عشنا فترة طويلة جداً وخاصة فى العهد المباركى نعانى من خداع سياسى أقرب إلى الخيانة منه إلى عالم السياسة، خداع اشترك فيه النظام الحاكم مع المعارضة، صراع فى الظاهر، وتعاون ومصالح مشتركة فى الباطن، تصريحات نارية أمام وسائل الإعلام، ومحاباة وتعاون لتحقيق المصالح الخاصة فى الخفاء.
ومواطن يعيش أحلك الظروف الحياتية من بطالة وغلاء للأسعار وضياع للكرامة الإنسانية فى أقسام الشرطة وعلى أيدى رجالها الذين كانوا يتخيلون أنفسهم سادة للشعب وليسوا فى خدمته، وعلى غرار فيلم "هى فوضى"، الأمر الذى أعلنوه صراحة ووسط صمت الجميع من رجال النظام والمعارضة على حد سواء، عندما تغير شعار الشرطة من "الشرطة فى خدمة الشعب" إلى "الشعب والشرطة فى خدمة الوطن" أى وطن؟! طالما الشعب فى الخدمة!!.
فكان نظام مبارك الذى دمر الإنسان المصرى، وأحال الشعب إلى جماجم وهياكل عظمية تسير فى الشارع منزوعة العقل والحرية والكرامة الإنسانية، شخصيات تافهة تطحنها مشاعر القهر والدونية والعجز واللاجدوى!!.
فى ظل معارضة كرتونية لأحزاب اليسار المصرى، يمثلها أفراد يمكن عدهم على أصابع اليد الواحدة يكونون فى الغالب صنيعة النظام الحاكم؛ ليظهر بمظهر الديمقراطى غير المستبد أمام العالم الخارجى، فى حين أن العالم الداخلى لم يكن يشغله كثيرا؛ لأن المصريين – فى نظره - لم يبلغوا سن الرشد بعد!!.
ليبقى دور جماعة الإخوان التى استخدمها النظام ليضرب بها عدة عصافير فى وقت واحد؛ فقد استخدمها كفزاعة لتخويف الغربيين من عنف الجماعات الإسلامية، كما استخدمها لبيان أن نظامه نظاما ديمقراطيا، كما أنهم كانوا فى خدمته، وكانوا أول من بارك مشروع التوريث على لسان مرشدهم!! فكان نصيبهم 88 مقعدا فى انتخابات مجلس الشعب لعام 2005.
فمثل مبارك ونظامه الشيطان الأول وجماعة الإخوان الشيطان الثانى، وظلت لغة المصالح المشتركة بينهما والتعاون على الإثم والعدوان وعلى قهر الوطن المواطن المصرى، حتى بعد اندلاع ثورة يناير المجيدة، والشباب فى الميدان وصقور الجماعة يتفاوضون مع النظام على عدد الكراسى وحجم المكاسب التى سيحصلون عليها فى مقابل التعاون على وأد الثورة فى مهدها!.
هذان شيطانان أرادا أن يقهرا الشرفاء والأوفياء ومحبى تراب هذا الوطن وعاشقيه، ولكن الله سلم . فتعاونا معا أيضاً لهدم الوطن فى ثياب أخرى مكشوفة لكل ذى عينين وعقل بصير.
واليوم عاد الشيطان الثانى (الإخوان) ليعيث فى الأرض فساداً ويهلك الحرث والنسل، ويمثل الخيار الأول الذى يحقق أحلام الغرب فى إشعال نار الحرب الأهلية على غرار ما حدث فى البلاد العربية المجاورة سوريا وغزة وليبيا والسودان والصومال والعراق لتتحول كل الجيوش النظامية العربية التى تقلق الخان الأكبر والعدو الأخطر المتمثل فى أمريكا وصنيعتها إسرائيل، إلى ميليشيات متصارعة يمكن أن تقهرها جميعا وحدة كومندوز أمريكية واحدة.
أما الخيار الثانى فيتمثل فى مساندة حاكم - وإن اختلفت معه - يمارس إصلاح ما تم إفساده على مدار ستين عاما، فيعلن رغبته فى التعاون على البر والتقوى وإصلاح أمر البلاد والعباد، ويرجو الجميع أن يتقشف قليلا من أجل بناء وطن انهارت الأوطان بجانبه وأصبحت تمثل عبئا ثقيلا عليه، وتمثل ذلك فى عودة الكثير من العمالة المصرية التى كانت تمثل أحد أهم مصادر الدخل القومى.
فإلى أى الخيارين تميل.. هذه دعوتى للشرفاء فقط من أبناء هذا الوطن.
د. غيضان السيد على يكتب: كنا بين شيطانين وأصبحنا بين خيارين
الأربعاء، 13 أغسطس 2014 06:05 م
مشهد من فيلم "هى فوضى"
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة