سهام الإسباجيتى

الحظ نوعان إما سعيد أو سيئ، والمصريون يشبهون الحظ السيئ بكلمة هباب والمثال الأخير هو أقرب تشبيه لما حدث بعد ثورتى يناير ويونيو
فقد قام الشعب فى الثورتين بدوره على أكمل وجه وضحى بكل ما يملك أملا فى مستقبل مشرق وما زال على استعداد لتضحيات أكثر فقد تحمل المصريون ضيق الرزق وانعدام الأمن وتردى الخدمات وكان بعد كل ثورة ينتابه إحساس بالنصر، نظرا لنجاحه فى إزاحة الأنظمة الديكتاتورية التى حاولت سلب إرادته وحريته وعليه وثق المصريون دائما فى السلطة المؤقتة التى تأتى بعد كل ثورة، لكن الغريب أن هذه السلطات متشابهة جدا فى كم الضعف وسوء الإدارة وعدم القدرة على اتخاذ القرار فيما يسمى إعلاميا بالأيدى المرتعشة.

لقد حاولت أن أفهم كيف تكون حكومة لديها كل هذا الزخم الشعبى الذى يقف فى ظهرها ويعطيها جرعات من الثقة والقوة وباللغة الدارجة «يشربها يوميا بيريل» ومع ذلك لا نجد إلا أداء ضعيفا متخبطا غير قادر على اتخاذ قرار حاسم وسريع يشعر المواطن بأن خروج الشعب بالملايين فى الشوارع والميادين كان له معنى وأن حكومته هى حكومة صاحبة قرارات ثورية.

أما عن شعورى الشخصى فأقرب تشبيه وجدته لمثل هذه الحكومات هو لعبة السهام المعدنية التى يسلمها الشعب للحكومة على أن تبدأ التصويب داخل الدائرة السوداء لإحراز أعلى نتيجة، ولكن بقدرة قادر يتحول السهم فى أيدى الحكومة إلى مكرونة إسباجيتى وكلما حاولت أن تلقيه لإصابة الهدف يسقط تحت أرجلها فيضطر الشعب لإعطائها سهما آخر فيتحول مرة أخرى إلى إسباجيتى وهكذا دواليك حتى يصل الشعب إلى نقطة الغضب التى نحن عليها الآن والتى تعطى إنذارا بأن الشعب هو من سيوجه السهام بنفسه، حيث إن السهام فى يد الشعب لا تتحول إلى إسباجيتى أبدا.