الشتاء على الأبواب.. واللاجئون بألمانيا ينتظرون كارثة إنسانية.. 42 ألف لاجئ يعيشون فى خيام دون وسائل تدفئة تحت درجات حرارة تقترب من "التجمد".. مخاوف من انتشار الأمراض.. وبرلين تبحث عن بيوت لإيوائهم

الإثنين، 19 أكتوبر 2015 09:01 م
الشتاء على الأبواب.. واللاجئون بألمانيا ينتظرون كارثة إنسانية.. 42 ألف لاجئ يعيشون فى خيام دون وسائل تدفئة تحت درجات حرارة تقترب من "التجمد".. مخاوف من انتشار الأمراض.. وبرلين تبحث عن بيوت لإيوائهم اللاجئون السوريون فى أوروبا
كتب أحمد علوى ـ رويترز

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى مخيم فسيح بمدينة سيل الألمانية يجلس لاجئون يرتدون كنزات ثقيلة حول مدفأة وهم يدخنون السجائر، بينما تصل إلى أسماعهم نقرات المطر المتساقط على الخيمة البيضاء المكدسة بأشيائهم، والتى أصبحت بيتا لهم، والبعض منهم أصابه المرض وبدأ يخشى سقوط الثلوج.

قال مزارع سورى يدعى طاهر (25 عاما) "الطقس بارد جدا لا أستطيع حتى مغادرة الخيمة." ثم اعتدل طاهر فى جلسته على سريره الذى تتدلى حوله قطع من الغسيل المبتل من أعمدة الخيمة ليمد يده إلى علبة دواء للسعال.

ومع اقتراب فصل الشتاء تبذل السلطات جهودا حثيثة لإيجاد أماكن إقامة بها وسائل تدفئة لإقامة الآلاف من اللاجئين المتدفقين على ألمانيا كل يوم، بل إنها لجأت إلى الصالات الرياضية وبيوت الشباب والمبانى الإدارية الفارغة.

42 ألف لاجئ يعيشون بالخيام


غير أنه مع نفاد هذه الخيارات أصبحت مدن الخيام الخطة البديلة وذلك رغم انخفاض درجات الحرارة، وأظهر تقرير لصحيفة دى فيلت الألمانية أن 42 ألف لاجئ على الأقل مازالوا يعيشون فى الخيام.

وبدأ تحدى العثور على المسكن الملائم يتحول إلى واحد من أكبر الاختبارات التى تواجه حكومة المستشارة أنجيلا ميركل التى تشبثت بشعارها "فير شافن داس" أى "بوسعنا أن نفعل ذلك" فى مواجهة شكوك متزايدة بين أفراد الشعب.

وفى مواجهة توقعات بقدوم عدد قياسى من المهاجرين للبلاد قد يتجاوز مليون فرد فى العام الحالى وحده فقد يكون فصل الشتاء حاسما فى تحديد رأى الألمان فيما إذا كان من الممكن احتواء الأزمة أم لا.

وقال مستشار طلب عدم الكشف عن اسمه "بكل تأكيد يمكننا إدارة هذه الأزمة. لكن يمكنك تصور أسوأ احتمال نشهد فيه أعمال شغب خلال الشتاء."

برد ومطر


ويسع المخيم الواقع على مشارف سيل ألف شخص، و"سيل" مدينة قديمة فى شمال ألمانيا نجت من الحرب العالمية الثانية دون أن يلحق بها أذى ويتباهى أهلها ببيوتها ذات الأطر الخشبية التى تبدو وكأنها تنتمى إلى عالم القصص الخيالية ويرجع تاريخ بناء بعضها إلى القرن السادس عشر.

وتضخ مدافئ تعمل بوقود الديزل الهواء الساخن فى الخيام بتكلفة تبلغ أربعة آلاف يورو يوميا، لكن اللاجئين الذين يتجول بعضهم بالشباشب يشكون من البرد.

وقالت شهد العبادى، طبيبة الأسنان العراقية التى تبلغ من العمر 26 عاما "المشكلة فى الشتاء أننى اضطر للخروج إلى المرحاض غالبا مرتين كل ليلة، وفى كثير من المرات يكون الجو باردا وممطرا."

وترتدى شهد معطفها وهى تتناول وجبة العشاء فى العنبر الواسع المستخدم كقاعة للطعام فى المخيم.

درجة الحرارة تقترب من التجمد


وخلال الأسبوع الأخير انخفضت درجات الحرارة لما يقرب من درجة التجمد، وقد بدأ سقوط الثلج بالفعل فى بعض أنحاء ألمانيا ويتوقع خبراء الأرصاد الجوية تكون الصقيع على الأرض فى بعض المناطق فى الأيام المقبلة.

ويقول مايكل لوكاس المتحدث باسم منظمة مالتيزر للمساعدات التى تدير المخيم إن الخيام لا تقى الناس برد الشتاء وخفيفة للغاية على الإقامة فيها بصفة دائمة، مضيفا أنه كان من المقرر إبدال الخيام بأكواخ لكن الموردين لم يسلموها رغم أن أمر التوريد صدر منذ أسابيع، مؤكدا: "نفدت الأكواخ فى كل مكان."

وقال بيرند ميسوفيتش نائب مدير جماعة "برو أسيل" التى تدعم حقوق اللاجئين إن مستوى وسائل الإقامة المعتادة التى تقدمها ألمانيا أغنى دول أوروبا قد انخفض.

وأضاف ميسوفيتش: "فى الصيف كانت السياسة الرسمية أن نقول إننا سنضمن خروج اللاجئين من الملاجئ المؤقتة وخصوصا الخيام وكذلك الصالات الرياضية قبل الشتاء لكن أصبح عليك الآن أن تقنع بوجود مكان من أى نوع للإقامة."

وفى ولاية هيسه تم نقل 380 لاجئا من مدينة للخيام يوم الخميس إلى أماكن إقامة ثابتة بعد أن قال مدير المخيم إنه لم يعد يستطيع تحمل مسؤولية نوم الناس فى الخيام فى الطقس البارد.

وقالت وسائل إعلام ألمانية إن نحو 100 لاجئ تظاهروا فى هامبورج يوم الثلاثاء الماضى للاحتجاج على النوم فى خيام ليس بها وسائل تدفئة وهم يحملون لافتات شكوا فيها من شعورهم بالبرد وطالبوا بإزالة الخيام.

وقال أولاف شولز رئيس بلدية هامبورج إنه رغم الجهود المبذولة لجعل الخيام تتحمل برد الشتاء وإيجاد بدائل فإن "الأولوية القصوى الآن هى تجنب التشرد."

برلين تبحث عن حل


وفى برلين تقول السلطات إنها ستتخلص من الخيام بمجرد فتح ثلاثة مراكز كبيرة جديدة للإيواء. كما تعتزم السلطات نقل لاجئين للإقامة فى مطار تمبلهوف الذى بنى فى عهد النازى وكان شريان حياة لبرلين الغربية خلال الحصار السوفيتى بعد الحرب العالمية.

وقال ميسوفيتش إنه فى كثير من الأقاليم مازال بعض من حصلوا على وضع اللاجئين يعيشون فى مبان مخصصة للوافدين الجدد بسبب عدم وجود وحدات إسكان اجتماعا، مضيفا أن تهيئة مبان مخصصة لأغراض أخرى قد يستغرق شهورا.

وقال هارالد لولاين رئيس قسم الهجرة فى منظمة جامعة للجمعيات الاهلية الألمانية إن التدفق السريع غير المتوقع للاجئين أرغم السلطات على الارتجال.

لكنه انتقد أيضا التأخر فى صرف مستحقات المنظمات التى تدير مراكز للاجئين وقال إن ذلك يردع الناس عن فتح مراكز جديدة.

خطر الشجار


وتشعر الجمعيات الخيرية بالقلق خشية أن يؤدى البرد والزحام إلى انتشار أمراض بين اللاجئين. وقال هربرت هيسلر الطبيب بالمركز الطبى لمدينة الخيام فى سيل إن ثلثى اللاجئين مصابون بالبرد.

وقال هيسلر إن إحدى المشاكل تتمثل فى أن الغسيل المنشور فى مختلف أنحاء المخيم لا يجف على النحو السليم فيمرض اللاجئون لارتداء ملابس مبللة.

وتحذر جماعات الإغاثة من تزايد خطر نشوب صراعات فى المخيمات بسبب الشتاء فى غياب ما يشغل اللاجئين.

وقال لولاين: "يمكنك الخروج والتنقل بعض الشىء إذا كان الجو دافئا لكن حياتك كلها تنحصر فى الداخل فى الشتاء وهذا يجعل العيش فى هذه المساكن المغلقة أكثر مدعاة للإصابة بالاكتئاب."

ويدرك بلال (30 عاما) الذى درس الاقتصاد هذه المشكلة جيدا إذ يقول إن المشاجرات التى يغذى بعضها شرب الخمور من الأحداث اليومية فى مخيم مدينة سيل.

يقول مالتيزر إن الدفعة الأولى من الأكواخ ستصل إلى سيل الأسبوع المقبل لكن ديرك أولريخ منده رئيس بلدية المدينة قال لرويترز إنه إذا تأخر تسليم الأكواخ من جديد فسيضطر اللاجئون على الأرجح للبقاء فى خيامهم.

وقال خلدون كريم (27 عاما) وهو طبيب أسنان قادم من العراق "الناس قالوا لى إننى ذاهب إلى الجنة وإن العمة ميركل ستجعل كل شيء على مايرام. وعندما شاهدت الخيمة دار فى خلدى أن العمة ميركل خبيثة."

مقدونيا تعلن دخول 10 آلاف لاجئ فى 24 ساعة فقط


وفى السياق نفسه، أعلنت الشرطة المقدونية صباح اليوم الاثنين، أن البلاد شهدت حالة غير مسبوقة من التدفق الغزير لللاجئين خلال الـ24 ساعة الماضية، حيث قالت إن أمس الأحد فقط دخل نحو 10 آلاف لاجئ إلى مقدونيا حتى الساعة الثامنة مساء.

وفقاً لصحيفة "لو فيجارو" الفرنسية، قد أكدت هيئة الصليب الأحمر المحلية باليونان وعدد من المنظمات غير الحكومية هذا العدد المهول، كما أعلنوا أيضاً قلقهم البالغ إيذاء هذه الأعداد، ومن ناحيتها أكدت الشرطة إن الحكومة والجهات المختصة ستتولى سريعاً إجراءات اللجوء وفحص طلباتهم.

توقف تدفق اللاجئين للمجر


ومن ناحية أخرى أعلنت الحكومة المجرية اليوم الاثنين ارتياحها إثر توقف تدفق المهاجرين على حدودها، والفضل فى ذلك يرجع إلى بنائها جداراً عازلا لسد الثغرات والتحكم فى حدودها، واوضح الصحيفة الفرنسية ذاتها، أن على الرغم من دخول 41 مهاجر أمس إلى المجر ولكن هذا العدد مُهما بالمقارنة مع الأوقات السابقة وغيرها من الدول التى تشهد تكدسات.

تكدس اللاجئين بين كرواتيا وسلوفينيا


كما تشهد المنطقة الحدودية الواقعة بين كرواتيا وسلوفينيا اليوم الاثنين حالة من التكدس الغزير للاجئين الفارين إلى أوروبا من الحروب والدمار فى بلدانهم، وقد بدأت أعداد من اللاجئين فى التوافد منذ مساء أمس الأحد محاولين الدخول إلى سلوفينيا، لكن السلطات قامت بمنعهم من الدخول فى المساء خشية من تسللهم إلى داخل البلاد دون تقديم طلبات اللجوء والأوراق التى تثبت هويتهم.

ووفقاً لصحيفة "لوفيجارو"، قال بويان كيتل المتحدث بإسم الشرطة السلوفينية، أن قطار محمل بنحو 1800 لاجئ جاء إلى المركز الحدودى "سيرديس أوب درافى" وخرج منه المهاجرون وتوجهوا سيرا على الأقدام إلى الحدود السلوفينية، ولكننا منعنا عبورهم، لأسباب أمنية تتوجب التحقق من هويتهم أولاً، وتم استثناء مجموعة مكونة من 150 شخصا وهم الأكثر عرضة للخطر بسبب أحوالهم الصحية السيئة، ومجموعة أخرى تم السماح لها بالدخول فى الثامنة صباح اليوم الاثنين وعدهم 350، ومازال هناك 1300 لاجئ عالق على حدودنا مع كروتيا.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة