شركة «جرين فالى» تتحدى الحكومة والجيش بغازات ضارة تسبب الوفاة.. الشركة تمارس عملها فى الخفاء دون ترخيص.. و«التنمية الصناعية»: أعطيناها موافقة مؤقتة ولم تجدد رخصتها حتى الآن

السبت، 25 مايو 2013 12:45 م
شركة «جرين فالى» تتحدى الحكومة والجيش بغازات ضارة تسبب الوفاة.. الشركة تمارس عملها فى الخفاء دون ترخيص.. و«التنمية الصناعية»: أعطيناها موافقة مؤقتة ولم تجدد رخصتها حتى الآن صورة أرشيفية
كتب - هدى زكريا - محمد فهيم عبدالغفار

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
«سحب دخانية تغطى سماء مدينة برج العرب الجديدة بمحافظة الإسكندرية صباحا، حالات اختناق مستمرة يشعر بها الأهالى، استغاثات كثيرة لوقف نشاط مقلب النفايات المجاور لمساكنهم ولكن دون جدوى»، هذا هو حال سكان المنطقة المذكورة يوميا منذ أن بدأ تشغيل شركة «جرين فالى أويل سرفيس» «GVOS» التى يتمثل عملها فى التخلص من المخلفات السائلة الناتجة عن حفر آبار البترول لإنتاج الغاز الطبيعى من شركة رشيد للبترول.

تاريخ الشركة ومخالفاتها البيئية
يكفى أن تذهب لمنطقة برج العرب الجديدة وتسأل عن مصدر انبعاث الرائحة الكريهة المنتشرة فى الهواء لتجد الجميع يتسابق لإجابتك قائلا «الريحة من شركة الموت»، ويبدأ الصغير قبل الكبير فى سرد قصة هذه الشركة التى بدأت بتخصيص قطع أراض لها عام 2008 وهى 1، 2، 11 و12 بامتداد المنطقة الرابعة بلوك 8 بالمنطقة الصناعية فى مدينة برج العرب الجديدة وتبلغ مساحتها 17.400 ألف متر مربع، يشغل الحوض منها 4500 متر مكعب، بعدما فازت شركة «جرين فالى أويل سرفيس» بالمناقصة التى طرحتها شركة رشيد للبترول ولكن نشاطها الفعلى بدأ منذ عامين وتمثل فى التخلص من المياه الناتجة عن عمليات حفر آبار الغاز الطبيعى عن الطريق الترذيذ فى الهواء وليس التبخير فى الشمس.
وعلى الرغم من أن الاشتراطات البيئية المنصوص عليها لعمل مثل هذه الشركات، التى تتمثل فى تناسب مساحة الموقع مع الاحتياج الفعلى وتكون كافية لاستيعاب النفايات المنتجة من المنطقة المخدومة لمدة عشرين عاما واستيعاب مشاريع تدوير النفايات فى الموقع وأن يكون الموقع خارج المدينة ومعاكسا لاتجاه الريح السائدة بحيث تمر الريح السائدة على التجمعات السكنية قبل وصولها إلى موقع المدفن وتكون المسافة الفاصلة بين مدافن النفايات والنطاق العمرانى لا تقل عن ثلاثة كيلومترات ومتوافقة مع استخدامات الأراضى الحالية والمستقبلية فى المنطقة وغيرها من الشروط التى تضمن سلامة المواطنين فإن الشركة جاءت مخالفة لكل هذا وفقا للتقرير الصادر عن جهاز شؤون البيئة التابع للإدارة المركزية بالإسكندرية فى ديسمبر 2011، الذى جاء فيه أنه تم اكتشاف مخالفة الشركة أحكام المادة 29 من قانون البيئة لعدم وجود تصريح بتداول المخلفات الخطرة، وأحكام المادة 30 من القانون لعدم وجود مخزن للنفايات الخطرة لضمان التخزين الآمن، والمادة 33 لعدم وجود سجل يحتوى على المخلفات الخطرة وعدم اتخاذ الاحتياطات الواجب توافرها لمنع حدوث أى ضرر بالبيئة والمادة 43 لعدم الالتزام بتوفير بيئة عمل توفر شروط السلامة والصحة المهنية، وأخيرا مخالفة أحكام المادة 34 و36 و45 من القانون لانبعاث روائح كريهة ونفاذة داخل البيئة العمل وخارجها.
شكاوى الأهالى
فى 2011 بدأ الأهالى البحث عن مصدر انبعاث الروائح الكريهة التى تنتشر فى الهواء من الساعة الثانية صباحا، وهو التوقيت الذى تبدأ فيه الشركة العمل وتدوم حتى الساعات الأولى من الصباح، حتى توصلوا للسبب الرئيسى فبدأت شكواهم تتوافد على مكاتب المسؤولين لإيقاف نشاط الشركة، يقول سمير معوض عبدالسلام، أحد أهالى المنطقة: على الرغم من أن برج العرب بها كثير من المنشآت الصناعية المتنوعة سواء الغذائية أو حتى مصانع الأسمنت التى تعمل جميعها منذ عشرات السنين -يصل عددها لما يقرب من 300 مصنع- فإن الروائح الكريهة والخانقة لم نستنشقها إلا منذ عامين، مع تاريخ بدء نشاط شركة جرين فالى أويل سرفيس، وهذه الرائحة تسببت فى ضرر الجميع صغارا وكبارا، وحتى وإن كانت أعراض الإصابة بالأمراض الصدرية لم تظهر بشكل قوى بعد، نظرا لقصر فترة مزاولة الشركة لنشاطها لكن هذا لم يمنع حالات الاختناق التى تحدث بين الحين والآخر بسبب الأدخنة المنبعثة منها ومع استمرارها لسنوات قادمة لا نستبعد موتنا واحدا تلو الآخر.
وطالب سمير بنقل الشركة بعيدا عن المنطقة السكنية التى يصل عددها إلى 20 ألف وحدة سكنية تم تسكين جزء منها والجزء الآخر تحت الإنشاء وما نعانيه يثبت أن صاحب الشركة لا يهمه مصلحة الناس وصحتهم ولكن ما يعنيه تحقيق أرباح، واتفق معه محمد حسن العيسوى الذى قال: المدينة بأكملها تستنشق الغازات المنبعثة من الشركة لأنها تنتشر فى اتجاه الرياح وليس عكسها وبالتالى الأمر لا يتعلق بالمساكن المجاورة لها فقط وهذا سبب طبيعى لحالات السعال المستمرة، ولن ننتظر لحدوث الأخطر من ذلك خوفا على صحة وسلامة أطفالنا، وتابع: على الرغم من قرارات وقف النشاط التى صدرت ضد الشركة فإن صاحبها لم يقم بالتنفيذ ولا نعرف ما السبب، ويقول أدهم بدر من سكان المنطقة: منذ فترة بدأنا نستنشق رائحة شديدة وكريهة صباحا ونحن متوجهون إلى أعمالنا لدرجة أننى ذات يوم منعت أطفالى من الخروج والذهاب إلى المدرسة حتى لا يختنقوا فى الطريق وعندما بحثنا عن السبب وجدنا هذه الشركة هى المصدر وعلى الرغم من محاولات أهالى برج العرب المستمرة لخلق مدينة نظيفة وجميلة فإن الشركة جاءت للتخلص من المخلفات البترولية الخطرة بطريق خطأ ومخالفة للشروط البيئية اللازمة حتى كانت النتيجة أن طبقات الجو العليا فى سماء المدينة تحتفظ بشكل دائم بهذه الغازات السامة.
تحذيرات بيئية
بالإضافة لتقرير جهاز شؤون البيئة السابق ذكره يقول الخبير البيئى الدكتور أشرف زهران: إن الشركة تقوم بالتخلص من المياه الناتجة عن عمليات الحفر، ولكن أثناء تلك العملية تنتج مادة تسمى «مونو إيثيلين جليكول» لها رائحة نفاذة يمكن أن تدخل جسم الإنسان عن طريق الأنف وتسبب صداعا أو عن طريق الفم أثناء عملية «البلع» وتسبب الوفاة مع كثرتها أو تحدث تهيجا للعين وحساسية للجلد وتؤثر على الجهاز العصبى والكبد، وتابع: المشكلة أن الشركة من المفترض أن تقوم بمعالجة كمية معينة وفقا لمساحتها، فمثلا بدلا من تشغيل السبعة رشاشات فى وقت واحد للتخلص من المياه، يقومون بتشغيل ثلاثة فقط، ولكن نظرا لأن الكمية تكون كبيرة جدا على المساحة والشركة تريد التخلص منها بشكل سريع تقوم بتشغيل السبعة فى آن واحد فيختنق الأهالى.
عبدالله الجويلى، رئيس جهاز مدينة برج العرب، يقول: أنا مسؤول عن المنطقة وقبل أن نفكر فى الأموال والاستثمارات علينا أن نضع فى الاعتبار أولا صحة وسلامة المواطنين لذلك لن يمنح الجهاز التراخيص للشركة قبل أن تستكمل كل التصميمات المتبقية والخاصة بالأعمال التى تقوم بها وأضاف: المستثمر أمواله تذهب وتجىء ولكن أرواح الناس هى الأهم، لذا قررنا تشكيل لجنة من داخل الجامعات لتحليل مواد الشركة ومواد المصدر الرئيسى المورد لها وبناء على النتيجة سيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة.
وأكد الجويلى على أنه لم يسبق أن شكى الأهالى من أدخنة بقية المصانع الموجودة فى المنطقة، والشكاوى الحقيقية بدأت مع ممارسة هذه الشركة لنشاطها وما دام كل أهالى المنطقة متفقين على أضرارها فبالتأكيد هناك شىء خطأ تقوم به. وفى رأيى التأخر فى تقنين أوضاع الشركة البيئية السبب فيه أن المستثمر لا يريد تحمل مزيد من التكاليف للتخلص من النفايات بطريقة سليمة فيلجأ دائما للسبل الأقل تكلفة.
الشركة صدرت ضدها تقارير لوقف نشاطها ومازالت تعمل فى الخفاء
صدرت ضد الشركة مجموعة تقارير حصلت «اليوم السابع» على نسخة منها تفيد بقيام الشركة بعدة مخالفات بيئية لذلك رفض جهاز المدينة منحها التراخيص، ورغم ذلك تمارس عملها فى الخفاء ليلا الساعة الثانية صباحا بشهادة الأهالى، ففى مارس 2012 صدر تقرير قيادة القوات الجوية، شعبة العمليات الجوية، ونص على الآتى: فى إطار المحافظة على الكفاءة الفنية والقتالية للقواعد الجوية، المطارات، وحدات القوات الجوية ومنها قاعدة برج العرب الجوية، يرجى التكرم بالإحاطة بالآتى، تقع قاعدة برج العرب الجوية فى نطاق قيادة المنطقة الشمالية العسكرية، وتتواجد شركة جرين فالى بالمنطقة الصناعية الرابعة بمدينة برج العرب الجديدة على مسافة 4 كم فى الاتجاه الغربى للقاعدة، علما بأن أعمال الشركة عاليه تتمثل فى معالجة المياه المنتجة فى عمليات حفر الآبار للغاز الطبيعى ونواتجه السامة، وتتواجد بالمنطقة المحيطة لقاعدة برج العرب الجوية «روائح غاز الميثان، الكبريت» اتجاه الرياح شمالية غربية، مما يؤثر بالسلب على الكفاءة القتالية للأفراد المتواجدين بالقاعدة وكذلك الأفراد المدنيون حول حدود القاعدة، وقام أهالى المدينة بتقديم شكاوى ضد الشركة عاليه إلى الإدارة المركزية لشؤون البيئة بالإسكندرية وتم عمل أكثر من وقفة احتجاجية حول جهاز تنمية مدينة برج العرب، نظرا لانبعاث غازات خانقة أدت إلى دخول العديد منهم فى حالات اختناق شديدة.
وأضاف التقرير: تم أخذ تعهد على مدير الموقع بواسطة جهاز تنمية المدينة لوقف تبخير المياه المصاحبة للغاز لحين استخراج التصاريح اللازمة لهذا الشأن، ولم تقم الشركة بإيقاف الأعمال حتى تاريخه مع ازدياد حجم الغازات المنبعثة مما يؤثر على الحالة الصحية للأفراد عسكريين ومدنيين بالمنطقة.. مرفق طيه المكاتبات، وطالبت رئيس شعبة العمليات الجوية بتشكيل لجنة برئاسة قيادة المنطقة الشمالية العسكرية وعضوية مندوبى كل من «القوات الجوية - وزارة البيئة - الهيئة العامة للبترول - الهيئة العامة للتنمية الصناعية، لمراجعة موقف الشركة ووقف أعمال الحرق غير الكامل للمواد السامة».
كما صدر تقرير آخر من جهاز مدينة برج العرب الجديدة بتاريخ 4 يناير 2012، أوصى بوقف تشغيل شركة جرين فالى أويل سرفيس بالمنطقة الصناعية امتداد الرابعة بلوك 8 قطع 1، 2، 11، 12 لحين توفيق الأوضاع البيئية واستخراج التصاريح اللازمة وإزالة أسباب المخالفات الواردة بجهاز شؤون البيئة فرع الإسكندرية رقم 3816 بتاريخ 23 ديسمبر 2011. وكذلك حصلنا على محضر من قسم شرطة برج العرب بشأن قرار نيابة برج العرب الصادر فى القضية رقم 684 لسنة 2012، إدارى برج العرب وتكليف أحد المختصين بجهاز شؤون البيئة بمعاينة المصنع محل التحقيق: جرين فالى أويل سرفيس وإعداد تقرير مفصل بما أسفرت عنه المعاينة وعرضه على النيابة فور الانتهاء منه ولحين الانتهاء من ذلك يتم وقف تشغيل الشركة جرين فالى أويل سرفيس، وفصل التيار الكهربائى من المولد الرئيسى المغزى للطلمبات الرئيسية بالمصنع وتشميع الكابل الرئيسى الخارج من المولد.. ومنع دخول الشاحنات للموقع لحين توفيق الأوضاع، وعلى الرغم من تأكيد المهندس عبدالله الجويلى رئيس جهاز مدينة برج العرب أن الشركة لم تستكمل الاشتراطات البيئية لممارسة عملها وإلزام الشركة بالتخلص من النفايات فى نفس منطقة الحفر على عكس ما تفعله الآن وفقا لما جاء فى السجل التجارى لها الذى حصلت «اليوم السابع» على نسخة منه أيضا، فإن هيئة التنمية الصناعية وجهاز شؤون البيئة قام كل منهما بعد ذلك بالسماح لها بممارسة نشاطها، حيث وافقت الهيئة وكذلك الجهاز على مد عمل الشركة من فبراير وحتى نهاية مارس 2012 لإثبات الجدية واستكمال تنفيذ المشروع واستخراج رخصة التشغيل على مساحة لا تقل عن %25 من إجمالى مسطح المشروع ومارس 2012 مد عمل الشركة، وحتى الآن لم يتم اتخاذ أى إجراء ضدها.
وعلى الرغم أيضا من أن الجيش كان قد ألزم جهات الاختصاص بإجبار الشركة على التخلص من نفاياتها بطريقة أخرى غير الترذيذ فى الهواء. ومن جانبها، أوضحت هيئة التنمية الصناعية أن موافقتها للشركة والسماح بممارسة نشاطها كانت مؤقتة تنتهى فى 30 سبتمبر 2012 وحتى الآن لم تقم الشركة بتجديد رخصة ممارستها لعملها، وكانت الهيئة قد منحت الشركة موافقة مؤقتة فى يوليو 2012 بناء على الموافقة التى حصلت عليها من جهاز شؤون البيئة، وتم إرسال نسخة منها لأمين عام وزارة الدفاع بتوافق عمل الشركة مع الاشتراطات البيئية، ولكن حتى وقتنا هذا لم يحدث تجديد لتلك الرخصة ورغم ذلك تقوم الشركة بممارسة عملها.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة