ياسر سلطان يكتب:نداء من فنانى الإسكندرية..أغيثونا من ورثة الخواجة أتيليه

الخميس، 22 أكتوبر 2015 11:46 ص
ياسر سلطان يكتب:نداء من فنانى الإسكندرية..أغيثونا من ورثة الخواجة أتيليه ياسر سلطان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تخيل مشهد الفنانين والكتاب من أعضاء أتيليه الإسكندرية وهم فى شبه مطاردة يومية وحالة من الكر والفر أمام مجموعة من البلطجية، فأصحاب الريشة والقلم فى مواجهة مباشرة ويومية مع أصحاب المطواة والسنجة، ماذا يفعل هؤلاء؟! وكيف يدافعون عن أنفسهم أمام تلك الأساليب الإجرامية، هل يلجأون إلى نفس الأساليب التى يستعملها البلطجية، فيتسلحون هم أيضاً بالمطاوى والسنج، وما شابهها من إضافات وتحابيش أخرى من سباب وشتائم سوقية وتطاول بالأيدى؟، هم لن يفعلوا ذلك بالطبع، بل سيواجهون الأمر بما لديهم من أساليب يعرفونها، سيواجهونه بالغناء والرسم وتنظيم النشاطات الفنية، ولكن هل سيستطيعون الصمود طويلاً بهذه الأدوات التى لا يملكون غيرها فى مواجهة خصم يسخر ويستهين بمثل هذه الطرق والأساليب الحضارية؟.

هى مواجهة لا تخلو حتماً من الرمزية والإسقاطات الدالة ذات الطعم الموجع، يستطيع أى كاتب سيناريو أن يصنع منها بناء درامياً على درجة من النجاح، قد يوازى دراما مسلسل "الراية البيضا" للراحل أسامة أنور عكاشة، فالقصة بتفاصيلها تتحقق على أرض الواقع فى صورة أكثر مرارة، فمنذ أن قرر ورثة المبنى الاستيلاء على جزء من المكان وهم لا يكفون عن اختلاق أسباب المواجهة، مدعومين بروايات وهمية وأوراق ملفقة، بل وقصص طريفة أيضاً يرويها محاموهم عن تاريخ الأتيليه، من بين هذه القصص الطريفة على سبيل المثال ما يدّعيه محامو الورثة، حسب رواية الفنان حازم المستكاوى، "أن جمعية الفنانين والكتاب قد اغتصبت المكان فى الأصل من الخواجة "أتيليه"!!.. ." هم يتعاملون إذاً مع كيان لا يعرفون تاريخه بمزيج من الفهلوة والعبث، فيختلط الجد بالهزل، ليصنع تركيبة درامية لا تفتقر إلى الفكاهة والكوميديا، هى كوميديا سوداء بالطبع، وتركيبة درامية بطعم "المرار الطافح" على رأى أحمد مكى فى مسلسل الكبير.
الفنانون والكتاب من أعضاء الأتيليه قرروا خوض المعركة بطريقتهم الخاصة، بتدشين عدد من الفعاليات والأنشطة الثقافية اليومية، والتواجد بشكل مستمر فى المكان لدرء أى هجوم محتمل، ولكن ما دور الدولة والمؤسسات ذات الصلة فى هذه الدراما السوداء؟. نقابة التشكيليين أعلنت فى بيان إدانة استنكارها الشديد لما حدث، وأهابت بالأجهزة المسئولة التحرك لإنقاذ المبنى واصفة ما حدث بـ "الجور على الثقافة والمثقفين"، أما قطاع الفنون التشكيلية فقد لاذ بالصمت، إذ لم يبد أى رد فعل حتى الآن، رغم مخاطبة أعضاء الأتيليه له. واكتفى وزير الثقافة بمخاطبة محافظ الإسكندرية للوقوف على حقيقة الأمر، فتفضل المحافظ يصحبه مأمور القسم ومعهم قوة من الشرطة بزيارة المكان، وأبدى الرجل تضامنه مع أعضاء الجمعية، وأصدر تعليماته بتمكين أعضاء الأتيليه من كامل المكان بملحقاته.

لكن بعد انصراف المحافظ ومأمور القسم مباشرة بدأت وصلة تحرش جديدة بالمبنى من قبل البلطجية المدعومين بالكلاب المدربة، حتى استطاعوا فى النهاية اقتحام الأتيليه من الباب الخلفى، وبعد مناوشات وبلاغات تم إجلاؤهم من المكان بمساعدة الشرطة، وهكذا أصبح الأمر متروكاً للقدرة على فرض النفوذ والسيطرة على المكان، الورثة من جانبهم لا يكفون عن التحرش واستفزاز أعضاء الأتيليه فى شكل يومى، والأعضاء يتناوبون التواجد فى المكان تحسباً لاقتحامه والاستلاء عليه، ليترك الأمر بعدها تحت رحمة الجملة القانونية الشهيرة "يبقى الحال على ما هو عليه" حتى يتم البت فى الوضع القانونى.

والخوف أننا إذا استغرقنا طويلاً فى الخوض داخل هذه التفاصيل الملتبسة للتكييف القانونى لمبنى الأتيليه فقد نفاجأ بفقدان أتيليه الإسكندريه وضياع التاريخ العريق لهذا المكان الذى مثل مساحة مضيئة للثقافة والفن فى عروس البحر الأبيض المتوسط عبر عقود طويلة تمتد لبداية القرن الماضى، كان هذا المبنى خلالها شاهداً على الحراك الثقافى فى المدينة، وبؤرة ثقافية ارتادها العديد من رموز الفن والثقافة فى مصر، والنداء هنا موجه إلى كل مواطن أو مسئول مؤمن بدور الثقافة والفن: "أنقذوا أتيليه الإسكندرية من التدمير"، فلا يصح التعامل مع مكان بمثل هذه القيمة كأى عقار أو مبنى يخضع للتعريف القانونى للعقارات أو البنايات الأخرى، فأتيليه الإسكندرية يحمل رمزية خاصة لمثقفى الإسكندرية وللمثقفين والفنانين فى مصر عموماً، وتدخل الدولة هنا ليس به افتئاتاً أو تعدياً على القانون، لكنه يأتى من منطلق واجبها والتزامها بالحفاظ على تراثها الحضارى والثقافى، حسب المادة 50 من الدستور المصرى، وهى مادة أصيلة فى الدستور، جرمت الاعتداء على الرصيد الثقافى المعاصر، المعمارى والأدبى والفنى بمختلف تنوعاته، إن أتيليه الاسكندرية هو جزء من هذا الرصيد، والاعتداء عليه هو اعتداء على التراث الثقافى والفنى والمعمارى للمصريين، والسماح بإرهاب أعضائه من الفنانين بهذه الطريقة الهمجية هو إجرام فى حق المثقفين والفنانين جميعاً.

القبح هنا فى صراع مع الجمال، وعلينا أن ننقذ أتيليه الإسكندرية قبل أن يتحول- فى مفارقة ستحمل دلالتها القاسية- إلى كتلة خرسانية مشوهة، كغيرها من الكتل الخرسانية التى حولت فضاء مدننا الرحب إلى مستعمرات من القبح والتشوه.


موضوعات متعلقة..


فنانو الإسماعيلية يشاركون بالصالون الدولى للبريد فى أتيليه الإسكندرية





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة