يبدأ موقع "وثائق دمشق" التابع لمركز "مسارات" الإعلامى اليوم الاثنين، نشر وثائق ومراسلات سرية تم تسريبها من دوائر النظام السورى الرسمية حول ملفات حساسة ودقيقة ضد نظام الأسد، الذى عمل من جانبه على إخفائها، لعدم كشف جرائم قام بها ترقى لجرائم ضد الإنسانية.
وقد اختار الموقع الذكرى السنوية الثالثة لانطلاق ثورة الشعب السورى، لنشر تلك الملفات المسربة، والمكونة من 50 ألف مستند من ملفات الاستخبارات السورية، التى تتعلق حسب مدير مركز "مسارات" لؤى المقداد، الناطق الرسمى باسم قيادة الأركان للجيش السورى الحر، بكشف المستور عن جرائم النظام الممنهجة بحق المعتقلين العرب والأجانب والسوريين، التى تم الحصول عليها وفقًا له من خلال تنسيق عال مع شبكة واسعة من ضباط المخابرات والجيش النظامى منذ بدء الثورة السورية، وحان الأوان لكشفها.
المستندات التى سُمِّيَت بـ"وثائق دمشق" قال المقداد، "هى سلسلة تحوى داخلها أكثر من 1000 وثيقة، تسلّط الضوء ولأول مرّة، على محاضر الاجتماعات، داخل مكتب الأمن القومى، فيما يتعلّق بملف المعتقلين والمفقودين اللبنانيين، الذى ينكر بشار الأسد وجودهم فى معتقلاته وأقبيته المظلمة التى يحاول من خلالها كبت إرادة الشعوب، ليس فى سوريا فحسب، بل بالمنطقة ككل"، واصفاً الأسد بأنه "الذراع التنفيذية لإيران والاحتلال الإسرائيلى داخل الوطن العربى".
وأضاف المقداد أنه من خلال الاضطلاع على الوثائق تبين أن النظام رفض دوماً الاعتراف بوجود هذا الكم الهائل من المعتقلين لديه واقتصر اعترافه على وجود نحو 150 معتقلاً فى السجون السورية بتهم سياسية، منكراً بذلك وجود أسماء نحو 600 مفقود آخرين يصر أهاليهم واللجان المعنية فى لبنان على وجودهم فى سوريا.
وتابع مدير المركز "أن الملف المتعلق بالمعتقلين اللبنانيين، ملف متكامل، ويضم نحو ألف وثيقة رسمية، ومحاضر لاجتماعات اللجنة اللبنانية – السورية التى تتابع ملفهم فى الفترة الممتدة بين عام 2005 حتى عام 2012، مشيراً إلى أن الملف المسرب يكشف أسماء جميع المعتقلين اللبنانيين فى السجون السورية، وأسباب اعتقالهم، إضافة للتهم الموجهة إليهم، وأسماء المحققين، وأماكن توزعهم فى السجون والفروع الأمنية.
وأردف المقداد أن ما سيُنشَر من وثائق ستظهر "الآليات التى احتال النظام السورى بموجبها من خلال عمل اللجنة الأمنية المشتركة وتشويش الرأى العام اللبنانى تحديدا".
ويتضمن ملف المعتقلين اللبنانيين حسب المستندات "مئات المراسلات داخل الفروع الأمنية ومكتب الأمن القومى السورى بوجود بشار الأسد، التى تفضح كيفية تعاطى المسئولين السوريين مع هذا الملف انطلاقا من خلفية أمنية، بعيدا عن أى معايير وأسس أخلاقية وإنسانية.
ولم ينفِ المقداد استغرابه أثناء اطلاعه على كافة الملفات والوثائق من الأسلوب الذى تتبعه مخابرات نظام الأسد فى قتل المعتقلين، "مخترقين بذلك جميع المبادئ التى تنادى بحقوق الإنسان"، قائلاً "إنّ الفشل الكلوى كان أحد أكثر الأمراض التى يعزوا النظام لها سبب وفاة المعتقلين بعد التعذيب الرهيب والممنهج الذى يتعرضون له".
وأكد "المقداد" أنّ السبب الذى يكمن وراء اعتقال النظام العشوائى للمواطنين العرب والأجانب، هو تكريس نظرية المؤامرة التى سعى إلى نشرها منذ بداية الثورة السورية "حيث أن أحد المعتقلين العرب كان سبب اعتقاله، فقط لأنّه سأل عن مصدر شرعية اقتحام الدبابات لإحدى المناطق السورية.
ولم تسلم الخارجية السورية من الوقوع بتسريبات "وثائق دمشق" حسب "المقداد" الذى قال "إننا نملك محاضر اجتماعات جرت بين وزير الخارجية السورى وليد المعلم والدول الشريكة فى قتل السوريين"، وإن تلك المحاضر "تبيّن الأساليب والأوامر التى كان يتلقاها النظام للشروع فى قتل الأهالى والمدنيين العزل، إضافة إلى بعض الوثائق التى كان يخطط من خلالها إلى الأساليب التى تمكنه من استغلال مؤتمر جنيف، لتحقيق مآربه الشخصية"، بالإضافة إلى وجود مجموعة من المراسلات بين الأفرع الأمنية، وتكتيكاتها الممنهجة فى التجسس على الناشطين منذ بداية الثورة السورية.
وذكر "المقداد" أنه جرى التأكد بشكل علمى من كافة الوثائق المعروضة، بما فيها أسماء المعتقلين العرب والأجانب، من قِبَل جهات عربية ودولية مختصة فى هذا المجال.
وفى مقابل الوثائق التى تبين وفاة عدد من المعتقلين تحت التعذيب، تشير وثائق أخرى إلى مكان وجود عشرات المعتقلين اللبنانيين الذين لا يزالون على قيد الحياة، حيث يقول المقداد فى هذا السياق "سننشر المعلومات الكاملة عنهم وعن مكان وجودهم، بحيث لا يستطيع النظام السورى قتلهم أو إنكار وجودهم"، مستطرداً "كما أن المعلومات التى ستُنشَر تباعًا هى بمثابة ضمانة على أنهم أحياء وأنه فى حال التعرض لهم أو قتلهم تحت التعذيب سيشكل جريمة كبرى".
فى نفس الوقت أكد "المقداد" أن "حقائق كبرى ستنكشف أمام الشعب اللبنانى تظهر تورط مرجعيات لبنانية وقيادات سياسية بارزة فى قضية المفقودين، وكيفية استغلالها لهذا الملف لغايات لا أخلاقية ولا إنسانية، متناسية معاناة المعتقلين وعائلاتهم".
ومن بين الوثائق المسربة حالياً (قبل نشرها اليوم)، كشف المركز عن مصير أربعة لبنانيين مفقودين فى السجون السورية من أصل نحو 600 اسم، وبالرغم من إصرار عائلات المفقودين على وجود أبنائهم فى سوريا وامتلاك بعضهم أدلة وشهادات تؤكد أنهم كانوا معتقلين، لكن هذه الجهود بضغوط مارستها لجان المجتمع المدنى اللبنانى المعنية بقضية المعتقلين والمخطوفين والمفقودين والمخفيين قسرا، لم تثمر عن جلاء ظروف وأسباب اعتقالهم ومصيرهم بعد كل هذه السنوات الطويلة، حيث إن المعتقلين الأربعة هم (سليم سلامة، وقزحيا شهوان، وعبد الناصر المصرى، ورائف فرج).
ففى حالة المفقود "سليم سلامة"، تكشف وثيقة صادرة عن الشرطة العسكرية، تنفيذ حكم الإعدام بحقه بتاريخ 20 مارس 1990، تنفيذا لقرار يحمل الرقم (52) بتاريخ الخامس عشر من الشهر ذاته، والصادر عن (شعبة التنظيم والإدارة - فرع القضاء والانضباط العسكرى)، وبموجب الوثيقة ذاتها، أوقف سلامة (والده بهزاد ووالدته حسنة، مواليد طرابلس عام 1952) بالسجن العسكرى الثانى من قبل شعبة المخابرات، الفرع (248) لحساب محكمة الميدان العسكرية التاسعة، بجرم "التجسس لصالح العدو الإسرائيلى".
ومن ناحيتها، تؤكد وثيقة ثانية صادرة عن شعبة المخابرات، تورد اسم والدته حسنة، إعدام سلامة، مشيرة إلى توقيفه بتاريخ 14 أبريل 1989 بجرم "التجسس لصالح إسرائيل، وأحيل إلى المحكمة الميدانية الأولى وصدر بحقه حكم الإعدام (رقم الحكم 667)، بتاريخ 15 ديسمبر 1990.
"قزحيا شهوان" هو اسم المفقود اللبنانى الثانى، الذى لم يعممه النظام ولم يعترف بوجوده داخل سجونه، وهو ما تدحضه وثائق صادرة عن شعبة المخابرات والشرطة العسكرية السورية.
الوثيقة الأولى (المخابرات)، تؤكد بدورها صدور حكم الإعدام وتنفيذه بـ"شهوان" (والده فريد ووالدته ثريا، مواليد عام 1951)، الموقوف بتاريخ 24 يوليو 1980، بسبب "انتمائه إلى حزب الكتائب واشتراكه مع مجموعة مسلحة بقتل 17 عاملا سوريا على حاجز شكا" شمال بيروت، علما بأن وثيقة (الشرطة العسكرية) تذكر أنه "أوقف من قبل شعبة المخابرات - الفرع (235) لحساب محكمة الميدان 18، بجرم إخوان (الجناح المسلح)"، لافتة إلى تنفيذ "حكم الإعدام به فى السجن العسكرى بتدمر تنفيذا للقرار رقم 109 بتاريخ 26 أغسطس 1981، الصادر عن شعبة التنظيم والإدارة".
وتوضح أنه "أحيل إلى المحكمة الميدانية الثانية وصدر بحقه حكم الإعدام"، الذى نفذ بتاريخ 27 أغسطس 1981.
المعتقل "عبد الناصر المصرى" (والده خضر ووالدته سليمى، مواليد عام 1973، طرابلس)، وهو كان متطوعا بالجيش اللبنانى فوج المغاوير، تفيد وثيقة صادرة عن الشرطة العسكرية بأنه قد تم الإبلاغ عن حالته، وتفيد بتنفيذ "حكم الإعدام بحقه بتاريخ 29-5-1996 فى ساحة السجن العسكرى بالمزة، تنفيذا لقرار صادر (قبل ستة أيام) عن شعبة التنظيم والإدارة - فرع القضاء والانضباط العسكرى.
واتهم قاضى التحقيق العسكرى الرابع بدمشق وفق الوثيقة نفسها "المصرى" بجرم القتل عمدا والتسبب بإيقاع البلبلة فى صفوف القوات السورية، بينما تذكر وثيقة صادرة عن شعبة المخابرات أن (فرع الأمن والاستطلاع فى لبنان) أوقف المصرى فى 30 نوفمبر 1993، لإقدامه على "قتل المجند السورى (محمد عروق) من مرتبات قواتنا العاملة فى لبنان - الفوج 53 قوات خاصة".
وأشارت الوثيقة ذاتها إلى أن "المصرى" اعترف خلال التحقيق معه "بإقدامه على قتل المجند السورى فى منطقة الكورة بلبنان بواسطة مسدس حربى، بعد أن أطلق النار على رأس المجند السورى (فأرداه قتيلا)، وقام برمى جثته على حافة الطريق، وبعدها هرب إلى مقر وحدته فى بيروت حيث كان متطوعا بالجيش اللبنانى - فوج المغاوير".
وتابعت الوثيقة "المصرى كان يعمل حاجبًا لدى النقيب اللبنانى (فادى داود) قائد السرية الأولى بفوج المغاوير"، مشيرة إلى أن الأخير "قام بمكافأته على عمله بإجازة مدتها 15 يومًا، وكان من أنصار (النائب) ميشال عون، وقد نفذ العديد من العمليات ضد قواتنا فى لبنان، وكان يقوم بتحريض اللبنانى (عبد الناصر خضر المصرى) للقيام بعمليات ضد قواتنا فى لبنان.
فيما تؤكد وثيقة ثالثة صادرة عن وزارة الداخلية أن المصرى (248) أوقف لـ"قيامه بإلقاء قنبلة يدوية قرب مركز القوات السورية فى طرابلس بتحريض من النقيب (فادى داود)، كما أقدم على قتل المجند السورى (محمد عروق)"، مكررة الإشارة إلى إحالته إلى النيابة العامة العسكرية بدمشق، المحكمة الميدانية، وصدر بحقه حكم الإعدام.
أما الوثيقة الأخيرة، فتكشف إحجام أجهزة الأمن السورية المعنية عن الرد على كتاب أحالته إليها وزارة الخارجية السورية، بناء على كتاب من منظمة الهلال الأحمر السورى، حول طلب اللبنانية (فاديا فرج) "معرفة مصير شقيقها رائف فرج".
وأشارت الوثيقة إلى أن الخارجية طالبت بكتاب مؤرخ فى 27 ديسمبر 2005، معطوفا على كتاب منظمة الهلال الأحمرالسورى، مؤرخ فى العشرين من الشهر ذاته، والمتضمن طلب اللبنانية (فاديا فرج) معرفة مصير شقيقها رائف فضل الله فرج (والدته فتحية، مواليد عام 1960)"
وتابعت الوثيقة "تبين أن المذكور (فرج) أوقف من قبل شعبة المخابرات بجرم التجسس بتاريخ 7 أكتوبر1981، وتوفى بتاريخ 18 يوليو 1987 إثر إصابته بقصور كلوى حاد، وتم دفن الجثة فى تدمر، موضحة أنه "تم حفظ الموضوع ولم يتم الرد".
من جانبه دعا "لؤى المقداد" رئيس مركز مسارات الإعلامى، عائلات المفقودين اللبنانيين إلى "أخذ هذه الوثائق كأدلة والتحرك سريعا لدى المحاكم الدولية من أجل المطالبة بإطلاق سراح أبنائهم ومحاكمة نظام الأسد على جرائمه السابقة والمستمرة"، لافتا إلى أنه "بين اللبنانيين المعتقلين مَن اعتقل قبل 30 سنة لانتمائه إلى محور كان معاديا لنظام الأسد، وبات اليوم حليفا له، من دون أن يشفع لهم ذلك بالإفراج عنهم.
الوثائق التى عمل فريق من 70 ناشطًا على جمعها خلال فترة زمنية طويلة، تتضمن مصادر عدّة، أبرزها ضباط منشقون عن الجيش النظامى وموظفون فى دوائر رسمية لا يزالون يمارسون مهامهم الوظيفية، كما تتضمن 13 جدولا بأسماء معتقلين من جنسيات عربية وأجنبية، بعضهم أفرج عنهم وجرى التحقق من بعض دولهم والبعض الآخر لا يزال معتقلا.
وتؤكد (وثائق دمشق)، بأن أسماء جميع المعتقلين فى سجون الأسد، تتضمن معلومات تفصيلية عن كل منهم، مع الاسم الثلاثى وتاريخ الميلاد ومكان الاعتقال والتهمة الموجهة إليه، وأن الوثائق صريحة ودقيقة ورسمية وهى غير قابلة للتشكيك فى مصداقيتها أو دقتها، حسب "المقداد" الذى يوضح بأنه "بعد حصولنا على قسم من هذه الوثائق أمّنّا خروج عدد من الضباط وعائلاتهم إلى خارج سوريا، فى حين أنه لا يزال لدينا مصادر تعمل فى إدارات النظام وأجهزته، لافتا إلى "أننا لن نقدم على نشر ما قد يضر بسلامتهم، فى موازاة اتخاذ أعضاء المركز احتياطات أمنية لسلامتهم".
واختتم المقداد بأنه سيتم الكشف عن محاضر رسمية لاجتماعات أركان النظام السورى مع مسئولين فى دول داعمة ولا سيما روسيا والعراق، من ضمنها "محاضر اجتماعات ضمت كلا من وزير الخارجية العراقى (هوشيار زيبارى) ووزير الخارجية الروسى (سيرغى لافروف) ونظيرهما السورى (وليد المعلم) ونائبه (فيصل المقداد)، والتى من شأنها أن تكشف الدور الذى يلعبه الروس فى صنع القرار السورى وتنفيذه، فى حين يتولى نظام رئيس الوزراء العراقى (نورى المالكى) المساعدة بهدف تأمين الغطاء لنظام الأسد".
كما ينوى موقع (وثائق دمشق) نشر وثائق عن "عمل الأجهزة الأمنية وكيفية تعاطيها مع انعقاد مؤتمر (جنيف 2)، وكيفية عمل نظام الأسد على حياكة المؤامرات والخطط من أجل الاحتيال على المجتمع الدولى بتوجيه من حلفائه، إضافة إلى وثائق تكشف من حرك وأرسل المجموعة التى هتفت أمام مقر (جنيف 2) للرئيس السورى ورفعت صوره.
مركز إعلامى سورى يكشف 50 ألف مستند لاستخبارات "بشار الأسد" تؤكد جرائم النظام وإعدام معتقلين سوريين وعرب.. ومدير "مسارات": تفضح انتهاكهم لحقوق الإنسان.. وحصلنا عليها بالتنسيق مع ضباط بالجيش النظامى
الإثنين، 17 مارس 2014 02:21 ص
الرئيس السورى بشار الأسد
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة