«مياه شرب طبيعية - بئر جوفى عميق» جملة ستراها على أية عبوة مياه فى السوق، ورغم أنها فى الأساس أحد المواصفات القياسية التى تضعها وزارة الصحة لإصدار ترخيص تعبئة المياه، لكنها أصبحت مؤخرا مجرد جملة تجارية مطبوعة على أغلفة عبوات غير مرخصة وغير معروفة المصدر انتشرت فى السوق المصرية بلا أى رقابة سواء من وزارة الصحة أو التموين أو الداخلية.
18 شركة هو عدد الشركات المسموح بتداول منتجاتها فى السوق المصرية وفقا للنشرة التى أصدرتها وزارة الصحة منذ أيام، والتى واكب إعلانها عودة أزمة نقص المياه المعبأة إلى السوق المصرية نتيجة إغلاق 7 شركات أخرى لعدم حصولها على ترخيص العمل، «اليوم السابع» تجولت فى أكثر من منطقة فى محافظتى القاهرة والجيزة، واكتشفت كارثة تمثلت فى انتشار أنواع غير معروفة وغير مرخصة بالأسواق استغلالا للعجز الموجود فى الأسواق وكذلك استغلالا لغياب الرقابة على الأسواق، خاصة فى القرى والمناطق العشوائية والمحافظات البعيدة عن العاصمة التى تتركز عليها أعين الرقابة المركزية.
«بيور - الندى - الواحة - الهنا» وغيرها الكثير وكلها أسماء غير موجودة فى نشرة وزارة الصحة ورغم ذلك فهى عبوات مياه معبأة متداولة بكثرة فى السوق، وتباع بسعر أعلى من السعر المتعارف عليه، حيث تصل العبوة الصغيرة منها إلى 2 جنيه، والكبيرة 3 جنيهات، أصحاب المحال والسوبر ماركت يعتمدون على سيارات نصف النقل التى تمر عليهم لتوزيع منتجاتها، وبدأ عجز المياه المعدنية يظهر فى السوق نتيجة الحريق الذى نشب فى إحدى شركات المياه المعروفة والتى كانت مسؤولة وحدها عما يقرب من %30 من السوق، فضلا عن إغلاق أخرى بسبب مخالفتها للمواصفات، ومن هنا أصبحت محلات السوبر ماركت مجبرة على شراء عبوات المياه التى تنتجها شركات مجهولة أو غير مرخصة، يقول محمود، صاحب سوبر ماركت، بمنطقة فيصل «نعانى من أزمة المياه منذ 4 أشهر، وسيارات توزيع مياه الشركات المعروفة لم تعد تأتى، وهو ما واكبه ظهور أنواع غير معروفة نضطر للشراء منها لزيادة الطلب خصوصا مع قدوم الصيف».
وأوضح محمود أن الموزع يقوم ببيع منتجه لهم دون إعطائهم أى فواتير، ونفس المعلومة أكدها جمال حسن، مدير أحد فروع سوبر الماركت الكبرى، مشيرا إلى أن هناك الكثير من موزعى شركات المياه الذين يمرون عليه لمحاولة إقناعه بالشراء منه، قائلاً: «بالنسبة لى مقدرش أشترى منهم لأنى مراقب من قبل وزارة الصحة والتموين، وملتزم باتباع الأسماء المعلنة، لكن يمر على يوميا ما لا يقل عن 3 موزعين، وبأسماء قريبة من الأسماء المتداولة، أو هى مع إضافة اسم أو حرف زيادة».
كلمات جمال تجدها فى زجاجة مياه «أكوا» التى تستغل الاسم التجارى لإحدى شركات تصنيع أجهزة وماكينات تحلية المياه والمعدات الاستثمارية، كما أنها تستغل وجود أكثر من شركة ضمن نشرة وزارة الصحة مثل شركة «بيور» والتى يتشابه اسمها مع شركة «بيور نستله» حاملة الترخيص، واللافت للانتباه اقتراب تصميم العبوات من شكل العبوات المعروفة.
«اليوم السابع» فحصت عبوات هذه الشركات غير المرخصة، بعد أن اشترت عينة منها، ووجدنا جميعها يشير إلى استخراج المياه من «بئر جوفى عميق» توزعت مقراتها ما بين البحيرة وأسيوط والسادات والغربية، ولم تحمل عبوة بيور التابعة وفقا لبياناتها شركة بيور للمياه المعدنية أى تاريخ إنتاج، ويلفت نظرك عبارة مكتوبة عليها «معقمة بالأشعة فوق البنفسجية والأوزون»، وتجد عليها رقم تليفون غير موجود بالخدمة، أما «الندى» فتدون على العبوة رقم ترخيصها من وزارة الصحة رقم 3583 لعام 2006، وعليها رقم تليفون تكتشف عند الاتصال برقم المدون عليها بأنه يتبع «محل حلويات بطنطا» رغم أن مقر الشركة بأسيوط حسبما هو مكتوب عليها، باقى الشركات لم يختلف أمرها عن ذلك.
عمرو عصفور، نائب رئيس شعبة المواد الغذائية بالغرفة التجارية يؤكد أن مثل هذه المنتجات يزداد توزيعها فى القرى والمحافظات البعيدة، فى ظل انعدام الرقابة هناك مع وجود عدة ثغرات فى آليات الرابة لا تتيح للأجهزة إلا متابعة الشركات والمحال الحاصلة على الترخيص، مضيفا «أجهزتنا لا تراقب إلا من يحمل ترخيص، يعنى هو بيكون أساسا رايح للحكومة برجله علشان يمشى فى الأمان، أما لو واحد بلطجى فتح شركة دون اتباع أى إجراءات سليمة، محدش بيروحله، لأن عندنا خلل فى إجراءات الرقابة واللى زادت بشكل أكبر فى ظل الانفلات الأمنى الموجود».
عصفور أوضح أن الغرفة رصدت شركات «بير سلم» تقوم بتعبئة المياه بعد تمريرها على فلاتر أولية لتغيير ملامح المياه أو طعمها فقط حتى تبدو وكأنها مياه طبيعية، وتبيعها فى الأسواق، ويزيد ذلك فى الشرقية والقليوبية، على حد قوله.
وفى سياق متصل، فإن سحب الترخيص من شركات المياه لحين توفيق أوضاعها جاء وفقا لوزارة الصحة بسبب عدم مطابقة المواصفات القياسية للمياه الطبيعية المعبأة والتى تتصل بعمق البئر، فكلما قل العمق تلوثت المياه وزادت أيضا مخالفته للشروط وتهديده لصحة الإنسان.
مطابقة المواصفات تتضمن عمليات التجهيز فى المصنع وتعقيم المياه من البكتيريا والفيروسات والطفيليات عن طريق معالجات الأوزون والأشعة فوق البنفسجية، وكذلك إحكام إغلاق العبوة وتدوين اسم المصدر والاسم التجارى وحجم الأملاح المعدنية التى تتضمنها.
وهناك الكثير من الطفيليات والبكتيريا التى تصيب المياه الطبيعية وبدون المرور على عمليات المعالجة السابقة والالتزام بهذه الاشتراطات تزيد خطورتها على المستهلكين مثل بكتيريا البروتوز والقولون كما أنه من المهم جدا أن تكون خالية تمام من أى نوع من الديدان.
دكتورة سلوى شكرى، رئيس مجلس إدارة جمعية مصر الجديدة لحماية المستهلك، أوضحت أن جهاز حماية المستهلك قام فى الفترة الماضية بضبط كميات كبيرة من عبوات مياه معبأة ومجهولة المصدر وغير موجودة فى نشرة وزارة الصحة وقامت بتحرير محاضر ضد أصحابها وجار التحقيق فيها، مشيرة إلى أن الأزمة تزداد فى الأسواق الشعبية، حيث إن الرقابة لا تمنع من التلاعب.
وقالت شكرى إن وعى المستهلكين يؤثر بشكل كبير فى إعطاء فرصة للتلاعب فى السوق مضيفة «غالبا فى الأماكن الشعبية والريفية لا يتساءل المستهلك عن ماهية المياه وبالتالى يعتمد رصد المخالفات على نزولنا الميدانى، وذلك أمر مختلف عن الأماكن التى يرتفع فيها وعى المستهلكين، حيث يحجمون بأنفسهم عن شراء الأنواع غير المعروفة، وبالتالى لا تتمكن هذه الشركات المجهولة من ترويج منتجاتها».
شركات مياه مجهولة تغزو السوق المصرية بعبوات مياه «ملوثة» زجاجات مياه تتشابه مع الماركات المشهورة فى الشكل والاسم بدون تاريخ إنتاج وبعناوين وهمية
السبت، 25 مايو 2013 12:55 م
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مدحت الشيمي
اين الرقابة
عدد الردود 0
بواسطة:
الفلاح المصرى
وزارارت