نحن فى هذه الأيام نعيش حالة فوضى فكرية عارمة وحالة سافرة من المغالطات وخلط المفاهيم للوصول إلى نتائج مزعمة، مغطاة بساتر من مبادىء عليا وقيم لا خلاف عليها مثل حماية الشرعية ومؤازرة الإسلام وتطبيق الشريعة، ولكن تمرر من خلالها ضلالات وأكاذيب لتخوين الآخر بل وفى بعض الأحيان يصل الأمر للتكفير، وبالتالى إباحة مواجهة من يخالف الرأى بالقوة، وتبرير العنف وإدراجه تحت مواطن عقيدة راسخة عند كل مسلم وهى الجهاد فى سبيل الله من أجل تنفيذ المشروع الإسلامى، ولكن عن طريق اختزال الإسلام فى جماعة وما دون الجماعة فهو خارج منظومة الإسلام من وجهة نظرهم بل، ويتهموه بالعرقلة وأنه يعمل ضدهم.
ومقصدى من المغالطة الفكرية هو استخدام أفكار بعينها وإلصاق مفاهيم خاطئة بها. مثل إلصاق مفاهيم لا أخلاقية لفكرة الحرية واستخدام التعميم على أن كل من يدعوا للحرية يدعو للتدنى الخلقى، أو إلصاق صفة اللادينية للعلمانية، أو الإتهام بصفة الكفر لمن يعارض فكر ومذهب معين. وكثير من المغالطات الفكرية التى يستخدم لترويجها طرق ونظريات متعددة ومنها التعميم والاختزال كما ذكرت فى الأمثلة السابقة، وأيضا الشخصنة فى جعل الشرعية ممثلة فى شخص بعينه أو رمز بذاته وليس فى معناها المطلق فى "إضفاء الصفة القانونية على شىء ما"، وخلط ما بين مفهوم الشرعية والمشروعية فى أن الأخيرة لا تكفل بالضرورة تمتع الحكومة بالاحترام أو اعتراف المواطنين بواجب الطاعة.
فكل هذه المغالطات ليس لها علاقة بفكرة نصرة الإسلام فشتان ما بين قطع الطرق، وإماطة الأذى عن الطريق، وبين السلمية، وحمل السلاح!.
ومن أذكى النظريات المستخدمة من وجهة نظرى هى نظرية السندوتش بمعنى تمرير المفهوم المزور بين عقيدتين راسختين مثل وضع مجموعة تمرد بين الصهاينة وخونة الوطن فى جملة مفيدة لللإيحاء بأنهم ضمن الطبقتين أو حتى مثلهم، وأنهم لهم نفس الأجندات ضد الوطن، أو مثل جملة "معركة، سنموت، من أجل نصرة الإسلام "لتمرير المفهوم الدموى فى معركة نصرة الإسلام.
ومثل جملة "استرداد الوطن المسروق مثل استرداد أراضينا المحتلة من العدو الصهيونى وتمثيل القوى المعارضة لحكم الإخوان، بغض النظر عن كونه شريك فى الوطن، كالعدو الصهيونى، وكأنه ليس من أبناء نفس الوطن، فهل أوطاننا تختلف؟! أم هل انتماءاتنا تتباين؟!.
والسؤال الأهم هو كيفية مواجهة هذه المغالطات.. والإجابة بكل بساطة إرجاع الأمور إلى أصل مفهومها ونصابها الصحيح على أساس المعايير الراسخة من الدين والأخلاق والقيم والمبادئ والعرف والتقاليد، وعن طريق توجيه الأسئلة المباشرة لأصحاب المغالطة مثل؛ ما هو مفهوم الحرية؟ ومقابلة التعميم بالتخصيص والتدقيق والفصل بين كل مفهوم على حدى. بتوجيه الأسئلة مثل هل الكفر معناه الاختلاف فى المواقف السياسية؟.
أما لمواجهة نظرية السندوتش فالطريقة المثلى هى التحدث عن كل مفهوم على حدى دون خلطهم فى شطيرة واحدة، وبالتساؤل من هم الصهاينة؟ ومن هم الخونة؟ ومن هم مجموعة تمرد؟ وبهذه التساؤلات تعطى الطرف الآخر قبل نفسك الفرصة لمراجعة مواقفة لأن من يتمسك بمثل كل هذه المغالطات إما شخص مدرك ضلاله إما شخص فى ضلال بدون إدراك، ولعلك بهذا التساؤل توقف من يدرك عن مغالطاته أو تنير بصيرة من لا يدرك وتبصرة فيدرك أنها مغالطة فكرية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة