قال محمد متولى نائب الرئيس التنفيذى لشركة "إتش سى" للأوراق المالية والاستثمار، إنه فى هذه المرحلة الحرجة من تاريخ مصر يوجد شيئان ما اجتمعا فى دولة قط إلا وأسقطا حكومتها، وزلزلا أركانها، وعاثا فيها الفوضى، ألا وهما التضخم والبطالة. وما لا يخفى على أحد أن معدلاتهما قد ارتفعا فى مصر بصورة غير طبيعية فى السنوات الست الماضية مما جعلهما يمثلا تحديا حقيقيا لأية حكومة وللبنك المركزى، ويفرض عليهما العمل فى تناغم من أجل ترويضهما.
لقد أعلمتنا الإحصائيات المعلنة أن نسبة التضخم فى أسعار المواد الغذائية على مدار الست سنوات الماضية قد قارب ١٨٠٪، بينما لم يواكبها زيادات مماثلة فى الدخول، مما يجعل غالبية الشعب غير قادر على تحمل هذه الزيادة المطردة فى الأسعار، وللأسف أخذت قوى التضخم تنحر فى القوة الشرائية لدى المواطن المصرى فى الوقت الذى عانى فيه الاقتصاد من صدمات خارجية وزلازل داخلية، مما أثر على الأنشطة الاقتصادية، وخاصة السياحة، ودفع بمعدل البطالة لأعلى، وهنا اجتمع الوحشان.
وأضاف متولى أن محاربة هذين الوحشين تتطلب سياسات تؤدى إلى زيادة الدخول وخفض الأسعار، وخلق فرص عمل جديدة. ونظرا لأن ميزانية الدولة تعانى من عجز زاد عن مائتى مليار جنيه، فلا مناص من اللجوء للحلول غير التقليدية لمحاربة الوحشين، وتبدأ هذه الحلول بمعالجة الفجوة التمويلية فى ميزانية الحكومة لزيادة مساهمات البنوك فى تمويل نمو القطاع الخاص لخلق فرص عمل جديدة.
وأشار متولى إلى أن الفجوة التمويلية فى ميزانية الدولة جعلت الحكومة تزاحم القطاع الخاص فى الحصول على مدخرات المصريين، مما وضع قيودا على نمو هذا القطاع وقدرته على خلق فرص عمل بل ترتب عليه الاستغناء عن جزء من العمالة الحالية، ولا يخفى عليكم أن معدل القروض للودائع فى البنوك أصبح أقل من ٥٠٪، وهو معدل منخفض جدا لأن البنوك تستخدم أكثر الودائع فى تمويل الحكومة عن طريق شراء أذون وسندات الخزانة.
ولمعالجة مشكلة الفجوة التمويلية هناك وسيلتان، الأولى هى زيادة موارد الحكومة، والثانية هى خفض الإنفاق، وحيث إن الاقتصاد حاليا ينمو بمعدلات ضعيفة لا تسمح باتباع سياسات إنفاق انكماشية، بل يتطلب برنامج استثمارى حكومى قوى لدفع الاقتصاد قدما، اللهم إلا فيما يخص خفض الإنفاق عن طريق ترشيد الدعم وليس إلغاءه، لذا فإن على الحكومة زيادة مواردها بدون فرض أية أعباء مالية جديدة على غير القادرين، وهم الغالبية العظمى من المواطنين، للحفاظ على الاستقرار والسلام الاجتماعى، وفى ضوء هذا المبدأ فإننى أقترح فرض ضرائب دخل على فوائد الودائع بالبنوك أو شهادات الاستثمار، أو غيرها من وسائل الادخار الأخرى التى تدفع فوائد تحقيقاً للعدالة الاجتماعية فى المساواة بين الضريبة على الدخل من العمل والدخل من مصادر أخرى. لذا اقترح متولى فرض ضريبة ٢٠٪ على الدخل من الفوائد على المدخرات.
ومن المتوقع أن تحصل الدولة إيرادات بحوالى خمسة وعشرين مليار جنيه فى السنة الأولى، وهذه الضريبة يمكن للبنوك تحصيلها مباشرة للدولة بصفة دورية، وهذا القرار من شأنه أن يساوى بين المعالجة الضريبية للفائدة من ودائع البنوك والفائدة من سندات الخزانة.
وإذا أخذنا فى الاعتبار أن حوالى ٦ ملايين فقط من الشعب المصرى يمتلكون حسابا بنكيا فإننا بالفعل نكون قد تجنبنا أية زيادة ضريبية على محدودى الدخل. والدخل من هذه الضريبة المقترحة فقط سيوفر على الحكومة اقتراض ما يزيد على مائة وثمانين مليار جنيها خلال الخمس سنوات القادمة. ويجوز أن يعفى من هذه الضريبة من تجاوز سنه ٦٥ عاما إذا كان العائد من المدخرات مصدر رزقه الوحيد.
كما اقترح فرض ضرائب على الأرباح من مبيعات الأسهم والسندات فى البورصة بمعدل ١٠٪ لمن قد امتلك الأسهم أو السندات لمدة سنة أو أكثر، و٢٠٪ لمن قد امتلك الأسهم أو السندات لمدة أقل من سنة، والمتوقع أن تحقق هذه الضريبة حوالى ثلاث مليارات جنيه فى السنة الأولى، ويؤخذ فى الاعتبار إعطاء المستثمر الحق فى ترحيل أية خسائر من الاستثمار لفترة زمنية قد تصل إلى ٥ سنوات.
وتخضع عمليات البيع من الإصدارات الأولى لهذه الضريبة إذا كان الإصدار هو بيع أسهم لمساهمين فى شركة، وتكون الضريبة على الربح الناتج بين الفارق ما بين القيمة الدفترية للسهم وسعر البيع، ويدفعها البائع، وليست الشركة، ولا يجوز إخضاع عمليات الإصدار لزيادة رأس المال لهذه الضريبة. وهنا أيضا عند الأخذ فى الاعتبار أن أقل من ٥٪ من الشعب على أقصى تقدير يستثمر فى البورصة، فإن هذه الضريبة لا تنطبق على محدودى الدخل.
وكذلك لابد من فرض رسوم انتظار فى جميع شوارع مصر يتم تحصيلها بالموبايل، كما هو الحال فى العديد من عواصم العالم، ويسمح بشراء كروت سنوية للمقيمين بمنطقة بعينها، ويمكن أن تتراوح على سبيل المثال بين ٣٠٠٠ جنيه سنويا للأحياء الراقية، مثل الزمالك والمهندسين ومصر الجديدة و٣٠٠ جنيه لمناطق مثل عين شمس وإمبابة.
وهذه الرسوم على مستوى الجمهورية لن تقل عن عشرة مليارات فى السنة والفوائد الأخرى لهذه الرسوم أنها ستساعد على إزالة السيارات الخردة المهملة فى الشوارع التى تسد شرايين المواصلات، وستحد من استخدام شركات تأجير أو بيع السيارات للشوارع كمعارض، بل ستمنع تماما بلطجة السيطرة على الشارع أمام سكن أو محل أو من العاطلين الذين يفرضون إتاوات تصل إلى ٥ جنيهات فى الساعة.
ولعل أفضل ما فى هذه الرسوم أنها لا تمس غير القادرين على شراء سيارة أساسا، وأنها ترد للدولة عائدا على الاستثمار فى البنية التحتية من الشوارع، والتى عادة لا تشمل أماكن انتظار، لأنها معظمها كان يجب أن يكون على أرض البنايات، ولتستخدم هذه الحصيلة أولا فى إعادة المنظر الحضارى لشوارع مصر وأرصفتها، مما سيسهم فى تشجيع السياحة التى نعقد عليها الآمال لزيادة فرص العمل.
كما لابد من المصالحة مع مطورى العقارات بفرض غرامات باهظة على العقارات المخالفة بعد فحصها فنيا للتأكد من سلامتها. لو صحت التقارير بأن ٤٣٥٠٠٠ وحدة مخالفة فإنه بالإمكان تحصيل ما يقرب من ١٠٠ مليار جنيه غرامات لتقنين أوضاع بعض هذه الوحدات، بينما يجب إزالة الكثير منها، وخاصة التى بنيت على حرم الطريق أو ملاصقة لطريق علوى، أو مخالفة لقواعد البناء، مما يشكل خطرا على حياة الناس.
وكل ما ذكرته آنفا سيدر دخلا فوريا للحكومة المصرية بالقليل جدا من الاستثمار لزوم التحصيل، ولكن يجب البعد كل البعد عن أى محاولات لفرض ضريبة على الثروات، أو ما يسميه البعض تأميما جزئيا أو كليا، فإنه حتما سيؤدى إلى خروج رؤوس الأموال ورجال الأعمال من مصر كما حدث فى الستينات من القرن الماضى، فى وقت لا تستطيع الدولة تحمل أعباء التنمية الاقتصادية، وخلق فرص العمل بميزانيتها كما كان الحال فى الستينات من القرن الماضى، وليكن لنا من فشل قبرص فى مصادرة ١٠٪ من رؤوس الأموال فى البنوك عبرة ومثالا لا يحتذى به.
خبير يقترح فرض ضريبة ٢٠٪على الدخل من الفوائد على المدخرات لمواجهة التضخم
الأحد، 28 يوليو 2013 03:49 م
محمد متولى نائب الرئيس التنفيذى لشركة "إتش سي" للأوراق المالية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
Ayman
فوائد الودائع حماية للعملة المحلية والاقتصاد الوطني
عدد الردود 0
بواسطة:
yasser
وليه الضريبة تكون على أرباح المضاربات أفضل
عدد الردود 0
بواسطة:
ahmedalmasre
حسبى الله ونعم الوكيل
عدد الردود 0
بواسطة:
Mahmoud
اقتراحات جيدة - ربنا يكتر أمثالك
عدد الردود 0
بواسطة:
MohamedAElsaid
أفكار رائعة - المهم التنفيذ