بعد أن انتهت مساء أمس المهلة الأمريكية للمفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية بعد الفشل فى إقناع الطرفين على استئنافها وتوجه السلطة الفلسطينية للمصالحة مع حركة "حماس" رداً على التعنت الإسرائيلى فى الإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين وفق تفاهمات الوساطة الأمريكية، أعلن الجيش الإسرائيلى حالة التأهب والاستنفار فى كافة صفوفه بالضفة الغربية خوفا من اندلاع انتفاضة عارمة فى أى وقت.
وقالت وسائل الإعلام والصحف الإسرائيلية الصادرة اليوم الأربعاء، إن التوتر الحاد يخيم على المستويين الأمنى والسياسى حيث يصر كلا الطرفين على مواقفهما ويمضيان فى خياراتهم بعيداً على طاولة المفاوضات.
وفى الوقت الذى يجرى فيه الفلسطينيون اتصالات مكثفة لإنجاح المصالحة وتشكيل حكومة وحدة، بدأت دولة الاحتلال الإسرائيلى فى حملة تشويه دولية ضد السلطة ورئيسها عباس تتهمه بإفشال السلام.
وتضاعف إسرائيل من الإجراءات العقابية بحق الفلسطينيين فضلاً عن قيادة السلطة، وتمضى فى سياسة الاستيطان وضم الأراضى، حيث أعلنت أمس الثلاثاء تهيئة 28 ألف دونم بجوار الخط الأخضر للبناء الاستيطانى، إلى جانب عمليات الهدم والتجريف والتهويد وإغلاق المعابر وتضييق الخناق على الفلسطينيين فى الضفة والقطاع، كما تتعالى تصريحات لمسئولين إسرائيليين تطالب بضم أجزاء من الضفة تحت السيطرة الإسرائيلية.
إلى جانب ذلك شهدت الأيام الأخيرة تحركات عسكرية إسرائيلية بدأت بزيارة مفاجئة للرئيس الأركان الإسرائيلى بينى جانتس، لمناورة عسكرية بالضفة الغربية تزامنت مع التوقيع على اتفاق المصالحة حيث رأى مراقبون أنها تحمل رسالة تهديد قوية إلى السلطة الفلسطينية، كما أُقرت تعيينات جديدة فى صفوف قادة الجيش، فيما شرع جيش الاحتلال فى مناورة حاكت سيناريو احتلال أماكن مأهولة بالسكان.
وفى السياق نفسه، كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية أن تل أبيب تستعد للتصدى لاحتمال نجاح محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية فى تشكيل حكومة "تكنوقراط" لا تتضمن وزراء من حركة "حماس" مع إمكانية الاعتراف بها من قبل المجتمع الدولى، وذلك من خلال حث أعضاء فى الكونجرس الأمريكى لسن قوانين جديد تجهض التوجه الفلسطينى بمساندة عضو رفيع من الحزب الجمهورى الأمريكى.
وأوضحت الصحيفة العبرية والإذاعة العامة الإسرائيلية، أن الجهود الإسرائيلية تهدف إلى ممارسة الضغوط على عباس وحكومة الوحدة الفلسطينية المزمع تشكيلها إلى جانب العقوبات الاقتصادية والإجراءات العقابية الأخرى التى تبنتها الحكومة الإسرائيلية عقب توقيع اتفاق المصالحة بين حركتى حماس وفتح.
ووفقاً لوسائل الإعلام الإسرائيلية فإن الإدارة الأمريكية تلقت انتقادات هائلة من المستوى السياسى الإسرائيلية، حيث وصفت مصادر سياسية إسرائيلية رفيعة توجه عباس نحو المصالحة بمثابة البصقة فى وجه الولايات المتحدة بسبب الموقف الضعيف للرئيس الأمريكى باراك أوباما ووزير خارجيته جون كيرى.
وأوضحت يديعوت أن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتانياهو، أجرى العديد من المقابلات المتتابعة مع مختلف وسائل الإعلام العالمية من أجل إحباط الجهود الفلسطينية بعد إدراكه خطورة احتمالات نجاح تشكيل حكومة وحدة فلسطينية لا تحمل لوناً سياسياً قد تحظى باعتراف دولى حال تبنيها شروط الرباعية الدولية.
فيما قال موقع "واللا" الإخبارى الإسرائيلى، إن الجيش الإسرائيلى بدأ الاستعداد لمواجهة التطورات الأمنية فى الضفة الغربية إثر انفجار المفاوضات نهائيا، لكنه لم يطرأ حتى الآن، أى تغيير بالنسبة للقوات العسكرية حيث يسود التكهن بأن التنسيق الأمنى مع السلطة الفلسطينية سيتواصل رغم الأزمة.
وقال مصدر عسكرى للموقع الإسرائيلى إن الجيش ينتظر ويدرس ما إذا كانت ستؤثر القرارات السياسية على الأرض.
ولفت "واللا" إلى أنه يلاحظ أنه منذ توقيع "حماس" و"فتح" على اتفاق المصالحة فى الأسبوع الماضى، تم تسجيل انخفاض معين فى الأحداث الأمنية، وحتى أحداث يوم الأسير التى تواصلت لثلاثة أيام، مرت بهدوء نسبى، وأنه على الرغم من أن هذا اليوم يحظى بإجماع فلسطينى إلا أنه شارك فى نشاطاته حوالى خمسة آلاف فلسطينى فقط فى أنحاء الضفة الغربية، وخلافا للتوقعات، فإنه حتى فى "بيتونيا"، بالقرب من سجن "عوفر"، جرت مظاهرة صغيرة بمشاركة عدة شباب فقط.
وقال الموقع الإسرائيلى إن الجيش الإسرائيلى يحاول منح الأجهزة الأمنية الفلسطينية مساحة للعمل، لكن هناك مناطق، كمخيمات اللاجئين، التى لا تسيطر عليها الأجهزة الأمنية فيضطر الجيش إلى التدخل وقت الحاجة.
وحسب تقديرات الجيش الإسرائيلى فإن الأوضاع الاقتصادية الصعبة فى مناطق السلطة، تترك تأثيرا حاسما على كل ما يتعلق بالحفاظ على الهدوء فى المنطقة، وأنه بناء على تجربة السنوات الأخيرة، فإنه عندما يتم دفع الرواتب ويسود الحد المعقول من الوضع الاقتصادى، فإن الفلسطينيين لا يخرجون للاحتجاج، بينما خرجوا إلى الشوارع فى مظاهرات ضد إسرائيل عندما ساءت أوضاعهم الاقتصادية.
وبالرغم من ذلك فإن الجيش الإسرائيلى يتخوف من أبعاد قرار المجلس الوزارى المصغر، فرض عقوبات اقتصادية على السلطة الفلسطينية، ويخشى ان تؤدى هذه العقوبات إلى إشعال الشارع الفلسطينى، كما أنه يدرك أن البناء فى المستوطنات يثير الفلسطينيين ومن شأنه أن يؤدى إلى مواجهات مع الجيش.
وقدر خبراء عسكريون فى تل أبيب أن كل حدث أمنى يسفر عن سقوط قتلى فى الجانب الفلسطينى، يمكنه أن يؤدى إلى انتفاضة واسعة، ولذلك يحرص الجيش الإسرائيلى على التوجيهات على مستوى عال كى لا يؤدى إلى تسخين الأوضاع.
وكانت قد كشفت صحيفة "هاآرتس" نقلا عن مسئولين سابقين فى المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تحذيرهم لنتانياهو ووزير دفاعه ورئيس الأركان، من تسبب قرار تعليق المفاوضات فى انجرار المنطقة نحو دوامة جديدة من التصعيد يعود إلى تراخى الأجهزة الأمنية الفلسطينية فى فرض الأمن وملاحقة نشطاء المقاومة بسبب خيبة الأمل إثر فشل المفاوضات.
الجدير بالذكر، أن مارتن أنديك، المبعوث الأمريكى لعملية السلام فى الشرق الأوسط غادر الاثنين الماضى إسرائيل، متوجهاً إلى بلاده معلناً فشل الجهود الأمريكية لاستئناف المفاوضات.
بعد انتهاء المهلة الرسمية للمفاوضات.. الجيش الإسرائيلى يستعد لانتفاضة فلسطينية جديدة بالضفة.. وتل أبيب تضغط على الكونجرس لإفشال الاعتراف بحكومة تضم "حماس".. وتحذيرات من تفاقم الأزمة
الأربعاء، 30 أبريل 2014 11:57 ص
الجيش الإسرائيلى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة