إن فوز المشير عبدالفتاح السيسى برئاسة جمهورية مصر العربية عكس مؤشرات هامة على المستويين الداخلى والخارجى فعلى المستوى الداخلى عكس مدى تعطش الشعب المصرى إلى قيادة سياسية واعية حكيمة تلتف حولها بعد عدة سنوات مريرة مر بها ومرت عليه بما حملته من تخبط سياسى وتعثر اقتصادى وانهيار اجتماعى .
أما على المستوى الخارجى (دولياً) فقد عكس فوز السيسى انقسام دول العالم ما بين مؤيد مقتنع بأنه قد آن الآوان لمصر أن تواصل نموها وريادتها وبين مؤيد أجبرته التغيرات السياسية على ركوب الموجه ومواكبة التطورات.
أما على المستوى الخارجى (عربياً) فقد عكس فوز السيسى مدى التأثير السياسى الذى بامكان العرب أن يحققوه إذا ما توحدت صفوفهم وتوافقت إرادتهم، فقد قامت كل من السعودية والإمارات والكويت والبحرين بدور متميز فى اتجاه الدعم السياسى والاقتصادى لمصر فى هذه المرحلة الخطيرة التى تجلت فيها بوضوح نظرية المؤامرة التى كادت أن تفتك بالبلاد التى أدارتها مجموعة من الدول التى تنوعت ما بين عربية وغربية وأوروبية .
إن الرسائل العربية التى صدرت عن بعض الدول العربية عبرت عن موقف تاريخى لن ينساه العالم فيما يتعلق بدعم مصر سياسياً واقتصادياً فى محنتها التى نذكر منها على سبيل المثال وليس الحصر وصف الملك عبد الله فى رسالة قوية عقب إعلان اللجنة العليا للانتخابات فوز المشير السيسى مثيرى المشاكل بأنهم "أعوان الشيطان وجنده فى الأرض".
وأيضاً تأكيده على أن "المساس بمصر يعد مساساً بالإسلام والعروبة وهو فى ذات الوقت مساس بالمملكة العربية السعودية، وأن من يتخاذل اليوم عن تلبية واجبه وهو قادر مقتدر بفضل من الله، فإنه لا مكان له غدا بيننا إذا ما ألمت به المحن وأحاطت به الأزمات.
وقد جاء موقف السعودية معبراً وفعالاً ولم يتخذ فقط نطاق التصريحات بل تجاوز إلى حد العقاب حيث قامت بسحب سفيرها من الدوحة بسبب موقفها المؤيد للإخوان فى تحرك هو الأول من نوعه.
الأمر ذاته توافقت عليه دولة الإمارات العربية المتحدة حيث أكدت أنها ستستمر فى إسهامها إيجابياً وبفعالية فى دعم مسيرة الشعب المصرى فى مرحلة التنمية والبناء المقبلة.
وفى ذات السياق أكدت دولة الكويت على موقفها الداعم لمصر نحو مستقبل أفضل وتنمية حقيقية، حتى تستعيد مصر مكانتها ودورها الريادى فى المنطقة
مملكة البحرين كانت لها هى الأخرى دورها الإيجابى حيث أكد الملك حمد عن تطلع المملكة إلى العمل الوثيق مع مصر ورئيسها الجديد، لتعزيز العلاقات التاريخية بين البلدين والشعبين الشقيقين فى شتى المجالات وعلى كافة الأصعدة.
إن القراءة السياسية لهذا المشهد السياسى يستدعى إلى الذاكرة موقف العرب المماثل فى حرب 73 حيث تكالبت الدول العربية، لاسيما الخليجية على دعم مصر فى محنتها وبهذا تتأكد مقولة ان التاريخ يعيد نفسه، وفى تحليلنا لهذا الموقف التاريخى نستطيع التأكيد على عدة ثوابت أهمها:
أولاً: الإدراك العربى أن مصر تمثل الدرع الواقى عربياً وأن إضعافها يعد إضعافا للدول العربية كافة وبالمثل فإن نهوضها يعد نهوضا للدول العربية، وقد تجلى هذا الإدراك فى الغطاء السياسى والاقتصادى الذى وفرته الدول العربية (السعودية- الإمارات- الكويت- البحرين) لمصر فى هذه الفترة الحرجة.
ثانياً: إن ثبات الموقف العربى يعطى سنداً سياسياً لمصر فى مواجهة الدول العظمى كالولايات المتحدة والكيانات السياسية الدولية كالاتحاد الـوروبى اللذين تعاملا مع المشهد المصرى بازدواجية واضحة لاسيما بعد تحول المشهد فى مصر بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسى.
ثالثاً: إن موقف بعض الدول المناهض لمصر والذى قادته كل من الولايات المتحدة وقطر وتركيا يعد تعبيراً فجاً عن ما تكنه قيادات سياسية من المفترض أنها واعية من حقد كامن لمصر وشعبها ودليلاً دامغاً على تورط هذه الدول فى إحاكة المؤامرات ودعم أدوات تنفيذها على الساحة المصرية ومن ثم العربية، فضلاً عن أن هذه المواقف تخلق حاجزاً نفسياً بين الشعب المصرى من جهة وقيادات هذه الدول من ناحية أخرى آخذين فى الاعتبار وعى الشعب المصرى وتفهمه لاختلاف مواقف شعوب الدول عن قادتها والذين قد يورطوا أنفسهم وبلادهم فى عزلة سياسة كما يحدث الآن مع قطر.
رابعاً: بالأمس واليوم وغداً تثبت الأحداث بما لا يدع مجالاً للشك إن الدول العظمى ممثلة فى الولايات المتحدة ودول الاتحاد الاوروبى تسعى دوماً إلى البحث عن مصالحها فى المنطقة العربية وتتلون مواقفها بتلون وتغير الـحداث والظروف السياسية ولا يجدون حرجاً فى دعم جماعات إرهابية مادام سيحقق هذا من وجهة نظرها مصالحها العليا فى نهاية الأمر، وبالرغم من تحول الموقف الغربى والأوروبى تجاه مصر بعد موقف الشعب المصرى من دعم السيسى إلا أنه لا يزال مائعاً.
خامساً: إن بلورة ملامح النظام السياسى الجديد فى مصر خلال القترة المقبلة- بعد فوز السيسى برئاسة الجمهورية- سيكون مرتهناً بكيفية التعامل والتعاطى مع التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية فضلا عن التحديات الدولية المقبلة.
سادساً: إن الوضع السياسى فى مصر يستدعى ضرورة تكوين تحالف دولى جديد تحدد ملامحه وأطرافه القيادة المصرية، بما يتيح هامشاً سياسياً للتحرك الدولى وبما يقلل من الاعتماد على دول بعينها فيما يتعلق بالدعم الاقتصادى ومنظومة التسليح العسكرى وفى هذا الصدد يمكن الاستفادة من الموقفين الخليجى والروسى الداعمين لمصر بهدف خلق نوعاً من التوازن السياسى الدولى يضمن تشكيل قطباً سياسياً جديداً بهدف كسر القيود والتحديات المفروضة من قبل الدول المناهضه لمصر.
محمد تركى يكتب: العرب والسيسى وانطلاقة جديدة نحو المستقبل
السبت، 14 يونيو 2014 04:17 ص
خادم الحرمين الشريفين
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
سمر
هايل
تحليل دقيق و بطريقة بسيطة وبالتفصيل للمشهد السياسى
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد
مقال اكثر من رائع
عدد الردود 0
بواسطة:
على السيد
معاك حق
عدد الردود 0
بواسطة:
ايهاب
دعوة للتفائل
عدد الردود 0
بواسطة:
ايهاب
دعوة للتفائل
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود
مقال معبر
انا مع الكاتب ولازم يكون فيه موقف عربي مع مصر
عدد الردود 0
بواسطة:
بنت النيل
السعودية
رائع
عدد الردود 0
بواسطة:
رغده
ممتاز
عدد الردود 0
بواسطة:
mohamed
ممتاز
الله يباركلك كلام جميل جدا ومعبر عن الوضع الحالى
عدد الردود 0
بواسطة:
ماجد
تحيا مصر