أكرم القصاص - علا الشافعي

فضيلة المفتى د.شوقى عبدالكريم علام يكتب: "كيف يتصدى الخطاب الدينى للإرهاب؟".. الإسلام نشر الأمن والأمان فى المجتمع الإنسانى وليس المجتمع الإسلامى فقط.. ويجب التركيز على العلاج النبوى لمواجهة الإجرام

السبت، 31 يناير 2015 08:39 ص
فضيلة المفتى د.شوقى عبدالكريم علام يكتب: "كيف يتصدى الخطاب الدينى للإرهاب؟".. الإسلام نشر الأمن والأمان فى المجتمع الإنسانى وليس المجتمع الإسلامى فقط.. ويجب التركيز على العلاج النبوى لمواجهة الإجرام د.شوقى عبدالكريم علام
"نقلاً عن العدد اليومى"

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تصدى الإسلام للإرهاب ولكل أشكال العنف وإشاعة الفوضى، والانحراف الفكرى، وكل عمل يقوِّض الأمن ويروع الآمنين، سواء أطلقنا عليه مسمى الإرهاب أو الحرابة أو البغى أو ما شابه؛ فجميعها وإن تعددت صورها فهى تشيع فى المجتمع الرعب والخوف وترويع الآمنين فيه، وتحول بينهم وبين الحياة المطمئنة، التى هى وسيلة لحسن خلافتهم فى الأرض بعمارتها فى جو من الطمأنينة والأمن والأمان والسلم الاجتماعى.

فالإرهابُ هو الإفزاعُ والإخافة، يُقال: أرهبَه ورهَّبه أي: أخافه وأفزعه، وبذلك فُسِّر قوله تعالى عزّ وجلّ: {وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ}، وهناك مواضع عدة فى كتاب الله تعالى تحدثت عن الإرهاب وعن صوره المتعددة، منها قوله تعالى عن المفسِدين من قومِ ثمودَ: {وَكَانَ فِى الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِى الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ*قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ}.
كما أنه ذكر فى موضع آخر صورة من صور إرهاب فرعون للسحرة لما آمنوا بموسى عليه السلام: {فَلأقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلأصَلِّبَنَّكُمْ فِى جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى}، ومِن صوَر الإرهابِ ما بيّنته الآيات عن أصحابِ الأخدود الذين حفِرَت لهم الأخاديد، وأُضرِمَت فيها النار، وأُلقوا فيها وهم أحياء، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ}.

والخطاب الدينى فى ظل تنامى ظاهرة الإرهاب لا بد أن يبين أنه إذا كان الإرهابُ يعنى الاعتداء على الآمنين بالترويع والخطف والإيذاء والقتل وغير ذلك، مما يُعتبر اعتداءً وترويعًا؛ فإن هذا كله يتنافى مع صحيح الدين الإسلامى الذى منع كلَّ وسائل الإرهاب، ابتداءً من العنف اللفظى، الذى نهى عنه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم والذى طالب المسلمين باجتنابه والالتزام بالرفق واللين والكلمة الطيبة، وصولاً إلى القتل وهو أشدُّ أنواع الاعتداء، وقد نهى القرآن صراحةً عنه فقال تعالى: {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا}.
وهذا يعنى أن الإسلام قد سبق جميعَ القوانين فى محاربة الإرهاب ومكافحته وحمايةِ الأمم والمجتمعات من شروره، وهذا ما تدل عليه المقاصد العليا للشريعة الإسلامية من حفظ الإنسانِ وحماية حياتِه وعِرضه وماله ودينه وعقله، وذلك من خلال دستور أخلاقى قويم اشتمل على مجموعة من الضوابط الواضحة حذر الشارع من تجاوزها.
فالإسلام دينٌ يحمِى كرامةَ الإنسان وحياته، والدليل على ذلك أنه قد جعل من قتل أيَّ نفسٍ بغير حقٍّ بمثابة قتلِ الناس جميعًا: {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا}، بل منع الإسلام المسلمين من أن يبغى أحدهم على أخيه، وحرم الظلم، لقوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّى الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْىَ بِغَيْرِ الْحَقِّ}، ومن يخرج عن هذا النواميس وهذا القانون ويؤذى الناس يكون جزاؤه الخروج عن محبة الله تعالى وهديه، قال تعالى: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِى الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ}.
ولقد قدَّم الإسلام العناية الفائقة لعلاج هذا الأمر من خلال نشر الأمن والأمان فى المجتمع الإنسانى وليس المجتمع الإسلامى فقط، وحارب العنف بكل أشكاله والإرهاب بكل أنواعه، لتنافى كل ذلك مع المعانى السامية والأخلاقيَّات الرفيعة التى حثَّ عليها الإسلام فى التعامل بين البشر جميعًا- مسلمين وغير مسلمين- قال تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِى هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}، وسيرة النبى صلى الله عليه وسلم كانت خيرَ تطبيق لهذه المعانى الفائقة والقيم النبيلة.
وعلى الخطاب الدينى التأكيد على أنه إذا كانت الإرهاب مشكلة قديمة حديثة للمجتمعات العالمية قبل الإسلام، والذى كان يمارس على أنه حق من الحقوق المكتسبة؛ فإن الإسلام جاء ليقضى عليه وعلى جميع أشكاله، فهذا جعفر بن أبى طالب وقف ليصف للنجاشى حال المجتمع الجاهلى قبل الإسلام قائلاً: «أيها الملك، كُنَّا قومًا على الشرك؛ نعبد الأوثان، ونأكل الميتة، ونُسِىءُ الجوار، يستحلُّ المحارم بعضُنا من بعض فى سفك الدماء وغيرها، لا نُحِلُّ شيئًا ولا نُحَرِّمه».
وفى محاولة لتقديم العلاج الناجع فعلى الخطاب الدينى التوقف أمام العلاج النبوى لهذه الظاهرة وذلك من خلال مجموعة من القيم التى أرساها النبى صلى الله عليه وسلم، والتى يأتى فى مقدمتها إشاعة الرفق فى كل شىء ونبذ العنف فقال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيُعْطِى عَلَى الرِّفْقِ مَا لاَ يُعْطِى عَلَى الْعُنْفِ، وَمَا لاَ يُعْطِى عَلَى مَا سِوَاهُ»، ومن الأمثلة على رفقه على الرغم من تعلق الأمر بشخصه ما روته أم المؤمنين عائشة رضى الله تعالى عنها أنها قالت: دخل رهطٌ من اليهود على رسول الله، فقالوا: السَّام (الموت) عليكم. فقالت عائشة: فَفَهِمْتُهَا، فقلت: وعليكم السَّام واللَّعنة. فقال رسول الله: «مَهْلاً يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِى الأَمْرِ كُلِّهِ». وفى رواية: «وَإيَّاكِ وَالْعُنْفَ وَالْفُحْشَ»، فقلتُ: يا رسول الله، أَوَلَمْ تَسْمَعْ ما قالوا؟! قال رسول الله: «قَدْ قُلْتُ: وَعَلَيْكُمْ».
ومن بين القيم التى حرص النبى على إشاعتها وتعليمها أصحابه قيمة الوسطية والاعتدال وعدم الغلو فى الدين الذى يعتبر بابًا من أبواب التطرف والإرهاب، فقال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ؛ فَسَدِّدُوا، وَقَارِبُوا، وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ».
كما نهى عن قتل النفس وسفك الدم المعصوم وعده من كبائر الذنوب لقوله تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ}، تنفيرًا للنفوس من ارتكابها وقال صلى الله عليه وسلم: «لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ وَأَهْلَ الأَرْضِ اشْتَرَكُوا فِى دَمِ مُؤْمِنٍ لأَكَبَّهُمُ اللَّهُ فِى النَّارِ»، كما نهى عن الترويع حتى ولو بالإشارة سدًّا للذرائع وغلقًا لكل الأبواب والنوافذ التى ربما تكون وسيلة للترويع فقال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَشَارَ إِلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ فَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ تَلْعَنُهُ، حَتَّى وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لأَبِيهِ وَأُمِّهِ» تأكيدًا على النهى عن ترويع الآخرين، ولقد بلغ نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن الترويع للدرجة التى نهى فيها عن الترويع حتى لو كان من باب الفكاهة فقد روى فى صحيحه عن عبدالرحمن بن أبى ليلى قال حدثنا أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يسيرون مع النبى فنام رجل منهم، فانطلق بعضهم إلى حبل معه فأخذه ففزع، فقال النبى: «لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا».
وخلاصة القول إن الإسلام حارب الإرهاب، ووضع الضوابط والأحكام التى تجب مراعاتها فى سبيل القضاء على هذا النوع من الطغيان وفى سبيل تأمين حياة الناس.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 3

عدد الردود 0

بواسطة:

alaa

إستغلال الدين

عدد الردود 0

بواسطة:

من بحري و بنحبوه .. حزب النور .. أبو ياسين من طنطا ..

الى .. ( سيدي المفتي) .( لماذا نقتل الغرب .. فضلا عن قتاله )

عدد الردود 0

بواسطة:

ما شاء الله هذا هو التجديد فعلا . و دو مخالفه للثوابت .. ينصر دينك يا شيخ

تعليق -2 ابو يس

ما أروعك

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة