فرصة الانسحاب
هذا القرار المفاجئ بحسب جيمس جيلفين، أستاذ التاريخ بجامعة كاليفورنيا، الذى تحدث لشبكة "سى.إن.إن"، الثلاثاء، ربما يعود إلى أن منافع روسيا فى سوريا لم تعد تفوق تكلفة التدخل العسكرى. ويضيف إنه لم يكن من المتوقع لبوتين أن يستعيد كافة الأراضى التى يستولى عليها تنظيم داعش وغيره من جماعات التمرد فى سوريا، لكن روسيا أحرزت تقدما كبيرا لصالح القوات الحكومية.
ويتابع إن روسيا ذهبت إلى سوريا فى وقت كانت تخسر فيه القوات الحكومية المزيد من الأراضى، وقد استطاعت القوات الروسية تحويل المد وباتت الحكومة الآن تدير الدفة وهو ما كان يريده بوتين. ومع ذلك فإن ذلك جاء بحساب، حيث يعتقد جيلفين إن القرار الروسى بالانسحاب هو حيلة ذكية للمساومة مع بدء محادثات جينيف.
ويمضى أن بوتين سحب قواته ليدفع الأسد إلى التفاوض والاعتماد على قواته. ويرى ماثيو تشاتس، مراسل "سى.إن.إن" فى موسكو، أن بوتين يعلن النصر والخروج من سوريا قبل أن تتحول إلى فوضى.
ويضيف أن الروس يرونها فرصة ليعلنوا أنهم نجحوا فى تحقيق أهدافهم العسكرية والجمع بين الأطراف السورية على مائدة المفاوضات ودعم حليفهم بشار الأسد.
ويلفت إلى أن بوتين أمر بانسحاب الجزء الرئيسى من الفصائل العسكرية فى سوريا، لكن تبقى موسكو على وجودها طويل الآجل فى البلاد حيث قواعدها العسكرية فى طرطوس واللاذقية.
القوات السورية باتت أقوى
ويرى ريك فرانكونا، المحلل العسكرى لدى شبكة سى.إن.إن، إن التدخل الروسى فى سوريا وضع الأسد فى موقف تفاوضى أقوى من الجماعات المتمردة. فمع التوجه إلى محادثات جينيف فإن الحكومة السورية فى شكل أفضل كثيرا، جنبا إلى جنب مع روسيا بالطبع.
ومع ذلك يعتقد المحللون إن ما هو أهم بالنسبة لروسيا، ليس من هو فى السلطة بسوريا، وإنما ضمان الوجود الروسى فى البلاد حيث يمكن لبوتين دعوة حليفه الأسد لقبول تسوية، على سبيل المثال اللجوء إلى إيران، ذلك لتحقيق مصلحة أكبر للمفاوضات. ويتوقع فرانكونا أن تضغط موسكو على الأسد للتنحى، لأنه بوتين يعلم أن على الرئيس السورى أن يرحل.
وبشكل عام باتت القوات السورية النظامية قادرة على مواجهة الجماعات المتطرفة، فبسحب سيرجى ماركوف، البرلمانى السابق بمجلس الدوما الروسى، فإن البنية الاقتصادية والعسكرية الرئيسة لتنظيم داعش تم سحقها فى الضربات الجوية الروسية. ونتيجة لذلك فإنه فى بضعة أسابيع قليلة سوف تسيطر القوات الحكومية السورية مرة أخرى على مدينة "تدمر"، وبدون مساعدة من الطيران الروسى ربما تقضى على داعش خلال العام الجارى.
ويلفت فرانكونا إلى أن موسكو على استعداد للتعاون مع الولايات المتحدة فى العمليات ضد تنظيم داعش، وهو موضع ترحيب بالفعل، لكنها بحاجة إلى التركيز أكثر على داعش من الجماعات المتمردة المناوئة للأسد، قائلا "إذا أرادت أن تكون شريكا فعليها التصرف كشريك".
دور إيران
ويرى المحلل الأمريكى إنه فى حال تم إجبار الأسد على التنحى فإن سوريا وروسيا سيعتمدان على إيران، لتوفير الأمن اللازم للبلاد ذلك لتجنب ذلك النوع من فراغ السلطة الذى واجهته الولايات المتحدة فى العراق. غير أن زميله جيلفين يرى أن دعوة الغرب حاليا لعزل الأسد ربما تتسبب فى انهيار فورى لمحادثات السلام. لذا فإن المحللين يتفقون على إسناد مهمة رحيل الأسد لروسيا وإيران وإعادة السلطة للشعب السورى ليقرر مصيره عبر انتخابات حرة.
موضوعات متعلقة:
بالفيديو..أول مجموعة من طائرات روسيا تغادر قاعدتها فى سوريا عائدة لبلادها
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة