بدأت الشرطة تعود إلى الظهور فى الشارع المصرى من جديد، وظهرت معها نعوش الشهداء لضباطها وأفراد جهازها، نتيجة الاشتباكات المستمرة مع البؤر الإجرامية، إلا أن ذلك لم يوقف جرائم السطو المسلح والسرقات بالإكراه، التى قفزت على السطح مؤخرا بصورة مفزعة بالرغم من التواجد الأمنى، وظهرت معها تساؤلات عن سبب الانفلات الأمنى وعدم السيطرة على البلطجة والخارجين عن القانون، أسوة بما كانت تفعله الداخلية قبل الثورة من ضبط للجناة خلال ساعات من ارتكاب الجرائم، ووأد عمليات السطو المسلح قبل وقوعها، حيث إن إعداد القيادات والضباط والأفراد لم يتغير وإنما تغير الوزير وسياسته.
فى ظل هذا الغموض الذى يسيطر على الداخلية ويحيط رجالها، يرتكب الخارجون عن القانون عشرات الجرائم بنفس المنطقة وذات الأسلوب، دون أن يقعوا تحت طائلة القانون، فيرتكب لص بمدينة السادس من أكتوبر منذ أشهر 99 جريمة سرقة بنفس المنطقة، ولا يتم القبض عليه، إلا فى الجريمة رقم 100، ويرتكب "الديب" وابن شقيقه "الثلعب" أخطر مجرمى قنا، 33 حادث سرقة بالإكراه بنفس الأسلوب وداخل مربع واحد، ولا يتم القبض عليهما إلا فى الجريمة رقم 34، وينجح ''أبو جابر'' بالإسماعيلية فى تنفيذ 49 جريمة سرقة، وتعجز الشرطة عن ضبطه إلا فى الحادث رقم 50.
ويعلق ضابط شرطة، رفض ذكر اسمه، على أسباب زيادة هذه الجرائم وعدم القدرة على السيطرة عليها بالرغم من التواجد الأمنى، مؤكداً أن جهاز الشرطة أصبح يعمل تحت ضغط سياسى، وهناك تدخل سافر من جماعة الإخوان المسلمين فى عمل الجهاز، وصلت لدرجة تردد قيادات الجماعة على أقسام الشرطة وتقديم تحرياتها عن المجرمين بكل منطقة، مما جعل الضباط يعزفون عن العمل، بالإضافة إلى عدم وجود وزير للداخلية ذى هيبة، يعيد للشرطة مجدها وكرامتها التى هدمت عقب جمعة الغضب.
وأضاف ضابط الشرطة أن طبيعة المرحلة وضعتنا بين خيارين لا ثالث لهما، إما أن نتصدى بقوة للبلطجية والخارجين عن القانون حتى لو وصل الأمر إلى الاشتباك معهم وإطلاق الرصاص، وربما يسقط قتلى، ولكننا نفاجئ بعد ذلك بأن أقارب القتيل يدعون كذبا بأنه من "الثوار" ويطالبون بمحاكمتنا، وربما دفنوه ملفوفا بعلم مصر وجابوا به ميدان التحرير وأطلق اسمه على مدرسة أو شارع، ومن ثم كان يتعين عمل كارنيهات للثوار حتى لا نتعرض لهم، والأمر الثانى أن نتخاذل ولا نحتك بأحد حتى وإن خالف القانون خشية أن يتم اتهامنا بقتل الثوار والخضوع للمحاكمات، لكن للأسف عندما نلجئ لذلك يوجه إلينا الاتهام بالتكاسل والعزوف عن العمل.
وقال ضابط الشرطة: اتركوا لنا العنان نحقق الأمن من قواعد وإجراءات الأمن الصحيحة، دون أن تقيدونا، وعندها سيتحقق الأمن خلال أشهر قليلة، وسوف يتم القضاء على السرقات بالإكراه وعمليات السطو المسلح.
وأشار الضابط قائلا: هناك جهات مسئولة ومؤسسات كانت تقوم بدورها قبل الثورة، وعندما تعطل عملها وتكاسلت فيه، جعلت المواطن يرتكب الجرائم بعد الثورة، مما زاد من أعباء الجهاز الأمنى، فعندما لا يتوفر للمواطن العمل والأكل والشرب والرعاية الصحية، فمن الطبيعى أن يلجأ إلى العنف وهذا ما حدث بعد الثورة، وأصبحنا نواجه موجة من الغضب تحولت إلى جرائم.
واختتم الضابط كلامه مؤكدا أن اللصوص والخارجين عن القانون قبل الثورة كانوا مسجلين ومعروفين للجهات الأمنية، وعقب اندلاع الثورة انخرط فى عالم الإجرام أشخاص جدد بأعداد كبيرة بسبب رثاثة الحال والفقر وارتفاع الأسعار وتحقيق مكاسب فى وقت قليل، مما جعل هناك صعوبات للجهاز الأمنى فى الوصول لمرتكبى الجريمة سريعا، كما كان يحدث قبل الثورة، لافتا إلى ضرورة أن يتم دعوة وزارة العدل، للعمل على تشريع قوانين لتغليظ العقوبات على الجرائم التى انتشرت مؤخرا، وأصبحت تشكل خطرا على حياة المواطنين، خاصة بعدما انتشرت جرائم السرقة بالإكراه والخطف وحيازة الأسلحة.
ويرى اللواء حسام لاشين، مساعد وزير الداخلية الأسبق، أنه ليس بتواجد الشرطة وحدها يتم منع الجرائم دفعة واحدة، فهناك اعتبارات أخرى أهمها أن يتم تسليح الداخلية بأسلحة حديثة لمواجهة الخارجين عن القانون، فأصبحنا نرى مدافع مع المتهمين فى مواجهة الأسلحة العادية للشرطة، لافتا إلى أن وجود عدد كبير من الصبية غير المسجلين، والذين دخلوا فى الجريمة لسهولتها بعد الثورة سواء كانت اختطاف أو سرقة، جعل الأمر أكثر صعوبة على الشرطة، بالإضافة إلى انتشار المواد المخدرة، ودخول كميات كبيرة من السلاح، فعلينا أن نتخيل أن شخصًا معه سلاح و"مبرشم" ماذا يفعل فى هذه الحالة، حتى لو كان هناك تواجد أمنى لا يوقفه عن الجريمة، لافتا إلى ضرورة وقف محاكمات الضباط حتى يعملوا بنفس العزيمة، التى كانت لديهم قبل الثورة، وأن يعود قانون الطوارئ لأنه الحل الأمثل وأثبت جديته قبل الثورة.
ومن جانبه أكد اللواء فاروق المقرحى، الخبير الأمنى، أن فقدان هيبة الشرطة نتيجة ما حدث فى جمعة الغضب، وكثرة الهجوم عليها عبر وسائل الإعلام والجرأة للخارجين عن القانون ضد الشرطة، وسلبية الضباط خوفا من المحاكمات، جعلت الجريمة تنمو وتترعرع ولن يتم إيقافها بالرغم من سقوط الشهداء وانتشار الشرطة، إلا إذا خرجت الداخلية من المعادلة السياسية، وعلم الضباط والأفراد أن هناك وزير داخلية يدافع عنهم وليس عن نفسه فقط، وأن يكون هناك إرادة سياسية لإعادة الأمن للبلاد، وأن يطبق القانون على الجميع ولا يتم استثناء جماعة أو فيصل.
انتشار أمنى وسقوط شهداء للشرطة.. والداخلية تفشل فى إعادة الأمن إلى الشارع.. والضباط: "أخرجونا من المعادلة السياسية عشان نشوف شغلنا".. وخبراء: ظهور بلطجية جدد غير مسجلين لدى الداخلية صعب المهمة
الأربعاء، 22 مايو 2013 06:17 ص
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة