وأضاف برائيل، أنه بعد دورتين انتخابيتين فى العام الماضى، لم يتمكن خلالهما أردوغان من الحصول على أغلبية كبيرة كافية فى البرلمان، ولكن يمكن لمعركة الانتخابات الثالثة، والتى ستستغل مشاعر الجمهور الغاضبة من محاولة التحرك العسكرى، أن تسمح له، اخيرا، بتغيير الدستور كما يشاء، وهذا يعنى حصوله على صلاحيات تنفيذية واسعة، تجعله رئيسا للسلطة التنفيذية فى البلاد وليس مجرد شخصية احتفالية، يتمتع بالفعل بسلطات واسعة، مثل تعيين رئيس الوزراء ورئيس هيئة الأركان، ولكن بعيدة جدا عن النموذج الأمريكى.
وأوضح المحلل الإسرائيلى، أن طموحات أردوغان قبل صباح أمس، قد حظيت بدفعة كبيرة على ساحتين أساسيتين، وهى أن معظم قوات الجيش والشرطة عملت ضد مخططى تحركات الجيش، واعتقلت المئات من الضباط والجنود والآلاف من أتباع رجل الدين المنفى والخصم الثابت له، الداعية فتح الله كولن، وفى الوقت نفسه، سيطر المعارضون لتحرك الجيش والمؤيدين لأردوغان على الشوارع ونالوا تأييد أحزاب المعارضة، التى أعلنت عن معارضتها لتلك التحركات.
وأضاف برائيل، أن هذه العوامل عملت ضد المتآمرين الذين لم يقدروا بشكل صحيح حجم الدعم المحتمل لتحركات الجيش، حيث أنهم اعتقدوا، أن 60% من الجمهور، الذين لم يدعموا حزب العدالة والتنمية، سيخرجون إلى الشوارع لدعمهم، وأن كتائب القوات البرية ستنضم إلى القوات المدرعة والى عدد من اذرع سلاح الجو، وان الشرطة لن تتجرأ على الخروج ضد الجيش، مضيفا أنه فى الجانب العسكرى، يبدو أن الفشل نبع أيضا، من الحاجة إلى الحفاظ على السرية حتى اللحظة الأخيرة، الأمر الذى لم يسمح بإعداد قاعدة واسعة فى الوحدات العسكرية، لأنه مقارنة بتحركات عسكرية سابقة، لم تكن هذه المرة محاولة تحرك من قبل الجيش كله وإنما من قبل مجموعة منه، لا تمثل الهيئة العسكرية الرئيسية.
وأشار المحلل الإسرائيلى، إلى أنه فى التحركات العسكرية التى وقعت فى أعوام 1960 و 1971 و1980، قام الجيش بشكل عام، بتحذير القيادة السياسية من نيته السيطرة على السلطة، إذا لم تقم بإدارة شئون الدولة كما يجب، ولكن هذه المرة تم احتجاز رئيس الأركان خلوصى آكار كرهينة، فى خطوة اعتبرت بمثابة تمرد عسكرى داخلى، والنتيجة هى أنه فى المرحلة الأولى من الانقلاب، خلق المتآمرون الانقسام فى صفوف الجيش والذى لعب ضدهم.
وقال برائيل إن تركيا تعانى من العمليات، واقتصادها، خاصة السياحة، وأصيب بشكل بالغ، وهناك حوالى 3 ملايين لاجئ سورى يعيشون على اراضيها، والحرب ضد مواطنيها الأكراد أصبحت مسألة اعتيادية – ولكن بين هذا كله تنجح تركيا بالمناورة بشكل غير سيء، فالاقتصاد لا يزال يعتبر قصة نجاح، وبالتأكيد فى المقارنة مع الأزمة العميقة التى عاشتها تركيا قبل وصول حزب العدالة والتنمية الى السلطة، كما أن اتفاق اللاجئين مع أوروبا، الذى يتوقع أن يحقق لتركيا حوالى 6 مليارات يورو، يعتبر هو أيضا انجازا، بالإضافة إلى إجراءات المصالحة مع إسرائيل وروسيا، والتلميح إلى المصالحة مع مصر، قللت انتقادات المعارضة التى تدعى بأن اردوغان جعل تركيا معزولة.
وأشار برائيل إلى أن هذه النجاحات التى دعمتها نسبة تصويت عالية لحزبه وله شخصيا، حولت أردوغان الى رئيس وقبل ذلك الى رئيس حكومة لا بديل له، فى غياب زعيم معارضة شعبى او مرشح منافس فى حزب السلطة، الذى يدار كوحدة عسكرية، كما يقدر خصوم اردوغان السياسيين بأنه لا يمكن فى المستقبل المنظور استبداله بطرق ديمقراطية.
وأضاف المحلل الإسرائيلى الخبير فى شئون الشرق الأوسط، أنه ربما يكون هذا الاعتراف قد وقف فى الأساس تخطيط المؤامرة ضده، لكن ذلك اصطدم بمشاعر جماهيرية قوية – حتى وان كان اردوغان مكروها، فان التحرك العسكرى أكثر كراهية، وحين تكون الأجواء هكذا، لا يمكن للجيش ان يعتبر منقذا للدولة، خاصة بعد 14 سنة من السلطة المدنية الناجحة، بالإضافة إلى ذلك، فأن الجيش، خاصة الاستخبارات العسكرية، تخضع للرقابة الداخلية التى لا تصل الى وسائل الإعلام، مشيرا إلى أن المنتقدون يتهمون الاستخبارات بالفشل فى تشخيص منفذى العمليات واقتلاع خلايا "داعش" من تركيا، وكذلك بتقديم المساعدة للتنظيم، خاصة فى إدارة حرب عنيفة وقذرة ضد المواطنين الاكراد فى تركيا.
وقال برائيل إن الحرب ضد الأكراد وسياسة أردوغان فى سورية، تشكل بؤرة للخلافات داخل الجيش نفسه، وفى الأروقة السياسية وفى اوساط الجمهور، باستثناء ذلك، فان الجيش الذى أبعده أردوغان عن السياسة وطهر صفوفه بشكل وحشى ممن اعتبروا معارضين له، يعتبر من قبل القسم الأكبر من الجمهور، مواليا للرئيس، ولذلك فان السلطة العسكرية لا يمكنها ضمان التغيير الذى يتوق اليه خصوم أردوغان.
وقال المحلل الإسرائيلى، إنه خلال السنوات الأخيرة تعززت صورة أردوغان كزعيم لديموقراطية غير ديموقراطية، بعد قيامه بهز الجهاز القضائى، وفصل مئات القضاة والمدعين، وأقام منظومة حسب ما تهوى نفسه لتعيين القضاة، ومحاربته للصحافة الحرة، والسيطرة على الصحف ومحطات التلفزيون من قبل المقربين منه، واعتقال الصحفيين وملاحقة المنتقدين له فى الشبكات الاجتماعية والتصريحات الشديدة ضد الخصوم السياسيين سدت قنوات التعبير امام المعارضين له، واثارت الغرب ضده، ولكن عندما يمنح الجمهور فرصة إسقاط نظام "اوتوقراطى" واستبداله بسلطة عسكرية، يتم اعتبار الخيار العسكرى اشد خطورة.
وشدد برائيل أنه بعد فشل التحرك العسكرى يبدو أن الجيش، رغم أن غالبيته وقف إلى جانب السلطة، سيتلقى ضربة قوية – ليس فقط من قبل اردوغان، الذى بدأ جولة تطهير شاملة، وإنما أيضا من قبل الجمهور وحتى خصوم الرئيس، الذين يميلون الى الموافقة على تصريح رئيس الحكومة المخلوع احمد داود اوغلو، بأن تركيا ليست دولة ما فى إفريقيا يمكن للجيش أن يسيطر عليها.
وفى نهاية تقريره، قال برائيل، إنه من المتوقع ان يلجأ أردوغان إلى سلسلة من الخطوات من أجل تحقيق الاستقرار وإظهار سيطرته تجاه الغرب، حيث يمكن للاقتصاد أن يكون ضحية لتحرك الجيش، ولذلك من المهم طمأنة السوق المالية، واستئناف حركة الطيران عاجلا، ودفع سياسة المصالحة مع دول الشرق الأوسط، ومن بينها إسرائيل، مضيفا أن أردوغان سيضطر إلى محاسبة ليس من شاركوا فى التحرك العسكرى فقط، وانما رؤساء أجهزة الاستخبارات الذين لم يعرفوا عن نوايا المتآمرين، وأنه بالنسبة له ستكون هذه فرصة لإخضاع الجيش كله للقانون المدنى، وربما لتغيير بنيته وطابع المهام الملقاة على عاتقه.
موضوعات متعلقة..
- الصحافة الإسرائيلية: حاخام يهاجم الجيش الإسرائيلى لاستيعابه "الشواذ".. نتنياهو قلق من تأثير محاولة الانقلاب فى تركيا على العلاقات مع إسرائيل.. تل أبيب تسعى لمصادرة الأراضى الفلسطينية داخل المستوطنات
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
مسلسل أو فيلم تركى
مسلسل أو فيلم تركى