«فتح» و«حماس».. أحلام المصالحة تحطمها أطماع «أمراء الانقسام».. استمرار انقسامات الحركتين رغم صعود الإخوان لحكم مصر.. و «حماس» فقدت التمويل السورى والإيرانى.. و«فتح» تتمسك بالتمويل الأمريكى والأوروبى

الخميس، 25 أبريل 2013 01:16 م
«فتح» و«حماس».. أحلام المصالحة تحطمها أطماع «أمراء الانقسام».. استمرار انقسامات الحركتين رغم صعود الإخوان لحكم مصر.. و «حماس» فقدت التمويل السورى والإيرانى.. و«فتح» تتمسك بالتمويل الأمريكى والأوروبى أبو مازن ومشعل
كتب يوسف أيوب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى 4 مايو 2011، وبعد ثلاثة أشهر من تنحى الرئيس السابق محمد حسنى مبارك، واختفاء اللواء عمر سليمان، مدير المخابرات السابق، من صدارة المشهد المصرى، وبداخل قاعة الاحتفالات الكبرى بمبنى المخابرات العامة المصرية، وقف خالد مشعل، رئيس المكتب السياسى لحركة حماس، والرئيس الفلسطينى محمود عباس أبومازن، وسط اللواء مراد موافى، مدير المخابرات العامة وقتها، والدكتور نبيل العربى، وزير الخارجية حينها، أمام عدد كبير من الحضور المصرى والعربى والفلسطينى ليعلنا توصلهما لوثيقة الوفاق الوطنى الفلسطينى، ويتعهدا ببدء برنامج عمل ينهى حالة الانقسام الفلسطينى التى امتدت لأربع سنوات.

كلمات من حضروا الاحتفال استبشرت خيرا بالثورة المصرية، وأن العقبات التى كانت تقف أمام إتمام المصالحة ذهبت إلى غير رجعة، فى إشارة إلى الاتهامات التى كانت ترددها قيادات حركة حماس بأن الرئيس السابق مبارك، ومدير مخابراته اللواء عمر سليمان، وبقية أقطاب نظامه المعنيين بالملف الفلسطينى كانوا يعملون على إفشال أى محاولة للمصالحة.. لكن ما جرى على أرض الواقع الفلسطينى والمصرى خلال الشهور الماضية بدا بعيدا تماما عن حالة التفاؤل التى سادت وقتها، وعلى الرغم من التوصل بعدها إلى اتفاق آخر بين أبومازن ومشعل فى الدوحة لتشكيل حكومة فلسطينية برئاسة عباس، فالشهور مرت مندون تحقيق أى تقدم، سوى أن القاهرة استضافت جلسات حوار جديدة بين الفصيلين الأكبر على الساحة الفلسطينية «فتح» و«حماس»، وهو ما دفع الكثيرين للحديث عن الأسباب الحقيقية لاستمرار الانقسام الفلسطينى، على الرغم من أن الظروف الإقليمية بدت خلال الفترة الماضية أكثر ملاءمة لإتمام المصالحة، خاصة بعد انهيار نظام مبارك الذى كان داعما قويا لأحد طرفى الصراع «فتح»، وفقا لما كنت تردده «حماس»، واختفاء عمر سليمان الذى كانت تصفه قيادات إخوانية فى مصر بأنه هو الآخر كان معاديا لـ«حماس».

قبل الحديث عن الأسباب الحقيقية لاستمرار الانقسام، والتى يلخصها كثيرون فى فكرة وجود من يطلق عليهم «أمراء الانقسام» لدى الحركتين، يجب الإشارة إلى واقعة حدثت أثناء الاحتفال بتوقيع وثيقة الوفاق الوطنى، فهذا الحفل لم يمر من دون مشكلات الساعات الأخيرة، والتى جعلت الأطراف المعنية تعيش على أعصابها لأكثر من 16 ساعة، وكانت المشكلة- كما رصدتها «اليوم السابع» وقتها- تدور حول مكان جلوس زعيم حماس خالد مشعل خلال حفل التوقيع، وكذلك حول إلقائه خطابا، وهو الخلاف «الشكلى» الذى كاد يهدد الاتفاق من أساسه، وكان كاشفا وقتها عن كيفية إفساد الفلسطينيين بأنفسهم محاولات التوافق فيما بينهم لأسباب داخلية خاصة بهم.

الخلاف بدأ عندما طلبت «حماس» أن يجلس رئيس مكتبها السياسى على المنصة إلى جانب الرئيس أبومازن، وأن يلقى كلمة مثل عباس، لكن حركة «فتح» لم تقبل بذلك باعتبار أن مشعل هو قائد فصيل، وموقعه لا بد أن يكون بين قادة الفصائل الأحد عشر الذين احتلوا إلى جانب شخصيات مهمة الصف الأول، وبعد مفاوضات وجدل طويل تدخل اللواء مراد موافى الذى أقنع الطرفين بأن يجلس مشعل وسط من يشغلون منصب الأمين العام، على أن تتم ترضيته بإلقاء كلمة باعتباره أحد طرفى الانقسام بعد كلمة أبومازن.

هذه الواقعة عندما علم بها من حضروا الاحتفال أكدوا أن الانقسام الفلسطينى لن ينتهى لا لشىء إلا لاختلاف الأيديولوجيات بين الحركتين، فضلا على وجود من يطلق عليهم «أمراء الانقسام» داخل «حماس» و«فتح» ممن يستفيدون من استمرار الانقسام، وارتياح كل من الجهتين للوضع الحالى، فـ«حماس» تسيطر على قطاع غزة، و«فتح» تبسط يدها على الضفة الغربية.

وكان لافتا أن ذات المبررات التى كانت تقال قبل الثورة المصرية من جانب الحركتين لتبرير حالة الانقسام، هى ذاتها التى تقال اليوم، فـ«فتح» تتهم «حماس» بأن قراراتها ليست نابعة من داخلها، إنما من الخارج، وتحديدا من دول إقليمية منها إيران وقطر، كما أن «حماس» هى الأخرى تؤكد أن لديها معلومات دقيقة حول موافقة السلطة الفلسطينية على تعطيل أى جهود لتنفيذ اتفاق المصالحة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، لإعطاء فرصة إضافية للجهود الأمريكية لإحياء مفاوضات السلام.

الدكتور سامى أبوزهرى، الناطق باسم حركة حماس، قال إنه تم الاتفاق على ذلك خلال لقاء جرى مؤخرا فى باريس بين صائب عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين، وجون كيرى، وزير الخارجية الأمريكى، واعتبر تصريحات كيرى حول المصالحة بأنها تدلل على ضغوط الإدارة الأمريكية لتعطيل المصالحة الوطنية الفلسطينية، مضيفا: «استجابة السلطة لتلك الضغوط هى السبب الحقيقى لحالة الجمود التى تشهدها عملية المصالحة»، لكن عريقات رد على هذا الاتهام قائلاً: لم تعقد أى اجتماعات مع وزير الخارجية الأمريكى، واصفا ما أعلنته «حماس» بالأكاذيب، مؤكدا أن «المصالحة بيدنا نحن كفلسطينيين، ولا شأن للأمريكان بها».

وبعيدا عن هذه الاتهامات التى تعوّد الشارع العربى عليها من جانب الحركتين لتبرير حالة الانقسام، فإن مراقبين يؤكدون أن هناك مجموعة من الحقائق تقف خلف استمرار الحال على ما هو عليه، وأن الأمر ليس متعلقا بضغوط خارجية كما يردد البعض، لأنه إذا ما صحت هذه التبريرات لتحققت المصالحة فور وصول الدكتور محمد مرسى إلى كرسى الرئاسة فى مصر، خاصة أن حماس كانت تتهم النظام المصرى السابق بدعم أبومازن و«فتح» ضد «حماس»، لكن حينما جاء مرسى، القيادى بجماعة الإخوان المسلمين، لم يتغير الوضع وبقى الانقسام كما هو، رغم أن «حماس» أحد الأفرع الخارجية للإخوان.

دولتان فى الضفة وغزة

منذ عام 2007، دانت السيطرة على قطاع غزة لحركة المقاومة الإسلامية «حماس» التى بدأت فى ترتيب أحوالها على الوضع الجديد، فهناك حكومة برئاسة إسماعيل هنية، تتولى تسيير الأوضاع الحياتية واليومية لساكنى القطاع، وفى المقابل هناك حكومة أخرى فى الضفة الغربية برئاسة الدكتور سلام فياض، وهى الحكومة التى تحظى باعتراف دولى، ورغم أن الوضع فى البداية كان غير مألوف لدى الكثيرين، فإنه بمرور الوقت أصبح طبيعيا، ففلسطين واقعيا انقسمت لحكمين، الأول فى الضفة، والثانى فى غزة، وتوافقت كلا الحركتين مع الوضع الذى وجدت نفسها فيه، ما قلل من رغبة كل منهما فى إتمام المصالحة حتى لا يفقد أى منهما وضعه.

الأمر المهم فى هذا الانقسام أنه حقق لحركة «حماس» السلطة الكاملة على القطاع، فالشرطة التى تدير القطاع حمساوية، والأموال التى تدخله أو تخرج منه لابد أن تكون بأوامر من الحركة، حتى أن الذى يريد دخول القطاع لابد أن يحصل على موافقة حكومة «حماس» التى تسعى حاليا لاستخراج جواز سفر خاص بها.

ولم تكتف «حماس» بذلك، إنما سعت لتثبيت وضعها على الحدود، خاصة التى تربط القطاع بمصر، وحاولت فرض سيطرتها على معبر رفح الحدودى، وبموازاة ذلك فرضت سيطرتها على الأنفاق الحدودية التى تعلم أنها غير شرعية، وأنها تسبب ضررا للأمن القومى المصرى، لكنها حاولت تقنين وضع الأنفاق، وكان آخرها القرار الذى أعلنت عنه الحركة الأسبوع الماضى عندما وضعت حكومة «حماس» عدة شروط لاستيراد السيارات من مصر عبر الأنفاق الحدودية، مشددة على أنه فى حال مخالفة المستوردين والتجار لهذه الضوابط سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم.

تدفق الأموال من الخارج

قبل الثورة المصرية كانت سوريا وإيران تتوليان تقديم الدعم الرئيسى لحماس فى قطاع غزة، فدمشق كانت تستضيف قيادات الحركة، وعلى رأسهم خالد مشعل، رئيس المكتب السياسى، كما أن شائعات ترددت بأن إيران تمد حكومة حماس بـ40 مليون دولار شهريا، ولم يتم التأكد من تلك المعلومة، لأن الأموال كانت تدخل القطاع من خلال الحقائب وليس عبر التحويلات البنكية، ورأى البعض أن أبرز دليل على ذلك حينما ألقى الأمن المصرى فى شهر فبراير 2009 القبض على أيمن طه، القيادى بحركة حماس، أثناء محاولته إدخال 9 ملايين دولار و2 مليون يورو إلى غزة عبر معبر رفح.

وفى المقابل، فإن الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبى ودول الخليج العربى كانوا مصدر المنح المالية للسلطة الفلسطينية فى رام الله، لكن الوضع بعد الثورة تبدل كثيرا، فالرهان تركز مؤقتا على حماس خاصة بعد ثورات الربيع العربى، وصعود الإخوان المسلمين فى المنطقة العربية، لذلك تبدلت وتعددت مصادر تمويل حماس، فالعلاقة بين الحركة من جهة وإيران وسوريا من جهة أخرى توقفت خاصة بعد اندلاع الثورة السورية ضد نظام الرئيس بشار الأسد وتأييد طهران للأسد، وبدأت الحركة فى توسيع علاقاتها بالمنطقة والعالم وبدأت فى الانفتاح على بعض الدول الأوروبية وأيضاً الدول العربية التى كانت بينها وبين الحركة قطيعة فى الماضى، وبحسب مصادر فى الحركة، فإنها تتلقى تمويلا كبيرا من جماعة الإخوان التى كانت ولا تزال الداعم الأول للحركة، أما كيفية هذا التمويل، فقد اتخذ أشكالا مختلفة، لكن أهمها على الإطلاق، كان تمويل الجمعيات الخيرية والدينية والتعليمية، التى كانت إحدى أذرع حماس، واستمر هذا التمويل على هذا الشكل، حتى يومنا هذا.

أما حركة فتح برئاسة رئيس السلطة محمود عباس أبومازن فإنها هى الأخرى أرادت الحفاظ على منابع تمويلها خاصة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى، فضلا عن الحصول على مستحقات السلطة السنوية من جانب سلطات الاحتلال، وهذه الموارد كانت محل تهديد من جانب الجهات الدولية الممولة إذا ما شاركت حماس فى أى حكومة مستقبلية ما دامت الحركة لم تعلن التزامها بشروط اللجنة الرباعية الدولية التى أهمها الاعتراف بوجود إسرائيل، لذلك فإن السلطة الفلسطينية اختارت استمرار التمويل الدولى على المصالحة مع حماس المصنفة دوليا باعتبارها منظمة إرهابية.

ومظاهر تدفق الأموال للسلطة الفلسطينية فى الضفة كان آخرها إقرار لجنة الاتصال للدول المانحة للسلطة الفلسطينية «AHLC» فى اجتماعها الذى عقد فى 19 مارس الماضى ببروكسل التزام الدول المانحة بضخ مبلغ 1200 مليون دولار خلال العام 2013، كذلك تعهدت كاترين أشتون، منسقة السياسة الخارجية فى الاتحاد الأوروبى بأن يواصل الأخير دفع 300 مليون يورو.





مشاركة




التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

شعب غزة غزة تحت الاحتلاال الحمساوي

القاتل يقتل ولو بعد حين . لكي يوم يا حماس لن نرحمكم فيه

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة