وائل السمرى يكتب: المحاكمات العسكرية فى دستور 30 يونيو.. هناك فرق.. المادة الحالية أكثر تحديداً لنوعية الجرائم ضد القوات المسلحة من دستور الإخوان

السبت، 23 نوفمبر 2013 07:02 ص
وائل السمرى يكتب: المحاكمات العسكرية فى دستور 30 يونيو.. هناك فرق.. المادة الحالية أكثر تحديداً لنوعية الجرائم ضد القوات المسلحة من دستور الإخوان وائل السمرى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بالنسبة لى فقد كانت المادة 198 فى دستور الإخوان من أكبر العيوب التى منى بها هذا الدستور، وكانت أيضا من أكثر المواد التى حفزتنى لرفض هذا الدستور برمته، وقبل أن أستفيض فى شرح وجهة نظرى أنقل لك ما كنت أعترض عليه فى هذه المادة التى كانت تقول: «لا يجوز محاكمة مدنى أمام القضاء العسكرى إلا فى الجرائم التى تضرّ بالقوات المسلحة ويحدد القانون تلك الجرائم، ويبين اختصاصات القضاء العسكرى الأخرى» وقد كان سبب اعتراضى على هذه المادة هو أنها بها العديد من الثغرات التى ربما تسمح بعودة سوداء إلى المحاكمات العسكرية للمدنيين بشكل سيء، فأولا جاءت صياغتها فضفاضة بشكل كبير، وهو ما كان من شأنه أن يسمح للحاكم بالاستبداد تسترا بهذه المادة التى جعلت الإحالة للمحاكمة العسكرية أمرا دستوريا معترفا به، وثانيا أنها جعلت من الجرائم التى «تضر القوات المسلحة» سببا كافيا للإحالة للمحاكمة العسكرية دون أن تحدد نوع هذا الضرر، ولأن الثقة كانت مفقودة تماما بينى ونظام الحكم القائم فقد كنت أعرف أنه سيأتى اليوم الذى سيستخدم فيه مرسى هذه المادة لقهر خصومه، وهو ما هدد به مرسى بعد ذلك، فقد اعتبر فى إحدى خطبه أن الإساءة إليه إضرار بالقوات المسلحة باعتباره «رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة» وهذا ما أكد لى أننى وقتها كنت على صواب حينما رفضت هذه المادة ورفضت الدستور برمته، فإذا كان رئيس الدولة يعتبر الإساءة إليه إضرارا بالقوات المسلحة فهذا أدعى لأن يعتبر أى «عسكرى» الإضرار به إضرارا للقوات المسلحة، وفى ظل دولة لا تعرف لها قانونا فإنه قد تكون مشاجرتك مع أحد الضباط فى إشارة مرور أمرا كافيا لإرسالك للسجن الحربى.

الآن وقعت لجنة التعديلات الدستورية إضافة لهذه المادة وقبل أن أستعرض رأيى أيضا فى هذه الإضافة أوردها إليك كما هى فيقول الشق الخاص بمحاكمة المدنيين محاكمة عسكرية «لا يجوز محاكمة مدنى أمام القضاء العسكرى إلا فى الجرائم التى تمثل اعتداءً مباشراً على ثكنات القوات المسلحة أو منشآتها العسكرية أو معسكراتها أو ما فى حكمها، أو المناطق العسكرية أو الحدودية المقررة كذلك أو معداتها أو مركباتها أو أسلحتها أو ذخائرها أو وثائقها أو أسرارها العسكرية أو أموالها العامة أو المصانع الحربية أو الجرائم المتعلقة بالتجنيد أو الجرائم التى تمثل اعتداءً مباشراً على ضباطها أو أفرادها بسبب تأدية أعمال وظائفهم وما يكلفون به من أعمال وطنية»، ويحدد القانون تلك الجرائم، ويبين اختصاصات القضاء العسكرى، وأعضاء القضاء العسكرى مستقلون غير قابلين للعزل، وتكون لهم كافة الضمانات والحقوق والواجبات المقررة لأعضاء السلطة القضائية».

انتهى النص الدستورى الجديد، ودعنى أقول لك أن هذه المادة أفضل بكثير من المادة التى وضعت فى دستور الإخوان، وذلك لأنها جاءت أكثر تحديدا لنوعية الجرائم التى تستوجب محاكمة عسكرية، وهى الجرائم التى تستهدف القوات المسلحة بشكل مباشر وتعتدى عليها وعلى أفرادها أثناء تأدية وظيفتهم - وليس فى إشارة المرور - وكذلك فإنه ليس من حق رئيس الدولة ولا حتى وزير الدفاع أن يحيلنى إلى محاكمة عسكرية لأنى انتقده فى مقال أو تناولته ساخرا فى «برنامج» أو كشفت فسادا فى إحدى مشروعاته «المدنية» ما يعنى أن هذه المادة فصلت بين الشؤون المدنية والشؤون العسكرية، وقيدت المشرع الذى سوف يضع القانون بعدد من الجرائم لا يجوز له أن يتخطاها، وقبل أن أعلن لك موقفى من هذه المادة دعنى أذكرك فحسب بالسبب الذى كنا نعارض من أجله إحالة المدنيين للمحاكمات العسكرية، فقبل الثورة كانت المحاكمات العسكرية بالنسبة لمبارك قارب النجاة من استقلال القضاء، فقد كان يحيل مخالفيه ومعارضيه إلى المحاكم العسكرية إذا ما شعر بأن القضاء المدنى لن يلبى رغباته، أى أننا كنا نعارض إحالة المدنيين إلى محاكمة عسكرية لأن السلطة آنذاك كانت تستخدمها استخداما سياسيا قبيحا، وهو الأمر الذى اختفى تماما فى المادة الجديدة، كما أننا «بعد يناير» كنا نعارض إحالة المدنيين للمحاكم العسكرية لأن المجلس العسكرى برئاسة طنطاوى كان يستخدم هذه المحاكمات للتنكيل بالثوار ومعارضيه، وهذا أيضا استخدام سياسى لهذه المحاكمات، لكن الآن قد اختفى هذا الأمر أيضا وحتى قيادات الإخوان المتورطين فى ارتكاب جرائم بحق المؤسسات العسكرية يحاكمون الآن فى المحاكم المدنية، ومن يتم القبض عليهم فى المظاهرات الإخوانية أيضا يحاكم أمام قاضيه الطبيعى.

بناءً على ما سبق فإننى لا أرى فى تلك المادة تجنيا على حقوقى المدنية، ولا أراى فيها كذلك انتقاصا من حريتى، فقد قطع نص هذه المادة الشك باليقين، وبدد جميع الشكوك التى كانت من الممكن أن تنتابنى، حيال إحالة المدنيين للمحاكمات العسكرية، وفى الحقيقية فإنى أجد أنه من الواجب أن أحيى من وضع هذه المادة أيا كان اسمه، لأنه لم يجعل للشك فيها منفذا، وقد تندهش إذا قلت لك إننى أرى هذه المادة ضرورية «الآن» فقد تبين للجميع أن جيش مصر على رأس قائمة الاستهداف، سواء من إرهابيى الداخل أو إرهابيى الخارج، ومن غير المعقول أن نترك مرتكبى الجرائم الجنائية ضد الجيش وثكناته ومؤسساته للقضاء العادى بإجراءاته البطيئة ومراحله المتعددة، كما أنه – ودعنا نتكلم بصراحة – لا يمكن أن نترك الإرهابيين الذى يغتالون شبابنا يوميا ويشنون الغارة تلو الغارة على معسكرات الجيش ومقراته السرية والعلنية لقاض كان نائما معه فى ذات الخيمة بمحيط مسجد رابعة.

بقى أن أقول أن موافقتى على هذه المادة هى موافقة «من حيث المبدأ» وكل ما أرجوه هو أن تستمر المؤسسة العسكرية فى هذا الاتجاه الذى ينقيها من أى شبهة لأى استغلال سياسى لمكانتها العالية، وكما يجب عليها أن تتمتع بأكبر قدر من الشفافية فى وضع القانون الذى ينظم إحالة المدنيين للمحاكمات العسكرية، وأن تعرضه على الرأى العام والمتخصصين لكى يطمئن من فى قلبه شك إلى أن المؤسسة العسكرية ستظل بعيدة عن الاستغلال السياسى أو البطش بالمدنيين، كما يجب عليها أن تعيد النظر فى إجراءات التقاضى بحيث يضمن المواطن العادى أنه سيتمتع بحقوقه المدنية حتى وهو يحاكم أمام المحاكم العسكرية، كما يجب أن تحرص على استقلال مؤسسة القضاء العسكرى بحق، بحيث لا نرى اعتمادا لقرار القاضى العسكرى من رئيس منطقة مركزية أو قائد جيش أو حتى وزير دفاع، وأخيرا يجب أن تضع المؤسسة العسكرية فى حسبانها إمكانية إعادة النظر فى تشكيل المحاكم العسكرية التى تحاكم المدنيين بعد حدوث الاستقرار السياسى لمصر وبناء مؤسسات مصر الديمقراطية، بحيث يكون فى تلك المحاكم قاضٍ مدنى مع القاضى العسكرى، وبذلك نكون قد استفدنا من ميزات القضاء العسكرى الرادع والسريع، ولم نغفل حقوق المواطن المصرى كما يحدث فى أكبر الدول الديمقراطية.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة