أكد الكاتب الكبير محمود الوردانى، أن رواية "بيت النار" التى فازت مؤخراً بجائزة ساويرس هى الأقرب إليه، مشيراً إلى أنه تمنى كتابتها فى بداية حياته، ولكنه لم يهتد إلى تيمة العمل بها إلا مؤخراً، موضحاً أنه يبحث عن شىء يعيده للكتابه، كونه لم يكتب بعد الثورة لعدم قدرته على الخروج من الحالة السابقة والاندماج فى الحاضر.
حول "بيت النار" وأجوائها ورأيه فى الجوائز كان لـ"اليوم السابع" هذا الحوار:
كيف تنظر لفوز "بيت النار" مؤخراً بجائزة ساويرس، وما رؤيتك للجوائز بصفة عامة؟
لم أتوقع هذا الفوز، ولكنى كنت راضيًا عن العمل الذى قدمته ورأيته يستحق الفوز، ولا أفكر عادةً فى الجائزة، فالفوز بجائزة لا يؤكد جودة العمل، وأغلب الجوائز لا تمتلك سمعة طيبة، حيث تتدخل الأهواء الشخصية، كما أن بعض أعضاء لجان التحكيم ليسو متخصصين فى المجال الأدبى. ولكن ساويرس والعويس تحديداً تمتلك سمعة طيبة، وقد اكتسبتا أهميتهما من الفائزين بهما، وعموماً الجوائز تنشط الحركة الأدبية.
لماذا قمت بتغير اسم الرواية من "شغل" كما صرحت من قبل إلى عنوانها الحالى "بيت النار"؟اقترحت الاسم الأول على أصدقائى فأخبرونى بأنه يشبه الروايات السوفيتية، فقمت بتغييره إلى بيت النار، فكرت أيضاً فى "قمر له ليالى" حيث تدُعى والدة البطل "قمر"، ولكن تم استبعاده أيضاً فى مقابل بيت النار المستوحى من عمل البطل، لأن المهن التى عمل بها تُعد دنيا من نار. ومع ذلك أشعر بحنين للاسم الأول" شغل".
لماذا كان "العمل" هو المحور الرئيسى لفكرة الرواية؟
تمنيت كتابة هذه الرواية طوال عمرى، ولم أهتد بسهولة لكتابتها، حيث لم أجد الخيط الذى يجمع كل الخيوط المتفرعة أو الصوت الذى يعبر عن ذلك. فكان اكتشافى لتيمة "العمل" هو المنقذ والكشف على نحو يكاد يكون صوفيا، والبؤرة التى أتحرك من خلالها لكتابة الرواية. والعمل تيمة أتاحت لى الانتقال عبر المكان والزمان لأنها تعمل على تاريخ 30 عاماً، فكرة الشغل ليست فقط مهنة الصبى الذى عمل كبائع ثلج فى البداية ولكنها مهنة المناضل الثورى الذى ترك الدنيا للعمل من أجل قضيته. وتُعد هذة الرواية الأكبر حجماً بالنسبة لرواياتى وأعتبرها الأقرب لى.
ألا ترى أن المكان هو أيضًا يلعب دورًا محورياً فى الرواية فلماذا؟
لم أتعمد التركيز على المكان بقدر ما أفادتنى تيمة "الشغل" فبحثت خف البطل فى الأماكن التى عمل بها، وكنت سعيداً لأنى أستعيد أماكن عرفتها فى طفولتى اندثرت الآن، أعدت تأملها، وبالتالى كان الاهتمام بالتفاصيل الدقيقة، وأشُرف بالعمل فى معظم هذه المهن ولكن الرواية لم تكن تسجيل لسيرتى الذاتية، ولكن منطق الرواية حكمنى خلال الكتابة.
تناولت الفترة الزمنية من الستينيات وحتى اغتيال السادات، فلماذا هذة الحقبة بالتحديد؟
بدأت كتابة الرواية حول آخر "شغل" قام به الراوى والذى كان يمكن أن يتجاوز الحقبة التى كُتبت خلالها، ولكن الثورة صنعت نوعاً من اللبس ولم أستطع الكتابة. فكان الحل التوقف عند هذه الحقبة الزمنية وعزلت نفسى. وقد أستغرقت شهوراً فى إعادة الكتابة بعد الثورة والتى لم أضمنها للعمل، فالثورة حدث ليس من السهل الاستجابة له بسرعة.
تتشابه بعض أحداث بيت النار مع قصص "السير فى الحديقة ليلاً"، فهل يعُزى ذلك لتناولك نفس الحقبة الزمنية، أم هى النوستولوجيا للأعمال الأولى؟
أولاً كاتب العملين شخص واحد، وقد أثرت فى الجزء الخاص بالحرب وقضية الدفن "رسائل الشهداء"، العودة إلى تأمل ما كتبته منذ ثلاثين عاماً ورؤيته. وبطبيعة الحال اختلفت وانتقدت بعضه، ولكننى نوهت بذلك كنوع من الأمانة وأنى عدُت أيضاً لرواية "نوبة رجوع"، نفس المستشفيات التى نقلت الشهداء، ونوعية الموتى وهكذا، وبقراءة هذه الأعمال يدرك القارئ إلى أى مدى أعدت التأمل واكتشاف الكتابة الأولى.
ما الجديد لديك بعد "بيت النار"؟
أنا من أكثر الكتاب توتراً وخوفاً لأنى لا أستطيع الكتابة حالياً، فقد دخلت عدة مشاريع وتوقفت كثيراً، عندما أكتب بنفس الطريقة السابقة قبل الثورة أفشل، أشعر بتغير ما فى الروح والخيال، لا أستطيع العثور على الشىء المراد الكتابة عنه، ولا يعُنينى الكتابة عن الثورة بقدر ما يشغلنى الخروج من الحالات السابقة، تغيرت على المستوى الشخصى ولم أتغير على مستوى الكتابة. ينقصنى شيئاً ما لكى أكتب ولا أعرف هذا الشىء بعد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة