بالصور.. "اليوم السابع" داخل أكبر مصانع الهند للنقل الثقيل.. مصنع "دايملر" مساحته 1.5 كم وينتج 37 ألف شاحنة سنويا.. شاحنات "فوسو" تخضع لاختبارات صارمة لضمان جودتها.. ويصدر منتجاته لمصر و16 دولة عربية

صناعة السيارات تعد من أضخم الصناعات فى العالم، وهناك 10 دول متقدمة فى مجال صناعة السيارات منها الهند.



والهند تتحول بسرعة إلى دولة عظمى اقتصاديا وتقنيا وسياسيا أيضا، ويمكن أن تكون شريكا إستراتيجيا بالغ الأهمية لمصر والعرب، ليتجاوز تبادل السلع إلى تعاون اقتصادى وتقنى وسياسى فى شراكة آسيوية تحرر العالم من الهيمنة الغربية والنهب التاريخى البشع لمقدرات الشعوب والبلاد، فالعلاقة التاريخية والجغرافية بين الهند والعرب تشجع على الثقة والتبادل على نحو مثالى وتحول الهند بسرعة ليكون من أهم المراكز العالمية لصناعة السيارات.

مدينة تشيناى.. مدراس سابقاً..

"اليوم السابع" زار مصنع "دايملر للمركبات التجارية" الهندى المختص بصناعة الشاحنات والحافلات بمدينة تشيناى - المعروفة باسم "مدراس" - عاصمة ولاية "تاميل نادو" الهندية، وأجرى جولة داخل المصنع المملوك بالكامل لشركة دايملر "إيه جى" الألمانية، للتعرف على معايير إنتاج الشاحنات، ومعرفة كل المراحل التى تمر عليها السيارة من بداية التصميم والتصنيع إلى أن تصل لهيئتها النهائية كمركبة تباع فى الأسواق، وإلقاء الضوء على الاختبارات التى تخضع المركبات لها لضمان مدى ملاءمتها لعوامل الجودة المطلوبة.

اختيار الهند

عندما زرنا مصنع شركة دايملر الشهير والمختص فى عالم تصنيع شاحنات "المرسيدس بنز" و"فوسو ميتسوبيشى" و"بهارات بنز"، الذى يقع على مساحة 135 هكتارًا على أطراف المدينة التقينا "إريك نيسال هوف"، الرئيس التنفيذى الأمانى لدايلمر الهندية وسألناه: "لماذا جئتم بهذه الاستثمارات إلى شبه القارة الهندية؟ فكانت إجابته ببساطة.. التعليم والصحة ووجود صناعات القيمة المضافة، أى صناعات مثل الكاوتشوك والخامات وغيرها من الصناعات المكملة والتى يمكن الاعتماد عليها فى الإنتاج، فالهند غنية بمواردها وخاماتها الطبيعية، ويسهم قطاع الصناعة بـ26.3% من الناتج الإجمالى المحلى، ويعمل به حوالى 13% من القوى العاملة".

وأضاف أن الهند غنية بالثروة المعدنية، حيث يوجد بها الفحم والحديد الخام والبوكسيت والنحاس والبترول والغاز الطبيعى والرصاص والذهب والفضة والزنك، وأهم المصنوعات هى الغزل والنسيج والحديد والصلب والآلات ومعدات النقل والأسمدة وتكرير النفط والكيماويات وأجهزة الحاسوب.

جولة فى المصنع

يعد مصنع شركة دايملر للمركبات التجارية الشهير والمختص فى عالم تصنيع شاحنات "ميتسوبيشى - فوسو" و"مرسيدس بنز" و"بهارات بنز" أحد أبرز معالم مدينة تشيناى الهندية؛ وتبلغ مساحة المصنع الذى يقع فى أطراف المدينة حوالى 1.5 كيلو متر مربع.

فى هذا المصنع الضخم تتم عملية تجميع شاحنات فوسو، حيث تمر بعدة مراحل؛ ابتداءً من خط تركيب مقصورة القيادة مروراً بخط تجميع هيكل الشاحنة، وبإشراف مباشر من كبار مسئولى أقسام الإنتاج والتدقيق على الجودة والتدريب الذى توليه دايملر اهتماماً كبيراً داخل المصنع.

وتعطى الشركة أهمية قصوى لعملية الفحص والتدقيق أثناء مراحل الإنتاج بدءاً من مقصورة القيادة إلى تركيب المحركات وناقل الحركة وتوصيل الكهرباء والأجزاء الخارجية ومقصورة الشاحنة ومبردات المحرك وخزانات الوقود والمناطق الحيوية مثل محاور دوران الإطارات وأنظمة التعليق.

ثم تنتقل الشاحنات إلى مرحلة لا تقل أهمية عن المراحل الأولى للإنتاج؛ حيث تبدأ مرحلة الاختبارات التى تخضع لها الشاحنات داخل حلبة الاختبار المنشأة خصيصاً داخل المصنع لهذا الغرض، وتتضمن اختبارات السرعة والتعليق فى تضاريس متنوعة، بالإضافة إلى قيادة الشاحنات بسرعات تصل فى بعض الأحيان إلى 120 كلم، وغيرها من الاختبارات التى تضمن الكفاءة العالية للشاحنة ومن كل الجوانب.

37 ألف شاحنة سنوياً

وينتج مصنع دايملر نحو 37 ألف شاحنة بنز سنوياً تبلغ سعة حمولتها قرابة 49 طناً، يتم طرحها فى الأسواق الخليجية، حيث تعتبر الشركة العامة للسيارات الوكيل الحصرى لشاحنات ميتسوبيشى فوسو فى سلطنة عمان، ويمكن لدايملر أن ترفع من سقف إنتاجها من المركبات إلى 72 ألف وحدة سنوياً لتعمل بكامل طاقتها.

من دايملر إلى فوسو

"دايملر الهند" سوف تتحول مستقبلاً إلى اسم "فوسو".. وكما هو معروف فإن فوسو أحد أشهر أنواع الشاحنات التى تعتمد على التكنولوجيا اليابانية، لكنها الوقت الحالى تنتج مركبات بتكنولوجيا متعددة، منها التكنولوجيا اليابانية كما هو الحال فى مركبات فوسو، وأخرى وفق التكنولوجيا الألمانية كما فى شاحنات مرسيدس بنز وبهارات بنز.

3 آلاف عامل داخل المصنع من سكان المدينة

يعمل فى مصنع دايملر قرابة 3 آلاف عامل معظمهم من سكان مدينة تشيناى، وتوفر الشركة التدريب والتأهيل لهم على أعلى المستويات، ينتج المصنع طرازات مختلفة من شاحنات فوسو ابتداء من 9 أطنان إلى 49 طنا، كما يقوم باعتماد إستراتيجية "Just in time" والتى تهدف إلى عدم تكديس مخزون المواد اللازمة فى التصنيع فى المصنع، بل يقوم المزودون بإيصالها فى وقت تركيبها لكى لا يهدر المصنع طاقات إضافية فى عمليات التخزين والصيانة، ويقوم المصنع باستخدام سلسلة موردين محليين يصل عددهم لـ400 مورد من المنطقة، وهو ما نسبته 90% من احتياجات المصنع.

3 علامات

ومن مصنعها بمدينة تشيناى تنتج "دايملر للمركبات التجارية" المعروفة اختصارا بـ"دى آى سى فى" (DICV) وترمز هذه الحروف إلى "دايملر إنديان كوميرشال فيكالز" الشركة التابعة بنسبة 100% لشركة دايملر "إيه جى" AG الألمانية، حاليا مجموعة من المركبات التجارية تتمثل فى الشاحنات المتنوعة الأحجام من 9 إلى 49 طنا للسوق الهندية، مع إنتاج شاحنات تحمل علامة "بهارات بنز" BharatBenz مخصصة للسوق الهندية وتستحوذ على ما يقرب من 10% من الحصة السوقية، بالإضافة أيضا إلى إنتاج شاحنات "فوسو" للتصدير إلى الأسواق فى جنوب شرق آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية، وهى التى يصل بعض طرازاتها إلى السوق العمانية والأسواق الخليجية.

وتقوم "دايملر للمركبات التجارية"، كذلك بإنتاج تشكيلة من الحافلات التى تحمل علامة "مرسيدس" و"بهارات بنز" للسوق الهندية، وتقوم بتصدير هياكل الحافلات لأسواق عديدة.

شركة دايملر والشرق الأوسط

ويتيح تأسيس شركة "دايملر للمركبات التجارية فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا" مجالاً أكبر للتركيز على الخصائص المعيّنة التى تتسم بها أعمال المركبات التجارية، كما يُعزز من الروابط الوثيقة والتواصل القريب مع الزبائن والأسواق ضمن المنطقة، ويشكّل مكتب "دايملر للمركبات التجارية فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا"، أول مركز من بين 6 مراكز إقليمية تعتزم "دايملر" افتتاحها حول العالم لإدارة أعمال المركبات التجارية، حيث إنها تعتزم اتخاذ خطوات مماثلة خلال الأشهر القليلة المقبلة فى كل من إفريقيا الوسطى، ومنطقة جنوب إفريقيا، وجنوب آسيا، وجنوبى شرق آسيا، وأميركا اللاتينية، وإلى الآن كانت "دايملر" تدير هذه الأسواق بصورة رئيسية من المقر الرئيسى للمجموعة فى شتوتجارت.

وسيؤدى المزيد من اللامركزية إلى جعل الأعمال أكثر تناغماً مع الأسواق، حيث السنوات العديدة من الخبرة فى مجال المنتجات والخدمات ذات الصلة تؤتى ثمارها فى هذا الجانب، تماماً على غرار المحفظة الواسعة من المنتجات التى توفرها العلامات المتنوعة للمركبات التجارية تحت مظلة المجموعة.

ويقدم المركز الإقليمى لشركة "دايملر للمركبات التجارية فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا" شاحنات مرسيدس - بنز، ومركبات "فوسو" FUSO، وحافلات مرسيدس - بنز، وباصات مرسيدس - بنز وسترا.

وتعتبر الشرق الأوسط وشمال إفريقيا منطقة واعدة للنمو بالنسبة إلى المركبات التجارية لشركة "دايملر"، ويتوقع الخبراء هذه السنة حركة اقتصادية أضعف إلى حد ما، ونمواً اقتصادياً بنحو 2.5% فقط بوجه عام، إلا أنه فى الفترة ما بين 2016 و2019، سيتصاعد متوسط التوسع فى المنطقة إلى أكثر من 4% بمعدل سنوى.

المصنع يصدر لمصر و16 دولة عربية

وسيكون المركز الإقليمى مسئولاً عن إدارة المبيعات فى الأسواق التالية فى مصر و16 دولة عربية أخرى كسلطنة عمان، والجزائر، والبحرين، والعراق، والأردن، والكويت، ولبنان، وليبيا، والمغرب، وقطر، والسعودية، وسوريا، وتونس، والإمارات، اليمن، بالإضافة لأفغانستان وإيران وباكستان.

ديترويت الهند

تقع مدينة "تشيناى" عاصمة ولاية تاميل نادو الهندية، على ساحل كورومانديل قبالة خليج البنغال، وهى أكبر مركز صناعية وتجارية فى جنوب الهند، وبها مركزا ثقافيا واقتصاديا وتعليميا واسع النطاق، وتعرف تشيناى باسم "ديترويت الهند" لشهرتها بصناعة السيارات، وهى سادس أكبر مدينة وتحتل المركز الرابع من حيث عدد السكان الحضرية فى البلاد و المركز الـ36 للمناطق الحضرية فى العالم ، مما صنفت مدينة تشيناى كرابع أكبر اقتصاد فى الهند، وثالث أعلى ناتج محلى إجمالى للفرد الواحد فى الهند، وتتميز المدينة بالمناخ الاستوائى، حيث تقع على خط الاستواء الحرارى وأيضا على الساحل، وتسقط الأمطار الموسمية على المدينة بسبب الرياح الموسمية، ما انعكس على زيادة المساحات الخضراء التى ترسم ملامح تشيناى.

وبخلاف امتلاك "تشيناى" قاعدة صناعية واسعة فى السيارات، إلا أن الكثير من الصناعات الأخرى مزدهرة بها مثل صناعة الحاسب الآلى، والصناعات التقنية، وتصنيع الأجهزة وقطاعات الرعاية الصحية، وتعد تشيناى هى ثانى أكبر مصدر للهند فى تقنية المعلومات.

ونتيجة لوجود جزء كبير من صناعة السيارات فى الهند فى المدينة وما حولها اكسبها لقب "ديترويت الهند"، كما هو معروف عنها بأنها عاصمة الثقافة فى جنوب الهند، وهى المدينة الأكثر زيارة فى الهند من قبل السياح الدوليين، وتخدم المدينة أيضا موقع مدراس للأوراق المالية.

ويعود تاريخ التصنيع فى المدينة إلى القرن الـ16، عندما تم فتح مصانع النسيج وإنتاج السلع المصنعة التى تم تصديرها إلى بريطانيا خلال حربها مع فرنسا، وفقا لمجلة فوربس، فتشيناى هى واحدة من أسرع المدن نموا فى العالم، فهى تحتل المرتبة 4 فى استضافة أكبر عدد ممكن من شركات فورتشن 500 من الهند، بجانب مومباى ودلهى وكلكتا، كما أنها موطن لـ24 شركة هندية.

وتعد تشيناى قاعدة لنحو 30% من صناعة السيارات فى الهند و40% من صناعة مكونات السيارات، وهناك عدد كبير من شركات السيارات بما فى ذلك شركة "دايملر"، و"فورد"، وإطارات "أبولو"، و"نيسان موتورز"، و"كوماتسو"، وميتسوبيشى، وغيرها من علامات كبرى، بالإضافة لمصنع للمركبات الثقيلة مخصص لإنتاج المركبات العسكرية ومصنع إنتاج عربات السكك الحديدية والمعدات الدارجة الأخرى للسكك الحديدية الهندية.

وبالرغم من التفاوت الطبقى الواضح بين سكان تشيناى، تم وضع المدينة فى المركز السادس بين المدن الهندية التى تعد موطنا للثراء الفاحش فى الهند، وتعتبر المدينة هى ثالث أكبر سوق فى الهند للسيارات الفاخرة.

مركز إقليمى

وفى خطوة توسعية افتتحت "دايملر للمركبات التجارية" مؤخرا أول مركز إقليمى لها للمركبات التجارية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فى دبى بدولة الإمارات العربية المتحدة، وستقدم شركة "دايملر للمركبات التجارية الشرق الأوسط وشمال وإفريقيا" الدعم لـ19 بلداً - من المغرب وإلى باكستان - وذلك من مكتبها الإقليمى فى دبى، وستكون الشركة الجديدة مسئولة عن كل أعمال المركبات التجارية للمجموعة فى المنطقة - بدءاً من حافلات مرسيدس- بنز "سيتان سيتي"، ووصولاً إلى الشاحنة الثقيلة مرسيدس- بنز "أكتروس"، بالإضافة لشاحنات "فوسو" كما ستتم إدارة الأعمال المتنامية من جديد للمركبات التجارية فى إيران خلال الفترة المقبلة من دبى أيضاً.

تاريخ فورسو

يمتد تاريخ فوسو للمركبات التجارية لـ80 سنة حيث استطاعت العلامة التجارية أن تأسس لنفسها مكانة أصبحت بموجبها الخيار الأول لمشغلى المركبات التجارية فى جميع أنحاء العالم، وعلى المستوى المحلى ارتبطت الشركة العامة للسيارات، التى تعد إحدى شركات مجموعة الزبير للسيارات، مع ميتسوبيشى فوسو للشاحنات والحافلات منذ العام 1973، ومنذ ذلك الحين أصبحت الوكيل الرسمى للعلامة التجارية فى السلطنة، وقد أكملت الشركة 42 عاماً من الشراكة بحلول العام 2015 مع العلامتين التجاريتين الأمر الذى يعد شاهدا تاريخياً على العلاقة المتينة بين المجموعة وعملاقة السيارات اليابانية.

من جانبه قال موراليد هاران، مدير المبيعات لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فى شركة ميتسوبيشى فوسو للشاحنات والحافلات: "تعد ميتسوبيشى فوسو اليوم، فى كل من اليابان، وجنوب شرق آسيا، والشرق الأوسط وحول العالم، الاسم الرديف للمنتجات والخدمات المتميزة والقيمة الاقتصادية فضلاً عن الالتزام بالحفاظ على نجاح العملاء، وفى سلطنة عمان استطاعت فوسو أن تكون اللاعب الأساسى فى مجال المركبات التجارية مع مجموعة واسعة من الشاحنات الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، ومع توفيرها للمركبات التى تتناسب مع كل الاحتياجات أصبحت ميتسوبيشى فوسو انعكاساً للجودة والاعتمادية".