أكرم القصاص - علا الشافعي

إلى "يارا سلام".. مقاطع من قصيدة طويلة للشاعر محمد رياض

الأحد، 28 ديسمبر 2014 11:12 م
إلى "يارا سلام".. مقاطع من قصيدة طويلة للشاعر محمد رياض يارا سلام

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يــــــــــــــارا

إلى يارا سلام ورفاقها

...

لأنك أجملُ القصائد
حرقوا كلَ أوراقى، وصادروا مشاعرى، وبعثروا ما تبقى
فى الصحفِ والمقاهى
لأنك أجملُ النساء
تُركتُ وحيدًا على بابِ المعتقل
أتدثّرُ بالأشعارِ الثقيلةِ
وأعضُّ الظلام.
لأنك حرةٌ
جسدى لغمٌ يتنقلُ فى الشوارع
وروحىَ لهب.
كيف إذن حلمنا بكل هذه السعادةِ، ونسينا طعمَ الاختناقِ فى الهواءِ الطلق؟
كيف تخيلنا أن بإمكانك أيها العالمُ أن تصير حرًا، وأنت تخطِفُ منا حبيباتنا وكلَ براءةِ الكلمات؟
لماذا أضعنا كثيرًا من الوقتِ ونحن نسمعُ فيروز؟
هل انتهينا من قراءةِ كلِ أشعارِ العالم؟
وهل صارحتنا القصائدُ بأننا لن نعثرَ على الحبِّ بعيدًا عن قنابلِ الغاز
وبأننا لن نعرفَ الحريةَ إلا حين نرسُمها على الحواجز؟.

...
...

لن تموتى أبدًا أيتها المدرعات
سنظل هنا سنواتٍ طويلةً قادمة
وعندما يصدرونَ لكِ الأمرَ بالانسحاب
سأهتفُ طويلاً فى وداعِك
بيننا صداقةٌ عارمةٌ يعزّزُها القتال
لذا سأبوحُ بأفكارى إليكِ:
يومًا ما ستعودينَ إلى معسكراتِ الجنود
عندَ أطرافِ الصحارى
ويأكلُ الصدأُ ذكرياتِ الشوارع
والكتابةِ على جانبيْكِ
ستصيرينَ عجوزًا من الأمطارِ والوحدة
بعيدًا تحتَ الشمس
تُكلّمينَ الرياحَ والبَطَالَة
القططَ البريةً والحياتِ والثعالب
ولن تموتى
هنا وطنُ الأحلامِ الدائمة
والمطالبِ الدائمة
والمعاركِ الدائمة
والهتافات التى لا تنتهى.
...
لن أضيّعَ وقتًا حتى نلتقى
سأصنعُ وطنًا من رهافةِ الأحلام
وأفرِضُه على الكائناتِ والشوارع
الجنودِ والصحفِ واللافتات
حتى لو فقدتُ فى كلِ معركةٍ
أحدَ أضلاعى
وتاريخى بكامله
أنا رسولُ الحقولِ البعيدة
حيثُ القتلُ أكثرَ شراسةً
والحياةُ قويةٌ كالسيول
أصدّقُ أن أسطورةً ستجمعُنا
وكعاشقينِ تحررا من سيرةِ الأبد
نتشابكُ فى الطرقاتِ العامة
نرتادُ المتاحف
ونشربُ قهوتنا على أرصفةِ الحداثة
لستُ عرّافًا
ولا أنتظرُ معجزةً لكى أراكِ
المعجزاتُ تموت
الأساطيرُ وحدها تبقى.

...

هكذا علّمتنا الحكاياتُ
أنه حتى الموتُ يأتى رائعًا
إذا كان الأبطالُ عُشّاقًا
كم مرةً تكلمْنا عن أميرةٍ فى ذروةِ التفتُّح
يحاصرُها الأوغاد؟
كم عاشقًا مرّ فى صمتنا
تحت سماءٍ مرصعةٍ بالجريمة؟
كم تحديْنا تاريخًا يعتقلُ الأنوثة
ونحن نعوى فى وجوهِ الجنود؟
كم سؤالاً يكفى لكى تُفتحَ السجون؟
كم مظاهرةً لنحيا على حدِ الخلاص؟
وكم نجمةً يجبُ أن تسقطَ فى دمائِنا
لنعرفَ أن الحريّةَ أسطورةٌ فى مدينتنا
وأن كلَ ليلةٍ صافيةٍ
ستضيفُ جدارًا جديدًا إلى ضياعِنا الصريح
وغربتِنا المُؤجّلَة؟

...

لكن قيودَكِ لا تضيفُ جديدًا
وضحكتُكِ تضىءُ أوسعَ من الشائعات
وهى تطلُّ من غرفِ المداوَلة
أعرفُ أنكِ تدلّلينَ دُمَىً وقططًا موهومةً
كما تدلّلينَ الرفيقاتِ فى العنابر
وتقرأينَ للسّجينات
تقرأينَ للأرقِ والتململِ والفراغ
وتُحاولين
لكى يصيرَ السجنُ أكثرَ عدالةً من الحياة
وعيناكِ الوفيتانِ للحقيقة
توزعان الابتسامةَ نفسَها على الجميع
وتأتينى انهماراتُ الطفولةِ من الجهةِ التى تحتلّينَها
ولو كنتِ فى قفصِ الاتهام
طبيعىٌّ أن يسوقوا حريةً صغيرةً تحتَ الحراسة
طبيعىٌّ أن نكتبَ القصائد
أن نتألمَ ونقاسىَ ونتشاجرَ ونثورَ ونُسجَن
طبيعىّ أن نموتَ على الحوائط
وأن نصبحَ أيقونةً مألوفةً للعابرين
ومثلُ جميعِ البرابرةِ ندفعُ فاتورةَ التحضر
دمَنا وحريّتَنا.
كلُ شىءٍ يُعادُ
وأنتِ تفجّرينَ الرؤى
لنكتشفَ أن عُريَنا أوضحُ من كارثة
وأن وطنًا يتعلقُ أبناؤه كالخطاطيفِ بجلدِه القديم
لن يتحملَ لسعَ الفراشات.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة