بدأ موسم جز صوف الغنم بمطروح وهو ما يطلقه البدو "الجلامة" والتى تبدأ من منتصف شهر أبريل وحتى نهاية شهر مايو حيث تبدأ هذه العملية عقب انكسار حدة برد فصل الشتاء وقبل حلول حرارة الصيف، وللجلامة طقوس تراثية خاصة تتوارثها الأجيال من الآباء ومازال يحرص عليها فى الصحراء رغم المتغيرات والتطورات التى نالت من كثير من الموروثات.
ومن هذه الطقوس "الكِرامة" وهى ذبح الخراف فى الصباح الباكر لإطعام المشاركين فى عملية جز الصوف من "الجَلاّمة" وهم الأشخاص المتخصصون فى عملية الجز والمعاونون لهم من الرعاة وأصحاب الغنم والجيران والأقارب الذين يساعدون فى هذه العملية وهناك أهازيج "قذاذير" وهى أغان بدوية يتم ترديدها طوال اليوم ومنها أهازيج بدء العمل وأخرى أثناء العمل طوال اليوم وهناك "قذاذير" نهاية العمل كما أنه عقب وجبة الإفطار فى الصباح الباكر يبدأ العمل ثم يتوقف المشاركون لتناول وجبة "الضحوية" وتكون وقت الضحى بين وجبتى الإفطار أما تناول الشاى فهو متكرر على مدار الساعة.
يقول فاروق أبو ظاوة أحد مربى الأغنام بمطروح و"جَلّم" قطيع أغنامه مع بداية الموسم، أن "الجلامة" أو عملية جز الصوف تسبقها تجهيزات خاصة ونصب بيت العرب وهو خيمة كبيرة تتم فيها عملية جز الصوف لأن الأماكن المفتوحة لا تصلح لهذه العملية وخلال ليلة الجلامة وهى التى تسبق يوم الجلامة يجتمع "الجَلاّمة" فى بيت صاحب الأغنام "سِيْد الضان" وتُعَد وجبة عشاء للضيوف والجَلاّمة بعضهم ممن يحترفون هذه المهنة ويحصلون على المقابل وأغلبهم من الجيران والأقارب وأهل المناطق القريبة وهم يساعدون فى هذا العمل دون مقابل ويطلق على هذا (فَزْعة) وهى عملية تحدث فى عملية الحصاد وحفر الآبار وغيرها من الأعمال التى تتطلّب العمل الجماعى.
وأضاف "أبو ظاوة" أن من الاستعدادات الأساسية منع الماء عن الأغنام فى بداية الليلة التى تسبق نهار عملية جز الصوف حتى لا تتضرَّر أثناء عملية التصريع والتكتيف كما يتم تحضير الأدوات اللازمة ويبدأ العمل فى الصباح الباكر قبل شروق الشمس بإدخال الغنم إلى بيت العرب إغلاق الفواهق والفتحات بإحكام لمنع تسرب الهواء للداخل حتى ترتفع الحرارة وتعرق الغنم مما يسهل جَزّ الصوف.
ومن الموروثات والطقوس "قذاذير" الافتتاح وهى غناوى جَزّ الصوف الأولى وتبدأ بالتفاؤل كمدح الجَلاّمة أو سِيْد الضان أو الضأن نفسها مثل " يَرْعاهم الله يا ضان أَسْيادِك وفَزّاعتِك الكِل" أو " الضان والْجلَم والبَيْت نهارة ملاقاهِن طرَب " أو قول " الضّان كلّ يَوْم تْزِيْد عَ الرّاعى غَلا مَو لَوّلِى " أو " النور ولا ظلام القبور "، والشخص الذى يأتى مُتأخِّراً عن الجلامة يقول عند وصوله بصوت مرتفع (النُّور يا جَلاّمة النُّور) فيردُّون عليه: (النُّور ولا ظلام القبُور).
وقد تطول عملية الجلامة كلما كان قطيع الأغنام كبيرا فيحتاج الْجَلاّمة إلى إراحة أيديهم ويكون ذلك بالشتّاوة " التصفيق مع الغناء " وترديد مثل "الطَّوقا مَقْطوعَة النّصِيْب تشارِف نَيْن قتَلْها ذِيْب.. الطَّوقا ما تسْتاهَل ذِيْب إلا غَيْر الْطُوط مكاتِيْب... ما نحْساب عَناق السّدِّى بَيْن اِيْدَيْن الذِّيْب اتْعَدِّى".
ويتم تقديم وجبة المفروكة وقتُ الضحَى "الضحوية" وقد يُبادِر الجَلاّمة بطَلَبِها إذا تأخرت وذلك من خلال الترجِيْز "يا رَحّام نريد طعام.. يا رَحّام نريد طعام" وتتكون الْمفروكة من الخبز "المجردج" أى بدون خَمِيْرة والذى يُفَتّ قِطَعاً صغيرة ويُضاف إليه الزبدة والتمر والبيض المسلوق كما يقدم اللبن مع المفروكة وهناك وجبة أخرى بعد (الْمَفروكة).. وهى كبد وكلاوى الضأن المقلية (القلايا) وتُقَدَّم بعد ذبْح الشاة وقد تَذْبَح أكثر من شاة حسب عدد الضيوف ووجبة الغداء هى "الرز المرجع" وهو الأرز بلبن والسمن مع لحم الضأن أمّا الشاى فهو يُقَدَّم بشكل متكرر وتكون عِدّة الشاى (العدالة) قريبة من بيت العرب أو داخله.
ويردد المشاركون "قذاذِيْر" أهازيج الخِتام مع قرب الانتهاء من الجلامة بالتفاؤل كما بدأ بالقول "انْجوك يا الضان جدِيْد نَلْقَوك بالْحَوالَى زايْدة "وعند خِتام الجلامة عند "جَلْم" جز آخر الغنم لا يُقال انتهت الضأن أو كملت أو أيّة لفظة تدل على الانتهاء ولكن يُقال (بَيّضَت) من البَياض.
وتعتبر عملية "جلم الأغنام" أى جز صوفها ضرورية حيث يخفِّـف عنها حرارة شمس الصيف، كما يساعدها لتسمن.
بالصور.. طقوس جز صوف الغنم "الجلامة" مع بدء موسمه بمطروح.. "القذاذير" والأطعمة و"فزعة الجلامة" وتقديم وجبة "المفروكة" وقتُ الضحَى من كنوز تراث الصحراء الذى يتحدى الاندثار
السبت، 26 أبريل 2014 10:36 ص
طقوس جز صوف الغنم "الجلامة" مع بدء موسمه بمطروح
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة