د.عبدالجواد حجاب يكتب: انقسام ثم انهزام

الإثنين، 03 يونيو 2013 07:44 م
 د.عبدالجواد حجاب يكتب: انقسام ثم انهزام صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الانقسام أصبح الواجهة المعبرة عن واقع بلاد العرب، هذا الواقع المرير الذى نعانى منه على مر عقود عايشناها ورأيناها بأم أعيننا.. الانقسام ثقافة نجح الاستعمار قديما وحديثا فى زرعها بامتياز فى رؤوسنا بهدف الاستمرار فى احتوائنا والسيطرة علينا واستنزاف مواردنا، كانت ومازالت قاعدة استعمارية بسيطة أو قانون أسميناه "فرق تسد".

فى الأربعينيات شهدت منطقتنا ثقافة الانقسام والتشرذم الذى انتهى بإعلان قيام دولة صهيونية على أنقاض دولة فلسطين وعلى حساب دماء وعظام الشعب الفلسطينى.

فى الخمسينيات والستينيات شهدنا صراع الجمهوريات الوليدة ضد الملكيات العتيدة، والذى انتهى بانتكاسة وهزيمة يونيو 1967م والتى انتهت بقضم القدس وسيناء والجولان.

فى السبعينيات شهد العالم العربى موجة انقسامات بعد زيارة الرئيس السادات للقدس، أدت إلى تكوين جبهة الرفض والتصدى وانتقال جامعة الدول العربية إلى تونس، واندلاع الحرب الأهلية بلبنان واحتلال إسرائيل لبيروت.

فى الثمانينيات والتسعينيات شهدنا حرب الخليج الأولى ثم حرب الخليج الثانية وفضيحة احتلال ثم تحرير الكويت ثم غزو العراق بحجة تحريره من صدام، ثم الانقسام الفلسطينى وانفصال وحصار غزة ليبقى الانقسام مستمرا ليكون قدرنا الانتقال إلى القرن الواحد والعشرين ونحن نحمل ثقافة الانقسام.

بدأ الربيع العربى فى تونس وانتقل بسرعة البرق إلى مصر وليبيا واليمن وسوريا، وقسم العرب إلى مؤيدين ومعارضين لما نتج عن انتصار الربيع فى بعض الدول.

مبادئ الربيع كانت ومازالت السلمية والحرية والوحدة، تدخل الاستعمار الحديث بكافة الأساليب لاحتواء موجة الربيع، وتحطيم آمال الشباب العربى فى كل دول الربيع.

أصل الانقسام ما هو إلا صراع على السلطة والثروة والسلاح.. صراع بين الدول العربية.. صراع بين أبناء الشعب الواحد فى النهاية لن نجنى لا سلطة ولا ثروة ولا سلاح.. فى النهاية لن نجنى إلا الضعف والهوان تمهيدا لتضييع ما تبقى من فلسطين شئنا أم أبينا.

فى بلادى الحبيبة مصر، قلب العالم العربى وأم الدنيا وصاحبة إبداع أول ثورة سلمية فى تاريخ البشر، بكل أسف ما زالت ثقافة الانقسام تسيطر على عقول الأغلبية العظمى من النخب السياسية والإعلامية والثقافية.. انقسام وانشقاقات واستقالات وانسحابات على كل المستويات.. انقسام داخل الكتلة الإخوانية وانقسامات بالكتلة السلفية وانقسامات داخل الكتلة اليسارية وانقسامات داخل الكتلة الليبرالية وتشرذم الكتلة الثورية.. وانقسامات بين هذه الكتل وبعضها البعض.

هذه الانقسامات سببها التنافس والصراع على السلطة وتوزيع كعكة الثورة.. وصلت الانقسامات إلى مراحل خطيرة من الاستقطاب ومحاولات الخروج على السلمية واسقاط الديموقراطية الوليدة والقضاء على جو الحرية التى انتزعها الشعب بدمائه.

أصبحنا الآن على وشك الوقوع فى فخ الاحتراب وضياع السلم الأهلى.. الانقسام له نتيجة واحدة وهى الانهزام.

بالرغم من كل ما نراه كل يوم وما يدور فى المستنقع السياسى.. مازال التفاؤل يخامر عقلى وتفكيرى لعدة أسباب:

الأول: أن ثقافة الانقسام مازالت بعيدة عن الغالبية العظمى من أبناء مصر.. أغلبيتنا تعتقد أن مصر للمصريين جميعا.. أغلبية الشعب المصرى العظيم تنبذ العنف والاقتتال.. شعب مصر يعشق ثقافة التعايش والمشاركة.

الثانى: أن جيش مصر خرج من الغمة وكرة النار التى ألقاها الرئيس المخلوع فى وجهه.. خرج بكامل لياقته الوطنية ويقف بجوار الشعب ولديه إصرار على رفض التسييس والتحزب ويحترم الشرعية والإرادة الشعبية.

الثالث: مصر تمتلك صرح الوسطية الكبير وهو أزهرها الشريف الذى وقف على مسافات متساوية من الجميع رافضا التحزب والتسييس مستحقا بجدارة أن يصبح مرجعيتنا نحن المصريين مسلمين وأقباط فى الداخل والخارح وأن يصبح مرجعية المسلمين فى جميع أنحاء العالم.

والسؤال الخطير والمهم، أطرحه على النخب السياسية والثقافية والإعلامية من خلال هذا المنبر: هل سنتعلم ونستوعب دروس التاريخ؟

هيا بنا نتعاون ونتحاور بموضوعية لوضع آليات لإدارة خلافاتنا السياسية.. لوضع بنية تحتية لثقافة الحوار والقضاء على ثقافة الانقسام.. هيا بنا نحافظ على حريتنا باحترام حرية الآخرين.. هيا بنا نحافظ على ديموقراطيتنا باحترام إرادتنا الشعبية وعدم الالتفاف عليها.. هيا بنا نحتج ونتظاهر سلميا بهدف الضغط لتحقيق أهداف ثورتنا التى تعاهدنا على تحقيقها بكافة الوسائل السلمية.

من حقنا أن نختلف فى الرأى وفى النهاية الخيار لشعبنا الأصيل.. من حقنا نقد الرئيس وكل ما دونه وأيضا توجيه اللوم له ولوزرائه ولكن فى الإطار الديموقراطى.. من حقنا تغيير الدستور بالآليات التى أقرها الشعب.

مصر الحديثة الوطنية والديموقراطية هى مشروعنا القومى وحلمتا الكبير الذى يحتم علينا الوحدة لتحقيقه بسواعدنا القوية وإرادتنا الصلبة وقوة إيماننا وثقتنا فى أنفسنا، وخاصة فى وجود تحديات خطيرة تهدد أمننا القومى سواء على مستوى الإرهاب وانتشار السلاح وارتفاع وتيرة الإجرام والاتجار فى السلاح.. أو على مستوى أمننا المائى.. أو على مستوى محاربة الفقر والبطالة والتضخم ونفاذ الاحتياطى.. أو على مستوى قوة مصر المؤثرة فى منطقتنا العربية والإسلامية والساحة الدولة.

صدقونى أنا أعتقد وبثقة أن مصر ستبقى حرة وقوية وأبية لتصنع تاريخ العالم من جديد.. وإن غدا لناظره لقريب.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة