أكد وزير الخارجية نبيل فهمى إن العلاقات المصرية السودانية خاصة وفريدة ولا يمكن تقييمها بمعايير قديمة أو نمطية، مشيرا إلى إنها لا تتأثر بتغيير أنظمة الحكم أو التوجهات الفكرية، واصفا العلاقة بالجوار الجغرافى والميراث التاريخى والتحام بين شعبى وادى النيل.
وقال فهمى ـ فى حوار نشرته صحيفة "أخبار اليوم" السودانية اليوم الخميس - "إن قرارى الواضح منذ توليت مهام منصبى فى شهر يوليو الماضى هو ضرورة أن تكون الخرطوم المحطة الأولى فى جولاتى الخارجية للتأكيد على خصوصية العلاقة بين البلدين وعدم تأثرها بأى تغيير فى النظم الحاكمة".
وأضاف: "أعتقد أن الزيارة التى قام بها وزير خارجية السودان إلى القاهرة مؤخرا، واللقاءات الثلاث التى جمعت بينى وبينه على مدار الأيام الماضية فى مناسبات مختلفة، تؤكد جميعها أن هناك رغبة مشتركة لدى الطرفين للنهوض بالعلاقات الثنائية إلى مستواها الطبيعى تحقيقا لتطلعات الشعبين المصرى والسودانى".
وبشأن موضوع سد النهضة والموقف السودانى منه، أكد فهمى أن مصر تدرك من البداية أن كل دولة من الدول الثلاثة (إثيوبيا والسودان ومصر) لها رؤيتها وتقييمها الخاص لهذا المشروع، والذى لا نتوقع أن يكون متطابقا لأن تلك هى طبيعة الأمور، ولكن هذا لا يعنى أنه لا توجد مسئولية على الدول الثلاث للجلوس سويا من أجل التوصل إلى تفاهمات مشتركة تحقق المنافع للجميع، وتحول دون وقوع أضرار على أى طرف.
وقال إن مصر قدرت الجهود التى قامت بها الخرطوم خلال جولات التفاوض الفنية الثلاث لمحاولة التوصل إلى التفاهمات المنشودة، وتأمل فى أن يستمر السودان فى القيام بهذا الدور الإيجابى، وأن يسعى لمحاولة تنحيه المصلحة الخاصة التى يُتوقع أن تعود عليه من بناء السد، فى مقابل تسهيل التوصل إلى اتفاق يحقق مصلحة الدول الثلاث دون الإضرار بأى طرف.
وبشأن مسألة حلايب، قال فهمى: "إن هذه المسألة تأخذ أكثر من حجمها نتيجة التناول الإعلامى غير المسئول لها، والذى يبحث دوما عن فرقعة إعلامية لمحاولة اختلاق مشاكل لا وجود لها على أرض الواقع".
وأوضح أن الاهتمام المصرى الأخير والملحوظ بمدينة حلايب هو اهتمام طبيعى من دولة تقوم بمراجعة شاملة لإمكاناتها ومواردها لوضع أسس سليمة لتنمية اقتصادية واجتماعية شاملة تعالج بها أمراض وآفات سنوات طويلة مضت، وليس الهدف منها توجيه أية رسائل سياسية لأى طرف.
وأشار إلى أن مصر منفتحة دائما للتعاون وتحقيق التكامل الاقتصادى المطلوب مع دول الجوار الجغرافى لها، وفى مقدمتها السودان، ومن خلال برامج ومشروعات تنموية تستهدف تطوير المناطق الحدودية بشكل يعزز من حركة انتقال المواطنين والبضائع وتحقيق مصالح الشعبين المصرى والسودانى.
ولفت إلى أن مصر حريصة كل الحرص على إقامة علاقة قوية وإيجابية مع السودان، تقوم على التعاون والعمل المشترك واحترام سيادة كل دولة، من أجل مصلحة شعبى وادى النيل.
وحول اتفاقية الحريات الأربع، أوضح وزير الخارجية أن هناك مصلحة مشتركة للبلدين فى تنفيذ اتفاقيات الحريات الأربع، وإلا لم يكن هناك داع للتوقيع عليها من البداية، لافتا إلى أن هناك لجانا مشتركة قائمة بالفعل تبحث كيفية تنفيذ كل تلك الاتفاقيات، وإزالة المعوقات التى تطرأ على بعضها بين الحين والآخر.
وقال: "إنه من المهم ألا نتعامل مع هذا الموضوع بقدر مبالغ فيه من الحساسية، فلكل دولة شواغلها واعتباراتها الداخلية التى تتغير مع تغير الظروف، ومن المهم فى العلاقات بين الأشقاء، أن يكون هناك تفهما لتلك الاعتبارات والشواغل، ولطبيعة الظروف التى تمر بها كل دولة، وتجنب القفز إلى استنتاجات غير دقيقة وفى غير صالح تحقيق الهدف النهائى المطلوب".
وأشار إلى أن هناك قواعد وقوانين تتعلق بحق التملك فى السودان، وهى تقف عائقا أمام التنفيذ الكامل لهذا الحق فى الاتفاقية، وعلى الجانب الآخر، هناك ظروف استثنائية تمر بها مصر تفرض عليها تشديد إجراءاتها الأمنية، وهو إجراء بطبيعته يفرض قيودا ويضع ضوابط على مسألة منح تأشيرات الدخول.
وأكد على ضرورة توافر الإرادة السياسية للتعاون والرغبة فى إزالة المعوقات وتفهم شواغل واعتبارات الطرف الآخر، مشيرا إلى ثقته فى أن المرحلة القادمة سوف تشهد انفراجة فى العديد من الموضوعات الثنائية العالقة، وهذا هو ما تم الاتفاق عليه بالفعل خلال لقاءاتى الأخيرة مع وزير خارجية السودان.
وحول إستراتيجية التحول نحو أفريقيا، قال فهمى: "نحمل رؤية واضحة للتحرك فى أفريقيا، بل وأكثر من ذلك نعمل بشكل مستمر على تطوير هذه الرؤية للتواكب مع العديد من المتغيرات التى تشهدها القارة الأفريقية والعالم من حولها".
وأضاف إن أفريقيا كانت دوما فى مقدمة أولويات السياسية الخارجية وأحد الدوائر الحيوية الرئيسية لدور مصر الخارجى، ولقد أسهمت مصر خلال هذه العقود فى العديد من القضايا الهامة التى ارتبطت باستقلال ومصير الشعوب الأفريقية، وهو ما خلق رصيدا كبيرا لمصر لدى شعوب القارة لاسيما فى دعم حركات التحرر واستقلال الدور الأفريقى وإعانتها على بناء مؤسسات الدولة وامتلاك مقومات الاستقلال الاقتصادى والسياسى.
وتابع: "أن ما نهدف إليه الآن هو تعزيز مساهمة مصر فى جميع هذه القضايا الحيوية، وتدعيم موقف أفريقيا فى المنظومة الدولية فيما يتعلق بجميع هذه القضايا، ونحن نقوم فى هذا الإطار بالعديد من المبادرات على المستوى الوطنى وكذلك على المستوى الإقليمى"، مشيرا إلى قرار إنشاء الوكالة المصرية الجديدة للشراكة من أجل التنمية التى تهدف إلى تعزيز الدعم الفنى المقدم من مصر لدعم عمليات التنمية بالدول الأفريقية الشقيقة.
ونوه بأنه قام حتى الآن بست جولات فى القارة الإفريقية، مشددا على أن مسألة استعادة مصر لدورها ومكانتها فى القارة الإفريقية يأتى على رأس أولويات مصر بعد الثورة باعتبار أن جذورنا أفريقية، لافتا إلى أن هناك ترحيبا أفريقيا كبيرا بعودة مصر إلى أفريقيا وعودة أفريقيا إلى مصر.
وفيما يتعلق بموقف الاتحاد الأفريقى، قال فهمى: "لا أرى ضرورة للاستطراد كثيرا بهذا الخصوص، رؤيتنا لموقف الاتحاد الأفريقى بات معلوما، والاتحاد الأفريقى أقر فى مناسبات بقصور المواثيق الأفريقية عن التعامل مع حالات الثورات الشعبية مثل تلك التى تشهدها مصر، وحاجة تلك المواثيق للمراجعة".
وقال فهمى: "إن هناك الكثير من التطورات التى شهدتها الشهور الماضية، لعل أبرزها رسائل الدعم والمساندة التى تصلنا بشكل متواصل من أشقاءنا الأفارقة عبر وفود رفيعة المستوى ومبعوثين رئاسيين".
وأشار إلى أن هناك بيانات صدرت عن تجمعى الكوميسا والساحل والصحراء اللذين يضمان فى عضويتهما أكثر من نصف الدول الأفريقية، للإشادة بالتقدم المحرز فى خارطة الطريق وإدانة ما تشهده مصر من أعمال إرهاب والإعراب عن تطلعهم لعودة مصر لاستئناف مشاركتها فى أنشطة الاتحاد الأفريقى فى أقرب وقت، موضحا أنها مواقف تعكس وجود فهم أعمق لدى الدول الأفريقية بطبيعة التحديات التى تشهدها مصر، كما تعكس إدراكا بحاجة القارة الأفريقية والاتحاد الأفريقى لعودة مصر لممارسة دورها المحورى.
وأضاف: "بغض النظر عن تجميد مشاركتنا فى الاتحاد الأفريقى، فإن دور مصر الحيوى والمحورى فى حفظ السلم والأمن فى أفريقيا والشرق الأوسط والعالم لا يمكن إغفاله، ولم يتأثر على الإطلاق بموقف الاتحاد الأفريقى أو بالأوضاع الداخلية التى تمر بها البلاد".
وأوضح أن "الأشهر الماضية شهدت المزيد من المساهمات المصرية فى قضايا السلم والأمن على الصعيد الأفريقي، ومن ذلك مشاركتنا مؤخرا بوحدة شرطة عسكرية فى بعثة حفظ السلام الأممية فى مالى، إلى جانب مشاركاتنا المتعددة فى بعثات حفظ السلام الأخرى فى الدول الأفريقية، وكذلك على مستوى الشرق الأوسط والمستوى الدولى، فضلا عن المبادرة المصرية التى تم إعلانها خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة سبتمبر الماضى لإخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل".
وبشأن العلاقة مع جنوب السودان، أكد نبيل فهمى إنها علاقة إستراتيجية، وترتبط بمصالح مشتركة وميراث تاريخى من العلاقات، وليس خفيا، أن جنوب السودان يمثل عمقا إستراتيجيا لمصر، وأن استقرار أوضاعه وسلامه الاجتماعى يعد جزء لا يتجزأ من الأمن القومى المصرى.
وأشار إلى أنه ليس مستغربا أن تجد مصر حريصة على أن تكون قريبة من متابعة الأحداث الجارية فى جنوب السودان منذ اندلاع الأزمة الأخيرة، ومستعدة لأن تقدم كل الدعم المطلوب لتسوية الخلافات بين الأطراف المتنازعة، وهى فى ذلك تدعم بوضوح جهود تجمع الإيجاد للتسوية السياسية للأزمة.
وأكد أن مصر ساهمت وما تزال تساهم بالكثير، من أجل المساعدة فى إعادة بناء وتعمير جنوب السودان بعد الاستقلال، وقدمت مصر برامج ومشاريع تنموية عديدة لمساعدة شعب وحكومة جنوب السودان لمواجهة التحديات الاقتصادية والتنموية والإنسانية التى واجهت دولة الجنوب الوليدة.
نبيل فهمى: العلاقات المصرية السودانية خاصة ولاتتأثر بتغير أنظمة الحكم
الخميس، 10 أبريل 2014 09:03 م
نبيل فهمى وزير الخارجية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة