قال الدكتور عبد المنعم تليمة، إن طه حسين، هو ريادة ثقافية، هو صاحب منهج النهضة وبيان النهضة، فى التاريخ الحديث، التى لم تغب لحظة، حتى فى عصور الخمود، فكتابه "مستقبل الثقافة فى مصر"، أعتبر أنه ليس كتابا عن مستقبل الثقافة فى مصر، بل هو مستقبل مصر وأداتها الثقافة.
وأكد تليمة، خلال الندوة التى أقيمت أمس بالمجلس الأعلى للثقافة بعنوان "طه حسين ومستقبل الثقافة فى مصر" إن مصر على خريطة التطور الثقافى العام، مبدعة ثقافة، منذ التاريخ إلى يومنا هذا، فمصر القديمة بنت أرقى وأخلد الحضارات، ومصر القبطية أخذت عنها، أرقى وأخلد الديانات، المسيحية المصرية، كذلك الإسلام عندما جاء إلى مصر، تمصر.
من جهته قال الدكتور محمد عفيفى، رئيس قسم التاريخ بجامعة القاهرة، نحن نحاول أن نستلهم من تاريخ وتراث طه حسين ما يفيض اللحظة الحاضرة، فتاريخه لا يمكن تفهمه، إلا فى إطار جيله، كثير من مفكرين جيله شبوا وكبروا فى ظل الاحتلال البريطانى، وفشل الثورة العرابية، ومن هنا نجد أن مشروع الإصلاح هو الأكثر إيضاحًا بالنسبة لهذا الجيل، سواء الإصلاح الثقافى والاقتصادى، والسياسى، وكذلك أيضا الاستقلال.
وأوضح عفيفى، أن طه حسين، فى كتاب "مستقبل الثقافة فى مصر" يشير إلى أن الاستقلال الوطنى ليس استقالاً سياسياً، وأن المهم بعد الاستقلال ليست صراع أحزاب، أو انتخابات، إنما أشار إلى نقطة مهمة جداً، وهى محور مشروعه ومشروع جيله، وكان يقول إن الاستقلال عن بريطانيا قد يضيع إذا لم نهتم بالثقافة والتعليم، وأن إصلاح المجتمع المصرى لا يتم إلا من خلال الثقافة والتعليم، ولذلك نجد طه حسين يضع خطة إصلاحية للمشروع الثقافى، يرى أن مصر إذا فرطت فى هذا المشروع الثقافى والتعليمى، سوف تفقد استقلالها مرة ثانية، والحامى لهذا الاستقلال هو الثقافة والتعليم.
وأكد عفيفى أن الاستفادة من مشروعه هى الأسئلة التى طرحها جيل طه حسين، ومازالت تتردد حتى الآن، وأننا للأسف لم نجب عليها حتى الآن، وبرغم الربيع العربى، مازلنا نعيد طرح الأسئلة.
وطرح عفيفى سؤالا "هل مصر والعالم العربى، سيعودان بمجرد خلع أو عزل رئيس، أو سيعودان بالاستفادة من مشروع محمد عبده، ولطفى السيد، وطه حسين؟ وقال أرجو ألا تنغمس مصر والعالم العربى فى السؤال السياسى فقط، لأنه إذا حدث ذلك سيضيع الاستقلال.
من ناحية قال الدكتور كمال مغيث، إن طه حسين مثل الذهب، كلما طال به العهد، زاد بريقه وزادت قيمته، فهو صاحب أكمل مشروع نهضوى فكرى مستقيم، فنجده إذا تحدث عن العدل، يكتب عن التاريخ الإسلامى، وعندما يكتب عن العقل يكتب عن الحضارة الأوربية، وهذا هو استقامة فكر طه حسين.
وأضاف أن طه حسين شخص ثورى جداً، ونرى الأمثلة فى ذلك كثيرة منها رغم أنه كان وزير المعارف أثناء ثورة يوليو، إلا أنه هو أول من أطلق عليها ثورة، فى حين أن الضباط كانوا يطلقون عليها أنها حركة الجيش.
من جانبه قال الدكتور أحمد زكريا الشلق أستاذ التاريخ الحديث بجامعة عين شمس، إن طه حسين قدم لمصر ما سماه بيان النهضة 1938م، وهو ليس مجرد كتاب، إنما بيان على رحلة مضى جزء منها من حياة طه حسين، ويتوقع للمستقبل أن يطبق فيه الاستنارة، وتحديث التعليم والثقافة.
وأكد الشلق، أن أهمية البيان تأتى من أنه ربط بين التعليم والثقافة، وأننا الآن نعانى من الانفصال بينهما، وكأننا لم نستجب لدعوة طه؛ مشيراً إلى أن طه حسين أراد منذ بداية حياته أن يكون صاحب كلمة واتجاه فكر، وأن يكون صاحب مشروع، لم ينحبس فى إطار الجامعة كأستاذ جامعى، إنما أدرك أن عليه رسالة تجاه مجتمعه الذى أنجبه.
وأشار كذلك إلى أن طه حسين لم ينحبس فى إطار حزب سياسى واحد، بينما كان يكتب فى الجرائد الحزبية، وكتب أيضاً فى الجريدة مع أحمد لطفى السيد، حتى تأثر به، وانفتح على الثقافة الحديثة، بعد أن كان تلقى ثقافة أصيلة فى الأزهر، وعندما نقرأ مقالاته، ندرك أننا أمام مفكر، وكاتب سياسى كبير.
وأضاف الشلق أن طه حسين منذ عام 1934 بدأ يتحول ويندمج فى المجتمع، وينخرط فى سياسته، بعد أن كان منعزلا فى صومعته، مشيرا إلى أن كتاب "مستقبل الثقافة فى مصر" يعالج قضية الهوية باسهاب شديد، وينبغى أن يقرأ كاملا، ولا تنتزع عبارات من السياق، ليحكموا عليه أنه عربى مستغرب، كما أن الكتاب وضع أسس لما يجب أن تكن عليه الثقافة والتعليم، منها أنه نادى بإشراف الدولة على التعليم الأجنبى، وكيف يكون التعليم قوميًا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة