أصدر المركز القومى للترجمة، الطبعة الثانية لكتاب "التاريخ السرى لتحالف بريطانيا مع الأصوليين" والذى تصدر قائمة الأكثر مبيعًا منذ صدوره، من تأليف مارك كورتيس، ومن ترجمة كمال السيد، بعد أن حققت طبعته الأولى نجاحا كبيرا بحيث تصدر الكتاب قوائم الكتب الأكثر مبيعا منذ صدوره.
وصرحت مدير المركز القومى، فى بيان صادر عن المركز"تعود أهمية الكتاب إلى أنه يمكن أن يكون وثيقة دامغة فى مواجهة الادعاءات الإسلامية السلفية والإخوانية، التى تتهم القوى المدنية بأنها عميلة للغرب، فى الوقت الذى قام فيه الغرب ممثلا فى بريطانيا وأمريكا برعاية بل وتأسيس معظم الحركات الإسلامية، التى ترفع شعارات العداء له حاليا، كما ترفع أيضا شعارات حول استقلال الإرادة الوطنية، فالكتاب يعرض الدور القيادى لبريطانيا فى التأمر مع الإسلاميين ثم تحولهم إلى أداه فى يد الأمريكيين تقوم بالأعمال غير الشرعية التى يأنف الآخرون القيام بها"وبالإضافة إلى ذلك فهو يوضح الكثير من النقاط المسكوت عنها، ويعتبر هو الكتاب المثالى للقراءة فى الوقت الحالى.
جدير بالذكر أن الكتاب يتكون من تسعة عشر فصلا، يستعرض من خلالها المؤلف الوثائق الرسمية البريطانية التى رفعت عنها السرية، خاصة وثائق الخارجية والمخابرات، ليفضح تآمر الحكومة البريطانية مع المتطرفين دولا وجماعات وأفراد، فى أفغانستان وإيران والعراق والبلقان وسوريا ومصر وإندونيسيا ونيجيريا وذلك لتحقيق مصالحها الاستيراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويوضح الكتاب أن بريطانيا نبذت من استغلتهم عندما لم يعد هناك جدوى منهم مثل أسامة بن لادن والجماعات الأفغانية.
الكتاب ملىء بالأمثلة على استغلال أمريكا وبريطانيا لجماعات الإسلام السياسى، وتحالفهم معها فى تنفيذ استراتيجيتهم، لكن السحر انقلب على الساحر فى كثير من الأحيان، وانقلبت جماعات الإسلام السياسى على من قام بصناعتهم، الأمر الذى أثار حروبًا بين الطرفين، وجعل كلًا من بريطانيا والولايات المتحدة أكثر حرصًا فى تعاملهما مع جماعات الإسلام السياسى، وإن ظلت لهما اليد الطولى، واستمروا فى استغلال هذه الجماعات رغم صخب الأخيرة فى إعلان عدائها للغرب.
والمفاجأة الكبرى هى أن الحكومات البريطانية من العمال والمحافظين على حد سواء، تواطأت عقودا طويلة مع القوى الإسلامية المتطرفة، بما فى ذلك التنظيمات الإرهابية، فقد تسترت عليها وعملت إلى جانبها، بل ودربتها أحيانا بهدف الترويج لأهداف محددة للسياسة الخارجية، وغالبا ما فعلت الحكومات ذلك فى محاولة يائسة للحفاظ على قوة بريطانيا العالمية، التى عانت من أوجه ضعف متزايدة فى مناطق أساسية من العالم.
بحسب المؤلف، أنه من القوى الفاعلة التى تواطأت معها بريطانيا هى الحركات المتطرفة ومن بين أكثرها نفوذا التى تظهر طوال الكتاب جماعة الإخوان المسلمين التى تأسست فى مصر 1928 وتطورت لتصبح شبكة لها تأثيرها على النطاق العالمى.
يورد الكتاب الكثير من جرائم بريطانيا فى العالم الإسلامى، ومع ذلك لم ينس إنجازات الأمريكيين الذين تفوقوا على البريطانيين فى هذا الصدد، فقد اعترفوا بأن عبد الناصر أجبرهم على مساندة نظم ظلامية ورجعية وأنهم جعلوا القومية عدوهم الأول، ونال اليساريون الجزء الأول من اهتمامهم فقد لعبوا الدور الأساسى فى ذبح أعضاء حزب توده الإيرانى فى 1953، وفى إبادة الحزب الشيوعى الإندونيسى الذى كان يضم مليونى عضو على أيدى صديقهم سوهارتو، ومن معه من المتأسلمين، كذلك فعلوا فى العراق والأردن وفى أفغانستان، الذى كان عميلهم حكمت يار فيها يسلخ جنود أعدائه اليساريين أحياء، فقد ساندوه بكل قوتهم رغم أن الكونجرس قال إنه أكثر القادة الأفغان فساد، وقد جندت مخابرات أمريكا كثيرين من قادة المتأسلمين منهم سعيد رمضان مؤسس التنظيم الدولى للإخوان الذى يقال أنهم مولوه بمبلغ 10 ملايين دولار، واجبروا الأردن على منحه جواز سفر. وورد أن أمريكا بدأت من أوائل الخمسينيات تمول الإخوان فى مصر ومساعدتهم فى سوريا وتعاونت معهم لتكوين خلايا منهم فى السعودية لمحاربة القومية العربية، وهذا قليل من أمثلة يذخر بها الكتاب.
يجيب الكتاب عن أسئلة كثيرة، خاصة فى هذا التوقيت، حول كيف استعملت بريطانيا وأمريكا الإخوان المسلمين، وكيف أبرمت الصفقات مع طالبان والأصوليين، حيث كان التحالف مع هذه القوى ذو نتائج وخيمة، حيث إنه أسهم فى صعود الإسلام المتطرف وتقويض القوى العلمانية القومية الأكثر ليبرالية. فلقد شجعت هذه السياسة الحروب والعنف والإطاحة بالحكومات الشعبية عادة، ودعم القوى الأشد رجعية، وكذلك إذكاء التوترات بين الدول والانقسامات الطائفية داخلها. ومع ذلك فان هذا التآمر قد زاد خطر الإرهاب الذى يواجه بريطانيا والعالم، وهو جانب غير أخلاقى صارخ للسياسة الخارجية التى جعلت الشرق الأوسط وباقى العالم أقل أمنا.
الكتاب فى نسخته الإنجليزية بعنوان secret affairs:Britain’s collusions with radical islam من تأليف مارك كورتيس وهو مؤلف وصحفى ومستشار عمل زميلا باحثا فى المعهد الملكى للشئون الدولية، تضمنت كتبه السابقة كتابين حققا أفضل المبيعات هما (شبكة الخداع العنكبوتية: دور بريطانيا فى العالم)، (معاهدة الشعب: انتهاكات بريطانيا السرية لحقوق الإنسان).
المترجم كمال السيد ترجم 22 كتابا من الإنجليزية والفرنسية إلى العربية، عمل محررا بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاقتصادية وفى الأهرام اليومى وفى مركز الأهرام للترجمة والنشر الذى أصبح مديرا عاما له، له مقالات كثيرة وقدم بعض البحوث فى مؤتمرات عربية ودولية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة