عقدت لجنة الشئون الخارجية بالجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان) اليوم الأربعاء، جلسة استثنائية لبحث تطورات الوضع الحالى فى مصر.
وناقشت اللجنة برئاسة إليزابيت جيجو وبمشاركة أنطوان بصبوص رئيس مرصد البلدان العربية بفرنسا وكلود جيبال، المراسلة السابقة لراديو فرنسا لمدة أكثر من 15 عاما فى مصر ،المشهد السياسى بعد ثورة 30 يونيو وعزل الرئيس السابق محمد مرسى.
وأعربت رئيسة لجنة الشئون الخارجية عن أملها فى استمرار عملية الانتقال الديمقراطى فى مصر على أن تشمل العملية السياسية كافة الأطراف بما فى ذلك جماعة "الإخوان المسلمين"، مستنكرة أعمال العنف التى شهدتها البلاد على مدى الأيام القليلة الماضية.
وأضافت أن الرئيس المعزول تمسك فى لحظة من اللحظات بجميع السلطات فى يده، بالإضافة إلى أن الدستور (المثير للجدل) كان بعيدا كل البعد على أن تلتف القوة السياسية حوله، مشيرة فى الوقت نفسه إلى تدهور الوضع الاقتصادى فى البلاد.
وأكدت أنه ما من قوة غربية وصفت ما حدث فى مصر بأنه "انقلاب عسكرى، مشيرة إلى الدعم المالى الذى قدمته كل من المملكة العربية السعودية والإمارات إلى مصر خلال اليومين الماضيين".
ومن ناحيتها..أكدت كلود جيبال، أنها شهدت اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 وحتى وصول الإسلاميين إلى الحكم، مذكرة بأن المصريين احتشدوا فى ميدان التحرير يوم إعلان نتائج الجولة الثانية فى الانتخابات والتى فاز بها الرئيس المعزول كأول رئيس مدنى منتخب ديمقراطيا، ولكن البعض كان يرى أن عليهم الاختيار بين "الطاعون والكوليرا" أى بين مرشح الإخوان ومرشح النظام السابق "الفريق أحمد شفيق".
وأضافت أن عددا كبيرا من النشطاء يرى أن انتخاب مرسى لم يكن شرعيا، حيث حشد الإسلاميون البسطاء من أبناء الشعب المصرى عن طريق شراء الأصوات، مما أدى إلى فوز مرسى آنذاك بفارق ضئيل عن منافسه بالإضافة إلى أصوات من غير من ينتمون إلى التيار الدينى، ولكنهم فقط كانوا يرفضون الفريق شفيق.
ورأت الصحفية والمراسلة الفرنسية أن المصريين احتشدوا بالملايين فى شوارع مصر للمطالبة بسقوط مرسى بسبب تدهور الوضع الأمنى وحالة الفوضى السائدة منذ سقوط نظام مبارك، بالإضافة إلى محاولات أخونة الدولة، مضيفة أن الرئيس السابق وبدلا من أن يستمع إلى مطالب الشارع والمعارضين تمسك بقراراته معتمدا على جماعته وأيضا التيار السلفى والجماعة الإسلامية التى قامت فى السابق بمذابح حتى أنه وصل إلى تعيين محافظ لمدينة الأقصر من أعضاء الجماعة الإسلامية.
واعتبرت أن الإخوان المسلمين فى الحكم أثبتوا أنهم لا يتخذون القرارات والوضع الاقتصادى المتهور شاهد على ذلك، وهو ما دفع المصريين إلى المشاركة فى المظاهرات الحاشدة لإسقاط نظام مرسى ولاسيما سكان المحافظات الذين عانوا على المستويين الأمنى والاقتصادى، مذكرة أن معارضى مرسى الذين شاركوا فى مظاهرات الثلاثين من يونيو كان عددهم أكبر من أولئك الذين انتفضوا ضد نظام مبارك، كما أن عددهم فاق الأصوات التى حصل عليها مرسى.
وأضافت كلود جيبال أن المصريين من معارضى مرسى والذين شاركوا فى المظاهرات يغضبون من وصف ما حدث بأنه "انقلاب عسكرى" وخاصة من جانب الإعلام الغربى ويؤكدون أن عزل مرسى هو إرادة شعبية استجاب لها الجيش المصرى..واصفة القوات المسلحة بأنها "العمود الفقرى" لمصر.
وأشارت إلى أن القيادة العامة للقوات المسلحة كلفت المستشار عدلى منصور برئاسة البلاد فى المرحلة الانتقالية وبعثت برسائل إلى العالم من خلال مشاركة شيخ الأزهر وبابا الكنيسة، ولكنها وصفت فى الوقت نفسه الوضع الحالى بمصر بأنه "معقد".
ومن ناحيته..أعتبر انطوان بصبوص رئيس مرصد البلدان العربية بفرنسا أن ما حدث فى مصر بمثابة "الهزة" التى تتبع "التسونامى" (الثورات العربية) التى انطلقت فى بداية عام 2011، مضيفا أن جماعة الإخوان المسلمين انتظرت لمدة نحو 80 عاما للوصول إلى الحكم من أجل إقامة "دولة الخلافة".
وانتقد بصبوص فى الوقت نفسه فترة حكم الإخوان فى مصر معتبرا أنها تجاهلت المبادئ الأساسية، بالإضافة إلى تدهور الوضع الاقتصادى فى البلاد وتحكم الرئيس المعزول فى كافة سلطات البلاد مما دفع الملايين إلى النزول للشارع، مضيفا أن مرسى أقام خلية دبلوماسية فى قلب القصر الرئاسى كما كان يقوم باتصالات دولية عبر الهاتف المتصل بالأقمار الصناعية "الثريا" وهو ما همش دور وزارة الخارجية.
ورأى المحلل الفرنسى أن الرئيس المعزول لم يكن يحكم مصر، ولكن كان واجهة فقط لجماعة الإخوان المسلمين، مشيرا إلى أن هناك مخاطر اليوم فى مصر لاسيما بعد الخطاب الذى وجهه المرشد محمد بديع قبل أيام للعنف، وأيضا بعض القيادات الإسلامية دعت إلى الجهاد، وحذر من أن استمرار تلك الدعوات قد تدخل مصر فى حالة حرب أهلية أقرب إلى سيناريو الجزائر.
وقال بصبوص إنه وعلى الصعيد الإقليمى قامت "الإمارة الصغيرة" قطر بلعب دور "الراعى" للإخوان المسلمين فى مصر على الصعيد الاقتصادى وإعلاميا من خلال "قناة الجزيرة" التى أضحت قناة الإخوان المسلمين، مشيرا إلى أنه وفى الوقت نفسه تقوم قناة "العربية" (السعودية –الإماراتية) بمساندة نبض الشارع المصرى، بالإضافة إلى أن الرياض وأبو ظبى قررا دعم مصر بمبلغ 8 ملايين دولار.
كما أشار إلى القلق التركى من تطورات الوضع فى مصر، معتبرا أن "مصر الجديدة" وخلال المرحلة الانتقالية الحالية يمكنها أن تعتمد على بلدان الخليج.
وأكد أنه يشعر بالأمل حاليا لاسيما وأن الشباب الذين قاموا بثورة 25 يناير والحشد من خلال مواقع التواصل الاجتماعى، هم اليوم نفس الشباب الذين حشدوا بالملايين فى الشارع ضد نظام مرسى.
وفيما يتعلق بدور التيار السلفى ..قالت الصحفية الفرنسية كلود جيبال ردا على أسئلة النواب الفرنسيين / أن نظام الرئيس الأسبق مبارك استخدم السلفيين فى مواجهة الإخوان المسلمين، وأن التيار السلفى لم يشارك فى الثورة ولكنه دخل على الساحة السياسية بعد ذلك، مذكرة أن حزب النور السلفى دعم معارضى مرسى ولكنهم لم يشاركوا فى مظاهرات الثلاثين من يونيو "ولكنهم يعتبرون أن دورهم قادم".
ومن ناحيته، رأى بصبوص أن السلفيين هم الوهابيين فى شبة الجزيرة العربية ويتم تمويلهم من أحدى الدول الخليجية وظهر ذلك من خلال الحملات الانتخابية التى قاموا خلالها بتوزيع السلع الغذائية على البسطاء، منبها أن بعض أعضاء التيار السلفى يعتنقون الفكر الجهادى، فضلا عن أن بعض أعضاء التيار قاموا بهدم أضرحة الصوفيين فى عام 2011 بخلاف دعواتهم المتكررة لهدم الاثار المصرية وإغلاق المقاصد السياحية فى مصر.
وحذر رئيس مرصد البلدان العربية فى فرنسا من أن وصول التيار السلفى إلى الحكم سيكون نهاية مصر.
وأكد بصبوص على الدور الذى يمكن أن يقوم به الدكتور محمد البرادعى نائب الرئيس للشئون الخارجية فى المرحلة الحالية لاسيما وانه يمتلك أدوات إدارة الأزمة، كما تقاسمت معه فى الرأى الصحفية الفرنسية كلود جيبال التى اعتبرت أن مصر بحاجة إلى "مانديلا" جديد، وأن البرادعى قادر على لعب دور كبير فى هذه المرحلة.
وأعتبر رئيس مرصد البلدان العربية فى فرنسا أن شهر رمضان المعظم سيكون "ساخنا" فى مصر..معربا عن قلقه من أن يكون الإخوان المسلمون يؤسسون لحرب أهلية.
ودعا بصبوص السلطات المصرية الحالية إلى الإسراع من تنفيذ الاستحقاقات الانتخابية لكى تنهض مصر، محذرا من أن عدم الاستقرار فى مصر يعد مصدر قلق وسيكون له تداعياته ليس فقط على دول الجوار ولكن على بلدنا.
كما سلط المشاركون فى الاجتماع الضوء على وضع الأقباط، وأيضا تدهور وضع المرأة فى مصر.
لجنة الشئون الخارجية بالبرلمان الفرنسى تبحث تطورات الوضع فى مصر
الأربعاء، 10 يوليو 2013 01:14 م
البرلمان الفرنسى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة