نقلا عن اليومى ..
«رئيس لا يحكم ومعارضة لا تصلح».. عبارة يلخص بها الروائى الكبير جمال الغيطانى رؤيته للمشهد السياسى الحالى فى مصر، فمن وجهة نظره أن من يحكم البلاد ما زال خلف الستار، وفى المقابل فإن المعارضة ليست على المستوى المطلوب للموقف الحالى.
«الغيطانى» فى حواره مع «اليوم السابع» يؤكد أن جماعة الإخوان المسلمين تتحرش بالمخابرات تمهيدًا لتفكيكها، وأنها لا مانع لديها فى أن تفرط بتراب الوطن لتقتصر حدود مصر على «بنها».. وهو يشدد على أن هناك كثيرا من الأسباب تدعو إلى تدخل الجيش لتصحيح الأوضاع فى مصر.. وإلى نص الحوار:
كيف ترى المشهد العام فى مصر فى الوقت الراهن؟
- سبق أن قلت فى جريدة «اليوم السابع» يوم وصول الدكتور محمد مرسى للحكم إن هذا يشبه بداية العصر العثمانى فى مصر الذى جاء بعد انهيار الدولة المملوكية، وشبهته بالسلطان سليم الأول، والحقيقة أن ما قلته وقتها يتحقق الآن بحذافيره، مع بعض التفاصيل، ولم أكن أتصور أن ما نشهده من انهيار للدولة المصرية الآن سيتم بهذه السرعة، وبرأيى أن أى شخص لديه معرفة بطبيعة جماعة الإخوان المسلمين كان سيتوقع هذه النتيجة منذ البداية، وأن مصر ستشهد تغيرًا عميقًا، فالإخوان لم يأتوا بديلاً عن حزب آخر، هم بالفعل جاءوا بالصناديق ولكنهم سيذهبون بالدم، ولن يتخلوا عن المواقع التى وصلوا إليها بسهولة، كما أنهم لا يملكون برنامجًا حقيقيا يجعلهم يدعون أنهم يفعلون مثلما يفعل «أوباما» مثلاً بأن يأتوا برجالهم ليعاونوهم فى تحقيق برنامجهم، حتى وإن صدقوا، فهناك خطوط حمراء منها أن معاونى «أوباما» لا يقتربون من الــCIA، على عكس ما يتعرض له جهاز المخابرات المصرية من تحرش من قبل الجماعة تمهيدًا لتفكيكه، وفى واشنطن لا يقترب رجال أوباما أيضا من القوات المسلحة الأمريكية على عكس قواتنا المصرية، ففى أى دولة العالم، هناك مؤسسات ثابتة، لا يمكن المساس أو الاقتراب منها، أما نحن فلم يمض شهران إلا ورأينا مشهدًا أراه عنوانًا لهذه المرحلة، وبعده أصبح متاحا استباحة أى شىء، وهو حصار المحكمة الدستورية العليا، وهو تجرؤ لم يقدم عليه أحد من قبل، نحن الآن فى مصر أمام رئيس يتولى ولا يحكم، ومن يحكم هو خلف الستار، وأنا أفضل له أن يظهر، وأن يخرج علينا خيرت الشاطر ويأخذ القرارات، حتى نحاسبه وإن كان الحساب منعدما، أما المرشد فهو «رجل طيب» ولا أتصور أن له علاقة بالتفاصيل السياسية، والواضح أن نفوذ «الشاطر» أكثر مما نتصور.
وكيف تنظر لوضع قوى المعارضة؟
- برأيى أن المشكلة الأخطر هى أن المعارضة التى تواجه تيارًا يريد تغيير هوية مصر ويفرط فى ترابها الوطنى، ليست منظمة مثل هذا التيار، فالمعارضة الحقيقية فى رأيى هى الشعب، والحقيقة أنه لم يقصر، فالشباب خاصة يخرجون بصدور عارية تواجه طلقات الرصاص، أما زعماء المعارضة فللأسف من بينهم رجل كان بإمكانه أن يكون سعد زغلول وهو «البرادعى» لكنه «يخاف على ياقة قميصه أن تتسخ»، ولا يوجد إنسان أتيح له أن يكون زعيمًا لمصر مثله، ولكنه ليس على المستوى المطلوب للموقف الحالى، وكذلك المطروحون على الساحة حاليا.
ولا حتى مؤسس التيار الشعبى حمدين صباحى؟
- ولا حمدين؛ فهو يستند لتجربة تاريخية معينة، وكان يفترض أن يعمل على زيادة الأصوات التى جمعها فى انتخابات الرئاسة، ولم يفعل، ونحن بحاجة إلى شباب جدد غير زعماء الفضائيات، بعيدًا عن حمدين والبرادعى وأبوالفتوح.
وخالد على؟
- هو بالتأكيد أكثر هم دقة فى التعبير عن الموقف الحالى، ولكن ليست لديه شعبية، وهى أزمة اليسار عامة، وأذكرك بالمظاهرة التى خرجت للاتحادية منذ شهرين، وحملت النساء فيها أكفانهن، برأيى أن هذه المظاهرة تشبه الثورات العالمية وتتفوق على 25 يناير، وكان ينبغى أن تكون نقطة انطلاق جديدة، ولكن للأسف لم يحدث ذلك، المسألة الآن بحاجة إلى زعامة قوية تقف فى مواجهة النظام الحالى.
تحدثت عن محاولات لتفكيك جهاز المخابرات.. هل تعتقد أن الإخوان قادرون على ذلك؟
- الإخوان لا يتورعون عن فعل أى شىء، والآن يحاولون السيطرة على مؤسسات الدولة الأساسية، وهو ما تكشفه تصريحاتهم الاستفزازية ضد الجيش، الذى بات مطلوبا أيضا تفكيكه من قبل جهات كثيرة جدًا، فهو أقوى جيش متبق فى العالم العربى، والمؤسسة العسكرية الوحيدة التى تقف على قدميها، وتاريخيًا الجيش المصرى هو العامود الرئيسى للدولة، وهو الذى يتدخل وقت الحسم ليعدل الأمور، ولهذا فإن الثوار أخطأوا حينما هتفوا «يسقط حكم العسكر» وهى غلطة تاريخية وحمقاء، لأنهم خسروا مؤسسة كان من الممكن لو حدث تحالف بينهم وبينها تغيير التاريخ وأعتقد أنه لو حدث ذلك ما وصل الإخوان للحكم، وقد ثبت أن من أعطوا أصواتهم لـ«مرسى» ارتكبوا جريمة فى حق الوطن، فنحن الآن فى وضع احتلال بمعنى الكلمة، لأنه نقيض لثوابت الدولة، ولأول مرة تهتز مصر نتيجة لهوية مختلفة يحاول البعض فرضها على المصريين، ويخرج فصيل من أبناء الوطن لا يؤمن بفكرة الوطن، وحينما يتحدث الرئيس عن الحدود المصرية بهذه الطريقة التى تكلم بها مؤخرا، ويبدو منها أنه يفرط فيها، فهو متسق مع نفسه، ولا مانع عنده من أن حدود مصر كلها «ترسى على بنها»، فبعض البلدان المتشددة لا تهتم بمسألة المواطنة والحدود، وإذا أردت أن تصدق أحدًا فى هذه المرحلة، فاستمع لمهدى عاكف، فهو إما صادق فيما يقول ولا توجد أى محاذير لديه، أو أن الإخوان يستخدمونه لتحقيق أهداف معينة.
وما هو تقييمك لموقف الجيش؟
- الجيش هو الأمل الوحيد الآن، وكل ساعة تمر يستغيث فيها الشعب بالجيش، وعندما يطلب منه النزول يجب على جميع القوى أن توافق على هذا، وبرأيى أننا وصلنا للمرحلة التى تبرر للقوات المسلحة أن تتدخل، فنحن نعيش مرحلة هدم الدولة، وواجب الجيش هو الدفاع عن الوطن تجاه الأخطار الخارجية وما يهدد الأمن القومى من الداخل، فهل توجد أخطار أكثر مما نحن فيه الآن، فلأول مرة يستباح مبنيان دينيان فى أسبوع واحد وهما الأزهر الكنيسة، كما أصبح القضاء والإعلام والدم المصر ى سهلاً، وهو ما لم تشهده مصر من قبل، إلا فى عهد الإخوان.
وكيف تنظر لأوضاع الأقباط فى عهد الإخوان؟
- وضع الأقباط محزن جدًا، وعليك أن تنظر لأحداث الفتن الطائفية التى وقعت أيام «مبارك» والآن، ستجد أنه قبل الثورة كانت الدولة تتصدى لها بكل إمكانيتها، ولكن الآن الدولة طرف ضد الأقباط، فأنا لا يمكننى أن أنسى المشهد الذى رأيناه جميعًا لعربات الشرطة وهى واقفة والبلطجية يهاجمون الكاتدرائية ولا تتحرك، ووزير الداخلية الحالى خطر على الشرطة نفسها، فهو إخوانى صرف، ووزارته لا تخدم الشعب، بقدر ما تحمى مكتب الإرشاد، فى حين يترك مشيخة الأزهر والكاتدرائية مستباحين للبلطجة.
فى رأيك إلى أين تسير العلاقة المصرية مع القضية الفلسطينية؟
- أعتقد، وللأسف الشديد، أن غزة تستخدم الآن ضد الأمن القومى المصرى، وكل الشواهد تؤكد أن سلخ سيناء مسألة وقت، وكل ما يحدث الآن مكتوب، وذكر فى مجلة الثقافة العلمية الكويتية فى تقرير مترجم لجنرال إسرائيلى، تناول فكرة التقسيم على أساس عرقى وطائفى، وبرأيى أن مصر ليست بعيدة هذا التقسيم، ولدينا فى سيناء مجاهدون من جنسيات عدة، يستخدمون أسلحة مهربة، ومنها صواريخ «استريلا م ط» ضد الطائرات، الهدف منها إسقاط طائرات الـf16 للجيش المصرى، كما مورست عمليات ضد الجيش ومنها قتل الجنود فى رفح ومازالت المعلومات تؤكد أن الرئاسة تتكتم عن الفاعلين الحقيقيين، وهو ما يعنى أن هناك خطر من المؤسسات نفسها على الجيش، أليس هذا سببا كافيًا للقوات المسلحة أن تتدخل لحماية الوطن.
ما هو رأيك فى تغير مواقف «مرسى» تجاه إسرائيل؟
- رأيى أن «ده مش سياسة»، فمثلاً لما يصف اليهود بالقردة والخنازير وأنا ضد وصفهم بهذا، لأنهم ليسوا كذلك، ولهم إسهامهم فى الحضارة الإنسانية، ولكنه عندما يأتى ويبعث لهم بخطابات «غرامية» فهذا أقوى مبرر لسحب الثقة منه لأنه ليس لديه مبدأ، فمن أين أعرف أن ما يقوله الآن سيفعله؟ أليس من الوارد أن يخالف مواقفه وهو ما حدث بالفعل.
ما هو رأيك فيما جرى فى واقعة قذاف الدم وما تردد عن وجود صفقة لتسليمه للحكومة الليبية؟
- فضيحة.. وأنا لست متعاطفا معه، ولكن ليس من شيم مصر أن تسلم من استنجد بها، وللأسف الشديد الدولة المصرية تخلت عن إحدى سماتها، وإذا كانت تريد تسليمه بمقابل مادى، فهذا عار.
كيف تنظر لاتجاه «مرسى» بإعادة العلاقة مع إيران؟
- برأيى أن معاملة «مبارك» لإيران كانت خاطئة، وأنا مع عودة العلاقة، كما أننى من أشد المعجبين بالثقافة الفارسية، وعملت من قبل فى «أخبار الأدب» على نشر ملاحم منها لم تنشر من قبل، والحضارة الإسلامية الحقيقة خرجت مما وراء النهر، فكيف لا يكون بيننا علاقات معها.
ولكن هناك تخوفات من المد الشيعى فى مصر؟
- برغم موقفى من دعم وتأييد الأزهر، إلا أننى أختلف معه فى هذه القضية، فالأزهر هو للمسلمين كافة، وحينما نقول زعيم العالم السنى، فنحن نقلل من أهميته، فأنا أرى أنه أزهر للسنة والشيعة، ولا تنسى أن الأزهر نفسه يدرس المذهب الجعفرى، وهو المذهب الإثنى عشرى وهو المذهب الأقرب إلى أهل السنة «وبعدين فيها إيه لما أبقى شيعي؟!»، هذا الموقف من الشيعة فى رأيى مبالغ فيه «اللى عايز يبقى شيعى يبقى وبعدين يبقى يرجع يا أخى أو ما يرجعش»، مصر حكمها الشيعة مائتين وخمسين عامًا، واستوعبت ذلك، ووجود علاقات مع إيران هو لمصلحة أهل الخليج، وسيجعل الدور المصرى أكثر فعالية، ولكن العلاقات التى يبنيها الإخوان لا أعرف مغزاها وأرتاب منها، والموقف الذى أخذه على إيران، هو ما لعبته فى العراق.
وما رأيك فى دور مصر فى حل الأزمة السورية بالتزامن مع عودة العلاقات مع إيران؟
- بداية أنا لستُ مع بشار الأسد، ولكننى ضد هدم الدولة، وبرأيى أن ما يحدث فى سوريا ربما يكون «بروفة» لما يمكن أن يحدث فى مصر، وأن ينتهى الجيش السورى الذى أعرفه جيدًا، وهو من الجيوش الكبيرة، بهذه الطريقة بأن يضرب أهله، فهذا كابوس، وبرأيى أن هناك مجاهدين يتدفقون على سوريا، كحشرات تأكل جسد الأسد، ولا يمكن أن أسمى ما أراه ثورة، هذه عملية إسقاط بلد عربى قوى كان فى مواجهة إسرائيل، وأخشى أن نكون «ماشيين فى سكة سوريا»، وبرأيى أن موقف مصر يعبر عن نظام إخوانى يساعد جماعته.
وما هو رأيك فى تحول السياسة الخارجية لمصر تجاه دول آسيا وزيارة مرسى لباكستان والهند؟
- هى علاقة مرتبطة بمصالح أمريكا، وفيها تخبط، وغير واضحة المعالم، وبرأيى أنها تخدم مصالح أمريكا.
فى عهد الإخوان...هل أنت قلق على حصة مصر فى حوض النيل؟
- طبعاً.. أنا قلق جدًا على مصر كلها، مياه النيل جزء من مصر، وهذه أول مرة نجد رئيسًا لمصر يفرط فى الحدود أو يتحدث عنها من باب «مافيش مشكلة»، وهو ما يعنى أن مصر بدأت تتسلخ، حلايب وشلاتين للسودان، السلوم وأبناء عمومتهم فى ليبيا، ومن الممكن أن تصل حتى الفيوم لما فيها من قبائل القذاذفة الليبية، وسيناء مشكوك فى أمرها، وهناك اتجاه لأن تكون هناك دولة للنوبة، إذن فمصر أصبحت ذبيحة وتتجزأ من رئاستها، وهى ظاهرة لم تحدث منذ أيام توحيد القطرين.
بنظرة روائية.. كيف ترى قيادات الإخوان؟
- فى الحقيقة إن من أقسى الوجوه التى رأيتها فى حياتى ثلاثة: محمود عزت، ومحمد البلتاجى، ووزير الشباب أسامة ياسين، أما خيرت الشاطر، فوجه صريح فى القسوة، وهو وجه لا يكذب، رهيب فى القسوة، ولكن من تخاف منه هو من تراه يبتسم، وإذا رجعت لشخصية «باتروف» التى كتبها «ديستوفسكى» فى أحد أعماله، وهو يقول بأنه من أخطر الوجوه التى قابلها فى حياته، وهو شخص هادئ وجميل جدًا، ينام بجوارك كالطفل، ولكنه فى لحظة ما يستيقظ فيذبح النائم بجواره بهدوء شديد، وأنا لا أقول بأن هذه الوجوه قتلت ولكنها مرعبة.
كيف ترى دور الكتاب والمبدعين على الساحة حاليا؟
- أنا للأسف الشديد حزين جدًا فلأول مرة أشعر أننا منفصلون عن جيل الثورة، بالرغم من أن أعينهم علينا، ولكن لا يوجد تفاعل من جانبنا تجاههم.
ما رأيك فى دور اتحاد الكتاب؟
- فى العامين الأخيرين، الاتحاد غير موجود، ولم تعد بيانات «الكتاب» بقوتها، فكيف يتم الاعتداء على مشيخة الأزهر والكاتدرائية ولا يخرج حتى الآن بيان باسم مبدعى مصر الكبار يدين ذلك، نعم هناك من يكتبون فى الصحف ويتحدثون فى الإعلام، ولكن لا يوجد ظهور للاتحاد نفسه، ولكى أكون صريحًا كنت أتمنى أن أجد رئيسًا جديدًا للاتحاد، وأتمنى من «سلماوى» أن يعيد للاتحاد قوته، وأنا شخصيًا أثق فيه، والواقع أن الشارع يسبق الاتحاد.
جمال الغيطانى: الإخوان جاءوا بالصناديق وسيذهبون بالدم نحتاج إلى شباب جدد بعيدا عن زعماء الفضائيات.. والبرادعى يخاف على «ياقة قميصه أن تتسخ».. وصباحى وأبوالفتوح ليسا على مستوى الموقف الحالى
الأحد، 14 أبريل 2013 09:01 ص
جمال الغيطانى
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
اشرف
في عقلك اوهام
عدد الردود 0
بواسطة:
مصري
رسالة للفلول
عدد الردود 0
بواسطة:
عمرو كمال
حوار ممتاز
عدد الردود 0
بواسطة:
Hamdi
حوار صادق وجرئ ولمس قلب الحقيقة ( لا فض فوك )
عدد الردود 0
بواسطة:
هبة
تخاريف
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى12
لو جبنا واحد من الغيط وفلاح اصيل هيفهم اكثر منك
عدد الردود 0
بواسطة:
علي حسن
و أين أنت من هذا الدم
عدد الردود 0
بواسطة:
انور
اراء محترمة من كاتب ومؤرخ كبير
شكرا لك على تلك الاراء
عدد الردود 0
بواسطة:
د. وائل
أوهام
عندما يكذب الإنسان و يكذب ثم يكذب حتى يصدق نفسه
عدد الردود 0
بواسطة:
sherif
من الاخر