نقلت صحيفة السفير اللبنانية عن الكاتب الصحفى الكبير محمد حسنين هيكل نفيه احتمال ترشح وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسى لرئاسة الجمهورية.
وقال هيكل لأسرة الصحيفة أن السيسى لن يرشح نفسه لمنصب رئاسة الجمهورية، بعكس ما يتداول من أنباء حول الموضوع، بل إن إحدى الأزمات التى تواجه البلاد فى رأيه، هى غياب البدائل، وقال " من بين الأزمات الموجودة فى مصر أنه لا يوجد حتى الآن أى مرشحين للرئاسة "، بعد إسقاط حكم "الإخوان"، حيث إن الأحزاب المدنية غير قادرة على طرح نفسها كبديل، وهى باختصار "أحزاب بلا جماهير"، مشيرا إلى أن الأزمات المصرية كثيرة، وهى تدور بين دستور جديد كتب فى بيئة فوضوية ليشكل ربما خطوة انتقالية للبلاد، وشباب جامح يرغب فى التغيير فوراً، وتيار إسلامى فى حالة إنكار لواقعه، والبحث الدائم عن بديل مصرى نابع من ثورة الشباب. وبالأساس، يقول هيكل، فإن مصر اليوم أمام "قضية الثورة وقضية الدولة".
وقالت الصحيفة أن هيكل أختتم اليوم الخميس زيارة لبيروت استمرت أياماً عدة، التقى خلالها قادة سياسيين لبنانيين، كما جمعه لقاءان، بالأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله الأولى، مساء السبت الماضى، على مدى أكثر من ثلاث ساعات والثانية، عصر أمس الأربعاء، وعلى مدى أكثر من ثلاث ساعات.
وأشارت الصحيفة إلى أن هيكل التقى فى جناحه فى الفندق الذى يقيم فيه أمس الأول، السفير السورى فى بيروت على عبد الكريم على الذى نقل إليه رسالة تقدير من القيادة السورية.
وأضاف هيكل أن "حركة الشباب فى مصر هى جزء من حركة عالمية بعضها قد يبدو جامحاً، فنحن أمام ردّ فعل على شيخوخة طويلة جداً وبطيئة، استمرت كثيراً فى العالم العربى وبسطت سيطرتها. ليس ذلك فقط بل نحن فى العالم العربى أمام انتفاضة ضد مجرد الشعر الأبيض... هى ثورة، ثورة من المشاعر والأفكار، التى ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بحركة انتقالها، وهى حركة سريعة جداً ".
وقالت الصحيفة أنه "ليس غريباً بالنسبة لهيكل أن نشهد حالة انتقالية فوضوية إلى حد ما، فلا يمكن لأحد أن يتوقع تغيير الواقع بكبسة زر فقط، فقد ثار «الشباب الغاضب، لأن مسيرته عُطلت لفترة طويلة، ولذلك فهو مستعجل جداً بطلب التغيير، ومعه كل الحق فى ذلك "، لافتة إلى أن الأستاذ شرح واقعنا الحالى بالقول "نحن أمام ثورة شباب، أولاً فى العالم؛ وثانياً فى العالم العربى وهى متدفقة أكثر هنا لأنها عُطلت طويلاً؛ ثالثاً، نحن أمام شباب لديه طموحات كثيرة ولكن بسبب غيابه عن الساحة لفترة طويلة، أصبحت طموحاته غير محددة، ما خلق مشكلة. فنحن أمام قوة شبابية راغبة فى التغيير، ولكنها لم تستطع أن تحدد صلتها بالعصر، أو تبلور مقاصدها بالضبط أو طريقة الوصول إليها. وبالنتيجة نحن أمام حالة فوضى شبابية، طيبة وخيرة، وجامحة أكثر مما يجب. وفى كل الأحوال، هى قوة للتغيير وقادرة على التغيير، ولكنها تحتاج إلى الوقت لتحدد ما تريد أن تفعل ووسائلها لذلك".
وتحدث هيكل فى حواره مع الصحيفة عن الدستور فى مصر، وقال إن "صناعة الدستور غير مرتبطة بمزاج اللحظة، بل هى تعبير عن كل قوى الأمة، الدستور الذى تتم كتابته الآن ليس دستوراً دائماً، فالدستور الدائم يحصل فى لحظة توافقية، ونحن فى لحظة خلافية.
ولكن وضعت خطة طريق للانتقال مما كنا فيه إلى ما نتصور أن نكون فيه فى مرحلة معينة، ووضعت فى مناخ فى منتهى الصعوبة، ولكن هذا هو الطريق"، مؤكدا إنه " إلى جانب الأمانى، نريد الطريق إلى السلامة. وإلى جانب ضرورات السلامة وتحدياتها، نريد أن تخطو البلاد بأكثر قدر ممكن من الأمان فى الظروف الصعبة. والأمان يتحقق إذا اتبعت خريطة الطريق، حتى وإن حصلت تسويات معينة، لنصل إلى وضع قابل للبقاء".
ولا يتفق هيكل مع ما يدور فى مصر من اتهامات بعسكرة البلاد، أو حتى تدخل الجيش وبقائه فى السلطة، بالنسبة إليه يجب إعطاء الجيش حقه، وقال متسائلاً "إن القوات المسلحة قامت بدور رئيسى فى حماية شباب الثورة، فهل المطلوب منها أن تقف جانباً وتنتظر أن يُكبس زر تدخلها؟ الإخوان المسلمون انزلقوا إلى السلطة فى حكم المجلس العسكرى الأول، ثم دخلوا إلى سلطة لم يستحقوها، حتى ديمقراطيا، أليس صحيحاً أن الجيش مكّن الإخوان المسلمين من الوصول؟ فعليه مسؤولية أن يتدخل فى حال فشلوا، فهل المطلوب منه أن يساعد الثورة فى تغيير حسنى مبارك، وليس فى دفع شر معين؟ ".
وأبدى هيكل رفضه لإقصاء التيار الإسلامى، سواء فى مصر أو فى العالم العربى، وقال أن " إقصاء التيار الإسلامى، فى مصر او العالم العربى، يضع المنطقة فى مشاكل لا حدود لها، فهو فاعل أصيل فى هذه المرحلة، ويجب أن يعطى حقه بمقدار ما يستحق. وهو فى ظرف معين أخذ أكثر مما يستحق وارتكب الأخطاء أكثر مما هو محتمل"، مضيفا " أعتقد أن الإخوان، وللأسف، قفزوا فى ظرف معين إلى أكثر مما يستطيع التيار الإسلامى أن يحصل عليه، وتصوروا أنهم باقون إلى الأبد. التيار الإسلامى كله يجب أن يعرف حدود قوته الحقيقية".
وبالرغم من الانقسام الذى يجتاح مصر حالياً، والعنف الذى شهدته مصر مؤخراً خصوصاً ضد "التجمعات الإخوانية"، فإن الأستاذ بدا متفائلاً بالمستقبل، وبحسب رؤيته، فإن "الإخوان كانوا موجودين فى كل مكان، وتصوروا أن هذه نهاية التاريخ، وأنهم باقون إلى الأبد، وفجأة لم يعد لديهم أى شىء، ودخلوا فى حالة إنكار، لا أبرر بعض العنف، ولا أوافق عليه، ولكن أتفهم الوضع.
هناك ناس لم يتقبلوا الحقيقة حتى هذه اللحظة، إن مرحلة مد الجسور قادمة فى ما بعد، ولكن فى هذه اللحظة، وفى وجود هذا الطرف الذى يريد أن يستولى مجدداً على ما كان قد حصل عليه فى لحظة قدرية ثم أضاعه، فإنه طبعاً سيقابل بالعنف".
وفى إطار حديثه عن مستقبل الدولة وعلاقة الدين بالدولة، قال هيكل "نحن أمام شعوب يقوم الدين فيها بدور لا مجال لإنكاره... هناك قوة دينية، ولكن ليس هناك ضرورة للدخول فى حرب دينية، أو فى صراع أفكار، بين المستقبل والموروث، الإسلام متغلغل فى الحياة العادية للناس"، مشيرا إلى أن مصر خطت خطوات تحسب لها فى هذا المجال، وبدا ذلك واضحاً فى مسودة الدستور الأخير، الذى حقق قدراً كبيراً جداً من فصل الدين عن الدولة، خصوصاً فى بلد "لديه قصة غرام لا تنتهى مع الدين، يكاد يكون الوحيد فى الدنيا الذى غير عبر التاريخ ديانته ثلاث مرات!".
وبحسب هيكل، فإنه "فى الصراع داخل لجنة الدستور بين علمانية وإسلامية، تم التوصل إلى صيغة مدنية، وأُبعد الشبح الدينى، فى محاولة لإضفاء التوازن بين أحوال الشعب وطموحاته"، ومن هنا يتساءل "فى الأحوال الراهنة، هل من الممكن فى مصر أو أى بلد عربى أن تعلن فى هذه اللحظة الحرجة عن فصل الدين عن الدولة؟ "، مضيفا " بالرغم من ذلك إلا أنه تمت خطوات بلا حدود فى هذه المجال، ليس فقط فى الدستور، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك، فالقوى المدنية التى نزلت فى وجه الإخوان، هى قوة تريد للدولة أن تكون مدنية، ولذلك، لا يمكن إنكار هذا الإنجاز المصرى، فمن كان يتخيل أن ينزل أكثر من 30 مليونا لمعارضة تيار إسلامى فى الحكم، صحيح أن ثورات الشباب لم تحقق أهدافها كما هى، ولكن الفوران الهائل أدى إلى نتيجة، وأحدث ما هو أكثر مما نتخيله".
وحول مستقبل السلطة فى المصر، وما هى البدائل المطروحة؟ قال هيكل إنه "أسىء استخدام السلطة فى العالم العربى، وكانت النتيجة أن ضعفت ووهنت البدائل السياسة، ومن بينها جميع الأحزاب المدنية فى مصر، وهى تحولت إلى أحزاب من دون جماهير، غير قادرة على أن تقدم نفسها كبديل "، أما الأسباب وراء ذلك، فمن بينها "أنها أحزاب فاتها الزمن (حزب الوفد أكبر الأحزاب السياسة فى مصر سقط فعلياً حين وقّع نحاس باشا معاهدة العام 1936)؛ السبب الآخر هو انتقال القوة الحقيقية من الطبقة التى كانت تمثل تلك الأحزاب إلى طبقات أخرى، وهى سقطت لأنها لم تعد تعبر عن مصالح اجتماعية ".
ووفقا لهيكل فإن غياب البدائل يعنى أيضاً أن الطريق المصرية طويلة، خصوصاً أن الثورة ليست لحظة واحدة فقط، مضيفا "إذا تصورنا أن كل ثورة هى عملية جراحة، فهذا أمر غير صحيح، بل هى بحاجة إلى وقت طويل لتعبر عن فكرها ورجالها وقدرتها على تحقيق الانتقال، هناك تصور أن المسائل تتحقق بكبسة زر، ولكن هذا لا يصح. نحن نتحرك نحو الاستقرار، وُضع دستور فى مرحلة غير مستقرة، بشكل ما علينا أن نتخطى الفجوات بين الأجيال، وأن نتفق على طريق نستطيع أن نخطو منه إلى حيث نستطيع ــ على الأقل ــ أن نفكر بعقل".
وباختصار، يرى هيكل أن "هناك قضية التغيير وقضية التسيير. وفى هذه اللحظة، ووسط الفوضى، نحن بحاجة إلى التسيير إلى جانب التفكير الجديد، شئون الناس يجب أن تسير بطريقة أو بأخرى، فهناك قضية الثورة وقضية الدولة، لذلك وجب التسيير إلى جانب التغيير".
هيكل لـ «السفير» اللبنانية: السيسى لن يترشح للرئاسة.. الدستور الجديد لن يكون دائماً.. " الجماعة" قفزت للسلطة فى ظرف معين وأضاعت فرصتها للأبد
الخميس، 05 ديسمبر 2013 10:55 ص
الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
fox molder
اعتدت منك الانبهار
عدد الردود 0
بواسطة:
dr khairy mohamed abo-omar
ايه الحلاوة دى يا استاذنا
عدد الردود 0
بواسطة:
إيهاب الدين
لن أصوت
عدد الردود 0
بواسطة:
MOHAMMEDABOSEIF@YAHOO.COM
الفريق ....ليس الرئيس القادم ....ولكن هو الرئيس .....بعد القادم بأذن الله ....
عدد الردود 0
بواسطة:
mecky
رئيس مصر
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد طلبه
بالمنطق
عدد الردود 0
بواسطة:
فــــــــلاح بحــــــــراوى
الى استاذ الاجيال لنفس الاسباب التى ذكرتها يجب حتمية ترشيح السيسى
عدد الردود 0
بواسطة:
ام اياد
السيسي رئيس مصر القادم
عدد الردود 0
بواسطة:
dina
اتفق معك تماما و لكن
عدد الردود 0
بواسطة:
حمدى عبدالله
بصراحه .. الشعب المصرى كالبنت البكر لايمكن أن توافق على عريس على غير رغبتها....!!!!!!!!