«السكرى» شريك «البنا» فى تأسيس الجماعة يكشف فى 3 رسائل: قلب الإخوان «الأسود» كيف باع «الإمام» الدعوة وتخلص من الشرفاء لتحقيق مصالحه السياسية؟ .. أهل الفساد يتحكمون فى «الجماعة»

الأربعاء، 26 فبراير 2014 09:08 ص
«السكرى» شريك «البنا» فى تأسيس الجماعة يكشف فى 3 رسائل: قلب الإخوان «الأسود» كيف باع «الإمام» الدعوة وتخلص من الشرفاء لتحقيق مصالحه السياسية؟ .. أهل الفساد يتحكمون فى «الجماعة» حسن البنا
تحقيق يكتبه: محمود الضبع

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نقلاً عن اليومى..
ليس سهلا أن تفهم حقيقة جماعة الإخوان، فالتنظيم الحديدى رغم كل شىء، ما يزال غامضًا محتجبًا خلف ستائر كثيفة، أو متسترًا بمبادئ دينية، وقيم أخلاقية، تبدو براقة مثل «ورقة سوليفان»، لكن أحدًا ليس يدرى على أى شىء تنطوى؟.



إن ناقشت إخوانيًا، لن تجد منه، إلا لينًا فى القول، وحسنًا فى المنطق، وربما سارع إلى استمالتك بعبارات على شاكلة: «إنما الإخوان يريدون جعل كلمة الله هى العليا»، وقد يردد على مسامعك «أكليشيهات» مثل «نحمل الخير بمصر»، ولن ينسى بالقطع أن يشتق تأكيدًا لما يتفوه به، آية من كتاب الله، وحديثًا من الصحيحين، لكن واقع الأمر أنه وإذا كان يعرف التاريخ الأسود لجماعته الإرهابية الإقصائية، لا يعدو إلا أن يكون ببغاءً يردد الكلام، يبدو ظاهره حسنًا، فيما قلبه يغلى حقدًا وكراهية.



إذن.. كيف تفهم الإخوان حق الفهم.. دون تهويل أو مبالغة فى العداوة أو المحاباة؟.

ليس أمامك إلا أن ترجع إلى شهادات الخارجين من جحيم الجماعة، الذين كانوا شهودًا على ما يحاك خلف الجدران، من مؤامرات ودسائس ومكائد، وهى أمور - فى مفارقة شديدة الأهمية - ليست بنت اليوم، لكنها ممارسات نبتت «شيطانيًا» كالصبار المر الشائك، منذ تأسيس الجماعة، على يد «حسن البنا» قبل نحو 85 عامًا.



ومن الشهادات المهمة، شهادة سجلها أحمد السكرى، شريك البنا فى مرحلة التأسيس، الذى لقى «جزاء سنمار» إذ انقلب عليه «صديقه» وطرده من الجماعة، لأنه رفض الفساد الذى يعشش فى حنايا الجماعة التى أراد الرجل منها، أن تبعث صحيح الدين -الذى لا يعارضه عاقل بالمناسبة - فإذا بالأمور تنحرف عن مساراتها، وتؤدى سياسات «الإمام» الديكتاتورية والقمعية والفاسدة، حسب مقالات نشرها «السكرى» فى جريدة «صوت الأمة» التى كان يصدرها حزب الوفد آنذاك، وأعاد نشرها الكاتب الكويتى، محمد صالح السبتى، فى كتابه مؤخرًا «الإخوان المسلمون.. فضائحهم بأقلامهم.. شهادة المؤسس الحقيقى للإخوان ضدهم».



والمؤسس الحقيقى، حسب السبتى، هو السكرى، الذى يكبر البنا سنًا، حيث ولد 1901 وتوفى عن عمر تسعين عامًا، ويرجع إليه تأسيس جماعة الإخوان، التى وصفها بأنها جماعة ترتدى قناع الدعوة، حتى تخفى مآربها الخفية، وقد تنازل للبنا عن منصب المرشد العام وبايعه، ورضى بأن يكون وكيل الجماعة، حتى وقعت فضيحة فساد عبدالحكيم عابدين، صهر البنا، الذى تولى التنظيم السرى، بعد عبدالرحمن السندى، وتورط فى فضائح جنسية مع نساء من الجماعة، فتستر عليه «الإمام» ورفض إقصاءه، بل والأكثر من ذلك طرد السكرى من الجماعة، بعدما شن عليه حملة تشويه ونهش سمعة.



فإلى الكتاب لاستعراض ثلاث مقالات صاغها الرجل «المفجوع» فى خيانة صديقه، على هيئة رسائل له، ونشرتها الصحيفة سالفة الذكر، وهى «رسائل - مقالات» غاية فى الأهمية، وتصلح لأن تكون مفتاحًا، لدخول قلب تنظيم الإخوان، المظلم والملىء بالسواد والحقد البغيض.



المقالة الأولى نشرت بتاريخ 11 أكتوبر سنة 1947، وتشرح أسباب الخلاف بين السكرى والبنا، وتفضح الرسالة الوجه القبيح لديكتاتورية البنا، وممارسات تصفية معارضيه، وعدم مراعاته «العشرة التى امتدت 27 عاما مع السكرى».



يقول السكرى للبنا: استعنت بك أول الدعوة «المباركة» حتى إذا ما صلب عودك وأكملت دراستك وزاولت عملك فى «الإسماعيلية» وأنشأت شعبة أخرى، وفتح الله لك القلوب، وتعددت فروع الجماعة، آثرتك على نفسى وبايعتك، وطلبت من الناس أن يبايعوك.



ويتناول فصله من الجماعة بفقرة أخرى قائلا: «لقد حددت بخطابك أسباب فصلى وهى، كما تقول: الاختلاف فى أسلوب التفكير وتقدير الظروف والأشخاص والأحوال، والاختلاف فى الشعور نحو الأشخاص، فإذا بك تقطع ما أمر الله به أن يوصل.



ولعل الناس عندما يطلع عليهم هذا النبأ، ولعل الإخوان حين يفجعون بهذا الخبر، لا يدرك أكثرهم السر فى اختيارك هذا الظرف بالذات لهذا الإجراء الشاذ الأليم.



وإنه ليعز على ويؤسفنى الرد عليك بعدما فشلت جهود وسطاء الخير بيننا من خيرة الرجال وكرام الإخوان حتى مساء أمس، بسبب تمسكك بموقفك ورفضك انتهاج ما يصلح ذات بيننا، ثم تماديك إطلاق ألسنة السوء لتشويه سُمعتى والحط من كرامتى زورا وبهتانا.



ويقول السكرى فى فقرة أخرى: كنت أفهم يا أخى أن يقضى هذا خلاف بالرأى إلى أن نحتكم إلى إخواننا فى الله، ليقضوا بيننا بروح الإسلام ومنهاج القرآن، أما أنك تستبد وحدك بالأمر، وتنزع ممن حضر من إخوان الهيئة التأسيسية يوم 9 يوليو الماضى تفويضا بإقصاء من تشاء وفصل من تشاء هربا من التحكيم، وفرارا من مواجهة الموقف، ودون تمكين من تتهمه أو يتهمك من إبداء رأيه والدفاع عن نفسه فإن هذه ديكتاتورية يأباها الإسلام وتأباها الشرائع والقوانين وتتنافى مع المنطق.



وإن قلت أن مبايعة الإخوان لك تقتضيك التصرف الفردى فى شؤون الدعوة وشؤونهم، فإن الحق يرد عليك بأن البيعة فى حدود ما أنزل الله وما رضى عنه، لا تحكيم الهوى والخروج على المبادئ، ومسايرة أهل الدنيا على حساب الدعوة وأبنائها المخلصين.



ويكشف السكرى عن أسباب الخلاف الحقيقة فيقول: أخذتك العزة وأشحت بوجهك وقربت إليك أهل الفساد ورميت بالدعوة فى أحضان السياسة والسياسيين وضحيت بأهل الرأى والإخلاص، ورأيت الصف قد اعوج وحدثت أمور داخلية وأخرى خارجية، لم يرض ضميرى إلا أن أقف موقف الناصح الأمين، الحريص على دعوته، ووازنت بين أمرين أحلاهما مر.



ولم تكن المسائل الخلقية وحدها بيت الداء بل وجدت الدسائس والفتن الداخلية والدعايات الباطلة ضد الأحرار وارتباك النظم وفساد الإدارة مرتعا خصبا داخل صفوفنا وذلك بسبب دخول الانتهازيين المأجورين صفوفنا بإيعاز من رجال السياسة، وتضحيتك بأغلى رجال الدعوة فى سبيل رضاهم، وما أسفر عنه ذلك من إغراق فى السياسة الحزبية، ومساومة الجميع، حتى وصلت أسهم الإخوان إلى أدنى الانحطاط عقب تولى صدقى باشا الحكم، بسبب تغلب العناصر النفعية عليك فى مهادنته ومسايرته.

ويكشف السكرى عن خيانة الإخوان «بقيادة البنا» للأحزاب السياسية وعلى رأسها الوفد آنذاك، حيث يمضى قائلا: وما كان من سخط الناس علينا واشتباكنا بعد ذلك مع الوفديين ببورسعيد وغيرها، ثم طلبك بإلحاح أن أسافر إلى الإسكندرية للتفاهم مع الوفديين وذهابك بنفسك مع أحد الإخوان إلى منزل أحد أقطابهم ليلا تعرض عليه التعاون معهم لكف حملاتهم، ثم تغلب العناصر النفعية عليك ثانية لنقض هذا التفاهم وإشعال نار الفتنة والحرب الأهلية بيننا وبين الوفد لإرضاء الحكومة.

وشاعت الشائعات باتصالك بفئة معينة من رجال السياسة ومساومتهم لك على إخراجى من الدعوة ليصفو لهم الجو، واعترافك إلى بذلك فى المستشفى، ففى الرابع من يناير عام 1947 طلبت منى التنحى عن جريدتنا، وعن وكالة الإخوان، وكذا عن نشاطى فى الدعوة.

وقلت بالحرف الواحد إن هذا بناء على طلب من رجال السياسة والذين أحتفظ بذكر أسمائهم الآن، ولما عاتبتك بشدة على سماحك أن يتدخلوا فى شؤوننا أصررت وقلت إنك توافقهم على ذلك.

ويفجر السكرى مفاجأة إذ يكشف عن اتصالات البنا بالقوى الأجنبية والمصرية العميلة، مضيفًا: «ووقفت أمنعك من هذا التصرف المشين، حتى اكتشافى عن طريق الصدفة، اتصالاتك ببعض الشخصيات الأجنبية والمصرية، وهالنى ما حدثنى به أحدهم يوم 7 فبراير من العام ذاته.. «وهنا لم يفصح أكثر».

ويتابع مستعرضا قرار فصله من الجماعة لأنه «يتمرد» على المرشد العام، وصمته أملا فى الإصلاح، قائلا: «وبعد ذلك أسفرت وكشفت القناع متماديا بالدعوة فى الانزلاق السياسى مع الغفلة التامة عن أهدافنا ومبادئنا، مما جعلنا مضغ الأفواه وجعل الجميع يتحدثون على أننا صرنا سلعة تباع وتشترى ولا نتقن إلا الدعاية والتهريج»، حتى يختتم المقال بقوله: «ولو كانت الضربة منك لقبلتها ولكنها بيد عمرو -يقصد رجال السياسة - لا بيدك، فتبعدنى وأنت أولى بالإبعاد».

بعد نشر المقالة الأولى بثلاثة أيام نشرت جريدة «صوت الأمة» الرسالة الثانية، ويخاطب السكرى فيها «المخلصين من الإخوان» حيث يقول: أنتم أيها الإخوة أولى الناس بتفهم الأمور، دون تأثير ولا تخدير، كما أنكم أساس الدعوة وأمناء هذه الرسالة.

ويقرر أنه دعم «البنا» لما كان صغيرًا، فى فقرة أخرى: عشت فيها أخى فى الله الأستاذ حسن البنا سبعة وعشرين عاما، كما تعلمون عرفته صغيرًا، واستعنت به فى الدعوة شابا، ودخلنا الكهولة حبيبين مخلصين، وأخوين صادقين، آثرته على نفسى سعيدا راضيا، وأنكرت نفسى ليظهر، وأخفيتها ليرتفع فكان الأمين والأخ والقائد، فمن الذى قطع ما أمر الله به أن يوصل أيها الإخوان؟
اسألوه.. كيف حاد عن الحق ونحن دعاته؟ وكيف خرج عن الصراط ونحن حماته؟ واسألوه لماذا غضب حينما حين أمره أخوه بالمعروف.. فعزله؟
ولماذا ثار حين نصحه أخوه ففصله فى هذه الظروف التى يدعو الدين والوطن فيها إلى توحيد الصفوف وتعبئة القوى ومحاربة الطغيان؟
ويلمح السكرى إلى صفقة ما أبرمها حسن البنا مع جهة لم يكشف عنها حيث يطلب إلى أعضاء الإخوان، أن يسألوا «مرشدهم» عن اليد التى ضغطت عليه ليقطع يمينه بنفسه؟
كما يبدى مرارة من الخيانة لأنه تلقى خطاب فصله من الجماعة، وهو مريض فى مرحلة نقاهة واستشفاء، ومع الفصل انطلقت ألسنة الافتراء ضده.

ويضيف مبررًا هجومه على المرشد «لو أن المسألة تتصل بشخصى لقطعت يدى ولا أخط كلمة واحدة ولكنها مسألة الدعوة.. مسألة الأمانة التى حملناها على أعناقنا طوال السنين، مسألة هذا الصرح الذى بنيناه بتوفيق الله فدب إليه الفساد وسار هو فيه الاستبداد والاستعباد».

كما يتطرق «تلميحًا» إلى الفضائح الجنسية لصهر المرشد العام، فيقول: «لا أدرى لم خان التوفيق أخانا، فأشار إلى الفتنة الماضية - فتنة المسائل الخلقية المثيرة - التى ضحى بسببها بخيرة رجال الدعوة، والتى لو كشف عنها القناع لتفتت قلب كل مؤمن، موجها السؤال للبنا: لماذا يا أخى تثير هذه المأساة الدامية من جديد وتعرض بضحاياك فيها، وبيدى من المستندات ما إن أظهرته لفر من حولك كل تقى وكل مخدوع؟
ويوضح أنه أبلغ البنا فى تقرير وخمس رسائل، عن تفاصيل الفضيحة التى وصفها بالنكبة، وذلك خلال الفترة من 25 فبراير لسنة 1946 حتى 28 يونيو من العام التالى، مضيفًا «كل هذه الخطابات وغيرها لدى صورة منها، فهل له أن ينشرها على الملأ ليعلم الناس هل قمت بالنصيحة وأديت الواجب من التحذير والإلحاح فى الإصلاح أم لا».

ويختتم الرسالة بقوله «إن المعركة التى أطلق أخى الشيخ حسن فيها قنبلته الأولى، أصبحت معركة الصراع بين الحق والباطل، وهو الآن يشعر بما هو فيه من جاه ومال ودنيا زائلة، أما أنا فكما قلت حسبى الله، وسأمضى فى طريقى لا أقول أحاربه بل أحارب روح الباطل والغرور، ولا أقول أهدمه بل أهدم روح الأنانية».

وبعد 29 يوما من نشر المقال نشرت «صوت الأمة» الثالث بعنوان: «كيف انزلق الشيخ البنا بدعوة الإخوان؟».

وجاء فى المقال: «لقد شرحت أسباب الخلاف الحقيقية، ومنها هذا الفساد الخلقى الذى سارت به الركبان، وتستر عليه الأستاذ البنا، وسكت عنه ورضى به بعد أن قامت الأدلة عليه واعترف هو به اعترافا تاما، ولعمر الحق كيف يتفق هذا وشأن رجل أو قوم يدعون أنهم يريدون نشر الإسلام. وكيف يتسنى لهم أن يطهروا غيرهم قبل أن يتطهروا أو يصلحوا الناس قبل أن يصلحوا أنفسهم؟.. إن فاقد الشيء لا يعطيه كما يقول المناطقة والفقهاء.

كما ذكرت فى بياناتى السابقة أيضا أن من أسباب هذا الخلاف تخبط الأستاذ البنا فى السياسة تخبطا أنساه حقوق الدعوة ومبادئها، وانزلق بها إلى مهاوى كنا نستعيذ بالله منها، مما خيب آمال الناس فى هذه الدعوة وظنوها سلعة تباع وتشترى، وأرجوحة بين أيدى العابثين.

ويتابع «سأترك المسائل الخلقية الآن جانبا لأريح أنوف الناس من روائحها الخبيثة، وأبدأ منذ اليوم بالحديث - مُختصرا - عن تطورات الدعوة وكيف كانت على المحجة البيضاء والنهج الواضح المستقيم؟ وكيف عزت وقويت؟ وكانت شوكة حادة فى جنوب الطغاة والمستعمرين حتى قوى شأنها، وعز سلطانها، وخشى الجميع بأسها وصولتها، وكادت تصل إلى الهدف المنشود، ثم كيف تأرجحت وتذبذبت، وساءت سمعة الإخوان فى كل مكان رغم هذا الطبل الأجوف والدعايات الزائفة التى يموه بها الأستاذ البنا على الناس.

ويمضى فى سرد التساؤلات التى سيجيب عليها: كيف أخذت الدعوة فى التدهور والانحلال بسبب تصرفاته وتخبطه المستمر، وإنى بحمد الله على يقين تام أن الله سيعيدها سيرتها الأولى قوية نقية على أيدى الأطهار الصادقين الذين طوح بهم الأستاذ البنا لوقوفهم فى وجه نزواته وشهواته، والله ولى الذين آمنوا وليعلمن نبأه بعد حين.

ويقسم السكرى رسالته إلى أربعة موضوعات، وهى نشأة الجماعة حتى قيام الحرب العالمية، والإخوان والإنجليز وحكومة سرى باشا، والإخوان والوفد، وأخيرا الإخوان والعهد الحاضر «آنذاك».

ويقول فيما يتعلق بالموضوع الأول، وهو الأهم، فإنه فى بلدة المحمودية على ضفاف النيل العظيم، ارتفع صوت سنة 1920 ينادى بالتمسك بتعاليم الدين والرجوع بالمجتمع المصرى إلى مبادئه الخالدة، فانضم إليه نخبة من الرجال الأطهار، وكونوا فيما بينهم جمعية تدعو إلى هذه المبادئ والتعاليم، واختاروا أحمد السكرى رئيسا لهذه الجمعية.

وتعرف «السكرى» على «البنا» وكان يافعا ولمح فيه الذكاء والفطنة واختاره سكرتيرا لهذه الجمعية، حتى إذا صلب عوده، وتخرج بعد بضع سنين فى مدرسة دار العلوم، وعين مُدرسا بالإسماعيلية، اتفقا على تكوين شعبة أخرى للإخوان بها، وانضم إليهم المغفور له الشيخ حامد عسكرية، وتعددت فروع الجماعة، فآثر أحمد السكرى أخاه الشيخ حسن على نفسه، وبايعه بالرئاسة العامة، ودعا الناس إلى مبايعته.

سارت الدعوة حثيثا وأقبل الناس عليها أفواجا، بعد أن أبانت برنامجها واضحا جليًا: أنه الإسلام، ومبادئ الإسلام، وجمع الناس على تعاليم الإسلام.

وانتقل الشيخ حسن إلى القاهرة، وأنشأ المركز العام، ولحق به أحمد السكرى، وفتح الله القلوب لهذه الدعوة المباركة.

ودعونا إلى عقد مؤتمر سنة 1938 بسراى آل لطف الله، حيث ألقى الأستاذ «البنا» أول خطاب جامع له «نشرته مجلة النذير فى عددها رقم 35 المؤرخ فى 17 ذى الحجة 1357 هجرية»، وأوضح فيه منهج الإخوان وكيف نشأوا، وذكر فى صفحة «12» من العدد المذكور، أن من خصائص دعوتهم البعد عن هيمنة الكبراء والأعيان، حتى لا يطمس لونها الصافى لون آخر، وحتى لا يحاول أحد منهم أن يستغلها أو يوجهها فى غير الغاية التى نقصد إليها.

ثم قال البنا: «فى الوقت الذى يكون فيه منكم معشر الإخوان ثلاثمائة كتيبة، اطلبونى أن أخوض بكم لجج البحار وأختم بكم عنان السماء، وأغزو بكم كل عنيد جبار، فإنى فاعل، وصدق رسول الله القائل: «ولن يغلب اثنا عشر ألفا من قبيلة.. وإن تقديرى أن الأمر لن يستغرق وقتا طويلا».

وأظن القارئ يسأل نفسه حين يقرأ للشيخ حسن البنا هذا الكلام منذ تسع سنين: ماذا فعل الشيخ وقد كانت لديه عقب حكومة الوفد مباشرة ألف وخمسمائة شعبة لا يقل متوسط الشعبة الواحدة بما فيها القاهرة والإسكندرية عن مائتى شخص، وهو يقول دائما إن لديه أكثر من أربعين ألف جوال سيقدم منها - على زعم جريدته - عشرة آلاف كتيبة أولى لفلسطين المجاهدة، ويقول: إن لديه نصف مليون من الإخوان العاملين غير مليون ونصف - على زعمه - من المنتسبين.

أقول لعل القارئ يسأل نفسه: أين هذه القوة العددية؟ وأين هذه الأرقام السطحية؟ وماذا فعلت بنا لخير هذا الوطن المنكوب؟
بل ماذا حققت من مبادئ هذه الدعوة التى دعونا الناس إليها؟
اللهم لا شىء غير ممالأة الأعداء ومناوأة الأحرار، والتهاون فى حقوق الوطن، والتقلب فى أحضان رجال السياسة رغم الإلحاح الذى كان يلحه أحمد السكرى، والتقارير المسجلة، والتى كان يهيب به فيها إلى تحقيق ميثاق 5 ربيع الأول سنة 1360هـ «1941»، والذى عاهدنا الناس فيه على مطالبة الحكومة بعد الحرب مباشرة بتحقيق الأهداف السامية، غير هذا الطبل الزائف الذى يخدع الناس، ولم يحقق لهم أملا أو يروى لهم غلة.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة