يقول علماء يقودون الحرب ضد المرض المعروف باسم متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (فيروس كورونا) إن الجبهة المهمة التالية فى المعركة ستكون فهم الكيفية التى يعمل بها الفيروس المسبب للمرض بين أناس لا تظهر عليهم أعراض المرض بوضوح والذين قد ينشرونه دون أن يعلموا أنهم مصابون به.
وتحديد ذلك قد يكون حاسما فى وقف انتشار الفيروس الذى ظهر فى منطقة الشرق الأوسط فى عام 2012 وأصاب أكثر من 500 مريض فى السعودية وحدها، ويبلغ معدل الوفيات حوالى 30 بالمائة من المصابين.
وقال الدكتور ديفيد سويردلو إنه أصبح من الواضح على نحو متزايد أنه يمكن أن يصاب أشخاص بفيروس كورونا دون أن يصابوا بمرض تنفسى حاد.
ويرأس سويردلو فريق الاستجابة لمرض كورونا فى المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها.
وقال لرويترز "ليس من الضرورى أن يكون المريض فى وحدة للرعاية المركزة مصابا بالتهاب رئوى حاد لكى تكون لدينا حالة إصابة بفيروس كورونا"، وأضاف: "نفترض أنهم أقل عدوى (للآخرين) لكننا لا نعرف".
وللمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض فريق فى السعودية لدراسة ما إذا كانت هذه الحالات المعتدلة لا تزال قادرة على نشر الفيروس، ويشرف سويردلو على عمل هذا الفريق من أتلانتا.
ويعتزم الفريق إجراء تحاليل على عائلات أشخاص يشتبه فى إصابتهم بالفيروس حتى إن كان الأقارب لا تظهر عليهم أى أعراض وذلك للمساعدة فى تحديد ما إذا كان من الممكن انتشار الفيروس داخل الأسرة.
وارتفعت حالات الإصابة بالمرض -الذى يسبب السعال والحمى ويسبب أحيانا الالتهاب الرئوى المميت- إلى ثلاثة أمثال تقريبا خلال الشهر ونصف الشهر الماضي. وينتقل الفيروس خارج شبه الجزيرة العربية مع سفر مصابين به من المنطقة.
ووردت أنباء منذ أبريل عن أول حالتى إصابة على الأراضى الأمريكية، وأعلن مسئولون هولنديون أول حالتى إصابة الأسبوع الماضى، وظهرت إصابات فى بريطانيا واليونان وفرنسا وإيطاليا وماليزيا وفى أماكن أخرى.
ونظرا لأن فيروس كورونا فيروس جديد تماما فإنه لا توجد عقاقير للعلاج منه أو أمصال قادرة على الحد من انتشاره، وهو ينتمى لعائلة الفيروس المسبب للالتهاب الرئوى الحاد (سارس) الذى أودى بحياة حوالى 800 شخص فى أنحاء العالم بعد أن ظهر لأول مرة فى الصين فى عام 2002.
ونظرا لأن المرضى المصابين بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (فيروس كورونا) تظهر عليهم "أعراض بسيطة وغير مألوفة" فإن منظمة الصحة العالمية تنصح العاملين فى مجال الرعاية الصحية بتطبيق الاحتياطيات القياسية لمكافحة العدوى على جميع المرضى فى كل الأوقات بغض النظر عن تشخيص حالتهم.
وقال الدكتور آميش أدالجا من المركز الطبى فى جامعة بيتسبرج: "حاملو المرض الذين لا تظهر عليهم أعراضه يمكن أن يمثلوا مسارا كبيرا لانتشار الفيروس".
وكان للأعراض الأخف وطأة دور فى ثانى حالة للإصابة بالفيروس فى الولايات المتحدة، وبدأت الحالة بآلام فى الجسد شعر بها رجل خلال سفره من جدة بالسعودية إلى الولايات المتحدة.
ولم يطلب المريض المساعدة فى قسم للطوارئ فى أورلاندو بولاية فلوريدا إلا بعد مرور أكثر من أسبوع، وانتظر فى قسم الطوارئ لما يقرب من 12 ساعة قبل أن يدرك العاملون احتمال إصابته بالفيروس ويضعونه فى غرفة معزولة. ولم تبد على المريض أى أعراض لإصابته بالتهاب رئوى ولا حتى السعال.
ويعتقد الدكتور كيفين شيرين مدير الإدارة الصحية فى مقاطعة أورانج بولاية فلوريدا أن ذلك قلل من احتمال أن يكون الرجل نشر العدوى.
فقد أثبتت الاختبارات عدم إصابة أى من العاملين فى المستشفى لكن الإدارة الصحية والمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض لا يزالان يجريان فحوصا على مئات الأشخاص المحتمل أن يكون المريض اتصل بهم.
وبحثت دراسة للمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض نشرت الأسبوع الماضى بعض الحالات الأولى للإصابة بالفيروس والتى ظهرت فى الأردن فى عام 2012.
فى البداية كان يعتقد أن اثنين فقط أصيبا بالفيروس، وعندما أجرى باحثو المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض فحوصا أكثر دقة بالبحث عن مضادات فيروس كورونا بين العاملين فى المستشفى وجدوا أن سبعة آخرين أصيبوا بالفيروس ونجوا منه.
وقال أدالجا إن ذلك يشير إلى أنه قد تكون هناك حالات إصابة بسيطة "من الممكن أن تكون بمثابة وسيلة لانتشار الفيروس بين أفراد آخرين مما يزيد من صعوبة السيطرة عليه".
ويشعر العلماء بالقلق بشكل خاص لأن كثيرا من الحالات التى اكتشفت فى الآونة الأخيرة للإصابة بفيروس كورونا كانت بين أناس لم يكن لديهم اتصال بالإبل أو بالخفافيش التى يعتقد أنها مستودع الفيروس.
قال الدكتور مايكل أوسترهولم وهو خبير فى الأمراض المعدية من جامعة مينيسوتا: "إذا لم يكونوا على اتصال بحيوانات فمن أين أصيبوا بالفيروس؟.. من المحتمل أنه انتقل من حالات لم تظهر عليها أعراض الإصابة".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة