د.أشرف إسماعيل عزب يكتب: بطلان الشورى وكلمة لابد منها

الأحد، 09 يونيو 2013 09:16 ص
د.أشرف إسماعيل عزب يكتب: بطلان الشورى وكلمة لابد منها صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بجلستها المعقودة بتاريخ 2 يونيو 2013، قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية بعض نصوص مواد قانون مجلس الشورى الصادر بالقانون رقم 120 لسنة 1980 والمعدل بالمرسومين بقانونين رقمى 109 ، 120 لسنة 2011 ، وقد أكدت المحكمة فى هذا الحكم على أن القضا بعدم دستورية النصوص المطعون فيها يستتبع بطلان المجلس الذى انتخب على أساسها منذ تكوينه، إلا أنه يوقف إثر هذا البطلان صدور الدستور الجديد فى ديسمبر سنة 2012، والذى نص فى المادة (230) منه على أن يتولى مجلس الشورى القائم بتشكيله الحالى سلطة التشريع كاملة منذ تاريخ العمل بالدستور حتى انعقاد مجلس النواب الجديد، وتنتقل إلى مجلس النواب فور انتخابه السلطة التشريعية كاملة لحين انتخاب مجلس الشورى الجديد ، على أن يتم ذلك خلال سنة من تاريخ انعقاد مجلس النواب ، بما مفاده أن مجلس الشورى الحالى مستمر فى ممارسته لسلطة التشريع على النحو المنصوص عليه فى المادة (230) سالفة الذكر حتى انعقاد مجلس النواب الجديد ، واعتباراً من تاريخ تحقق هذا الأمر – انعقاد مجلس النواب الجديد – يتعين ترتيب الأثر المترتب على القضاء بعدم دستورية النصوص القانونية المطعون فيها.

ولئن كانت المحكمة الدستورية العليا قد أكدت فى هذا الحكم بعبارات صريحة وواضحة على أن إرجاء تنفيذ بطلان تكوين مجلس الشورى حتى انعقاد مجلس النواب الجديد جاء تنفيذاً لنص المادة (230) من الدستور الجديد ، غير أن بعض رجال القانون يرون أن إرجاء تنفيذ بطلان تكوين مجلس الشورى جاء مراعاة من المحكمة بعدم ترك فراغ تشريعى نظراً لما تمر به البلاد فى المرحلة الراهنه من أوقات عصيبه ومرحلة انتقالية حرجة.

والبادى من هذا التحليل القانونى أن هذا الرأى قد خلط بين مسلك المحكمة الدستورية العليا فى هذا الحكم وبين الرخصة المخولة لها بمقتضى نص المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 والمعدلة بمقتضى قرار رئيس الجمهورية بقانون رقم 168 لسنة 1998 والتى تنص الفقرة الثالثة منها على أن يترتب على الحكم بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالى لنشر الحكم ما لم يحدد لذلك تاريخاً آخر 00000 إلخ.

والحقيقة أن المشرع قد أراد بهذا النص – كما جاء فى المذكرة الإيضاحية لهذا القانون – تخويل المحكمة الدستورية العليا سلطة تقرير أثر غير رجعى لحكمها على الظروف الخاصة التى تتصل ببعض الدعاوى الدستورية التى تنظرها بمراعاة العناصر المحيطه بها وقدر الخطورة التى تلازمها.

ونرى أنه من الأهمية بمكان أن نلقى الضوء سريعاً على مقومات هذه الرخصة – سالفة البيان - وما تسببت فيه من خلاف بين رجال القانون حتى تتضح معالمها للقارئ الكريم.

فالواقع أن التعديل الذى أدخله المشرع على نص المادة 49/3 من قانون المحكمة قد تسبب فى إثارة عاصفة شديدة من انتقادات رجال الفقه الدستورى، حيث انقسم فى شأن تقرير ما جاء به من أحكام، بين مؤيد ومعارض له، وقد بلغت الاعتراضات على هذا التعديل مداها بالقول بأنه جاء مخالفا للدستور فى شكله وفى موضوعه.

وقد أبدينا وجهة نظرنا فى هذا الخصوص فى رسالتنا للدكتوراه التى كانت متخصصة فى مجال رقابة دستورية القوانين بالقول بأن هذا التعديل يفضى إلى نتائج شاذة يأباها المنطق القانونى السليم باعطائه الحق للمحكمة الدستورية العليا فى تقرير الأثر الرجعى لحكمها أو عدم تقريره، وبذلك يكون الحكم الصادر بعدم الدستورية أحياناً كاشفاً أى يسرى بأثر رجعى، ويكون منشأ فى أحيان أخرى أى يسرى بأثر مباشر، ولا شك أن ذلك يفضى إلى فتح مظنة التدخل السياسى فى أحكام المحكمة الدستورية العليا ، مما يفقد الثقة فى أحكامها.

وعلى هذا النحو أعطى نص المادة 49 /3 من قانون المحكمة الدستورية لهذه المحكمة الحق فى تقرير تاريخ آخر غير تاريخ صدور النص المقضى بعدم دستوريته، وذلك على ضوء الظروف الخاصة ببعض الدعاوى التى تنظرها وتقديرها لحجم الخطورة الناجمة عن تقرير الأثر الرجعى بصفة مطلقة.

لذا حق القول بأن إرجاء المحكمة الدستورية العليا لإعمال أثر حكمها ببطلان تكوين مجلس الشورى إلى موعد انعقاد مجلس النواب الجديد قد جاء تنفيذاً حرفياً – ودون أدنى سلطة تقديرية لها فى ذلك – لنص المادة (230) من الدستور المصرى الحالى الصادر عام 2012 ، ويعد مسلك المحكمة هذا سابقة فريدة من نوعها فى أحكام المحكمة الدستورية العليا لم تحدث مسبقاً فى تاريخها، ولا شك أن هذا المسلك يختلف تماماً عن الرخصة المخولة للمحكمة الدستورية العليا بمقتضى نص المادة 49/ 3 من قانونها – كما بينا – والتى تعطى للمحكمة سلطة تحديد تاريخاً آخر لسريان أثر الحكم الصادر عنها.
"والله ولى التوفيق" حفظ الله مصر وشعبها العظيم.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة