية فى فرنسا ونظيرتها المصرية، والأخير بشأن عقد بين الهيئة المستقلة للنقل فى باريس والهيئة الوطنية للأنفاق حول انشاء خط جديد للمترو فى مصر.
وفى نفس اليوم استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسى، أنجل جوريا سكرتير عام منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية، حيث أشاد بمستوى التعاون القائم بين مصر والمنظمة، لا سيما من خلال الدعم الفنى الذى توفره المنظمة والدراسات والتقارير التى تصدرها فى مختلف المجالات فضلاً عن توفير الدعم الفنى لبرنامج الإصلاح الاقتصادى فى مختلف محاوره.
كما قام الرئيس السيسى خلال اليوم الثالث للزيارة، بزيارة مقر الجمعية الوطنية الفرنسية (مجلس النواب)، حيث كان فى استقباله رئيس المجلس فرانسوا دوروجى، حيث عقدت جلسة مباحثات موسعة ضمت عدداً من النواب، منهم رئيس جمعية الصداقة البرلمانية مع مصر فى المجلس والنائبة الممثلة للفرنسيين المقيمين فى مصر، تم خلاله استعراض مُجمل التطورات السياسية والاقتصادية على الساحة المصرية الداخلية. وأشار الرئيس السيسى إلى أن "مجلس النواب المصرى الحالى هو الأوسع تمثيلاً فى تاريخ الحياة البرلمانية المصرية، كما أن 50% من أعضائه لم يسبق لهم العمل البرلمانى من قبل، وبلغت نسبة الشباب فيه ما يزيد عن 40%، فضلاً عن تواجد عدد كبير من النواب من السيدات وذوى الاحتياجات الخاصة". وقد تم خلال الاجتماع استعراض عدد من الموضوعات الإقليمية، حيث تباحث الجانبان حول سبل تعزيز جهود المجتمع الدولى فى مجال مكافحة الإرهاب، بجانب بحث عدد من الأزمات التى تمر بها منطقة الشرق الأوسط ولا سيما آخر تطورات القضية الفلسطينية والموقف فى ليبيا وسوريا.
كما التقى الرئيس عبد الفتاح السيسى برئيس مجلس الشيوخ الفرنسى جيرار لارشيه، بمقر مجلس الشيوخ، وتناولت المباحثات بين الجانبين سبل تعزيز العلاقات بين البلدين وخاصة العلاقات البرلمانية وتطورات الاوضاع فى الشرق الأوسط، وجهود الحكومة المصرية لتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى والتشريعى والإدارى.
وفى اليوم الرابع والأخير للزيارة استقبل الرئيس السيسى جيرارد كولوم وزير الداخلية الفرنسى، حيث تم التباحث حول سبل تعزيز العلاقات الثنائية فى المجال الأمنى، بالإضافة إلى بحث آخر مستجدات الوضع فى كل من ليبيا وسوريا. كما تم استعراض الرؤية المصرية بشأن استراتيجية مكافحة الإرهاب، والتى لا تقتصر على الوسائل العسكرية والأمنية فقط بل تمتد لتشمل الجوانب الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والتصدى لمحاولات ضرب الوحدة الوطنية، وتم التأكيد على ضرورة استمرار التنسيق والتعاون المشترك خاصة فى مجال ضبط الحدود ومكافحة الهجرة غير الشرعية.
كما قام الوفد الرسمى المرافق للرئيس بنشاط واسع خلال الزيارة كل فى مجال اختصاصه، الأمر الذى ستظهر آثاره على العلاقات المصرية الفرنسية والتعاون المثمر من أجل التنمية الشاملة فى مصر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة