مئات من الشباب ساقتهم أقدارهم إلى البحث عن منفذ يقودهم إلى الأراضى الليبية بأى طريقة، وهم يغلقون آذانهم ويغمضون عيونهم عن كل مآسى الموت التى تحيط بالأرض الليبية ومن عليها، والمبرر لدى كل منهم "نهرب من الجحيم إلى الجحيم.. فالقتل مرة واحدة أهون من الموت كل ثانية دون عمل".
دولة السودان واحدة من بين تلك المنافذ التى اختارها هؤلاء الشباب للعبور منها إلى داخل الحدود الليبية، بعد أن منعت مصر سفر المصريين إلى ليبيا نتيجة الظروف الأمنية بها، هؤلاء الشباب وفدوا إلى السودان حاملين أحلاما كبيرة بالوصول إلى ليبيا، وبدء رحلة حلم الثراء، متجاهلين تماما أنها يمكن أن تكون "الرحلة الأخيرة" ليس فقط لعدم استقرار الأوضاع الأمنية في ليبيا، وإنما لعدة أسباب على رأسها أنه ربما يقع فى أيدى عصابات التهريب المسلحة، أو فى أيدي تنظيم "داعش" الإرهابى.
"رحلة الموت" لا تتكلف أكثر من 600 جنيها فقط، حتى تصل إلى السودان، عبر الطرق البرية، يقدم عليها شباب جميعهم فى بداية العشرينيات، وحتى منتصف الثلاثينيات، جميعهم يبحثون عن "لقمة العيش" بعد أن ضاق بهم الحال فى مصر، فخرجوا يبحثون عن مكان آخر يجدون فيه مصدراً للعيش هم وعائلاتهم، بعد انتشار البطالة نتيجة الظروف الاقتصادية التى شهدتها مصر منذ ثورة يناير.
اليوم السابع، التقت عددا من الشباب المصرى خلال جلوسهم أمام إحدى شركات السفر بالعاصمة السودانية الخرطوم، جميعهم يظهر على ملامحهم "ضيق الحال" و"قلة الحيلة"، يبدو عليهم التعب الشديد، لكنهم ينتظرون آخر أمل كما وصفوا به "الحال"، وهم يترقبون أن يذكر الموظف فى الشركة اسم كل منهم باعتبار أن ذلك يعنى الانتهاء من اعتماد أوراقه، تمهيداً لسفرهم الذى ربما ينتهى بهم الى الموت على أيدى "داعش"، وليس العمل فى ليبيا، فهناك مئات ممن سبقوهم يعانون الآن فى "مراكز الايواء المهاجرين غير الشرعيين" أو ربما تم إجبار بعضهم على الانضمام لصفوف التنظيم الإرهابى، لكن هؤلاء غير مهتمين بكيف هى النهاية؟.. المهم بالنسبة لكل منهم هو السفر.
اليوم السابع بادرتهم بالسؤال: أنتوا مصريين؟ فأجابوا بنعم
- بتعملوا إيه هنا؟
-- جايين علشان نخلص ورق سفرنا لليبيا، لأنهم فى مصر موقفين السفر لليبيا
- بس أنتوا عارفين أن ليبيا فيها ظروف أمنية صعبة وداعش هناك قتلت مصريين قبل كده؟
بادرنى أحدهم : "وإيه المشكلة.. يعنى إحنا كده كده ميتين، فى بلدنا بنموت وهناك هنموت.. كلها أرض ربنا
وقال آخر: "بنهرب من الجحيم للجحيم، فالقتل مرة واحدة أهون من الموت كل ثانية دون عمل"
وقال ثالث: "إحنا رايحين ننتحر" .
أحمد محمود، من محافظة سوهاج، قال: "عندى 3 أطفال ومفيش مكان أشتغل فيه.. كل الطرق اتقفلت قدامى كنت بشتغل عامل نظافة فى فندق بشرم الشيخ بس مشونا.. السياحة باظت خلاص.. وأنا مش لاقى أجيب لأولادى آكل، الفلوس اللى حوشتها من شغلى بصرف منها على السفر، والرزق على الله، هو ده حال الحياة".
محمود شاب مصرى آخر، التقط أطراف الحديث وأضاف: "أنا من المنوفية، وعندى 25 سنة، ومعايا دبلوم تجارة، ملقيتش شغل فى مصر، رجلى تعبتنى خلاص من اللف علشان ألاقى شغل، حد من جيرانى سافر ليبيا عن طريق السودان، قولت أروح أجرب أنا كمان يمكن ربنا يكون كاتب الرزق فى بلد تانى، أرض الله واسعة، وأنا بصراحة مش خايف أموت أو يحصلى حاجة لانى ميت أصلاً".
أحد هؤلاء الشباب يجلس وحده ولا يتحدث مع أحد، فسألته أنت مصرى؟ أجاب بنعم مصرى ابن مصرى
- رايح ليبيا ؟
-- أيوه معايا بكالوريوس تجارة ومبشتغلش وملقيتش شغل، رايح أدور عليه بقى طالما هو مش لقينى
- طيب و"داعش" اللى هناك بتقتل فى المصريين ؟
على الفور أجاب: الموت بأى طريقة
وفجأة هرول الجميع إلى باب الشركة التى كانوا يقفون على بعد أمتار قليلة منها، حيث يتم النداء على الأسماء التى تم الانتهاء من تجهيز أوراقها للسفر إلى ليبيا، دون معرفة أية تفاصيل عن الرحلة التى ستنطلق بهم بعد ساعات من السودان، وجاء أحد العاملين فى الشركة وطلب الانصراف والا سيتعامل هو معى، أو يقوم باستدعاء الشرطة، فانصرفت على الفور .
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
لا حول ولا قوة الا بالله
عدد الردود 0
بواسطة:
ةشل
اضم صوتي لرقم واحد