يشهد كورنيش النيل السياحى بمحافظة أسوان، كارثة بيئية حقيقية حيث يوجد مصب مصرف يسمى "مصرف السيل" أو "ترعة كيما" ليصب يومياً مياه الصرف الصحى إلى نهر النيل، بالإضافة إلى الروائح الكريهة فى منطقة المصب والتى لا تتوقف، وسط مرأى ومشاهد كل المسئولين بالمحافظة، ووزارة الرى والبيئة، الذين عجزوا على وضع حلول جذرية لهذه الكارثة البيئية والصحية على مدار 50 عاماً مضت.
انتقلت "اليوم السابع" إلى قرية أبو الريش، الأكثر ضررا من هذا المصرف والذى يمتد بطول 8 كيلو مترات، وينبع منه مخلفات مصنع كيما للمواد الكيمائية بالإضافة إلى مخلفات صرف معسكر الأمن المركزى بأسوان، والقمامات، ونظراً لما تعانيه القرية من "مآخذ" مياه الشرب الخاص بها والذى يقع بالقرب من مصب المصرف، لافتاً إلى أن الضرر لا يلحق بأهالى أبو الريش فحسب بل يضر بالشعب المصرى كله الذى يشرب من مياه النيل.
وأكد "محمود محمد" من أهالى أبو الريش، أن القرية كانت لا تعانى من أمراض بيئية إطلاقاً، إلا أن مياه الصرف تسببت فى إصابة جميع أهالى القرية بفيروس C، نظراً لتحليل مجموعة كبيرة من الناس، الذين يعانون من هذه المشكلة طيلة الأعوام السابقة.
وأضاف "سيد على" من الأهالى، أنهم استنفذوا صبرهم من تصريحات المسئولين، وكان آخرها جلسة مع وزير البيئة خلال الأسبوع الماضى بالقاهرة، لبحث الأزمة، إلا أن المسئولين يؤكدون دائماً أن مشروع رى "الغابات الشجرية" هو الحل الأمثل للتخلص من مياه الصرف بدل من مصبها فى نهر النيل، إلا أن حقيقة هذا المشروع وهمية ولم تنفذ على الإطلاق وتستمر يوميا مياه الصرف بالإضافة إلى مخلفات القمامة التى تسحب بعضها البعض إلى مياه النيل.
وهدد الأهالى المسئولين بالتجمهر وإغلاق هذا المصرف عن طريق أكوام رملية تلقى فى المصرف، وستؤدى فى هذه الحالة إلى غرق بعض المناطق مياه الصرف الصحى وتغطية منازل بأكملها فى حالة عدم استجابة المسئولين لحل هذه المشكلة خلال 15 يومياً.
وأكد أحمد السبيع المحامى، أن "مصرف السيل" أنشئ خصيصاً لحماية مناطق أسوان من السيول المدمرة، إلا أنه أسىء استخدامه بشكل سيئ فى صب مخلفات مصنع كيما من المواد الكيماوية ومياه الصرف الصحى فى نهر النيل، وأن هذه المشكلة بالرغم من مخالفة القانون رقم 48 لسنة 82 الخاص بحماية نهر النيل والمجارى المائية من التلوث، وكذا قرار وزير الرى رقم 8 لسنة 82.
وأضاف أن محكمة أسوان الابتدائية قد أصدرت حكمها منذ العشرين من يناير 98 فى الدعوى رقم 94 والمقامة من د.هشام محمد عبد الله، ضد: محافظ أسوان، ورئيس الوحدة المحلية لمدينة ومركز أسوان، ووزير الصحة، ووزير الأشغال العامة والموارد المائية، ورئيس مجلس إدارة شركة كيما بصفتهم.
وتابع: كان مما ورد فى حكم المحكمة الفقرة التالية: "وحيث إن المحكمة قامت بندب مكتب الخبراء وقد باشر الخبير المأمورية وأودع تقريراً أثبت فيه أن المصرف تم إنشاؤه بغرض حماية مدينة أسوان من خطر السيول وقد تبين أن المصرف أسىء استخدامه فى صرف مخلفات الصرف الصحى والمخلفات الصناعية الناتجة عن مصانع ومستشفيات فضلاً عن أكوام هائلة من القمامة والقاذورات ورمم الحيوانات، الأمر الذى أصبح معه المصرف مصدراً للتلوث والحشرات والفئران وغيرها ويصب المصرف مياهه وما تحمله معها من سموم وملوثات فى نهر النيل!!" ومنذ ذلك التاريخ ومازال الوضع على ما هو عليه، سوى البدء مؤخراً فى عمل تغطية لبعض أماكن المصرف والذى يتعطل كثيراً بسبب نقص اعتمادات المحافظة ووزارتى الرى والبيئة على غير خطة زمنية محددة.
من جانبها، أوضحت المهندسة سعاد كرمى مدير عام الشئون البيئية بأسوان، أننا نعانى من مشكلة مصرف السيل لأكثر من 50 عاماً وكانت بؤرة من بؤر التلوث الكبيرة فى مدينة أسوان، مشيرة إلى أنه خلال الأعوام القليلة الماضية كان لابد من وضع حلول عاجلة لإنهاء هذه الأزمة، بالرغم من ضعف الإمكانات التى نعمل بها، بالتعاون مع المحافظة ووزارة المرافق والرى والبيئة، فبدأنا نعمل على رفع هذه المياه لمنطقة "العلاقى"، حيث إن هناك متسعا من الأراضى التى يمكن زراعتها للغابات الشجرية، وبدء هذا المشروع "مشروع الحل العاجل"، كمرحلة أولى، وأيضاً هناك مرحلة ثانية فى القريب العاجل لاستكمال المشروع.
وقالت "كرمى" بدأنا فى المرحلة الأولى من المشروع برفع 80% من المياه، إلا أن هناك مخلفات من معسكر الأمن المركزى ما زالت تصب فى المصرف، وأشارت إلى أن البيئة رصدت ميزانية قدرت بمليون و200 ألف جنيه لتنفيذ مشروع الصرف الصحى للمعسكر، وجارٍ العمل على سد هذا الصرف.
ولفتت "كرمى" إلى أن هناك أيضاً بعض الوصلات المخالفة من بعض الأهالى والتى تم عمل رصد لها، وتبين أنها 22 وصلة من الوصلات المخالفة للأهالى والتى تم إغلاقها على مدار شهرين متواصلين من العمل بالتعاون مع شركة مياه الشرب والصرف الصحى.
وأضافت، أن شركة مياه الشرب فتحت 4 آبار من آبار الشلال والتى تصب مياهها فى المصرف، نظراً لأن مياه الصرف الصحى المتسربة فى المصرف تسببت فى عمل تصلب بعض المخلفات وكميات كبيرة من الزيوت والشحوم، فى قاع المصرف نفسه، فلابد من عمل عمليات تطهير وغسل لهذه المياه والتخلص من مياه الصرف فى قاع المصرف.
من ناحيته، قال المهندس بهاء الدين حسنين، رئيس الجهاز التنفيذى لمشروعات الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحى بأسوان، إن الحل العاجل لهذه الأزمة هى نقل مياه الصرف الصحى من محطتى المعالجة "كيما 1 و2" إلى مناطق الاستزراع والاستصلاح وأحواض التبخير فى منطقة العلاقى بدلا من تصرفها فى مياه النيل.
وأشار إلى أن الهيئة القومية بدأت سريعا فى إيجاد حل عاجل، وكلف رؤوف درويش استشارى مشروعات مياه الشرب والصرف الصحى، بوضع تصميمات للمشروع وبدأنا فى تنفيذ المشروع ودخل الخدمة لتحويل مياه الصرف الصحى التى كانت تلقى مياه نهر النيل من محطتى المعالجة على مرافق الاستصلاح والاستزراع، ولكن هناك بعض المياه التى تلقى فى النيل من المخالفين من قاطنى العزب المجاورة للمصرف بالإضافة إلى معسكر الأمن المركزى.
وحول الكلام عن وجود أخطاء فنية فى هذه المحطات وعدم عملها بالشكل الأمثل، أكد حسنين، أن التصميمات لم تنته بعد وجار العمل على تحسين وتطوير هذه المحطات بشكل مستمر، وتم الانتهاء من المرحلة الأولى من المشروع وجار العمل على الانتهاء من المرحلة الثانية على أن تبدأ فى أول شهر يوليو القادم مع الميزانية الجديدة.
بالصور.. كارثة بيئية بأسوان.. "مصرف السيل" يصب مياه "المجارى" بنهر النيل منذ 50 عاماً.. وإصابة قرية كاملة بفيروس "C".. والأهالى يهددون بردم النهر.. "البيئة" ضعف الإمكانات وراء تأخر حل الأزمة
الإثنين، 29 أبريل 2013 05:52 م
كارثة بيئية بأسوان
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة