صوت الراديو مرتفعاً يأتى منه صوت الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، فى إحدى خطبه، بينما يستعد "أنور" لخروجته الأسبوعية مع خطيبته "عواطف" للذهاب للسينما أو الأوبرج، بينما ارتدى "أنور" أفضل بدلة سموكنج يمتلكها بعد أن قطع تذكرتين لفيلم "يوم من عمرى"، لعبد الحليم حافظ.
نفس المشهد تكرر عام 2013 ولكن تفاصيله اختلفت تماماً.. يرتدى "تامر" ملابس ملونة وغير منسقة بعد أن وضع الجيل فى شعره مسقطاً بنطلونه قليلاً، ليخرج مع حبيبته "شيرين" التى لم تجهز لخروجتهم إلا أنه رابع يوم العيد وهذا معناه أنهما سيذهبان للسينما ليشاهدا فيلم "عبده موتة"، الفيلم إللى "مكسر الدنيا"، حيث وقف تامر أمام سينما "مترو" فى طابور طويل لقطع التذاكر فى ظل عراك واشتباكات.
"اليوم السابع" قامت بجولة بين دور العرض فى وسط البلد، لترصد اختلاف المشهدين الذى يتمثل فى اختلاف وضع سينمات وسط البلد فى الستينيات عن عام 2013، حيث كانت هذه السينمات فى الماضى أفضل، وأرقى مكان للخروج للأسر الغنية والمتوسطة فى كل أيام السنة، ولكن الآن أصبحت مكاناً لخروجات الشباب واقتصرت على الأعياد، موسم انتعاش هذه السينمات، وكذلك تغير المجتمع والبيئة الاقتصادية والأخلاقية، بعد أن أصبحت هذه السينمات بؤرة للتحرش الجنسى وخاصة فى الأعياد.
معظم دور السينما فى وسط البلد القديمة قد أغلقت أبوابها، بينما تم تجديد بعضها وبيعها لشركات إنتاج وخصخصتها، وتحولت سينما "أوليمبى" بشارع عبد العزيز إلى مول للموبايلات، وكذلك سينما الكرنك الصيفى بمنطقة أرض شريف بوسط البلد، التى تحولت لمول لبيع الأجهزة الكهربائية، وسينما صيفى أخرى تسمى "ريو" بباب اللوق أغلقت أبوابها منذ عشرات السنين وسينمات أخرى أصبحت مهجورة.
وبدأت جولتنا بسينما ريفولى بشارع 26 يوليو، التى أغلقت قاعات العرض فيها بعد أحداث ثورة 25 يناير، وتجرى بها أعمال صيانة من حينها، ولكنها فتحت أبوابها لكافيتيريا فى الدور الثانى واحتل واجهتها مجموعة من الباعة الجائلين، علاوة على شركة تسويق سياحى احتلت الدور الأرضى للسينما.
سألنا أحد الباعة الجائلين فقال لنا: "السينما فى الصيانة بقالها سنتين، وهتفتح تانى، بس اتحولت لشركة سياحية تقوم بالنصب على المواطنين واصطيادهم فى الدور الأرضى وكافيتريا بالدور العلوى".
أديب فاروق عطية، مدير سينما "ريفولى"، قال، إن وضع سينمات وسط البلد قد تأخر بعد ثورة 25 يناير بسبب الاضطرابات فى التحرير، ووسط البلد والانفلات الأمنى، وهو ما أدى إلى ركود تام فى سوق السينما وقلق روادها، مضيفاً أن السوق ينتعش فى الأعياد.
وأضاف أن رواد سينمات وسط البلد انتقلوا إلى "سينما المولات"، باعتبارها أكثر أماناً للأسرة ومكاناً متكاملاً لكل احتياجاتهم، موضحاً أن شركات التسويق السياحى داخل السينما تقوم بعمل دعاية للسينما ولا تؤجر مكاناً.
وفى سينما مترو بشارع طلعت حرب اعتلت أفيشات أحدث الأفلام مثل: حفلة منتصف الليل وعلى جثتى، جدران المبنى العريق، بينما خلى شباك التذاكر من الرواد، وهنا يعلق عبد الجليل حسن، المستشار الإعلامى للشركة العربية التى تدير سينما "مترو"، أن السوق السينمائى فيه ركود تام وأن جمهور السينما قد اختلف عن العصر القديم فى شكله وأسلوبه وكذلك اختلفت الأفلام تماماً فأصبحت بدون قصة تجذب وبدون حبكة شيقة وأصبحت معلبة.
وفى جولتنا لاحظنا أن أغلب دور العرض السينمائى قد احتلت شركات سياحة بعض الأماكن بها مثل: ميامى، ريفولى وغيرها.
وقال رأفت أحمد، عامل بسينما كايرو بلاس، "أعمل منذ أكثر من 40 سنة، فى السينمات بوسط البلد، وكل شىء تغير، زمان كانت الناس بتحب السينما، لأن كان فيها قصة ولديها هدف وكانت بشكل دائم القاعات ممتلئة على آخرها، الآن السينما أصبحت مهملة ولا يوجد بها أى اهتمام والناس لا تقبل على الأفلام بعد أن أصبح بإمكانهم تحميلها من على الإنترنت.
وأشار إلى أن معظم السينمات بوسط البلد قامت وزارة الثقافة ببيعها وخصخصتها، وهذا سبب أساسى فى إهمالها وتدهور أوضاعها، مضيفاً أن ثورة 25 يناير أثرت على السينمات بسبب قلة الأمن وانتشار البلطجية.
سينمات وسط البلد "راح عليها".. قول للزمان ارجع يا زمان
الجمعة، 15 مارس 2013 07:28 ص
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة