أين رؤساء الأحياء؟ السؤال الأكثر ترددًا على ألسنة أهالى مناطق متفرقة داخل الوراق وإمبابة مثل المنيرة والبصراوى وعزيز عزت وشارعى المسابك والمعهد الدينى والقومية وأسفل الدائرى بـ"محافظة الجيزة "، وهى مناطق جميعها تعانى من تردى الأوضاع فى شبكة الصرف الصحى، خصوصا مع وجود تحذيرات من شتاء غير معتاد بالنسبة للمصريين سواء فى حال هطول أمطار أو السيول مما يعنى ازدياد الأوضاع سوءًا.
ولعل ما حدث فى محافظة الإسكندرية خلال الأيام الماضية بعد أن لقى 7 أشخاص من بينهم طفلان وسيدة مصرعهم صعقا بالكهرباء فور تساقط الأمطار على ترام الإسكندرية، خير مثال على الكوارث المتوقع حدوثها فى الأماكن التى تعانى من تردى الأوضاع .
جولة ميدانية لـ "اليوم السابع" فى مناطق متفرقة كشفت عن حاجة المحافظين لإعادة النظر فى طريقة تعاملهم هم ورؤساء الأحياء مع شكاوى المواطنين خصوصا فى أزمات يُمكن تداركها قبل فوات الأوان.
"الأرض بتبقى غرقانة مجارى ومحدش بيسأل فينا" هكذا بدأ أحد أهالى منقطة أرض عزيز عزت، معبرًا عن معاناته مع شبكة الصرف الصحى التى تغرق الشوارع وتُعيق حركة السير خصوصا أن المشهد يتكرر كل ثلاثة أيام تقريبا دون بحث عن حل للأزمة، مضيفًا أن المعاناة الحقيقة هى مع موظفى الأحياء الذين يرفضون الاستجابة إلى النداءات والاستغاثات المتكررة التى يقوم بها الأهالى لنجدتهم والعمل على تطهير الشوارع من هذه المياه الملوثة أيضًا التى تصيب الأهالى بالأمراض المختلفة.
لم تقتصر المعاناة على هذه الحالة فقط إنما امتدت لجميع الأحياء والمناطق التى قمنا بزيارتها، وهو ما تم رصده فى شارع جلال موسى بمنطقة البصرواى من خلال أقدم سكانه جلال موسى الذى أٌطلق اسمه على الشارع.. قائلا:"أنا بدفع 70 جنيها من أجل "تسليك البلاعة" كل 10 أيام وفى ناس فى الشارع بترضى تدفع وناس تانية لأ.. المياه ساعات بتوصل لمدخل البيوت ومش بنعرف نمشى فى الشارع"، أزمة عم جلال و أهل الشارع مع "بلاعة الصرف الصحى" قد يراها البعض بأنها بسيطة ولكنها فى الوقت نفسه تكشف غياب رؤساء الأحياء حتى عن أبسط المشكلات التى يمكن تداركها و لا تحتاج إلى ميزانيات ضخمة لحلها.
هذا إلى جانب انتشار بلاعات الصرف المكشوفة كمصائد للموت خاصة أن الشارع به العشرات من الأطفال وكادت أن تبتلع أحد السكان وهو ما يرويه عم ماهر، بقوله "على طول خايفين على الأطفال يقعوا فى البلاعات المكشوفة ومحدش عاوز يصلحها.. والمصيبة كانت هتحصل لمّا فى رجل عجوز عنده سبعين سنة وقع فى البلاعة فى وقت صلاة الفجر لكن شاب ابن حلال لحقه قبل ما يغرق خالص".
"مفييش عندنا حد دلوقتى يشتغل.. هانجلكم بعد كام يوم" هى الإجابة التى تلقاها أهالى منطقة البصراوى هناك بخصوص الاستغاثة التى قاموا بتوجيهها إلى شركة الصرف الصحى أو المسئولين فى حى إمبابة على مدار عشرة أيام لإنقاذهم من مياه الصرف التى تجتاح شوارعهم، وذلك بحسب العديد من الأهالى هناك منهم أحد الشباب يُدعى محمد الذى قال مع استمرار المعاناة الخاصة بمياه الصرف الصحى والرائحة الكريهة المصاحبة لها توجه عدد من الأهالى لشركة الصرف الصحى فى إمبابة لطلب إزالة هذه المياه المتواجدة فى الشوارع منذ أكثر من خمسة أيام ولكن ما وجدناه استهانة شديدة بمطلبنا وعدم الرغبة فى التحرك بدعوى "عدم وجود عمال"، مشددين على ضرورة الانصراف والعودة بعد ثلاثة أيام أو التواصل مع الهيئة عبر الهاتف، وعلى الرغم تلك الإرشادات إلا أن الأمر لم يتغير إلا بعد تحضير "إكرامية أو ترضية" بحسب تعبير الأهالى.
أزمة اخرى يعانيها أهلى الحى وهى عدم تجاوب موظفى الشركة المسؤولة عن تنظيف الشوارع والتخلص من مياه الصرف الصحى إلا بعد قيام أهالى الحى بتدبير أموال لهم بطريقة غير رسمية حتى يتخلصوا بأنفسهم من مياه الصرف، وهو ما عبر عنه بقوله:" الشركة بيشترط علينا ندفع فلوس من 50 إلى 70 جنيه قبل البدء فى العمل".
"حيوانات نافقة وتلال من القمامة وشارع يغرق فى مياه الصرف الصحى" هو المشهد الذى تم رصده أسفل الدائرة فى كوبرى الدائرى بالقرب من شارع المسابك بإمبابة الذى يعبره مئات المارة يوميا أثناء سيرهم، وقال خليل السيد سائق توك توك وأحد أهالى هذه المنطقة: منذ عدة أعوام وخلال هذه الفترة لم يتغير الحال عند أسفل الكوبرى الذى أصبح بؤرة للأمراض بسبب تلال القمامة إلى جانب غرق محيطه بمياه " المجارى " بشكل دائم.
وتابع " وعلى الرغم من الشكاوى المستمرة إلى المسئولين فى الحى بسرعة العمل على تطهيره باعتبار أن من يسكن حوله من البشر وليسوا حيوانات إلا أن شكاوينا وصرخاتنا لم تصلهم واستمر الحال كما هو عليه، وهو ما عبر عنه بقوله: "المحافظ بتاع الجيزة مش بيشتغل وإحنا عندنا مشاكل كتير فى المحافظة ومفروض يخاف عشان ممكن يمشى زى محافظ الإسكندرية اللى قدم استقالته عشان اللى حصل هناك".
شارع المعهد الدينى وما حوله فى منطقة الوراق كان المحطة الجديدة فى الجولة الميدانية، الذى يُعانى دائما من أزمات فى شبكة الصرف الصحى خصوصا فى الشوارع الجانبية، ومنها شارع مدرسة الهدى المتفرع من التل بمنطقة الوراق، الذى عبّر شعبان عبد الرحمن - يعمل تاجرا للسلع الغذائية وأحد سكان المنطقة - عن معاناته مع الصرف الصحى قائلا:"ياريت المجارى إلى أنت شايفها دلوقت تفضل كدة بس والله.. ده كان نفسى تشوف الدنيا غرقانة هنا إحنا أحيانا بنقفل المحلات ورزقنا بيتقطع عشان مفيش حد بيعرف يعدى من الطريق والمياه بتدخل البيوت كمان وبتوصل لارتفاع كبير والريحة كمان بتبقى صعبة خصوصا إن فيه أطفال صغيرين بنبقى خايفين عليهم من الأمراض أو يقعوا فى البلاعات".
وفى نفس المنطقة فى الطريق الموازى للكوبرى الدائرى تقبع ورشة ميكانيكا سيارات مملوكة للأسطى رؤوف وابنه رومانى الذى تأخذ معاناتهم مع الصرف الصحى مسارا جديدا يرويه رومانى قائلا:" الصرف لما بيضرب ساعات بضطر إنى أنام فيه عشان أخلص عربيات الزباين.. طيب هعمل إيه إحنا اتكلمنا كتير قوى فى الموضوع ده ومحدش بيجى أنا رحت للحى ومحدش برضه بيرد علينا.. ورحنا للمهندس المسئول برضه مكنش فيه استجابة طيب نعمل إيه.. بنجيب ناس على حسابنا تسلك البلاعات ونقعد نردم".
على مسافة لا تتعدى المتر من الورشة يوجد أيضا مصنع للاستانلس، الذى أكد أحد العاملين به، أنه كان معرضا لكارثة بسبب الصرف الصحى، موضحا:"البوابة كانت متكهربة بسبب مياه الصرف كلمنا النجدة والمحافظة والحى محدش جاوبنا.. وربنا سترها لما عرفنا نتصرف فى الآخر.. لازم نشوف حل للصرف إلى كل شوية بيضرب فى المنطقة نكلم مين وخصوصا إن التلفزيون صور هنا كتير قبل كدة لكن مكنش فيه نتيجة.
"مفيش صرف صحى فى الشوارع لأننا شغالين كويس وكلام الأهالى عن تجاهل المسئولين لهم مما يضطرهم إلى التكفل بنفقات إزالة وتطهير الشوارع من مياه الصرف بأنفسهم كله كدب".. هكذا بدأ اللواء علاء الهراس نائب محافظ الجيزة فى رده على سؤال اليوم السابع حول جهود الأحياء أو المحافظة فى تخفيف معاناة الأهالى مع مشكلة الصرف الصحى مشددا على سرعة الاستجابة إلى شكاوى المواطنين والعمل على حلها وفى القلب منها مشكلة الصرف الصحى التى يوليها اهتماما خاصا.
وأوضح الهراس أن تلك الأزمة ترجع بالأساس إلى سلوك المواطنين أنفسهم الذين يقومون بإلقاء عدد من الأشواك والأطباق داخل البلاعات مما يعمل على سدها وهو ما يظهر عند القيام بتطهير هذه البلاعات وذلك بحسب تأكيده.
وحول شكوى أهالى الوراق وبالتحديد عند مصنع الاستانلس أسفل الدائرى من تعرضهم لخطر الصعق بالكهرباء نتيجة وصول مياه الصرف الصحى إلى أحد " كوفريه الكهرباء الخاص بالشارع " وهو ما أدى إلى كهربة الأرض وباب المصنع بالكامل قال: " طب فيه حد مات ولا لسة " وتابع " لو كان فيه كهرباء كنا على اأضقل عرفنا لأن أكيد كان فيه حد يموت " وذلك بحسب تعبيره مختتما حديثه " هات أسماء الشوارع دى وهانبقى نشوف مشكلتها".
من جانبه قال رئيس حى الوراق فى اتصال هاتفى مع الجريدة بعد دقائق من مكالمة نائب المحافظ "أنا معنديش مشكلة فى الوراق لأن رجالتى موجودة فى الشارع 24 ساعة وياريت تروحوا الوراق تسألوا الأهالى إحنا بنعمل إيه علشانهم " ، مؤكدا أن الحى دائم القيام بأعمال النظافة وتطهير الشوارع من مياه الصرف الصحى على الرغم من انفجارها فى بعض الشوارع لفترات متقاربة وبالتحديد فى شارع المعهد الدينى وما حوله، رافضا ما أكده الأهالى من أن تلك الأعمال من إزاحة مياه الصرف تتم على نفقتهم الخاصة قبل أن يطلب من معاونيه عبر اللاسلكى تصوير تلك الشوارع وهى نظيفة وذلك بحسب قوله.
بالصور.. رؤساء الأحياء غائبون عن الوراق وإمبابة.. بلاعات مكشوفة وشوارع تغرق فى الصرف.. ومواطنون يتعرضون للصعق.. رومانى: بنام فى المجارى عشان أكل عيشى.. ونائب المحافظ: الملاعق سبب الغرق فى مياه الصرف
الخميس، 29 أكتوبر 2015 06:42 م
شارع يغرق فى مياه الصرف الصحى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة