بين القصرين.. أصبح المعز لدين الله الفاطمى، والسكرية وقصر الشوق لم يعد لهما وجود، وارتفعت عمارة من ثلاثة طوابق بدلا من منزله القديم بحارة قرمز، فيما سرقت لافتة زقاق المدق وجار عليه البناء الحديث، وقبو قرمز ملأته القمامة والقطط والكلاب الضالة، ربما مر عليك هذا الوصف فى الكثير من الموضوعات التى تأتى بحلول ذكرى ميلاد ورحيل أديب نوبل الشهير "نجيب محفوظ" ولكن بهدف التذكرة ومن منطلق أن التكرار يعلم الشطار نعود فى زيارة سريعة للأماكن التى نالت حظا وفيرا من كتاباته ورواياته.
تمر علينا الذكرى الثامنة لرحيل نجيب محفوظ.. نفر أوراق رواياته ونبحث بداخلها عن أماكنه وبراعة وصفه لها ثم ننزل لها خصيصا بحثا عنها فلا نجدها، فهى لم يطوها النسيان فحسب كما قال محفوظ "آفة حارتنا النسيان"، بل طواها الإهمال والتدهور، فإن لم تكن مخلده بوصف بارع من العالمى نجيب محفوظ فهى فى الأساس أماكن تاريخية فكيف للحكومة المصرية أن تتعامل بمثل هذا الإهمال والتسيب معها؟، وصرنا نقفز فى الهواء فرحا بإغلاق شارع المعز أمام حركة السيارات، دون النظر لما حدث بالداخل ومازال يحدث من تعديات، ومحاولة تطويره وتعريف أهالى الحى بعظمة وعراقة ما يملكونه من تراث عظيم، عرفه العالم من كتابات محفوظ، قادته براعة وصف المكان إلى جائزة نوبل العالمية، فحبه للأماكن التى تربى فيها وجعلها جزاء لا يتجزأ من يومياته وحياته، جعلت جميع روايته سيرة ذاتية تحكى تفاصيل من حوله بنظرة فلسفية بديعة.
فكم من مصور ذهب لهذا المكان وصوره وأخرج منه لوح فنية عديدة حازت على جوائز كبيرة ولكن لم ترتق هذه اللوحات المصورة للوصف البارع الذى جاء بروايات محفوظ الذى كرس حياته ووهب قدميه لإخراج أدق تفاصيل الحياة والشخصيات منها.
فى جولة مصورة لـ"اليوم السابع" فى بعض الأماكن التى وردت فى روايات نجيب محفوظ نجد أن معظمها تبددت معالمه تدريجيا، ولعل أبرزها "زقاق المدق" الذى أفرد له محفوظ رواية كاملة ليروى حكايات الجوانب الضيقة بالزقاق ويصنع منها عالما يخلد تاريخ هذا المكان البسيط، وبدخول الزقاق المفقود المعالم والذى استطعنا التعرف عليه فقط بسؤال أصحاب المحال التجارية بحارة الصناديقية المتفرع منها الزقاق، وبدخولنا الزقاق وجدنا المقهى القديم لصاحبها المعلم كرشة وهو أسم استعاره محفوظ لصاحب المقهى الحقيقى الذى كان يدعى عبد الجليل، والتقينا بالحاج محمد حسن عابدين وقادنا الحظ ليصطحبنا هذا الرجل للتعرف على تفاصيل الزقاق وكيف سرقت لافته من أحد أبناء البشوات ويدعى "سرى بن مظلوم باشا" على حد وصفه وبعدها قام بوضعها على مقهى فتحه بنيويورك، موضحا لنا لماذا سمى المكان بزقاق المدق، حيث كان يدق فيه العطارين الحبوب بأدوات بدائية لتنعيم بعض الحبوب، موضحا فى حديثه لنا كيف أن أصحاب النفوذ قاموا بهدم المنازل التى تطل على الزقاق من جهة حارة السكة الجديدة، ومن سكن الزقاق، كما فتح لنا منزل الشيخ أحمد البردينى، ومنزل كامل صانع البسبوسة، مشيرا إلى أنه مازال يحارب يمينا ويسارا للتعرف للحفاظ على الصبغة التاريخية للمكان.
أما عن منزله فى حارة قرمز والذى هدم وبنى بدلا منه منزلا آخر مكونا من ثلاث طوابق وأسفله مقهى ومكان يصنع اللاى الخاص بتدخين الشيشة، فيعرف الجميع من أهالى الحى أن هذا المنزل كان يعيش به نجيب محفوظ ، ولكن لبساطتهم نجدهم لم يبالوا بهذا الأمر، فضلا عن تهالك ضريح سنان باشا ومحاط بالقمامة، فيما وجدنا القبو أيضا مليئ بالقمامة تضيئه لمبة واحدة وتعوى فيه القطط والكلاب الضالة، هذا الأمر لم ينته وحكايات محفوظ ستظل محفورة فى عقول من آمن بأدبه وسنظل نحن نصرخ أين الحكومة؟.
حارة سكة برجوان بشارع المعز
حارة السنانين بشارع المعز
مشهد عام لشارع المعز
شارع الخرنفش المتفرع من المعز
درب قرمز مكان سكن نجيب محفوظ القديم
ضريح سنان باشا أحد معالم درب قرمز وتحيطه القمامة
منزل نجيب محفوظ الذى هدم وأعيد بناؤه
حارة قرمز التى عاش بها نجيب محفوظ طفولته
قبو قرمز أحد المعالم التى ذكرها محفوظ برواياته
حارة بيت القاضى
خان الخليلى
محال خان الخليلى تبيع المناديل التى كانت ترتديها النساء قديما
محل بخان الخليلى يبيع البرقع والفساتين القديمة للنساء
قهوة الفيشاوى التى اعتاد محفوظ الجلوس عليها
زقاق المدق
منازل زقاق المدق المهدمة
جانب آخر من منازل زقاق المدق
أحد منازل الزقاق من الداخل تحول لمخزن وانهارت جدرانه
أحد منازل الزقاق من الداخل
مدخل زقاق المدق من الخارج
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة