وقال التقرير، إن طهران عندما اندلعت احتجاجات الربيع العربى فى سوريا عام 2011 زودت نظام الأسد بمعدات مكافحة الشعب وتكنولوجيا مراقبة الإنترنت وقدمت المشورة حول كيفية التعامل مع المظاهرات على أساس نجاحها فى سحق مظاهرات الحركة الخضراء عام 2009. وبحلول عام 2012 ومع التحول الدموى فى مسار الأحدث، ضغطت إيران على حزب الله للانضمام للقتال ونشرت أفرادًا من الحرس الثورى وسرايا القدس لتقديم المشورة للسوريين، رغم أن بعضهم كان مشاركًا فى القتال منذ البداية، وأشرفت طهران على نشر ميليشيات شيعية عراقية وأفغانية وباكستانية فى سوريا.
وفى الآونة الأخيرة، نشرت إيران المئات من أفراد الحرس الثورى النظاميين لمساعدة قوات الأسد وحزب الله. ويظل عدد قواتها فى سوريا غير معلوم، إلا أن التقديرات تتراوح بين عدة مئات وعدة آلاف، إلى جانب ما بين أربعة إلى خمسة آلاف من مقاتلى حزب الله، والآلاف الأخرى من الميليشيات الشيعية.
إيران استخدمت نفس نهجها السابق فى العراق
ويشير تقرير معهد واشنطن إلى أن طهران وضعت الأساس لنفوذ بعيد المدى فى سوريا ليس فقط بإعادة تشكيل قطاع الأمن وفقًا لتصورها، ولكن أيضًا بتوفير مليارات الدلاورات نقدًا وفى صورة نفط لنظام الأسد مع الاختباء داخل المجتمع المدنى والاقتصاد.
وتتحدث التقارير عن أن المؤسسات الإيرانية تقوم بشراء عقارات وتأسيس شركات وتوقيع عقود مع الحكومة وتعزيز التجارة لخلق شبكة من التبعية. كما حاولت السلطات الإيرانية الدخول فى مجال الهندسة الديموجرافية، وتفاضوا دون جدوى على وقف إطلاق النار ومقايضة السكان حول القرى الشيعية. وعلى المدى القصير، بدت طهران تستخدم نفس النهج الذى اعتمدته لبسط النفوذ فى العراق خلال العقد الماضى.
تدخل سوريا يعقد الأمور لإيران
غير أن التدخل الروسى مؤخرًا فى سوريا قد يعقد الأمور بالنسبة لإيران، فلو كانت إيران قد تدخلت بشكل أكبر فى سوريا بقوات برية فى وقت مبكر، ربما لم يكن نظام الأسد ليحتاج مساعدة موسكو. لكن إيران لم تعد هى الراعى الوحيد لسوريا الآن، وهى تخوض حرب تحالف الآن، وسيكون لروسيا شأن كبير فى البت فى كيفية إدارة الصراع، ويشعر بعض السوريين بالاستياء من الدور الإيرانى وقد يرحبون بعودة نفوذ روسيا على حساب طهران. لكن حتى الآن، يبدو أن موسكو وطهران يقرأن من النص نفسه.
ويلفت تقرير المركز الأمريكى إلى أن طهران حققت عددًا من المنافع من مساعدتها العسكرية والمالية لسوريا. فبتدخلها عام 2012، أنقذت حليفها الوحيد فى المنطقة، وحافظت على جسر جوى لوكيلها فى لبنان حزب الله، وأسست نفسها كحليف يمكن الاعتماد عليها فى الأوقات العصيبة. وعندما تبين عدم كفاية قدراتها، ضغطت إيران لتدخل روسيا لتثبت التزامها. وعلى العكس، تحولت سوريا من حليف لإيران وحزب الله إلى دولة مدينة. ويبقى أن نرى ما إذا كان روسيا ستنضم إليه كشريك له دور متساو أو أعلى. وأيا كان الوضع فإن دور إيران فى الحرب سيكون له عدد من التداعيات بعيدة المدى على المنطقة.
زيادة حدة الصراع الطائفى فى المنطقة
كان تدخل طهران هو السبب وراء الاستقطاب الطائفى المتزايد فى الشرق الأوسط فى السنوات الأخيرة وأيضًا سببًا لقدرة الجماعات الإرهابية غير المسبوقة على الحشد سواء بين السنة أو الشيعة للمشاركة فى معركة سوريا. وقد مكنت هذه التطورات طهران من حشد الشيعة فى المنطقة وهم يمثلون 20% من سكانها لصفها، لكن مقابل اقتناع 75% من العرب السنة بأن إيران خطر عظيم لهويتهم ومصالحهم. ووحدت هذه المخاوف الدول التى كانت على خلاف كتركيا والسعودية وقطر فى محور سنى، وساعدت على التدخل فى اليمن بقيادة السعودية. وسيشكل إرث هذه التطورات السياسات والديموجرافيا الإقليمية على مدار عقود قادمة.
اتساع محور المقاومة
ومن التداعيات الأخرى التى رصدها التقرير لتدخل إيران فى سوريا هو اتساع ما يسمى بمحور المقاومة، فوجود مستشارون وقوات لإيران فى سوريا قد زاد بشكل هائل من نطاق صلاتها. واستطاعت أن تحشد شبكة عابرة للحدود من الميليشيات الشيعية. وستكون تلك الشبكة قاعدة خارجية لدعم السياسات الإيرانية بدءا من لبنان وحتى باكستان، كما أن رفع التجميد عن أصول إيران بعد التوصل إلى الاتفاق النووى سيعمق جهود طهران فى التجنيد ويدعمها.
ويمكن أن تستغل إيران تواجدها فى منطقة الشام لتأسيس ما يصفه المعهد الأمريكى بفقاعة لا يمكن دخولها للسواحل اللبنانية والسورية، وتستغل الفقاعة الروسية الأكثر قوة حول طرطوس واللاذقية لحماية جهودها. ويتوقف هذا إلى حد ما على قدرة إيران وسوريا على نقل أسلحتهم المضادة للسفن والطائرات إلى حزب الله برغم الجهود الإسرائيلية لاعتراض عمليات النقل هذه. وربما تعمل الدولتان معا لإنشاء مجمع للقيام بضربات استطلاع فى شرق البحر المتوسط لتهديد البنية التحتية الساحلية لإسرائيل من موانئ ومحطات للطاقة والأصول البحرية مثل حقول الغاز الطبيعى.
ويشير معهد واشنطن إلى أن طهران ربما تسعى لتعزيز نطاق وقوة صواريخها بنشر بعضها فى سوريا، ولن تكون تلك سابقة، فقد نشرت كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى السابق صواريخهما فى الخارج خلال الحرب الباردة. وتمتلك إيران صواريخ باليستية قصيرة ومتوسطة المدى. وفى الوقت الحالى، يمكن أن يصل نصف هذه الصواريخ فقط إلى إسرائيل. لكن لو نشرت إيران أعدادًا أكبر من تلك الصواريخ فى سوريا، فيمكنها أن تطغى على الدفاع الصاروخى الإسرائيلى، مما يمنح إيران خيارًا مستقلًا لو منعت الظروف حزب الله من استخدام صواريخها ضد إسرائيل فى أى أزمة مستقبلية. وفى نفس الوقت، فإن إيران يمكن أن تجدد مخزون الصواريخ الخاص بنظام الأسد لتمنحه قدرة انتقامية مستقلة.
جبهات جديدة ضد الأردن وإسرائيل
فقد حاول حزب الله والحرس الثورى الإيرانى منذ فترة تأسيس وجود لهم فى الجزء الشمالى من هضبة الجولات السورية فى محاولة لتأسيس جبهة جديدة بالوكالة ضد إسرائيل. ولتحقيق هذا الهدف أسسا ميليشيا من الدروز فى بلدة الحاضر. وفى فبراير الماضى قاد الضباط الإيرانيون محاولة فاشلة لاستعادة السيطرة على الجولان من قوات المعارضة باستخدام حزب الله وميلشيات شيعية وستستمر تلك المحاولات. كما تحاول إيران أن يكون لها وجود على الحدود الأردنية لزعزعة استقرار المملكة المتحالفة مع الولايات المتحدة.
من ناحية أخرى، أشار التقرير إلى أن بعض ضباط الحرس الثورى الإيرانى، ومع تقييد برنامج بلادهم النووى بعد الاتفاق الأخير، ربما يحضون النظام على استمرار النشاط النووى فى المواقع البحرية بعيدًا عن أعين المفتشين الدوليين. إلا أن هذا الأمر غير مرجح فى المستقبل القريب حاليًا بسبب الوضع فى ميدان المعركة، وبسبب ما قد يثيره من مخاوف لدى روسيا، وهى طرف فى الاتفاق النووى، ولدى إسرائيل أيضًا.
الداخل الإيرانى
أما عن الداخل الإيرانى، فيقول التقرير إن تدخل طهران فى سوريا لم يولد رد فعل عنيف داخل إيران بعد، لأن وكلاء إيران هم من تحملوا الخسائر البشرية، وإن كانت التكاليف المادية واضحة للإيرانيين. لكن لو تصاعدت الخسائر الإيرانية، فإن التدخل قد يصبح قضية سياسية مثيرة للجدل.
موضوعات متعلقة..
صحف إيرانية: بدء تنفيذ الاتفاق النووى.. إيران تمتلك مدنا كاملة تحت الأرض تسكنها صواريخ الحرس الثورى جاهزة للإطلاق.. وظريف يدعو العرب للاتفاق.. وكاتب يثمن دعوة إيران للحوار مع السعودية
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
تقرير أمريكي!