تأمل الولايات المتحدة التى قدمت مساعدات عسكرية بلغت عشرات مليارات الدولارات إلى الجيش المصرى، ودربت أجيالا من الضباط المصريين، فى إسماع صوتها للذين أطاحوا بالرئيس الإسلامى محمد مرسى، مستفيدة من التقارب الذى أقامته طوال ثلاثين عاما مع الجيش المصرى.
وذكر "مكتب البحوث فى الكونغرس" فى تقرير قدر المساعدات الأميركية لمصر حتى الآن بنحو 68 مليار دولار أن "مصر هى منذ 1979 المستفيد الأكبر بعد إسرائيل من المساعدة الثنائية الأميركية".
وتشكل المساعدة العسكرية القسم الأكبر من هذه المساعدة التى ترمى إلى ترسيخ مصر فى عملية السلام مع إسرائيل وجعل القاهرة محور السياسة العربية للولايات المتحدة، مع ضمان حقوق المرور لسفن البحرية الأميركية فى قناة السويس الاستراتيجية، وقد بلغت المساعدة العسكرية 1,3 مليار دولار فى مقابل 250 مليونا من المساعدة الاقتصادية فى 2013.
ويكشف "مكتب البحوث فى الكونغرس" عن أهمية الدعم الأميركى الذى يغطى حوالى 80% من نفقات تجهيز الجيش المصرى وحوالى ثلث موازنته.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاى كارنى الاثنين إن إجراء اقتطاعات فورية فى المساعدة المالية الأميركية إلى الجيش المصرى "لن يكون لصالح الولايات المتحدة".
وقد أنتجت دبابات إم 1 آى 1 إبرامز الأميركية بإجازة فى مصر التى ستحصل على 1200 منها، وتسلمت القاهرة منذ 1980 أكثر من 220 طائرة مطاردة من طراز إف-16.
وتقول وزارة الدفاع الأميركية إن الجيشين يجريان كل سنتين مناورة ثنائية كبيرة تسمى "برايت ستار" (النجم اللامع) والتى لا تزال نسختها المقبلة فى سبتمبر مقررة فى هذه المرحلة.
وتتأتى الوسيلة الأخرى التى تستخدمها واشنطن، من تدريب الضباط المصريين فى المدارس الأميركية، بدءا بالرجل القوى فى القاهرة الفريق أول عبد الفتاح السيسى ورئيس اركان القوات المسلحة صدقى صبحى اللذين أمضى كل منهما سنة، على التوالى فى 2006 و2004 فى الولايات المتحدة.
ولاحظ ستيفان جيراس الذى كان أستاذ الفريق أول السيسى أن "أرفع مسئولين عسكريين فى مصر فى هذا الوقت يقيمان صلات مع الجيش الأميركى".
وأضاف فى تصريح لوكالة فرانس برس إن عبد الفتاح السيسى "شخص يتسم بالجدية الصارمة ويتمتع بذكاء حاد، وهو متدين ورع وودود جدا". وقال: "لقد حضر دروسى حول الفكر والأحكام النقدية واتخاذ القرارات مع أخذ موقف الآخرين فى الاعتبار".
وقد أعد الفريق أول السيسى أيضا أطروحة ماجيستير حول الديموقراطية فى الشرق الأوسط، حتى لو أنه اختار خلافا لجميع الطلبة الآخرين تقريبا ألا يسمح بنشرها.
وأضاف ستيفان غيراس إن الضباط الأجانب يقيمون خلال السنة التى يمضونها فى مدرسة الحرب "علاقات وتتاح لهم الفرصة لأن يعيشوا فى مدينة صغيرة تنعم بالهدوء فى بنسلفانيا تسمى كارليسلى ويحتكوا بالثقافة الأميركية ويعتادوا على طريقة تفكير العسكريين الأميركيين".
ويتم سنويا إرسال ضباط إلى مختلف المدارس العسكرية الأميركية، وفى الفترة بين 2000 و2009، فاق عددهم 11 ألفا و500، أى 2,5% من مجموع الضباط المصريين، كما تفيد دراسة لمعهد الدراسات الاستراتيجية الملحق بمدرسة الحرب.
ويؤكد جيراس أن "تطوير الاتصالات الشخصية بين الضباط المصريين والأميركيين التى تتيحها هذه المدارس، يمكن أن يحسن التعاون العسكرى الثنائى، خصوصا لدى اندلاع أزمة إقليمية".
ولم تتوان وزارة الدفاع الأميركية فى الواقع عن القول أن وزير الدفاع تشاك هيغل أجرى ما لا يقل عن أربعة اتصالات هاتفية مع الفريق أول السيسى بين الجمعة وبعد ظهر الأحد الماضيين وأجرى محادثات "طويلة وصريحة جدا" معه.
وعلى رغم هذه الصلات الوثيقة، يقول مايكل دان إن السياسة الأميركية حيال مصر التى اعتمدت الانتظار والترقب لدى سقوط حسنى مبارك وكذلك لدى سقوط محمد مرسى، قد اتسمت بـ"الارتباك".
وأضاف فى مقالة نشرتها صحيفة واشنطن بوست أن "المسئولين الأميركيين لم ينتبهوا لوصول الأزمة إلا متأخرين، وتجاهل كل طرف نصائحهم التى كان معظمها متخلفا عن الأحداث".
وقد اعترف بهذا الأمر أرفع ضابط أميركى هو الجنرال مارتن ديمبسى الذى قال فى تصريح لشبكة سى.إن.إن "لا أعرف بالضبط ما ينوون القيام به".
وتحدث رئيس أركان الجيوش الأميركية مرارا مع نظرائه المصريين، وقال "أنا على ثقة أن علاقتنا وثيقة جدا وهم يصغون إلينا"، لكن "فى نهاية المطاف، هذا بلدهم وسيجدون طريقهم، لكنهم سيواجهون عواقب إذا ما أساؤوا التصرف".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة