ويقول المؤلف إن الجسد الأنثوى كان الأكثر حضورا ودلالة فى لوحات المستشرقين وخصوصا من الذين شكلت لهم "ألف ليلة وليلة" مرجعية وجدانية ألهبت خيالهم عن الشرق ونسائه، حيث استمرؤوا "التلاعب بصورة الحياة الشرقية" على نحو يتسم بكثير من المبالغة.
اعتبر الكاتب المصرى ممدوح الشيخ فى كتابه "الاستشراق الجنسى" أن بعض المفكرين والرحالة فى كتاباتهم عن الشرق، الذى كان مجهولا لشعوبهم آنذاك، صوروا المرأة الشرقية كائنا "يقدم المتعة" وإن الغرب كان يحتاج إلى هذا التكريس لتبرير احتلاله للشرق الذى تم تصويره على أنه "المؤنث الأبدى" والأدنى تحضرا.
ويضيف أن الفرنسيين "عملوا على بذل أقصى مجهوداتهم ضد ارتداء الحجاب بوصفه رمزا للمرأة الجزائرية" طوال احتلالهم للجزائر الذى بدأ فى 1830.
يرى الكاتب المصرى ممدوح الشيخ، أن فرنسا تمثل نموذجا لما يطلق عليه "التمثيل الجنسى للاستعمار"، منذ نشط مفكروها وفنانوها التشكيليون فى التركيز على ما يلوح فى الخيال الأوروبى عن الشرق فى القرن التاسع عشر، وتحديدا جسد المرأة الشرقية والعربية.
ويضيف أن مشاعر الأوروبيين إزاء المرأة الشرقية كانت متذبذبة بين الشفقة والرغبة، فهى مضطهدة ومقهورة أو متهتكة تستلقى عارية فى تراخ وكسل.
ويقول إنه مع بزوغ عصر التنوير فى أوروبا "جاء العرى كاسحا.. أصبح هناك غابة من الأجساد العارية المرسومة أو المحفورة.. أصبح الجسد - ذو الشكل المتعارف عليه بأنه النموذج الكامل - الرمز الأعلى للإيمان الأوروبى."
ومن هذا التأثير الكبير للجنس فى تاريخ الاستشراق ظهر مصطلح: "الاستشراق الجنسى"، وهو تعبير مُحدَث يفتح الباب أمام عوالم من الأفكار والأسئلة والخبرات التى تمتد لقرون فى تاريخ الاستشراق.
فى الفصل الأول: "من الاسشراق إلى الاستشراق الجنسى" يتناول المؤلف ظاهرة الاستشراق وحدود المصطلح المثير للجدل، فى اللغة والتاريخ.
ويتناول فى الفصل الثانى: "الرومانسية والاستشراق الجنسى" المدرسة الرومانسية فى الفكر والفن التشكيلى وصلتها بظهور ما يسمى: "الفن الاستشراقى"، حيث البحث فى أسس الظاهرة لا يمكن أن يتم إلا من خلال البحث عن أطر الاستشراق السياسى/ الاقتصادى وجذوره، إذ يشكل المنطلق الأساسى للعلاقة بين الشرق والغرب تاريخياً.
وقد كان "الجسد الأنثوى" المكون الأكثر حضوراً ودلالة فى رسومات المستشرقين. وإذا أخذنا المكتبة البريطانية نموذجاً، فمن الصعب أن نورد هنا الكم الهائل من الدراسات النقدية والتاريخية معظمها بالإنجليزية التى تناولت صورة "الحريم الإسلامى" فى الوعى الغربى الاستشراقى وبخاصة فى الفترة العثمانية.
الفصل الثالث: "الاستشراق الجنسى" يتناول فيه المؤلف بلوغ التأثير الشرقى مداه بعد سقوط القسطنطينية 1453م، وحالة الولع بما هو "تركي" فى باريس، وكيف شكلت الكتابات والأحكام والأوصاف والمفاهيم التى كونها الرحالة الأوروبيون القاصدون الأصقاع العربية الإسلامية كثيراً من الرؤية الغربية عن الشرق العربى.
كما أنهم راحوا يبرزون التصويرات الغرائبية كالتصويرات التى تمثل السحرة والمشعوذين والمتصوفة والدراويش.
فى الفصل الرابع: "الاستشراق الجنسى والنقاب" يرصد المؤلف صلة الظاهرة بأجواء الحرب على الزى الإسلامى (الحجاب والنقاب) فى أوروبا. فوراء الرفض الواضح للحجاب والنقاب أبعاد ثقافية واعية فى الفكر الأوروبى تدفع باتجاه الرغبة فى "استئصال" الزى الإسلامى كونه علامة على ما يعتبرونه قهراً للجسد الأنثوى.
فى الفصل الخامس: "فرنسا نموذجاً للتمثيل الجنسى للاستعمار" يستعيد المؤلف ما كتبه الطبيب المناضل فرانز فانون – ابن جزر الأنتيل – فى كتابه "سوسيولوجيا ثورة"، تحت عنوان: "الجزائر تلقى الحجاب" من تحليل لهذه العلاقة، عبر تجربة الاحتلال الفرنسى للجزائر الذى يمثل المواجهة الأكثر عنفاً بين فرنسا والإسلام.
موضوعات متعلقة..
- كتاب "الحجاب وغشاء البكارة" يزعم: الثورة الجنسيَّة وحدها تجعل حريَّة المرأة ممكنة.. ومنى الطحاوى تجدد دعوتها فى حوار مع فرانس 24 وتؤكد: الرجال العرب يكرهون النساء
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة