لن يرضوا عنك حتى تتبع مظلتهم وتلتزم سقف مصالحهم، هذا هو حال الولايات المتحدة الأمريكية والغرب، مع شعوب الربيع العربى.. بالأمس استكثروا على مصر أن تحلم بأن يكون لديها مشروع قومى، حاربوا ثورة 1952، ورفضوا تمويل مشروع السد العالى، بذريعة أن الاقتصاد المصرى "غير مؤهل"، فكان الرد مدويًا بتأميم قناة السويس، واسترداد مورد كان مغتصبًا، لتمويل بناء السد الذى حمى مصر من سنواتها العجاف.. واليوم تشهر مراكز أبحاثهم السلاح نفسه فى وجه إرادة المصريين، عجزوا عن الطعن فى دستور ثورة 30 يونيو، ففتحوا أبواب المقامرة على المستقبل، وشككوا فى إمكانية تطبيقه لأن مصر "بلد مفلس".
فى معهد "كارينجى"، عجزت الباحثة مارينا أوتاوا عن الطعن فى دستور ثورة 30 يونيو، أو مواده، أو الإجراءات المتبعة فى الاستفتاء عليه، فلم تجد حرجًا فى أن تزعم بأن الإمكانيات الاقتصادية لمصر، لن تمكنها من تطبيق هذا الدستور على أرض الواقع.
قبل عام، زعمت أوتاوا العضو البارز ببرنامج الشرق الأوسط لدى معهد كارنيجى، أن دستور نظام الإخوان، الذى عكف المستشار حسام الغريانى على صياغة مواده من أروع دساتير العالم، رغم الإدانات المحلية والدولية لما تضمنه الدستور المعيب من مواد، ورغم سيطرة جماعة الإخوان والتيارات الدينية على الجمعية التأسيسية التى وضعت مواده.
لم تجد أوتاوا حرجًا فى الإشادة بدستور الغريانى، رغم ما تضمنه من تضييق على الحريات الدينية، وتهميش المرأة وغير ذلك من المواد التى تكرس الحكم الدينى الثيوقراطى، ويضمن امتيازات للمؤسسة العسكرية مثلما كان الوضع عليه قبل ثورة 25 يناير.
حينها، ردت أوتاوا عبر البريد الإلكترونى على "اليوم السابع" بقولها، إن دستور الغريانى، القوى المدنية التى تعارض دستور الغريانى، لا سند لها، وتبالغ فى موقفها، متسائلة: "أى مواد فى دستور الغريانى يمكن أن تنتهك حرية العقيدة وحرية الكلمة؟ ".
ودون مواربة، شنت أوتاوا هجومًا حادًا على خصوم الإخوان آنذاك، بقولها إن المشكلة ليست فى الدستور، وإنما فى ضعف المعارضة، التى ستعجز ـ بحسب قولها ـ عن ضمان الالتزام بمواده.
أوتاوا، المنتمية لمعهد كارنيجى، صاحب خريطة "الشرق الأوسط الجديد"، وصفت دستور ثورة 30 يونيو بـ"الطموح"، لكنها دست فى تقرير لها، نشره مركز ودروو ويلسون الأمريكى، السم فى العسل، مشككة فى إمكانيات تطبيق مواده على أرض الواقع، بقولها: "تحقيق ما به، سيكون بعيد المنال لبلد مفلس"، كما شنت هجومًا على مؤسسة القضاء، زاعمة أن القضاء المصرى "مسيس"، وأنه كان خصمًا سياسيًا، يعادى نظام مرسى، مستنكرة المواد الخاصة بتحصين السلطة القضائية، فى الدستور الجديد.
ورغم إشادتها السابقة بدستور الغريانى، إجمالا.. إلا أنها انتقد المواد الخاصة بالمحاكمات العسكرية للمدنين فى دستور ثورة 30 يونيو، مع أن الأخير، فند وحدد الجرائم التى تقتضى محاكمة المدنين عسكريًا، فيما ترك دستور الإخوان الحق للجهات العسكرية وحدها، لتحدد ماهية تلك الجرائم.
ولم يتوقف هجوم الخبيرة والباحثة الأمريكية عند هذا الحد بل انتقدت بشدة حظر تكوين الأحزاب على أساس دينى، قائلة إنه مجرد مكافأة للأحزاب العلمانية التى ساندت تدخل الجيش للإطاحة بمرسى من السلطة، مشيرة إلى أن هذه الأحزاب تخشى تنافس الإسلاميين فى الانتخابات، لذا ففى مقابل دعمها، لما وصفته الباحثة بالانقلاب العسكرى، تم القضاء على منافسيهم الأقوياء.
وبعيدا عن اتهامات أوتاوا للقضاء المصرى أو لجنة الخمسين أو غيرهم، فإن تناقض موقفها من دستورى 2012 و2013، رغم ما حملة الأخير من إصلاحات حقيقية أهمها مواد الحريات وحقوق المرأة واستقلال السلطة القضائية، فإن هذه الخبيرة السياسية ليست حالة فردية، فغالبًا تلك مراكز الأبحاث الأمريكية التى رحبت بدستور 2012 باعتباره خطوة نحو بناء مؤسسات الدولة وتشكيل سلطة تشريعية لاستكمال المرحلة الانتقالية مثل معهد بروكينجز وغيره، هى ذاتها التى انتقدت دستور 2013 ورأت أنه محاولة لإضفاء الشرعية على عملية غير ديمقراطية، وهذا ليس إلا أنه جزء من هجومها على ثورة 30 يونيو التى أسقطت رئيس منتخب تحول إلى ديكتاتور بل رئيس يعمل لصالح عشيرته.
وهذا هو ما أوضحته شبكة فوكس نيوز، فى تقرير مطلع الأسبوع الجارى، يشير إلى أن معظم مؤسسات السياسة الخارجية الأمريكية ومن بينها مراكز الأبحاث السياسية، ترتبط بعلاقات صداقة مع جماعة الإخوان المسلمين منذ بداية الربيع العربى وذلك لأسباب متنوعة، تتعلق بشكل رئيسى بالتأثير الذى يتمتع به الإسلاميون داخل دوائر دراسات الشرق الأوسط فى الولايات المتحدة منذ عقود.
وأضافت أن عندما استولى الإخوان على السلطة فى مصر، عمل الأصدقاء الغربيين كغطاء لهم فى الخارج. وحتى بعدما نزل عشرات الملايين من المصريين للاحتجاج ضد نظام الإخوان، راح المدافعون عنهم فى الولايات المتحدة لوصف أولئك الإسلاميين بالمعتدلين ومضوا نحو تصوير الجماهير المصرية بأنهم يؤيدون الجيش، بهستيريا.
ولكن الأكثر إثارة للقلق فى دفاع الغرب عن الإخوان، تقول فوكس نيوز، هو المدى الذى سيذهب إليه الغرب فى تغطية الإسلاميين. فأولئك المدافعون، بينما يعترفون بتردد بوقوع نظام الإخوان فى أخطاء، فإنهم يشنون هجومهم على المصريين للإطاحة بجماعة الإخوان من السلطة.
لمزيد من التحقيقات والملفات..
دفاع مدير أمن الإسكندرية الأسبق فى قضية قتل متظاهرى 25 يناير: البلاغات المقدمة ضد موكلى ملفقة.. والمجنى عليهم هدفهم الحصول على تعويضات من الدولة.. ويؤكد: "الإخوان" هم القتلة الحقيقيون
تصاعد ثورة أصحاب المعاشات ضد حكومة "الببلاوى" بالإضراب عن الطعام.. تعرض 150 ألف أسرة للتشرد لانخفاض المعاش لـ 70 جنيها.. و"البدرى فرغلى" يستقيل من "التأمينات الاجتماعية" احتجاجا على تدنى الأوضاع
"تمرد" تستعد لطرح برنامج وطنى رئاسى يضم مطالب المواطن البسيط وتقديمه لـ"السيسى" حال ترشحه.. وتؤكد: نهدف لصياغة مشروع تشارك فيه القوى السياسية مع الرئيس الجديد حول مستقبل البلاد
باحثة أمريكية تفضح انحياز واشنطن للإخوان.. عجزت عن الطعن فى دستور 30 يونيو.. فشككت فى إمكانية تنفيذه بسبب وضع الاقتصاد.. وفوكس نيوز تكشف: "الإرهابية" تربطها علاقات وثيقة بمعاهد الأبحاث الأمريكية
الأحد، 19 يناير 2014 04:06 م
جانب من مؤتمر إعلان نتائج الاستفتاء على دستور الثورة أمس
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة