أعاد العنف المتصاعد فى العراق البلاد الى فترة الحرب الطائفية قبل خمس سنوات، بعدما بلغ عدد قتلى يوليونحوألف شخص قضوا بأيدى ميليشيات عاودت نشاطها بعد فترة من الغياب عقب الانسحاب الأميركى نهاية 2011.
وقال القائم بأعمال المبعوث الخاص للامين العام للأمم المتحدة فى العراق جورجى بوستن فى بيان الخميس: "لا تزال أعمال العنف تخلف آثارا كبيرة على المدنيين وتشكل مصدر قلق كبير".
وأضاف: "لم نشهد مثل هذه الأعداد منذ أكثر من خمس سنوات عندما بدأ سعير الصراع الطائفى الأعمى يخبوأخيرا، بعد أن احدث جراحا غائرة فى جسد هذا البلد".
وتابع: "أكرر دعوتى العاجلة إلى القادة السياسيين فى العراق إلى التحرك لاتخاذ إجراءات فورية وحاسمة لوقف سفك الدماء الذى لا معنى له، والحيلولة دون عودة تلك الأيام المظلمة إلى البلاد".
وبحسب أرقام الأمم المتحدة، فقد قتل 1057 شخصا وأصيب 2363 آخرون بجروح جراء اعمال العنف والإرهاب التى وقعت خلال شهر يوليو.
من جهتها، أظهرت أرقام وزارات الدفاع والداخلية والصحة مقتل 989 شخصا فى البلاد خلال الشهر ذاته، وهواعلى معدل رسمى لقتلى اعمال العنف فى شهر واحد منذ أبريل 2008.
ووفقا لهذه الأرقام الرسمية، فقد قتل فى يوليو 778 مدنيا و55 شرطيا و88 عسكريا و68 "ارهابيا"، بينما أصيب بجروح 1356 مدنيا و89 شرطيا و122 عسكريا.
ويشهد العراق منذ أبريل تصاعدا فى أعمال العنف التى راح ضحيتها أكثر من 3500 شخص فى غضون الأشهر الأربعة الأخيرة، بحسب الأمم المتحدة.
وتقول المحللة فى مجموعة الأزمات الدولية ماريا فنتاباى لوكالة فرانس برس أن "حادثة الحويجة شكلت نقطة انطلاق تصاعدية للعنف".
وتشير بذلك الى اقتحام اعتصام سنى مناهض لرئيس الوزراء الشيعى نورى المالكى فى الحويجة غرب كركوك (240 كلم شمال بغداد) فى أبريل الماضى، فى عملية عسكرية قتل فيها 50 شخصا.
وترى فنتاباى أن "الحكومة كانت جزءا من المشكلة، ولذا فإنها جزء من الحل"، مشددة على أن الحكومة "اللاعب الوحيد القادر على إعادة الأمور إلى سكتها الصحيحة".
وتمثل أعداد قتلى أعمال العنف فى يوليو ارتفاعا كبيرا عن شهر يونيوالذى سبقه، حين قتل بحسب أرقام الحكومة 240 شخصا، وعن شهر مايو حين قتل 630 شخصا.
والمعدل الرسمى لقتلى أعمال العنف فى العراق خلال يوليو هو الأعلى فى شهر واحد منذ مقتل 1428 شخصا بينهم 355 مسلحا فى أبريل 2008 أى فى نهاية الحرب الأهلية الطائفية، وفقا لأرقام الحكومة أيضا.
وشهد العراق الذى يبلغ عديد جنوده وعسكرييه نحو800 ألف رجل، عشرات الهجمات الدامية فى يوليو، شملت خصوصا سيارات مفخخة وعبوات ناسفة وهجمات انتحارية، حملت غالبيتها طابعا طائفيا كونها استهدفت فى معظمها مساجد سنية وحسينيات شيعية.
وكان يوم الاثنين الماضى أكثر أيام هذا الشهر دموية، حيث قتل 77 شخصا وأصيب أكثر من 225 بجروح فى سلسلة هجمات منسقة فى مناطق مختلفة من العراق، وخصوصا بغداد، تبناها تنظيم القاعدة، أضافة إلى هجمات أخرى متفرقة.
وفى أول أيام شهر أغسطس الحالى، قتل 11 شخصا غالبيتهم من عناصر الأمن فى هجمات متفرقة.
وقتل فى الموصل، شمال العراق، أربعة انتحاريين يرتدون أحزمة ناسفة أثناء محاولتهم الدخول إلى مركزين للشرطة، وفق مصادر أمنية وطبية.
وقتل ثلاثة من الانتحاريين، واحدهم يقود سيارة مفخخة، أثناء محاولتهم مهاجمة مركز للشرطة فى غرب الموصل، كما قتل رابع اختبأ فى شاحنة للدخول إلى مركز آخر للشرطة.
من جهة ثانية تم تشديد الحراسة حول سجن فى تكريت، شمال بغداد، بعد حركة تمرد بدأت بعد الظهر.
ويقول خبير الشؤون العراقية فى مجموعة "إيه كى ى" البريطانية جون دريك إن "هناك عدم رضى سنى تجاه الحكومة التى يهيمن عليها الشيعة وتجاه القوات الأمنية أيضا، بين السنة، لأنهم يشعرون بالتهميش".
ويضيف "الإرهابيون، ومعظمهم من الراديكاليين السنة، يشنون الهجمات ضد الحكومة والقوات الأمنية انطلاقا من عدم الرضى هذا"، مشيرا إلى أن "العداء تجاه الحكومة سيستمر طالما أن القوات الأمنية تستخدم القوة المفرطة فى ملاحقتها للمشتبه بهم فى المناطق السنية".
ويشهد العراق منذ نهاية العام الماضى تظاهرات واعتصامات تقودها الأقلية السنية فى البلاد ضد رئيس الوزراء، المتهم بالتفرد بالسلطة وتهميش المكونات الأخرى فى المجتمع.
وتترافق هذه التظاهرات والاعتصامات مع ظهور جماعات وتنظيمات مسلحة سنية على الساحة من جديد بعدما اختفت عن الأنظار لنحوعام بعيد الانسحاب الاميركى نهاية العام 2011، وبينها "جيش النقشبندية" و"أنصار السنة"، وميليشيات شيعية أيضا بينها "حزب الله العراق".
ويقول المحلل السياسى إحسان الشمرى "قد يتبين أن إعلان حالة الطوارئ هى الأرجح، خصوصا وأنها ستقود إلى أعطائه (المالكى) الكثير من الصلاحيات الاستثنائية لإدارة الملف الأمنى".
ورغم مرور نحو ثلاث سنوات على تشكيل حكومة "الشراكة الوطنية" الحالية، فإن وزارتى الداخلية والدفاع تداران من دون وزيرين بسبب الخلافات السياسية حول من يتولى هذين المنصبين.
ويقول عماد (47 عاما) الذى عمل باجر يومى فى بغداد "لم نعد نخرج من المنزل. تذهب إلى المقهى فتقتل، تصعد الى سيارتك فتقتل، تزور السوبر ماركت فتقتل. من قبل كانت التفجيرات فى النهار، الآن أصبحت فى الليل والنهار".
ويضيف: "الكل يتحمل المسؤولية حاليا، والاجدر بالمسؤولين إصلاح السياسة حتى يتحسن الأمن. لكن الحل السياسى فى هذه البلاد يحتاج إلى معجزة".
فرنس برس: دوامة العنف المتصاعدة تعيد العراق إلى حقبة النزاع الطائفى
الخميس، 01 أغسطس 2013 10:18 م
أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة